الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربُّنا ويرضى ، والحمد لله الَّذِي لَهُ ما في السموات وما في الأرض ، وله الحمد في الآخرةِ والأولى ، وأشهد أن لا إله إِلاَّ الله وحده لا شريك لَهُ ، لَهُ الأسماء الحسنى ، والصفاتُ العليا ، وأشهد أَنَّ محمداً عبده ورسوله الَّذِي اصطفاهُ واجتباه ، فهو الخليل المجتبَى ، وعلى أصحابه ومَن بِهُداهم اهتدى ، وبِهديِهم اقتدى ، وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد: فَيا أَيُّهَا الناس اتَّقوا الله تعالى واشكروه على نِعمه ؛ فإنَّ النعم تزيد بالشكر ، وتزولُ بالكفران ، وإنَّ من نعمِ الله على عباده نعمةَ الزواج الَّتِي يحصل بِهَا من المصالح الدينية والدنيوية ، الفردية والاجتماعية ، ما جعلَها من الأمورِ المطلوبة شرعاً ، المحبوبةِ فطرةً وطبعاً ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ]وأنكِحوا الأيامَى منكم والصَّالِحين من عِبادِكُمْ وإمائكُمْ إن يَكونُوا فقراءَ يُغنِهِمُ اللهُ من فضله والله واسعٌ عليم[ ، وقال النبي : "يا معشرَ الشباب مَن استطاعَ منكم الباءةَ فليتزوَّج فإنَّه أغضُّ للبصر وأحصنُ للفرج" ، وقد ذهب بعضُ أهل العلم إلى وجوبِ النكاح على كل ذي شهوةٍ قادر على النكاح.
أَيُّهَا الناس ، إِنَّ علينا أن نقوم لله تعالى بشكره هذه النعمةَ الجليلة ، وألاَّ نتخذَ منها وسيلةً إلى الوقوع فيما حرَّمَ الله ، فإنَّ ذلك ضد الشكر المطلوب مِنَّا وإنَّني أنبه على أمورٍ يتخذها بعض الناس ليلةَ الزفاف ، وهي مخالفة للشرع منافية للشكر.
فمن ذلك : أَنَّ بعض الناس –ليلة الزفاف- يجمع المغنيات بأجورٍ كثيرة لِيُغَنِّينَ ، والغناء ليلةَ الزفاف ليس بمنكرٍ ، وإنما المنكر الغناء الهابط المثير للشهوة ، الموجب للفتنة ، وقد كان بعض المغنيات يأخذن الأغاني المعروفة الَّتِي فيها إثارة للشهوات ، وفيها إلهابٌ للغَرام والعشق .
ثُمَّ إِنَّ هناك محذوراً آخر يصحب هذا الغناء ، وَهُوَ ظهور أصوات النساء عالية في المكبر ، فيسمع الرجال أصواتَهن ونغماتِهِنَّ ، فتحصل بذلك الفتنة لا سيما في هذه المناسبة ، وربما حصل في ذلك إزعاجٌ للجيران لاسيما إن استمر ذلك إلى ساعةٍ متأخرةٍ من الليل، وعلاج هذا المنكر أن يقتصر النساء على الضرب بالدُّفِّ ، وَهُوَ المغطّى بالجلد من جانبٍ واحد وعلى الأغاني الَّتِي تعبر عن الفرح والسرور دون استعمال مكبر الصوت ؛ فإنَّ الغناء في العرس ، والضرب عليه بالدفّ ، مما جاءت بِهِ السنَّة.
ففي صحيحِ البخاري عن الرُّبَيع بنتِ معوذ رضي الله عنها أَنَّ النبي e دخل عليها بعد أن تزوجت فجعلت جُويريات يضربن بالدفّ إذ قالت إحداهُنَّ: وفينا رسولٌ يعلم ما في غدِ؛ فقال النبي e: "لا تقولي هكذا ، وقولي بالتي كنتِ تقولين".
وفي صحيح البخاري أيضاً عن عائشةَ رضي الله عنها أَنَّهَا زفَّت امرأة إلى رجلٍ من الأنصار فقال النبي e: "ما كان معكم لهو –يعني هل كان معكم لهو- فإنَّ الأنصار يعجبهم اللهو".
وذكر الحافظ ابن حجر في شرحه أَنَّهُ قال: فهل بعثتم معها جاريةً تضرب بالدفّ وتغني تقول: أتيناكم أتيناكم فحيانا وحيّاكم ، فمثل هذا الغناء جائزٌ بشرط ألاَّ يُلَحَّنَ كتلحينِ الأغاني الماجنة ، وأن لا يُصحبَ بالموسيقى وشبهها من آلاتِ اللهو لقولِ النبي e: "ليكونن أقوامٌ من أمَّتي يستحِلُّونَ الحر –يعني الفرج ، أي الزنى- والحرير والخمر والمعازف" ، والمعازف آلاتُ اللهو ، فقرن النبي e المعازف باستحلالِ الزنى والخمر.
ومن الأمورِ المنكرَةِ أَنَّ بعض الناسِ نُزع منهم الحياء ، فيأتي الزوج إلى مجتمعِ النساء ، ويصعد على المنصة مع زوجته أمام الناس في أول مقابلةٍ لَهُ معها ، يجلس إلى جنبِها يصافحُها ، وربَّما قبلها ، وربما أعطاها الهدايا من الحلوى أو غيرها ، مِمَّا يستدعي تحرك الشهوة ، وحلول الفتنة! فيا سبحان الله –يا إخواننا- كيف بلغ الحد ببعض الناس إلى هذا المستوى السخيف ، المنافي للحياء! ونحن أمَّةُ الإسلام ، أمَّةُ الإيمان والحياء ، أمَّةُ محمدٍ e الَّذِي كان أشد الناس حياءً مع قوَّتِهِ وحزمه e ، كيف يليق بنا أن نخلع جلباب الحياء –والحياءُ من الإيمان- لنُعَرِّي أنفسنا باتِّباعِ عادات وتقاليد تُنافي شرعَنا وتقاليدَنا؟ إِنَّ عملنا هذا دليلٌ على ضعفِ الإيمان وذلِّ الشخصية، وأنَّنا صِرنا أتباعاً وأذناباً لغيرِنا ، إِنَّهُ لا يليق بنا –ونحن الشخصية المسلمة- أن نذل شخصيتنا إلى هذا الحد ، ولا يليق بنا ونحن الَّذِينَ نتطلب رضا الله تعالى أن نَنْزِلَ إلى هذا المستوى من ضعفِ الإيمان.
أَيُّهَا المؤمنون : تصوروا حال الزوج وزوجته حينئذٍ أمام النساء المتجمِّلات المتطَيِّبات ، ينظرن إلى الزوجين ليشتُمنَ فيهما إن كانا قبيحين في نظرهن –ولتتحرك كوامن غرائزهن إن كانا جميلين- في نظرهن تصوروا كيف تكون الحال والجمع الحاضر في غمرةِ الفرح بالعرس ، وفي نشوةِ النكاح ، فباللهِ عليكم ماذا يكونُ من الفتنة؟ إِنَّهُ ستكونُ فتنةٌ عظيمة ، ستتحرك الغرائز ، ستثور الشهوات.
أَيُّهَا المسلمون : ثُمَّ تصوروا ثانيةً ماذا ستكون نظرةُ الزوج إلى زوجته الجديدة ، الَّتِي امتلأ قلبه فرحاً بِهَا إذا شاهد في هؤلاء النساء من تفُوقُ زوجته جمالاً وشباباً وهيئة ؟ إِنَّ هذا الزوج الَّذِي امتلأ قلبه فرحاً سوف يمتلئ قلبه غمّاً ، وسوف يهبط شغفه بزوجته إلى حدٍ بعيدٍ ، فيكون ذلك صدمةً لَهُ ، وكارثةً بينه وبين زوجته ، وإنَّ علاج هذا المنكر أن يكون دخول الزوج على زوجته دخولاً مبنيّاً على الحياء والحشمة ، يدخل على زوجته في غرفةٍ خاصةٍ ، يدخل عليها وهي في الغرفةِ ، أو تزفَّ إليه بعد دخوله ، ويأخذ بناصِيَتِها فيقول: "اللهمَّ إني أسألكَ خيرَها وخير ما جبلتَها عليه ، وأعوذُ بك من شرِّها وشرِّ ما جبلتَها عليه" ، يقول ذلك سِرّاً إن خاف أن يحدثَ شيئاً في نفس الزوجة.
أَيُّهَا المسلمون : إِنَّ الواجب علينا –ونحن أمَّةٌ مسلمة- أن ننظر ماذا كان يصحب النكاح في عهد النبي e وعهد خيرِ هذه القرون من هذه الأمة ، حتى نتبعه ؛ فإنَّ الخير في اتِّباع السلف ، أما هذه العادات السخيفة فإنَّ علينا أن ننبذها نبذاً ، وأن نبتعدَ عنها بعداً ، وأن نحذرَ منها تحذيراً لأَنَّهَا عاداتٌ مخالفةٌ للشرعِ منافيةٌ للحياة.
فاتَّقوا الله أَيُّهَا المسلمون ، اتَّقوا الله أَيُّهَا المسلمون ، واتخذوا من نعم الله عوناً على شكره ، حتى يبارك لكم فيها.
أسألُ الله عَزَّ وجَلَّ بأسمائه الحسنى ، وصفاتِهِ العليا ، أن يجنِّبَنا جميعاً أسبابَ الشر والفساد والفتنة ، وأن يحفظ هذه البلاد بدينِها ، وأن يحفظ دينها لَهَا ، إِنَّهُ جوادٌ كريمٌ ، والحمد لله رب العالمين.
وأصَلي وأسلِّمُ على نبيِّنا محمد وآله وصحبه أجمَعين
حكم الأغاني والربابة والدف والطبل في الزواج وغيره
سؤال: ما حكم الأغاني؟ هل هي حرامٌ أم لا رغم أنني أسمعها بقصد التسلية فقط ، وما حكم العزف على الربابة والأغاني القديمة؟ وهل القرع على الطبل في الزواج حرامٌ على الرغم من أنني سمعت أَنَّهَا حلالٌ ولا أدري؟
الجواب: الاستماع إلى الأغاني حرامٌ ومنكرٌ ومن أسبابِ مرض القلوب وقسوتِها وصدِّها عن ذكرِ الله وعن الصلاة ، وقد فسَّرَ أكثر أهل العلم قوله تعالى : ]ومنَ الناسِ مَن يشتَري لهوَ الحديث[ بالغِناء وكان عبدالله بن مسعودٍ الصحابي الجليل t يقسم على أَنَّ لهوَ الحديث هُوَ الغناء ، وإذا كان مع الغناء آلةَ لهوٍ كالربابة والعودِ والكمان والطبل صار التحريم أشد ، وذكر بعض العلماء أَنَّ الغناء بآلةِ لهوٍ محرمٌ إجماعاً فالواجب الحذر من ذلك ، وقد صحَّ عن رسول الله أَنَّهُ قال: "ليكونن من أمَّتي أقوامٌ يستحلُّونَ الحر والحرير والخمر والمعازف" والحر هُوَ الفرج الحرام يعني الزنا ، والمعازف هي الأغاني وآلات الطرب ، وأوصيك وغيرك من النساء والرجال بالإكثار من قراءةِ القرآن ومن ذكرِ الله عَزَّ وجَلَّ ، كما أوصيكَ وغيرك بسماعِ إذاعةِ القرآن الكريم وبرنامج نورٌ على الدرب ففيهما فوائد عظيمة وشغل شاغل عن سماع الأغاني وآلات الطرب.
أمَّا الزواج فيشرع فيه ضربُ الدف مع الغناء المعتاد الَّذِي ليس فيه دعوة إلى محرم ولا مدح لمحرم في وقتٍ من الليل للنساء خاصة لإعلان النكاح والفرق بينه وبين السِّفاح كما صحَّتِ السنَّةُ بذلك عن النبي.
أمَّا الطبل فلا يجوز ضربه في العرس بل يكتفي بالدف خاصة ولا يجوز استعمال مكبرات الصوت في إعلان النكاح وما يقال فيه من الأغاني المعتادة لِما في ذلك من الفتنةِ العظيمةِ والعواقب الوخيمة وإيذاءِ المسلمين ، ولا يجوز أيضاً إطالة الوقت في ذلك بل يكتفى بالوقت القليل الَّذِي يحصل بِهِ إعلان النكاح ، لأن إطالة الوقت تفضي إلى إضاعةِ صلاةِ الفجر والنوم عن أدائِها في وقتِها وذلك من أكبر المحرَّمات ومن أعمال المنافقين [فتاوى إسلامية – الشيخ ابن باز].
حكم الرقص في الوسط النسائي
سُئلَ فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين.
فضيلة الشيخ حفظكم الله ، بعض الأخَوات تسأل عن حكم الرقص إجمالاً وتفصيلاً ، خاصةً فيما يتعلق بالرقص في الوسط النسائي ، والمبتذَل منه وغير المبتذَل وهل يليق بالمسلمة مثل هذا الأمر؟.
الجواب: الرقص مكروهٌ في الأصل ؛ ولكن إذا كان على الطريقة الغربية ، أو كان تقليداً للكافرات صارَ حراماً لقولِ النبي: "مَن تشبَّهَ بقومٍ فهو منهم" ، مع أَنَّهُ أحياناً تحصل بِهِ الفتنة ، قد تكونُ الراقصة امرأة رشيقة جميلة شابة فتفتن النساء ، فحتَّى إن كانت في وسط النساء حصل من النساء أفعالٌ تدل على أنَّهُنَّ افتُتِنَّ بِهَا ، وما كان سبباً للفتنةِ فإنه ينهى عنه [لقاء الباب المفتوح رقم41].
حكم الزغرطة
حكم غلاء المهور والإسراف في حفلات الزواج
وسئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين حفظه الله: ما رأيكم في غلاء المهور والإسراف في حفلاتِ الزواج خاصةً الإعداد لِما يقال عنه "شهر العسل" بما فيه من تكاليف باهظة ، هل الشرع يقر هذا ؟
الجواب: إِنَّ المغالاةَ في المهور وفي الحفلات كل ذلك مخالفٌ للشرع فإنَّ أعظمَ النكاح بركة أيسره مؤونه ، وكلما قلَّتِ المؤونة عظمت البركة ، وهذا أمرٌ يرجع في أكثر الأحيان إلى النساء لأن النساء هنَّ اللاتي يحملنَ أزواجهُنَّ على المغالاةِ في المهور ، وإذا جاء المهر ميسراً قالت المرأة لا إنَّ بنتنا يجب لَهَا كذا وكذا ، وكذلك أيضاً المغالاة في الحفلات مِمَّا نَهى عنه الشرع وَهُوَ يدخل تحت قوله عَزَّ وجَلَّ : ]ولا تُسرِفوا إِنَّهُ لا يحبُّ المسرِفين[ ، وكثيرٌ من النساء يحملن أزواجهن على ذلك أيضاً ، ويقلن إِنَّ حفل فلان حدث بِهِ كذا وكذا ، ولا يتعدَّى فيه الإنسان حدَّهُ ولا يسرف لأن الله سبحانه وتعالى نَهى عن الإسراف فقال: ]إِنَّهُ لا يحبُّ المسرفين[ .
أما ما يُقال عن شهر العسل فهو أخبث وأبغض لأنه تقليدٌ لغير المسلمين وفيه إضاعةُ أموالٍ كثيرةٍ ، وفيه أيضاً تضييعٌ لكثيرٍ من أمورِ الدين خصوصاً إذا كان يقضى في بلادٍ غير إسلامية فإنَّهم يرجعون بعاداتٍ وتقاليد ضارَّة لهم ولمجتمعهم وهذه أمور يُخشَى منها على الأمة ، أمَّا لو سافر الإنسان بزوجته للعمرة أو لزيارةِ المدينة فهذا لا بأسَ بِهِ إن شاء الله [فتاوى الشيخ ابن عثيمين ج2 ص758].
حكم جلوس العروسين بين النساء
يقول سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز : من المور المنكرة الَّتِي استحدثَها الناس في هذا الزمان وضع منصة للعروسين بين النساء يجلس إليها زوجها بحضرةِ النساء السافِرات المتبرجات وربَّما حضر معه غيره من أقاربه أو أقاربِها من الرجال .
ولا يخفى على ذوي الفطرةِ السليمة والغيرة الدينية ما في هذا العمل من الفساد الكبير وتمكن الرجال الأجانب من مشاهدة النساء الفاتِنات المتبرجات ، وما يترتب على ذلك من العواقب الوخيمة ، فالواجب منع ذلك والقضاء عليه حسماً لأسبابِ الفتنة وصيانةً للمجتمعات النسائية مِمَّا يخالف الشرع المطهر ، وإني أصح جميع إخواني المسلمين بأن يتقوا الله ويلتزموا شرعه في كل شيء ، وأن يحذروا كل ما حرم الله عليهم وأن يبتعدوا عن أسباب الشر والفساد في الأعراس وغيرها التماساً لرضى الله عَزَّ وجَلَّ وتجنُّباً لأسباب سخطه وعقابه [كتاب الدعوة – فتاوى سماحة الشيخ بن باز].
بعض منكرات الأعراس
سؤال: فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين حفظه الله :
إِنَّهُ في الآونةِ الأخيرة وبمناسبةِ بدء الإجازة الصيفية كثُرت الأخطاء في مناسبات الزواج في المنازل أو قصور الأفراح وفي القصور أشد وأقبح مثل الضرب بمكبر الصوت والغناء من النساء والتصوير بالفيديو والأشد من ذلك الرجل المتزوج يقبل زوجته أمام الناس ، فأين الحياء والخوف من الله؟ وعند إسداء النصح من الغيورين على محارم الله يجابَهونَ بالقول: الشيخ الفلاني أفتى بجواز الطبل فإذا كان هذا صحيحاً أليس لهذا الطبل ضوابط وحدود توضح للناس ليقف عندها هؤلاء المتهوِّرون؟ نرجو من فضيلتكم إيضاح الحق للمسلِمين وجزاكم الله خيراً ونفع بعلمكم ، والله يوفقكم ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم ، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، الحق في الدف أيام العرس أَنَّهُ جائز أو سنّضة إذا كان في ذلك إعلان النكاح ، ولكن بشروط:
الشرط الأول: أن يكون الضرب بالدف وَهُوَ ما يسمَّى عند بعض الناس بـ"الطار" وَهُوَ المخترم من وجه واحد ، لأن المختوم من الوجهين يسمي (الطبل) وَهُوَ غير جائز ، لأنه من آلاتِ العزف ، والمعازف كلها حرامٌ إِلاَّ ما دلَّ الدليل على حِلِّهِ وَهُوَ الدف حال أيام العرس.
الشرط الثاني: أن لا يصحبه محرمٌ كالغناء الهابط المثير للشهوة ، فإنَّ هذا ممنوعٌ سواءٌ كان معه دفٌّ أم لا ، وسواءٌ كان في أيام العرس أم لا .
الشرط الثالث: أن لا يحصل بذلك فتنة كظهورِ الأصواتِ الجميلة للرجال ، فإنَّ حصل بذلك فتنة كان ممنوعا.
الشرط الرابع: أن لا يكون في ذلك أذية على أحد ، فإن كان فيه أذية كان ممنوعاً مثل أن تظهر الأصوات عبر مكبرات الأصوات ولا يخلو من فتنةٍ أيضاً ، وقد نَهى النبي e المصلِّين أن يجهر بعضهم على بعض في القراءة لما في ذلك من التشويش والإيذاء فكيف بأصواتِ الدفوف والغناء.
وأما تصوير المشهد بآلة التصوير فلا يشك عاقلٌ في قبحه ولا يرضى عاقلٌ فضلاً عن مؤمن أن تلتقط صور محارمه من الأمهات والبنات والأخوات والزوجات وغيرهن لتكون سلعةً تُعرض لكل واحدٍ أو ألعوبة يتمتع بالنظر إليها كل فاسق.
وأقبح من ذلك تصوير المشهد بواسطة الفيديو لأنه يصور المشهد حيّاً بالمرأى والمسمع ، وَهُوَ أمر ينكره كل ذي عقلٍ سليمٍ ودينٍ مستقيمٍ ولا يتخيل أحدٌ أن يستبيحه من عنده حياءٌ وإيمان.
وأما الرقص من النساء فهو قبيحٌ لا نفتي بجوازه لما بلغضنا من الأحداثِ التي تقع بين النساء بسببه ، وأما إن كان من الرجال فهو أقبح ، وَهُوَ من تشبه بالرجال ولا يخفى ما فيه ، وأما إن كان بين الرجال والنساء مختلطين كما يفعله بعض السفهاء فهو أعظم وأقبح لما فيه من الاختلاط والفتنة العظيمة لاسيما وأنَّ المناسبة مناسبة نكاحٍ ونشوة عرس.
وأما ما ذكره السائل من أَنَّ الزوج يحضر مجمع النساء ويقبل زوجته أمامهن فإن تعجب فعجبٌ أن يحدث مثل هذا من رجلٍ أنعمَ الله عليه بنعمةِ الزواج فقابَلها بِهذا الفعل المنكر شرعاً وعقلاً ومروءةً ، وكيف يبيح لنفسه أن يقوم بِهذا الفعل أمام النساء وفي نشوةِ العرس الَّذِي هُوَ مثار الشهوةِ ، ثُمَّ كيف يمكنه أهل الزوجة من ذلك أفلا يخافون أن يشاهد هذا الرجل في مجتمع هؤلاء النساء من هي أجمل من زوجته وأبْهَى فتسقط زوجته من عينه ويدور في رأسه من التفكير الشيء الكثير ، وتكون العاقبة بينه وبين عرسه غير حميدة.
إنَّني في ختام جوابي هذا أنصح إخواني المسلمين من القيام بمثل هذه الأعمال السيئة ، وأدعوهم إلى القيام بشكرِ الله على هذه النعمةِ وغيرها ، وأن يتبعوا طريق السلف الصالح فيقتصروا على ما جاءت بِهِ السنة ، ولا يتبعوا أهواءَ قومٍ قد ضلُّوا من قبل وأضلُّوا كثيراً وضلوا عن سواء السبيل ، وأسأل الله تعالى أن يوفِّقَني وإخواني المسلمين لما يحبه ويرضاه ويعيننا على ذِكره وشُكره وحسن عبادته إِنَّهُ قريبٌ مجيبٌ ، وصلى الله على نبيِّنا محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلم [فتاوى إسلامية – الشيخ ابن عثيمين].
محاذير الكوافيرات
فتوى الشيخ محمد بن صالح العثيمين .
الحمدُ للهِ ربِّ العالَمين ، وأصلي وأسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وأصحابه أجمعين.. أما بعد:
فإنه يجب أن يعرف الإنسان قبل الإجابة على هذا السؤال أَنَّ أعداءَ المسلمين يكيدون للإسلام والمسلمين من كل وجهٍ وفي كل زمان.
ولا يخفى علينا جميعاً أَنَّ الكفار استعمروا كثيراً من بلاد الإسلام بقوةِ السلاح ، ولَمَّا أخرجهم الله تعالى منها أرادوا أن يغزوها بفسادِ الأفكار والأخلاق ، والله عَزَّ وجَلَّ قد بيَّنَ في كتابه ، ورسولُهُ e قد بيَّنَ في سنَّتِهِ ما فيه التحذير من موافقةِ هؤلاءِ الكفار في أعمالهم مِمَّا يختص بِهِمْ ، قال الله عَزَّ وجَلَّ: ]ولا تتَّبِعوا أهواءَ قومٍ قد ضلّوا من قبلُ وأضَلُّوا كثيراً وضَلُّوا عن سواءِ السبيل[ ، وقال الله عَزَّ وجَلَّ: ]يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنوا لا تتَّخِذوا عدُوِّي وعدوَّكُمْ أولياء تُلقونَ إليهم بالمودَّةِ وقد كفروا بما جاءكم من الحق[ ، وقال تعالى: ]يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمنوا لا تتَّخِذوا اليهودَ والنَّصارى أولياء بعضهم أولياءُ بعض ومن يتولَّهُم منكم فإنه منكم إِنَّ الله لا يهدي القومَ الظالِمين[.
وأنا أسوقُ هاتين الآيَتين لا لأنَّ هؤلاء يتخذون اليهودَ والنصارى أولياء ويتخذون أعداءَ الله أولياء ولكن تشبههم بِهِمْ فيما هم عليه من اللباس والهيئة يفضي إلى أن يتخذوهم أولياء يحبونهم ويعظمونَهم ويتخطون خطاهم حيثما كانوا ، ولهذا حذَّرَ النبي e من هذا الأمر وقال: "مَنْ تشبَّهَ بقومٍ فهو منهم".
فعلى المسلمين وخصوصاً الرجال ذوي الألباب والعقول عليهم أن يتَّقوا الله عَزَّ وجَلَّ في هؤلاء النساء اللاتي وصفهن النبي بقوله: "ما رأيتُ من ناقِصاتِ عقلٍ ودين أذهبَ لِلُبِّ الرجُلِ الحازم من إحداكُن" يعني النساء.
فعلى الرجال أن يمنعوا هؤلاء النساء من السير وراء هذه الموضات الحادثة الَّتِي أراد بِهَا محدثوها وجالِبوها إلينا أن ننسى الله عَزَّ وجَلَّ ، وأن ننسى ما خلقنا لَهُ وأن لا يكون همّنا إِلاَّ التشبث بِهذِهِ الأشياء ، والافتتان بِهذِهِ الأزياء الَّتِي لا تجر إلينا إِلاَّ البلاء والشر والفساد ، وكون الإنسان لا يهمه في هذه الحياة إِلاَّ أن يشبع رغبته من شهوةِ فرجه وبطنه.
وأرى أَنَّ هذه الكوافيرات فيها عدة محاذير :
المحذُورُ الأول: ما تفعله الكوافيرات من التحلية بحلي الكفار في الشعر وغيره ، ومن المعلوم أَنَّ ذلك محرمٌ لأنه من التشبُّهِ بِهِمْ ومن تشبه بقومٍ فهو منهم ، كما ثبت في الحديث عن رسول الله .
المحذُورُ الثاني: أَنَّ عملهن كما ذكر السائل يكون فيه النمص ، والنمص قد لعن النبيُّ e فاعلَه ؛ فلعن النامصة والمتنمصة ، واللعن هُوَ الطرد والإبعاد عن رحمةِ الله ، ولا أعتقد أَنَّ مؤمِناً أو مؤمنةً يرضى أن يفعل فعلاً يكون سبباً لطرده وإبعاده من رحمةِ الله عَزَّ وجَلَّ.
المحذُورُ الثالث: أَنَّ في هذا إضاعةً لمالٍ كثيرٍ بدون فائدة ، بل إضاعة لمالٍ كثير لما فيه مضرة ، فالمرأة المصفِّفَةُ للشعور المحولة لشعور المؤمنات إلى مثل شعور الكافرات أو الفاجرات تأخذ منّا أموالاً كثيرةً طائلةً لا نكني منها ثمرةً سوى التحول إلى موضات قد تكون مدمِّرة.
المحذُورُ الرابع: أَنَّ في ذلك تنميةً لأفكارِ النساء أن يتخذن مثل هذه الحلي الَّتِي يتمتع بِهَا نساء الكافرين ، حتى تميل المرأةُ بعد ذلك إلى ما هُوَ أعظم من هذا الأمر من تحللٍ وفسادٍ في الأخلاق.
المحذُورُ الخامس: أَنَّهُ كما ذكر السائل أَنَّ هذه الكوافيرات يفعلنَ بالنساء من هتك العوراتِ ما لا حاجةَ إليه فإنَّ هذه الكوافيرة تمرُّ ما يسمونه بالحلاوة على أفخاذِ المرأة وعلى ما حول قُبُلِها حَتَّى تطَّلِعَ عليه بدون حاجة.
ومن المعلومِ أَنَّ النبي e نَهى أن تنظر المرأة إلى عورةِ المرأة ، ولا يحل للمرأة أن تنظر إلى عورة المرأة إِلاَّ إذا كان هناك حاجة تدعو إلى النظر ، وهذا ليس بحاجة.
ثُمَّ ما الفائدة من أن تجعل المرأة كأنَّها صورة من مطاطٍ ليس فيها شيءٌ من الشعر.
وما يدرينا لعل في إزالةِ الشعر الَّذِي أنبتهُ الله بحكمته مضرةٌ على الجلد ولو على المدى البعيد.
ثُمَّ ما يدرينا لعل الصواب قولُ من يقول: إِنَّ إزالة الشعر من الساقين والفخذين والبطن لا تجوز لأن هذا الشعر خلقُ الله عَزَّ وجَلَّ وإزالته من تغيير خلق الله ، وقد أخبر الله عَزَّ وجَلَّ أَنَّ تغيير خلق الله من اتباع أوامر الشيطان ، ولم يأمر الله تعالى ولا رسوله بإزالةِ هذا الشعر ، فالأصلُ أَنَّهُ محرمٌ لا يزال ، هكذا ذهب إليه بعضُ أهل العلم ، والذين قالوا بالجواز لا يقولون إِنَّ إزالته وإبقاءه على حدٍّ سواء بل الورع والأولَى أَلاَّ يُزال هذا الشعر ، وإن كان ليس بحرامٍ لأن دليل تحريمه ليس بذاك القوي.
وإنني أؤكد النصيحة على الرجال وعلى النساء ألاَّ ينخدعوا في هذه الأمور ، وأرى أن تجب مقاطعة هذه الكوافيرات ، وأن تقتصر النساء على التجمل بما لا يكون مضراً في الدين موقِعاً في الحرام بالتشبه بالكفار.
وإذا أراد الله سبحانه وتعالى المحبة بين الزوجين فإنَّها لا تحصل بمعاصي الله ، وإنَّما تحصل بطاعةِ الله ، والتزام ما فيه الحياء والحشمة.
وأسأل الله سُبْحانَهُ وتَعَالَى أن يحمي شعبنا من كيد أعدائنا ، وأن يردَّنا إلى ما كان عليه سلفُنا الصالح من الحشمةِ والحياء ، إِنَّهُ جوادٌ كريمٌ ، والله الموفق.
حكم تزويج مَن لا يصلي
سؤال: لقد تقدم لابنَتي أحدُ أقارِبي وله فضلٌ عليَّ ولكنه مدمنٌ على شربِ الخمر ويرافق أهل السوء وقليل الصلاة أو لا يصلي ، ومدمن المشاهدة للفيديو والتلفاز وآلات اللهو وأنا في حرجٍ منه ، أرجو توضيح حكم الإسلام من الأمر؟
الجواب: إذا كان الخاطبُ لابنتكَ بِهذا الوصف فلا يجوز لك تزويجها إيَّاهُ ، لأَنَّهَا أمانةٌ لديك ، فالواجب عليك أن تختار لَهَا الأصلح في دينه وأخلاقه ، والذي لا يصلي لا يجوز أن يزوَّجَ بالمسلمة الَّتِي تصلي ، لأنه ليس كفؤاً لَهَا ، لأن ترك الصلاةِ كفرٌ أكبر لقول النبي e: "بين الرجُلِ وبين الكفر والشرك تركُ الصلاة" [أخرجه الإمام مسلم في صحيحه] ، وقوله e: "العهدُ الَّذِي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركَها فقد كفر" [أخرجه الإمام أ؛مد وأهل السنة بإسنادٍ صحيح] ، وأدلةٌ كثيرةٌ أخرى من الكتاب والسنة تدلّ على كفر تارك الصلاة وإن لَمْ يجحد وجوبَها في أصح قولَي العلماء ، أما إن جحدَ وجوبَها أو استهزأ بِهَا فإنه يكفر كفراً أكبر بإجماعِ المسلمين.
أمَّا من يتعاطى السُّكر وَهُوَ يصلي فإنه لا يكفر بذلك إذا لَمْ يستحله ولكنه يكون قد أتى كبيرةً من الكبائر ويفسقُ بذلك ، فالمشروع لك ألاَّ تزوجه ولو كان يصلي لفسقه ، ولأنه قد يجر زوجته وأولاده إلى هذه الجريمة العظيمة.
نسألُ الله أن يصلح أحوال المسلمين ، ويهديهم صراطه المستقيم ، ويعيذَنا وإيَّاهم من طاعةِ الهوى والشيطان ، إِنَّهُ جوادٌ كريم.
[الشيخ ابن باز]
موضوع في محله و جاء في وقت تكثر فيه الحفلات و الأعراس
وتكثر معها المُخالفات الشرعية
كتبه الله في موازين حسناتكم