ربما كان نسك رمضان أكثر نسك ديني شعبية في العالم, حيث يتشارك فيأدائه مباشرة أكثر من خمسمائة مليون إنسانفي العالم ويتأثر به بأشكال متفاوتة أكثر من مليار ونصف مليار إنسان فيالعالم, على الرغم من أنه تكليف ليس باليسير, ويتضمن قدراً كبيراً من الجوع والضنىوالعناء ولكنه على الرغم من ذلك حبيب قريب إلى قلوب الملايين, واليوم تشترك فيهالدراما والاقتصاد والفن في رسم ملامح رمضان على صورة تجعله بالفعل موسماً سياحياًممتعاً, وعلى الرغم من أنه لا اعتراض لنا على جعل رمضان كذلك, ولكنني أشعر بأن ذلكيأتي اليوم على حساب الرسالة الأولى لرمضان وهي تهذيب الروح بالجوع ومواساةالبائسين من خلال مقاسمتهم آلامهم بالجوع والضنى.
من دون أدنى شك فإن فواتير الاستهلاك الغذائي في رمضان تتضاعف عما سواه فيمختلف المعايير, على مستوى شراء الغذاء وفواتير الكهرباء والهاتف, بل حتى على مستوىحجوزات المطاعم التي أصبح لها اليوم ألف وسيلة لاجتذاب الناس إلى خيامها وفوانيسهاوكل محاولات نقل الروح الرمضانية للعالم.
ولكن رمضان في نسك النبيالأكرم كانت شيئاً مختلفاً عن ذلك كله, فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذاجاء رمضان يطوي فراشه ويوقظ أهله وكان إفطاره على تمرات , وحفظ له العالم كلمتهالشهيرة حسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه.
أبوهريرة صحابي فريد مثير للجدل, لصراحته وجرأته أحياناً ولذاكرته العجيبة التي حفظتعلى الإسلام معظم روايات السنة النبوية.
والله الذي لا إله إلا هو إن كنت لأعتمد بكبدي على الأرض من الجوع وإن كنتلأشد الحجر على بطني من الجوع ولقد قعدت يوما على طريقهم الذي يخرجون منه, فمر أبوبكر فسألته مسألة أنا أدرى بجوابها والله ما سألته إلا ليستتبعني!! فقد كان يرجو أنيصيب عنده طعاماً قال: فأجابني ومضى, ثم مر عمر بن الخطاب فسألته المسألة إياهافكان جوابه أخصر وأقسى , فمضيت طاوياً حتى مر بي رسول الله فسلته المسألة إياها, وأدرك الرسول الكريم مراد أبي هريرة وقال: فتبسم حين رآني وعرف ما في وجهي وما فينفسي ثم قال أبا هر قلت لبيك يا رسول الله!! قال الحق بي, ومضى فاتبعته حتى دخل دارسعد بن عبادة, وسعد من أجواد الأنصار وكان رجلاً كريماً جواداً فوجد امرأته فسألعنه فقالت خرج يستعذب لنا الماء, وأسرعت المرأة في إكرام النبي وضيفه, ودفعت إليهماوعاء فيه لبن, واشتدت حاجة أبي هريرة لمرأى اللبن, وفرح به ولكن الرسول الكريم قالله يا أبا هريرة ادع لي أهل الصفة!!
قال أبو هريرة وأهل الصفةأضياف الإسلام لا يأوون على أهل ولا مال ولاعلى أحد وكان إذا أتته صدقة بعث بهاإليهم ولم يتناول منها شيئا وإذا أتته هدية أرسل إليهم وأصاب منها وأشركهم فيها, ويشرح أبو هريرة بعض ما أصابه حينذاك فقال فساءني ذلك فقلت وما هذا اللبن في أهلالصفة كنت أحق أن أصيب من هذا اللبن شربة أتقوى بها!! ولم يكن من طاعة الله وطاعةرسوله بد فأتيتهم فدعوتهم فأقبلوا واستأذنوا فأذن لهم وأخذوا مجالسهم من البيت قاليا أبا هر قلت لبيك يا رسول الله قال خذ فأعطهم قال فأخذت القدح فجعلت أعطيه الرجلفيشرب حتى يروى ثم يرد علي القدح فأعطيه الآخر فيشرب حتى يروى ثم يرد علي القدح حتىانتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد روي القوم كلهم فأخذ القدح فوضعه على يدهفنظر إلي فتبسم فقال: أبا هر, قلت: لبيك يارسول الله, قال: بقيت أنا وأنت, قلت: صدقت يا رسول الله, قال: اقعد فاشرب, فقعدت فشربت, فقال: اشرب فشربت, فما زال يقولاشرب حتى قلت لا والذي بعثك بالحق ما أجد له مسلكا, قال: فأرني, فأعطيته القدح فحمدالله تعالى وسمى وشرب الفضلة
قال أبو هريرة: ولما شرب النبي من اللبن بكى ودمعتعيناه, قلت: يا رسول الله ما يبكيك? قال: ذكرت قول الله تعالى: ثم لتسألن يومئذ عنالنعيم!!
كانت قصعة لبن وشيء من ثريد الخبز, ولكن الرسول الكريم اعتبرها من أعظمالنعم ودمعت عيناه وخفق قلبه من هول الحساب يوم القيامة على هذه النعم التي تمتعبها!!
من حقنا أن ننتقل الآن إلى الموائد الرمضانية التي تنتصب اليوم في البيوتوفيها من فنون الطبخ والنفخ وأصناف المآكل والمشارب تئط منها الموائد وتتحير فيهاالأبصار وأن نتساءل هل وقع في خواطرنا هذا السؤال الكبير: ثم لتسألن يومئذ عنالنعيم?
سؤال نضعه برسم الخيام الرمضانية من فئة الخمسة نجوم التي صارت اليوم منمعالم رمضان التي لاتخطئها العين, وقد حشيت بفنون الترف والمتع, ونجوم الفن والطرب, والتي أخشى أن تكون هي المرادة بقول الرسول الكريم: (بئس الطعام طعام الوليمة يدعىإليها الأغنياء ويصد عنها الفقراء!!)
الجوع كلمة لم يعد لهاوجود في قاموسنا اليوم, على الرغم من أن الصوم في المقام الأول هو عملية جوع بقصدتهذيب الروح.
من دون أدنى شك فإن فواتير الاستهلاك الغذائي في رمضان تتضاعف عما سواه فيمختلف المعايير, على مستوى شراء الغذاء وفواتير الكهرباء والهاتف, بل حتى على مستوىحجوزات المطاعم التي أصبح لها اليوم ألف وسيلة لاجتذاب الناس إلى خيامها وفوانيسهاوكل محاولات نقل الروح الرمضانية للعالم.
ولكن رمضان في نسك النبيالأكرم كانت شيئاً مختلفاً عن ذلك كله, فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذاجاء رمضان يطوي فراشه ويوقظ أهله وكان إفطاره على تمرات , وحفظ له العالم كلمتهالشهيرة حسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه.
وفي حديث مشهور تساءلالصحابة عن صيام النبي الكريم فقد كان يفطر على تمرات, وربما كان يواصل والمواصلةهي صوم اليوم بعد اليوم من دون إفطار وقد كان النبي يفعل ذلك, ولكنه نهاهم أنيقلدوه وأخبرهم أن الوصال في الصوم من خصائصه وليس للناس أن يقلدوه فيها.
والخصائص هي جملة سلوكيات كان النبي الكريم يراه من خصائصه ولايأذن للناسباتباعه فيها, ومنها ما هو أشد من الأحكام التكليفية المعتادة ومنه ما هو أيسر.
أبوهريرة صحابي فريد مثير للجدل, لصراحته وجرأته أحياناً ولذاكرته العجيبة التي حفظتعلى الإسلام معظم روايات السنة النبوية.
يقول أبو هريرة: كانالأنصار والمهاجرون يشغلهم الصفق بالأسواق وكنت رجلاً أتبع رسول الله لشبع بطني, فخرجت يوماً وقد أصابني الجوع وقد شددت على بطني الحجر من الجوع, وهنا لا بد منالإشارة إلى أن الناس يروونها أن النبي كان يشد الحجر على بطنه وربما شد الحجرين, وأستطرد هنا قليلاً فقد كنت أحتار في معنى شد الحجر على البطن, ولماذا يقوم الجائعبمزيد من العناء بربط الصخور على بطنه حتى قرأت للسيوطي في الحاوي للفتاوى نقلاً عنابن حبان أن الأصل في الحديث هو شد الحجز بالزاي وهو الزنار ولكنها صحفت فظنهاالناس الحجر وهي في الحقيقة الحجز, والخلاصة أن أبا هريرة كان يشرح ما أصابه منالجوع فقال:
والله الذي لا إله إلا هو إن كنت لأعتمد بكبدي على الأرض من الجوع وإن كنتلأشد الحجر على بطني من الجوع ولقد قعدت يوما على طريقهم الذي يخرجون منه, فمر أبوبكر فسألته مسألة أنا أدرى بجوابها والله ما سألته إلا ليستتبعني!! فقد كان يرجو أنيصيب عنده طعاماً قال: فأجابني ومضى, ثم مر عمر بن الخطاب فسألته المسألة إياهافكان جوابه أخصر وأقسى , فمضيت طاوياً حتى مر بي رسول الله فسلته المسألة إياها, وأدرك الرسول الكريم مراد أبي هريرة وقال: فتبسم حين رآني وعرف ما في وجهي وما فينفسي ثم قال أبا هر قلت لبيك يا رسول الله!! قال الحق بي, ومضى فاتبعته حتى دخل دارسعد بن عبادة, وسعد من أجواد الأنصار وكان رجلاً كريماً جواداً فوجد امرأته فسألعنه فقالت خرج يستعذب لنا الماء, وأسرعت المرأة في إكرام النبي وضيفه, ودفعت إليهماوعاء فيه لبن, واشتدت حاجة أبي هريرة لمرأى اللبن, وفرح به ولكن الرسول الكريم قالله يا أبا هريرة ادع لي أهل الصفة!!
قال أبو هريرة وأهل الصفةأضياف الإسلام لا يأوون على أهل ولا مال ولاعلى أحد وكان إذا أتته صدقة بعث بهاإليهم ولم يتناول منها شيئا وإذا أتته هدية أرسل إليهم وأصاب منها وأشركهم فيها, ويشرح أبو هريرة بعض ما أصابه حينذاك فقال فساءني ذلك فقلت وما هذا اللبن في أهلالصفة كنت أحق أن أصيب من هذا اللبن شربة أتقوى بها!! ولم يكن من طاعة الله وطاعةرسوله بد فأتيتهم فدعوتهم فأقبلوا واستأذنوا فأذن لهم وأخذوا مجالسهم من البيت قاليا أبا هر قلت لبيك يا رسول الله قال خذ فأعطهم قال فأخذت القدح فجعلت أعطيه الرجلفيشرب حتى يروى ثم يرد علي القدح فأعطيه الآخر فيشرب حتى يروى ثم يرد علي القدح حتىانتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد روي القوم كلهم فأخذ القدح فوضعه على يدهفنظر إلي فتبسم فقال: أبا هر, قلت: لبيك يارسول الله, قال: بقيت أنا وأنت, قلت: صدقت يا رسول الله, قال: اقعد فاشرب, فقعدت فشربت, فقال: اشرب فشربت, فما زال يقولاشرب حتى قلت لا والذي بعثك بالحق ما أجد له مسلكا, قال: فأرني, فأعطيته القدح فحمدالله تعالى وسمى وشرب الفضلة
قال أبو هريرة: ولما شرب النبي من اللبن بكى ودمعتعيناه, قلت: يا رسول الله ما يبكيك? قال: ذكرت قول الله تعالى: ثم لتسألن يومئذ عنالنعيم!!
كانت قصعة لبن وشيء من ثريد الخبز, ولكن الرسول الكريم اعتبرها من أعظمالنعم ودمعت عيناه وخفق قلبه من هول الحساب يوم القيامة على هذه النعم التي تمتعبها!!
من حقنا أن ننتقل الآن إلى الموائد الرمضانية التي تنتصب اليوم في البيوتوفيها من فنون الطبخ والنفخ وأصناف المآكل والمشارب تئط منها الموائد وتتحير فيهاالأبصار وأن نتساءل هل وقع في خواطرنا هذا السؤال الكبير: ثم لتسألن يومئذ عنالنعيم?
سؤال نضعه برسم الخيام الرمضانية من فئة الخمسة نجوم التي صارت اليوم منمعالم رمضان التي لاتخطئها العين, وقد حشيت بفنون الترف والمتع, ونجوم الفن والطرب, والتي أخشى أن تكون هي المرادة بقول الرسول الكريم: (بئس الطعام طعام الوليمة يدعىإليها الأغنياء ويصد عنها الفقراء!!)
وفقنا الله و إياكم