الايات من 81-85
( بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئكأصحب النار هم فيها خالدون *والذين ءامنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحب الجنة هم فيها خالدون )
"بلى من كسب سيئة " اي عمل مثل اعمالكم وكفر بمثل ما كفرتم به حتى يحيط به كفره فماله من حسنة ..وفي رواية قال ابن عباس :الشرك
فعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه ان الرسول صلى الله عليه وسلم قال "اياكم وحقرات الذنوب فانهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه "
فهؤلاء ليس لهم جزاء الا النار
اما من ءامن وعمل بما امر به من دينه فلهم الجنة خالدين فيها
( وَ إذْ أَََ خَذنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسرَاءِيل لا تَعبُدُون إلا الله وبِالوالِدَينِ إِحسَانَا وذِي القُربَى واليَتامى والمَسَاكينِ وقُولوا لِلناسِ حُسناً وأقِيموا الصَلاة وءاتُوا الزَكـاة ثُم تَوليتُم إلا قَلِيلا مِنكُم وَأنتُم مُعرضُون)
يذكّر الله تبارك وتعالى بني اسرائيل بما امرهم به من الاومر ةاخذه ميثاقهم على ذلك ..وانهم تولوا عن ذلك كله واعرضوا قصدا وعملا
فامرهم ان يعبدوه ولا يشركوا به شيئا وبهذا امر جمبع خلقه ولذلك خلقهم ..ثم ذكر تبارك وتعالى بعد ان بين حقه على العباد ..يبين حق المخلوقين واكده عليهم وهو حق الوالدين ..فيقرن الله حقه وحق الوالدين معا وهو اكد العبادات
اليتامى ..هم الصغار الذين لا كاسب لهم من الاباء ..والمساكين ..الذين لا يجدون ما ينفقون على انفسهم واهليهم
وقولوا للناس حسنا ..أي كلموهم طيبا ولينوا لهم جانبا ويدخل في ذلك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر والحلم والعفو والصفح
وامر الله تعالى باقامة الصلاة والزكاة فجمع بين الاحسان الفعلي والقولي
واخبرهم انهم تولوا عن ذلك كله واعرضوا عنه على عمد
( واذ اخَذنَا ميثَاقَكُم لا تَسفِكُونَ دِمَائكُم ….84 ..ثُم انتُم هاؤلاءِ تَقتُلونَ انفُسكُم …………..85 )
يقول تبارك وتعالى منكرا على اليهود الذين كانوا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة وما كانوا يعانونه من القتال مع الاوس والخزرج ..حيث كانوا يتقاتلون فيما بينهم ويخرجون بعضهم من الدور بعد القتل
وقد حرم الله عليهم سفك الدماء في التوراة وافترض عليهم فيها فداء اسراهم ..فياخذون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض وهم يعرفون الميثاق وصحته
وفي الاية 85 ..ذم لليهود في قيامهم بامر التوراة التي يعتقدون صحتها ومخالفة شرعها مع معرفتهم بذلك وشهادتهم له بالصحة فلذلك لا يؤمنون على مافيها ولا على نقلها ولا يصدقون فيما كتموه من صفة الرسول ومبعثه ومهجره ..فما جزاء من يخالف شرع الله هو الخزي في الدنيا والاخرة
الايات من 86 الــــــــــــــــــــى 90
التفســـــــــــــــــــــــــــير
الايه 86:أُولَئِكَ الَّذِينَ اِشْتَرَوْا الْحَيَاة الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ " وَاخْتَارُوهَا" فَلَا يُخَفَّف عَنْهُمْ الْعَذَاب " أَيْ لَا يَفْتُر عَنْهُمْ سَاعَة وَاحِدَة وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ أَيْ وَلَيْسَ لَهُمْ نَاصِر يُنْقِذهُمْ مِمَّا هُمْ فِيهِ مِنْ الْعَذَاب الدَّائِم السَّرْمَدِيّ وَلَا يُجِيرهُمْ مِنْهُ
الايه 87:يَنْعَت تَبَارَكَ وَتَعَالَى بَنِي إِسْرَائِيل بِالْعُتُوِّ وَالْعِنَاد وَالْمُخَالَفَة وَالِاسْتِكْبَار عَلَى الْأَنْبِيَاء وَأَنَّهُمْ إِنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ فَذَكَرَ تَعَالَى أَنَّهُ آتَى مُوسَى الْكِتَاب وَهُوَ التَّوْرَاة فَحَرَّفُوهَا وَبَدَّلُوهَا وَخَالَفُوا أَوَامِرهَا وَأَوَّلُوهَا وَأَرْسَلَ الرُّسُل وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْده الَّذِينَ يَحْكُمُونَ بِشَرِيعَتِهِ حَتَّى خَتَمَ أَنْبِيَاء بَنِي إِسْرَائِيل بِعِيسَى اِبْن مَرْيَم فَجَاءَ بِمُخَالَفَةِ التَّوْرَاة فِي بَعْض الْأَحْكَام وَلِهَذَا أَعْطَاهُ اللَّهُ مِنْ الْبَيِّنَات وَهِيَ الْمُعْجِزَاتفَكَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيل تُعَامِل الْأَنْبِيَاء أَسْوَأ الْمُعَامَلَة فَفَرِيقًا يُكَذِّبُونَهُ وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَهُ وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِأَنَّهُمْ يَأْتُونَهُمْ بِالْأُمُورِ الْمُخَالِفَة لِأَهْوَائِهِمْ وَآرَائِهِمْ وَبِالْإِلْزَامِ بِأَحْكَامِ التَّوْرَاة الَّتِي قَدْ تَصَرَّفُوا فِي مُخَالَفَتهَا فَلِهَذَا كَانَ ذَلِكَ يَشُقّ عَلَيْهِمْ فَكَذَّبُوهُمْ وَرُبَّمَا قَتَلُوا بَعْضهمْ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى " أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمْ اِسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ " . وَالدَّلِيل عَلَى أَنَّ رُوح الْقُدُس هُوَ جِبْرِيل
يتبع … اسفه على الاطاله
الايه88:وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ " أَيْ فِي أَكِنَّة او عليها غشاوه او المطبوع عليها… قلوبنا غلف: اي جمع غلاف اي قلوبنا اوعيه
فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ :لَا يُؤْمِن مِنْهُمْ إِلَّا الْقَلِيل
" وَقَالُوا قُلُوبنَا غُلْف " قَالَ يَقُولُونَ قُلُوبنَا غُلْف مَمْلُوءَة لَا تَحْتَاج إِلَى عِلْم مُحَمَّد وَلَا غَيْره
وَقَالُوا قُلُوبنَا غُلْف" أَيْ أَوْعِيَة لِلْعِلْمِ
بَلْ لَعَنَهُمْ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ " أَيْ لَيْسَ الْأَمْر كَمَا اِدَّعَوْا بَلْ قُلُوبهمْ مَلْعُونَة مَطْبُوع عَلَيْهَا
فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ :قَالَ بَعْضهمْ إِنَّمَا كَانُوا غَيْر مُؤْمِنِينَ بِشَيْءٍ وَإِنَّمَا قَالَ : فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ وَهُمْ بِالْجَمِيعِ كَافِرُونَ
—————–
الايه:89:
وَلَمَّا جَاءَهُمْ " يَعْنِي الْيَهُود " كِتَابٌ مِنْ عِنْد اللَّه " وَهُوَ الْقُرْآن الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّد – صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – " مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ " يَعْنِي مِنْ التَّوْرَاة
وَكَانُوا مِنْ قَبْل يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا " أَيْ وَقَدْ كَانُوا مِنْ قَبْل مَجِيء هَذَا الرَّسُول بِهَذَا الْكِتَاب يَسْتَنْصِرُونَ بِمَجِيئِهِ عَلَى أَعْدَائِهِمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ إِذَا قَاتَلُوهُمْ يَقُولُونَ إِنَّهُ سَيُبْعَثُ نَبِيٌّ فِي آخِر الزَّمَان نَقْتُلكُمْ مَعَهُ قَتْل عَاد وَإِرَم
عَنْ قَتَادَة الْأَنْصَارِيّ عَنْ أَشْيَاخ مِنْهُمْ قَالَ : فِينَا وَاَللَّه وَفِيهِمْ يَعْنِي فِي الْأَنْصَار وَفِي الْيَهُود الَّذِينَ كَانُوا جِيرَانهمْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْقِصَّة يَعْنِي " وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَاب مِنْ عِنْد اللَّه مُصَدِّق لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْل يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ " قَالُوا كُنَّا قَدْ عَلَوْنَاهُمْ قَهْرًا دَهْرًا فِي الْجَاهِلِيَّة وَنَحْنُ أَهْل شِرْك وَهُمْ أَهْل كِتَاب وَهُمْ يَقُولُونَ إِنَّ نَبِيًّا سَيُبْعَثُ الْآن نَتَّبِعهُ قَدْ أَظَلَّ زَمَانُهُ فَنَقْتُلكُمْ مَعَهُ قَتْل عَاد وَإِرَم فَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ رَسُوله مِنْ قُرَيْش وَاتَّبَعْنَاهُ كَفَرُوا بِهِ يَقُول اللَّه تَعَالَى " فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَة اللَّه عَلَى الْكَافِرِينَ
وَكَانُوا مِنْ قَبْل يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا " وَقَالَ يَسْتَنْصِرُونَ يَقُولُونَ نَحْنُ نُعِين مُحَمَّدًا عَلَيْهِمْ وَلَيْسُوا كَذَلِكَ بَلْ يَكْذِبُونَ
وَكَانُوا مِنْ قَبْل يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا " يَقُول يَسْتَنْصِرُونَ بِخُرُوجِ مُحَمَّد – صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – عَلَى مُشْرِكِي الْعَرَب يَعْنِي بِذَلِكَ أَهْل الْكِتَاب فَلَمَّا بُعِثَ مُحَمَّد وَرَأَوْهُ مِنْ غَيْرهمْ كَفَرُوا بِهِ وَحَسَدُوهُ
فَلَمَّا بَعَثَ اللَّه مُحَمَّدًا – صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَرَأَوْا أَنَّهُ مِنْ غَيْرهمْ كَفَرُوا بِهِ حَسَدًا لِلْعَرَبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ رَسُول اللَّه – صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ اللَّه تَعَالَى" فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَة اللَّه عَلَى الْكَافِرِينَ
" وَقَالَ مُجَاهِد" فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَة اللَّه عَلَى الْكَافِرِينَ " قَالَ هُمْ الْيَهُود .
—————–
يتبع ……….. هذا اكثر اختصار
الايه90:
بِئْسَمَا اِشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسهمْ : يَهُود شَرَوْا الْحَقّ بِالْبَاطِلِ وَكِتْمَان مَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّد – صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
" بِئْسَمَا اِشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسهمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّل اللَّهُ مِنْ فَضْله عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَاده
" أَيْ إِنَّ اللَّه جَعَلَهُ مِنْ غَيْرهمْ " فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ
بَاءُوا اِسْتَوْجَبُوا وَاسْتَحَقُّوا وَاسْتَقَرُّوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بِكُفْرِهِمْ بِالْإِنْجِيلِ وَعِيسَى ثُمَّ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بِكُفْرِهِمْ بِمُحَمَّدٍ – صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَبِالْقُرْآنِ
أَمَّا الْغَضَب الْأَوَّل فَهُوَ حِين غَضِبَ عَلَيْهِمْ فِي الْعِجْل وَأَمَّا الثَّانِي فَغَضِبَ عَلَيْهِمْ حِين كَفَرُوا بِمُحَمَّدٍ – صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
—————
تم بحمد الله اتمنى ان يكون مواضح ومبسط …
الأيات من 91 الى 92 :
"واذا قيل لهم ءامنوا بما أنزل الله قالوا نؤمن بما أنزل علينا ويكفرون بما ورآءه وهو الحق مصدقا
لما معهم قل فلم تقتلون أنبياء الله من قبل ان كنتم مؤمنين * ولقد جآءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون "
يقول تعالى {وإذا قيل لهم} أي لليهود وأمثالهم من أهل الكتاب {آمنوا بما أنزل الله} على محمد صلى اللّه عليه وسلم وصدقوه واتبعوه، {قالوا نؤمن بما أنزل علينا} أي يكفينا الإيمان بما أنزل علينا من التوراة والإنجيل ولا نقر إلا بذلك {ويكفرون بما وراءه} يعني بما بعده، {وهو الحق مصدقا لما معهم} أي وهم يعلمون أن ما أنزل على محمد صلى اللّه عليه وسلم {الحق مصدقاً لما معهم} من التوراة والإنجيل، فالحجة قائمة عليهم بذلك كما قال تعالى: {الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم} ثم قال تعالى: {فلم تقتلون أنبياء الله من قبل إن كنتم مؤمنين}؟ أي إن كنتم صادقين في دعواكم الإيمان بما أنزل إليكم، فلم قتلتم الأنبياء الذين جاءوكم بتصديق التوراة التي بأيديكم، والحكم بها وعدم نسخها وأنتم تعلمون صدقهم؟ قتلتموهم بغياً وعناداً واستكباراً على رسل اللّه فلستم تتبعون إلا مجرد الأهواء والآراء والتشهي، كما قال تعالى: {أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وقريقا تقتلون}. {وقال ابن جرير: قال يا محمد ليهود بني إسرائيل إذا قلت لهم: آمنوا بما أنزل اللّه قالوا نؤمن بما أنزل علينا، لم تقتلون – إن كنتم مؤمنين بما أنزل اللّه – أنبياء اللّه يا معشر اليهود، وقد حرم اللّه في الكتاب الذي أنزل عليكم قتلهم، بل أمركم باتباعهم وطاعتهم وتصديقهم، وذلك من اللّه تكذيب لهم في قولهم{نؤمن بما أنزل علينا} وتعيير لهم. {ولقد جاءكم موسى بالبينات} أي بالآيات الواضحات والدلائل القاطعات على أنه رسول اللّه وأنه لا إله إلا اللّه، والآيات والبينات هي: الطوفان، والجراد، والقُمّل، والضفادع، والدم، والعصا، واليد، وفرق البحر، وتظليلهم بالغمام، والمن، والسلوى، والحجر وغير ذلك من الآيات التي شاهدوها {ثم اتخذتم العجل} أي معبوداً من دون اللّه في زمان موسى وأيامه. وقوله: {من بعده} أي من بعد ما ذهب عنكم إلى الطور لمناجاة اللّه عز وجلّ كما قال تعالى: {واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلاً جسداً له خوار}، {وأنتم ظالمون} أي وأنتم ظالمون في هذا الصنيع الذي صنعتموه من عبادتكم العجل، وأنتم تعلمون أنه لا إله إلا اللّه كما قال تعالى: {ولما سقط في ايديهم ورأوا أنهم قد ضلوا قالوا لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين}.