الجليس الصالح وكيف نختاره؟جليسك الصالح يشعر بشعورك ويعتني بشئونك
ويهتم بأمورك يفرح لفرحك ويحزن لحزنك ويسر بسرورك،
ويحب لك ما يحب لنفسه ويكره لك ما يكره لنفسه،
عن الشر ويسمعك العلم النافع والقول الصادق والحكمة
البالغة ويحثك على العمل الصالح المثمر ويذكرك نعم الله
عليك لكي تشكرها ويعرفك عيوب نفسك لكي تجتنبها
ويشغلك عما لا يعنيك.
والجليس الصالح يسد خلتك ويغفر زلتك ويقيل عثرتك
ويستر عورتك وإذا اتجهت إلى الخير حثك عليه ورغبك فيه
جليسك الصالح لا يمل قربك ولا ينساك على البعد،
وإن حصل لك خير هنأك وإن أصابتك مصيبة عزاك
جليسك الصالح يحضر معك مجالس العلم وحلق الذكر
وبيوت العبادة ويزين لك الطاعة بالصلاة والصيام والإنفاق
في سبيل الله وكف الأذى واحتمال المشقة وحسن الجوار
وجميل المعاشرة.
ويقبح لك المعصية ويذكرك ما يعود به الفساد عليك
من الويل والشقاء في عاجل الأمر وآجله،
فالخير الذي تصيبه من جليسك الصالح أبلغ وأفضل من
المسك فإنه إما أن يعلمك ما ينفعك في دينك ودنياك
أو يهدي لك نصيحة أو يحذرك من الإقامة على ما يضرك
فيحثك على طاعة الله وبر الوالدين وصلة الأرحام
ويدعوك إلى مكارم الأخلاق ومحاسنها بقوله وفعله
وفي الحديث: «المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل»
رواه أبو داود والترمذي وحسنه.
وفي الحكمة المشهورة: «لا تسأل عن المرء واسأل عن قرينه».
وأقل ما تستفيده من الجليس الصالح أن تنكف بسببه عن السيئات والمعاصي رعاية للصحبة ومنافسة في الخير وترفعًا عن الشر
وفي المثل قالوا الصاحب ساحب
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
“إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير،
فحامل المسك إما أن يحذيك وإما ان تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحاً طيبة
ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحاً منتنة” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم”. (رواه البخاري ومسلم)
ما أروعه من معنى، وما أجمله من تصوير، تتجلى فيه البلاغة النبوية وروعة البيان وإن من البيان لسحرا.
صورة حية صادقة للجليس،
فالجليس الصالح هو الذي ترتاح إليه النفس ويطمئن به الفؤاد وتنتعش الروح طربا لحديثه وتنعم بمجالسته وتسعد بصحبته،
إنه عدة في الرخاء وزينة في الشدة وبلسم الفؤاد وراحة النفس.
صحبة الصالحين بلسم قلبي: انها للنفوس أعظم راقي.
وقد شبهه الرسول صلى الله عليه وسلم ببائع الطيب الذي ينفحك بعطره ويغمرك بنشره
فإما ان يهديك وإما أن تجد عنده ريحا طيبة فأنت معه في ربح دائم ونشوة غامرة،
أما جليس السوء فليس هناك أبلغ من تشبيهه بالحداد الذي ينفخ بكيره فأنت معه في خسارة دائمة
فإن لم يحرقك بناره أحرقك بشرارة فصحبته همٌ دائمٌ وحزنٌ لازم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،
جزاكِ الله خيرا
من المعروف أن مصاحبة جليس السوء ، ومجالستهم مضرة في جميع الأحوال ..
على من صاحبهم ، وشر على من خالطهم ..
فكم أقوام هلكت بسببهم ، وكم قادوا أصحابهم إلى المهالك..
قال الله تعالى مخبرا عن عاقبة الظالمين وتمنيهم سلوك طريق المؤمنين وندمهم على مصاحبة الضالين المضلين:
{..
وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً * يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلاً *لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنْسَانِ خَذُولاً..}لفرقان: 27، 29
ومن أعظم ما صور لنا خطر جليس السوء ما حصل لأبي طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم عند وفاته،
فقد جاء إليه النبي صلى الله عليه وسلم حين احتضاره وهو يلفظ آخر أنفاسه فقال له رغبة في إسلامه:
فقال له أبو جهل وكان جالسا عنده: أترغب عن ملة عبد المطلب..
فرسول الله صلى الله عليه وسلم يلقنه الإسلام وأبو جهل يلقنه الكفر إلى أن
مات وهو يقول هو على ملة عبد المطلب ، وأبى أن يقول:
لا إله إلا الله
يقول الشاعر:
واختر من الأصحاب كل مرشد إن القـــرين بالقرين يقتـــــــــــدي
وصحبة الأشرار داء وعمى تزيد في القلب السقيم السقما
فــــإن تبعت سنــــــــــة النبــــــي فاجتنـــــــــبن قرنــــــــاء الســــــــوء
**
آللهم وفقنا ووفق أولادنا للجلساء الصالحين والأصدقاء الناصحين وزينا بزينة الإيمان..
واجعلنا هداة مهتدين آمين يا رب العالمين ..
..~