تخطى إلى المحتوى

كيف نتدبر القرآن الكريم؟ كيف أثق بنفسي؛ لأنه ليس عندي ثقة بنفسي البتة؟ 2024.

  • بواسطة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
يقول تعالى:"كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب"، فالمقصود من إنزال هذا الكتاب العظيم أن يتدبره الخلق ويعملوا بما دل عليه من هداية وإرشاد، وإن مما يعين على تدبر القرآن الكريم جملة أمور منها:

*يقرأه المؤمن على أكمل حالة وأهيئها، من حيث أن يقرأه في مكان مهيأ لذلك، وأن يكون على حال حسنة من طهارة ونظافة، وأن يكون خالي الذهن من الشواغل والصوارف التي تقطع الفكر وتشتت الذهن.

*إتقان تلاوته وترتيله، فأول ما يجب على المرء ليتدبر القرآن الكريم أن يحسن تلاوته وترتيله؛ لأن ذلك من الأسباب المعينة على تدبره، يقول تعالى:(ورتل القرءان ترتيلاً).

*ومما يعين على حسن التدبر للقرآن الكريم فهم معانيه ومراميه، وذلك بالنظر في كتب التفسير ولا سيما المختصرة منها، واستصحابها عند تلاوة القرآن الكريم.

*ومن أبلغ ما يعين على التدبر أن يعرض المؤمن نفسه على كتاب ربه وينظر كيف هو مما جاء به القرآن، فإذا قرأ آية فيها أمر أو نهي نظر في حاله كيف هو مما دلت عليه الآية فإذا كان ممتثلاً لما دلت عليه فليحمد الله وليسأله التثبيت، وإن كان مقصراً فليتدارك نفسه، ومتى ما التزم ذلك في كل حاله مع القرآن الكريم كان حقاً قد جمع بين التدبر له والعلم به والعمل بما دل عليه، وتلك كانت طريقة السلف –رضي الله عنهم- من الصحابة ومن بعدهم في فهم القرآن وتدبره، يقول أبو عبد الرحمن السلمي:"حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن كعثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وغيرهما أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي –صلى الله عليه وسلم- عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم، قالوا فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعاً"، وفي الأثر من اتقى الله فيما يعلم أورثه الله علم ما لم يعلم.

أما عن السؤال حول الثقة بالنفس وكيفية بنائها:
فهذه بعض النصائح أقدمها للسائلة الكريمة في النقاط الآتية:

*تكمن المشكلة عند كثير ممن يشكون من التردد وعدم الثقة بالنفس في عدم وضوح الأهداف عندهم فيما يواجهونه من أمور الحياة مما يتطلب اتخاذ قرار ما أو تصرف معين، وتفهمك أختي السائلة لهذا الأمر يساعدك بشكل كبير في اكتساب الثقة ونزع التردد من نفسك لأن وضوح الهدف يساعد كثيراً على اتخاذ القرار بشكل صحيح، فعندما يواجهك أي موقف في الحياة يجب قبل أن تتخذي قراراً ما أن تنظري في أهدافك من القرار الذي تريدين اتخاذه، وكثرة التدرب على هذه الطريقة يكسبك منهجية منطقية في التفكير، وهذا يساعدك على اتخاذ القرار بثقة وبغير تردد.

*كثيراً ما يواجه المرء مواقف يصعب عليه اتخاذ قرار فيها لأنها تحتمل أكثر من رأي وقرار، وفي مثل هذه المواقف على المرء أن يأخذ بمبدأ الموازنة بين خير الخيرين وشر الشرين، فيوازن بين الأمرين فيأخذ بأكثرها خيراً ويدع أكثرها شراً.

*إذا أدركت هذين الأمرين فعليك عند اتخاذ قرار ما أن تقطعي التردد من نفسك وأن تتخذي قرارك، مهما كانت النتائج المترتبة عليه.

*أنصح السائلة أن تنظر في تجاربها السابقة – فقط – كي تستفيد مما تضمنه من صواب وخطأ، ويجب عليها ألا تقف طويلاً عندها، لأن كثرة استرجاعها لها ونظرها فيها سيجعلها حاضرة في ذهنها عندما تريد اتخاذ قرارات جديدة وهذا ربما زاد من ترددها وعدم ثقتها بنفسها.

*كثرة الاحتكاك بالناس ومخالطتهم ولا سيما من يكبرك سنا ممن لهم تجارب في الحياة والاستفادة من خبراتهم ، لأن صغر سن المرء يجعله غير قادر في بعض المواقف على اتخاذ القرار لعدم وجود تجارب سابقة تساعده على اتخاذ قرار ما في الموقف الذي يمر به، ولا بد هنا –وفي مثل حالتك- ألا تكثري من سؤال الناس، كما لا تكثري من عدد الأشخاص الذين تسألينهم وتطلبين رأيهم، لأن هذا يعرضك مرة أخرى للتردد وعدم الثقة فيما تقدمين عليه.

*وقبل هذا كله على السائلة أن تأخذ بالمنهج النبوي الذي أرشد إليه النبي – صلى الله عليه وسلم – والمتمثل في الاستخارة وهي طلب خير الأمرين فقد كان النبي – صلى الله عليه وسلم- يعلم صحابته –رضوان الله عليهم- الاستخارة كما يعلمهم السورة من القرآن، ففي الحديث الذي أخرجه البخاري وغيره عن جابر بن عبد الله –رضي الله عنهما- قال:"كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يعلمنا الاستخارة في الأمور كما يعلمنا السورة من القرآن، يقول: إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال عاجل أمري وآجله، فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال: عاجل أمري وآجله، فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم أرضني به، قال: ويسمي حاجته".

والله المرجو أن يوفقنا جميعاً لما يحب ويرضى، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

شكرا كثيرا ، موضوع جميل الله يديمو تألق عليك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.