قال صلى الله عليه وسلم واصفاً لجمال الجنة " إن في الجنة غرفا ترى ظهورها من بطونها وبطونها من ظهورها"، فقام أعرابي فقال: لمن هي يا رسول الله؟، قال "لمن أطاب الكلام وأطعم الطعام وأدام الصيام وصلى لله بالليل والناس نيام" [رواه الترمذي وحسنه الألباني]
فمن سينال هذا النعيم؟
مـن أطــاب الكــلام .. الذي لا يأتي على لسانه الكلمة السيئة، لا يعرف الكذب أو الغيبة أو النميمة أو الخوض في الباطل، لسانه أعفّ ما يكون .. لا ينطق سوى بالكلمة الطيبة، الدعوة، التشجيع، ذِكر لله.
وأطعــم الطعــام .. الذي يأكل ويتصدق ويُهدي جيرانه .. قلبه ليس منشغلاً بنفسه فقط، بل منشغل بالمساكين أيضًا…
في حديث إختصام الملأ الأعلى عندما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ربه تبارك وتعالى في المنام، قال له "قل اللهم إني أسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين وأن تغفر لي وترحمني وإذا أردت فتنة قوم فتوفني غير مفتون، أسألك حبك وحب من يحبك وحب عمل يقربني إلى حبك" [رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني]
وأدام الصيـــام .. هذا الذي يحرص على صيام يومي الاثنين والخميس، وثلاثة أيام من كل شهر 13 و14و15، ولو كان عنده القوة يصوم صيام داوود، يصوم يوم ويفطر يوم ..
لأن الصيام من أعظم القُربات لله سبحانه وتعالى .. عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله مرني بأمر ينفعني الله به، قال "عليك بالصيام فإنه لا مثل له " [رواه النسائي وصححه الألباني] .. فكان أبو أمامة لا يرى في بيته الدخان نهارًا إلا إذا نزل بهم ضيف.
كـثـرة السجــود .. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي أمامة أيضًا " اعلم أنك لن تسجد لله سجدة إلا رفع الله لك بها درجة ، وحط عنك بها خطيئة" [رواه أحمد بإسناد صحيح] … فالســجــدة بدرجة في الجنة، والمسافة بين الدرجة والدرجة كما بين السماء والأرض ..
وكثرة السجود قد تُبلغك مرافقة النبي صلى الله عليه وسلم .. عن ربيعة بن كعب رضي الله عنه قال: كنت أبيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فآتيه بوضوئه وحاجته فقال لي "سلني"، فقلت أسألك مرافقتك في الجنة، قال "أو غير ذلك ؟"، قلت: هو ذاك، قال "فأعني على نفسك بكثرة السجود" [رواه مسلم]
{ كَلاَّ لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ } [العلق: 19] … اقترب من سيدك وحبيبك ومولاك رب العزة جل جلاله بسجدة،،
وصلى لله بالليــل والنـاس نيـــام .. قيــام الليـــل وخاصة في بعض المواقف التي ذكرها الله عز وجل، فيكون له أجر لا مثيل له .. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم " ثلاثة يحبهم الله ويضحك إليهم ويستبشر بهم : الذي إذا انكشفت فئة قاتل وراءها بنفسه لله عز وجل فإما أن يقتل وإما أن ينصره الله ويكفيه فيقول الله انظروا إلى عبدي هذا كيف صبر لي بنفسه " .. فإن لم يكن عندنا جهاد في الوقت الحالي، عليك أن تحمل راية الإسلام .. أحمي دين الله، ولو بتربيتك للولد الصالح الذي يصلُح لحمل راية التوحيد و الإسلام، بأن تُحفظه القرآن وتجعله من أهل المسجد ، فتكون قد حاميت عن دين الله برجل خير من ألف رجل.
"والذي له امرأة حسنة وفراش لين حسن فيقوم من الليل فيذر شهوته فيذكرني ولو شاء رقد" .. هذا الذي ترك شهوته وآثر القيام بين يدي الله.
"والذي إذا كان في سفر وكان معه ركب فسهروا ونصبوا ثم هجعوا فقام من السحر في سراء أو ضراء " [صححه الألباني في السلسلة الصحيحة، رقم(3478)] .. وهذا رغم تعبه الشديد قام لله .. عمل سر دون أن يدري به أحد.
هؤلاء يحبهم الله .. وإذا أحبهم تكون النتيجة "فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه" [رواه البخاري]
ويضحك الله لهم .. قال النبي صلى الله عليه وسلم "وإذا ضحك ربك إلى عبد في الدنيا فلا حساب عليه" [رواه أحمد وصححه الألباني]
تخيل أن هناك أشخاص يحاسبون ويقررون على كل ذنب صغيرًا وكبيرًا ..عن كل يوم فى عمرهم .. وأنت بمجرد أن ضحك الله إليك أدخلك الجنة بلا حساب ولا سابقة عذاب،،
ألا نتمنى جميعًا أن يضحك الله لنا ؟؟؟
بلى والله إنها لكافية عن يوم تشخص فيه الأبصار،،
ولم يتركنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم دون أن يوضح لنا الخصال التي أن مات صاحبها عليها فاز بدخول الجنة بإذن الله ..
حيث قال صلى الله عليه وسلم
"خصلات ست ما من مسلم يموت في واحدة منهن إلا كانت ضامنا على الله أن يدخله الجنة:
1) رجل خرج مجاهدا فإن مات في وجهه كان ضامنا على الله
2) ورجل تبع جنازة فإن مات في وجهه كان ضامنا على الله
3) ورجل عاد مريضا فان مات في وجهه كان ضامنا على الله
4) ورجل توضأ فاحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد لصلاته فإن مات في وجهه كان ضامنا على الله
5) ورجل أتى إماما لا يأتيه إلا ليعزره ويوقره فإن مات في وجهه ذلك كان ضامنا على الله
6) ورجل في بيته لا يغتاب مسلما ولا يجر إليهم سخطا ولا نقمة فإن مات في وجهه كان ضامنا على الله"
فلنحرص على التحلي بهذه الخصال، عسى الله أن يقبضنا على أحدها .. فنكون كما قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم " إذا أراد الله بعبد خيرا عسله" قيل وما عسله؟، قال "يفتح له عملا صالحا قبل موته ثم يقبضه عليه " [صححه الألباني في صحيح الجامع، رقم(307)]
اللهم حسّن خاتمتنا في الأمور كلها وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة
اسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياكم الفردوس الأعلى برفقة النبي محمد صلى الله عليه وسل㡡