قال تعالى:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً
يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُم وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً}.
إن طريق الخلاص وعنوان السعادة وسبب النجاة من عذاب الله هو
التمسك بكتاب الله تعالى ذلك الكتاب العزيز
الذي {لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ}،
وكذلك التمسك بالسنة المطهرة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم،
الذي {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى}،
حيث ضمن صلى الله عليه وسلم للمتمسك بكتاب الله وسنته الهداية والنجاة،
وعدم الضلال المؤدي للهلاك في الدنيا والشقاء في الآخرة،
وفي مقابل ذلك نهى عن الابتداع في دين الله،
وحذر من البدعة،
روى مسلم في صحيحه كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب الناس على المنبر ويقول:
"أما بعد- فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم،
وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة".
زاد النسائي "وكل ضلالة في النار".
وفي حديث العرباض بن سارية الذي رواه أبو داود والترمذى قال:
وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة بليغة وجلت منها القلوب، وذرفت منها العيون،
فقلنا: يا رسول كأنها موعظة مودع فأوصنا،
قال: "أوصيكم بتقوى الله، والسّمع والطاعة،
وإن تأمّر عليكم عبد، وإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرًا،
فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين،
عضُّوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة".
وقال تعالى:
{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}
والعمل من المبتدع، إن كان مقصودًا، فهو كفر،
وإن كان غير مقصود فهو ضلال.
وكذلك ورد ذمّ المبتدع في أحاديث كثيرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
جاء فيها ذم المبتدعة وبيان ضلالهم وآثامهم،
وتعريف البدعة فى اللغة:
هى الاختراع على غير مثال سابق،
ومنه قوله تعالى: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}،
أى: مخترعهما من غير مثال سابق،
ويقال: ابتدع فلان بدعة، يعني: ابتدأ طريقة لم يسبقه إليها سابق، وهذا أمر بديع،
يقال، في الشيء المستحسن الذي لا مثال له في الحسن.
ومن هذا المعنى سميت البدعة بدعة،
فاستخراجها للسلوك عليها هو الابتداع، وهيئتها هي البدعة، وقد يسمى العمل المعمول على ذلك الوجه بدعة.
فمن هذا المعنى سمي العمل الذي لا دليل عليه في الشرع بدعة.
ولكن تعريف البدعة في الشرع:
هى طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشرعية يقصد بها المبالغة في التعبد لله سبحانه وتعالى.
وهذا التعريف يشمل كل ما أحدث في الدين مما لا أصل له في الشريعة يدل عليه.
فأما ما له أصل في الشرع يدل عليه، فليس ببدعة شرعا، وإن سمي بدعة لغة،
البخاري، الاعتصام، فتح الباري 13/302.
وإذا قام المؤمن أو المسلم بتطبيق الشريعة، فإن هذا لا يسمى بدعة ؛ لأنه لم يُدخل شيئا في الدين باسم الدين..
أما أن ينسب الإنسان شيئا إلى الشريعة، ولم يأتِ في الشريعة -لا من قريب، ولا من بعيد، ولا في آية،
ولا في سنة، فعندها يتحول الأمر إلى بدعة.
وهناك بدعة مذمومة لا أصل لها فى الدين…مثل:
الصلاة بغير طهارة، أو إنكار الاحتجاج بالسنة، أو تقديم العقل على النقل وجعله أصلاً والشرع تابع،وغيرها
وهناك بدعة لها جانب مشروع:
ولكن المبتدع يُدْخِل على هذا الجانب المشروع أمراً من عند نفسه فيخرجها عن أصل مشروعيتها بعمله هذا،
وأكثر البدع المنتشرة عند الناس من هذا النوع.
ومن أمثلتها: الصوم، الذّكر، الطهارة، إسباغ الوضوء على المكاره،الصلاة، هذه عبادات مشروعة أمر بها الشارع وحث عليها،
ولكن هناك كيفيات وهيئات أدخلت عليها،
أى أنه عمل لا دليل عليه من الشارع،
وعلى سبيل المثال:
نذر الصيام قائما لا يقعد أو ضاحيا لا يستظل،
والانقطاع للعبادة وترك الكسب الحلال،
وإقامة المآتم وقراءة القرآن فيها،
والاقتصار من المأكل والملبس على صنف دون صنف من غير علة.
وأيضاً التزام الكيفيات والهيئات المعينة؛
كالذكر على هيئة الاجتماع بصوت واحد.
أو التزام عبادات معينة في أوقات معينة لم يوجد لها ذلك التعيين في الشريعة:
كالتزام صيام يوم النصف من شعبان، وقيام ليلته، والاحتفال بيوم الإسراء والمعراج، وتخصيصه بعبادة معينة،
وغير ذلك من البدع التي أحدثت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الغر الميامين الذين كان لهم السبق في الذب عن حياض الإسلام، والدفاع عن السنة المطهرة.
وأيضاً
بدعة المولد النبوى الشريف،
حيث وجبت محبة النبي صلى الله عليه وسلم على كل مسلم،
ولا يتم إيمان المسلم حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إليه من نفسه وولده ووالده والناس أجمعين،
كما في صحيح البخاري، ولكن محبته هي طاعته ومتابعته،
أي: امتثال أمره، واجتناب نهيه،
وجاء عن ابن مسعود أيضا في ذم البدعة
"اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم".
وقال ابن عباس لمن سأله الوصية:
"عليك بتقوى الله والاستقامة اتبع ولا تبتدع"،
وقال ابن عمر رضي الله عنهما:
"كل بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة".
وقد نهى الكثير من العلماء عن مجالسة أهل البدع والأهواء، وذلك خوفا من أن يؤثر صاحب البدعة في جليسه؛
وقال تعالى:
{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}
ولكن للأسف
أحدث المسلمون في دينهم من البدع والدخيل ما انحرف بكثير عن سواء السبيل، وشوه عليهم حقيقة الدين،
ولبس عليهم حتى أصبح الكثير منهم لا يفرق بين الحق والباطل،
ولا يعرف البدعة من السنة،
وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون وأغرقوا في ذلك حتى رأوا الحسن قبيحا والقبيح حسنا .
وهذا ما نصت عليه الآية الكريمة وهي قوله تعالى:
قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً}.
ولكن من فضل الله علينا أنه أمرنا تبارك وتعالى بأن نرجع في كل أمر نختلف فيه إلى كتاب الله تعالى وسنه رسوله
صلى الله عليه وسلم
حيث قال تعالى:
{وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ}.
وقال تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}
وعلينا جميعاً أن نفهم:
كما فهم السلف قاطبة من قوله صلى الله عليه وسلم:
"من سن سنة"
أي أحيا سنة من سنن الرسول صلى الله عليه وسلم حين يميتها الناس،
ويتبعه الناس في هذا الإحياء الذي دعاهم إليه،
يوضح ذلك حديثُ أبي هريرة رضي الله عنه الذي رواه مسلم فقال: قال رسول الله صلى اللّه عليه وسلم:
"من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص من أجورهم شيء"
فإن قوله من دعا إلى هدى تفسير لما أجمل في قوله من سن سنة حسنة وبالمقابل
"من دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيء".
والحق أحق بالإتباع ولو خالفه الناس،
ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها؛
وهو لزوم جماعة المسلمين،
والتمسك بالقرآن الكريم، والسنة المطـهرة،
فهما مصدر كل عِزٍّ وفلاحٍ ونجاحٍ في الدارين.
وفقنا الله جميعا للإتباع وجنبنا الزلل والابتداع،
إنه ولى ذلك والقادر عليه وصلى اللّه وسلم على رسوله محمد وعلى آله وأصحابه
المصدر …كتاب
البدع وأثرها فى إنحراف التطور الإسلامى
و
البدعة ضوابطها وأثرها السييء فى الأمة
وبارك في عمرك
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك غاليتي
وجعله الله في ميزان حسناتك
موضوعك رائع ومتميز
:
موضوع رائع ومتميزكعادتك يا حبيبتي
ما شاء الله تستحقي التميز
بارك الله لنا فكي
وبارك في عمرك