تخطى إلى المحتوى

أحترام المرأة 2024.

  • بواسطة
بسم الله الرحمن الرحيم

أحترام المرأة….للمؤلف/مصطفي لطفي المنفلوطي………….
نعم إنَّ الرجال قوامون على النساءكمايقول الله تعالى في كتابه العزيز، ولكن المرأة عمادالرجل، ومَلاك أمرِه، وسرِّحياته، من صرخة الوضع(الولادة) إلى أنَّه النَّزِع(أي صرخة الاحتضار
).
مقارنة بين عاطفة الأم والأب
: ـ
لا يستطيع الأب أن يحمل بين جانحتيه(مثنى جانحة وهي الضلع ممايلي الصدر) لطفله الصغيرعواطف الأم، فهي التي تخوض بعنايتهاورعايتها،وتبسط عليه جَنَاح رحمتها ورأفتها، وتسكب قلبها في قبله حتى يستحيلا إلى قلب واحد، يخفق خفوقاً واحداً، ويشعربشعورواحد، وهي التي تسهرعليه ليلها، وتكْلؤُه(أي تحميه وتحرسه) نهارها ، وتحتمل جميع آلام الحياة وأتعابها في سبيله، غير شاكية ولا ضاجرة بل تزداد شغفاً به، وإيثاراًله، وضَنَنّاًبحياته(أي حرصاعلى حياته
) بمقدارماتبذل من الجهود في سبيل تربيته. ولوشئتُ أن أقول لقلت:إنَّ سرَّالحياةالإنسانية،وينبوع وجودها، وكوكبهاالأعلى الذي تنبعث منه جميع أشِعَّتها ينحصر في كلمة واحدة هى( قلب الأم) .
ولايستطيع الرجل أن يكون شعورالرجل برجولته أمام المرأة حتى يجد إلى جانبه زوجة تبعث في نفسه روح الشجاعة والهمَّة وتغرس في قلبه كبرياْ التَّبعّة وعظمتها، وحَسْبُ المرء أن يعلم أنَّ رَعّيَّةً كبيرةأوصغيرة تضع ثقتهافيه،وتستظل بظل حمايته ورعايته، وتعتمد في شؤون حياته عليه.ومانَِصحً الرجل بالجدِّ في عملة، ولاستقامةفي شؤون حياته، وسلوك الجادةفي سيره،ولاهداه إلى التدبيرومزاياه،والاقتصادوفوائده،والسعي وثمراته، ولادَفَعَ به في طريق المغامرةوالمخاطرة،والدَّأب والمثابرة، مثل دموع الزوجة المنهلة(أي المتدفقة
)، ويدهاالضارعةالمبسوطة.
ولايستطيع الشيخ الفاني أن يجد في أخريات أيامه في قلب ولده الفتى من الحنان والعطف، والحب والإيثار، ما يجد في قلب أبنته الفتاة؛ فهي التي تمنحه يدهاعُكَّازاًلشيخوخته، وقلبهامستودعاًلأسراره،وهواجس نفسه، وهي التي تسهر بجانب سريره مرضه ليلها كله تستسمَّع أنفاسه، وتُصغي إلى أناته، وتحرص الحرص كله على أن تفهم من حركات يده، ونظرات عينيه حاجاته وأغراضه فإذا نزل به قضاء الله كانت هي من دون ورثته جميعاً الوارثة الوحيدة التي تَعُدُّ موته نكبة عظمى، لا يُهَوِّنها عليها، ولا يخفِّف من لوعتها في نفسها، أنه قد ترك من بعده ميراثاً عظيماً .
وجملة القول إن الحياة مسرَّات وأحزان، أمَّا مسرّاتها فنحن مدينون بها للمرأة؛ لأنها مصدرها وينبوعها الذي تتدفّق منه، وأمًّا أحزانها فالمرأة هي التي تتولّى تحويلها إلى مسرات، أو ترويحها عن نفوس أصحابها على الأقل، فكأننا مدينون للمرأة بحياتنا كلها.
أستطيع أن أقولَ ـ وأنا على ثقة مما أقولُ ـ : إن الأطفال الذين استطاعوا في هذا العالم أن يعيشوا سعداء مَعْنيّاً بهم، وبتربيتهم، وتخريجهم على أيدي أمهاتهم بعد موت آبائهم أضعاف الذين نالوا هذا الحظ على أيدي آبائهم بعد فقد أمهاتهم، ولرحمة الأمومة الفضل العظيم في ذلك .
فليت شعري ! هل شكرنا للمرأة تلك ا لنعمة التي أسدتها إلينا، وجازيناها بها خيراً؟.
لا، لا لأننا إن منحناها شيئاً من عواطف قلوبنا وخوالج(أي خواطر) نفوسنا، فإننا لا نمنحها أكثر من عواطف الحب والودِّ، ونضنُّ عليها كل الضَّنِّ بعاطفة الاحترام والإجلال، وهي إلى نَهْلَةٍ واحدة من نهلات الإجلال والإعظام أحوج منها إلى شُؤْبُوب(أي الدفعة من المطروهناكناية عن العطف والمحبة
) متدفّق من الحب والغرام .
قد نحنو عليها ونرحمها، ولكنها رحمة السيد بالعبيد، لا رحمة الصديق بالصديق. وقد نصفها بالعفّة والطهارة، ومعنى ذلك عندنا أنها عفّة الخدر والخباء لا عفّة النفس والضمير . وقد نهتم بتعليمها وتخريجها، ولكن لا باعتبار أنها إنسان كامل لها الحق في الوصول إلى ذروة الإنسانية التي تريدها، والتمتع بجميع صفاتها وخصائصها؛ بل لنعهد إليها بوظيفة المربية، أو الممرِّضة ، أو لنتخذ منها مَلْهَاةً لأنفسنا، ونديمالسمرنا، ومؤنساً لوحشتنا، لا نُسدي إليها من النعم، ولا نخلع عليها من الحُلَل، إلا ما ينعكس منظره على مرآة نفوسنا، فيملؤها غبطة وسروراً.
إنها لا تريد شيئاً من ذلك، إنها لا تريد أن تكون سَريَّة الرجل(أي جاريته المملوكة) ولا حَظيَّته(الحظية:-المرأةالتي تُفضّل على غيرهافي المحبة
)ولا أداة لَهْوِهِ ولعبه، بل صديقته وشريكة حياته.
إنها تفهم معنى الحياة كما يفهمها الرجل، فيجب أن يكون حظها منها مثل حظّه .
إنها لم تُخلق من أجل الرجل، بل من أجل نفسها، فيجب أن يحترمها الرجل لذاتها لا لنفسه .
يجب أن يُنفِّس عنها قليلاً من ضائقة سجنها لتفهم أنَّ لها كياناً مستقلاً، وحياة ذاتية، وأنهامسؤولة عن ذنوبهاوآثامهاأمام نفسهاوضميرها، لاأمام الرجل .
يجب أن تعيش في جّوِّالحرية الفسيح، وتستروح رائحته الأريجة(أي العطرة)، ليستيقظ ضميرها الذي أخمده السجن والاعتقال من رقدته، ويتولّى بنفسه محاسبتها على جميع أعمالها، ومراقبة حركاتها وسكناتها، فهو أعظم سلطاناً، وأقوى يداً من جميع الوازعين(جمع وازع وهوالدافع الداخلي الذي يمنع الإنسان من سلوك معين
) المسيطرين .
يجب أن نحترمها لتتعود احترام نفسها، ومن احترمَ نفسه كان أبعد الناس عن الزلاَّت.
لايمكن أن تكون العبودية مصدراً للفضيلة، ولا مدرسة لتربية النفوس على الأخلاق الفاضلة، والصفات الكريمة، إلا إذا صح أن يكون الظلام مصدراً للنور، والموت علّةً للحياة والعدم سُلَّماًَ إلى الوجود . لاأريدأن تنخلَّع(أي تترك الحياءوتركب هواها) المرأة وتستهتر، وتُمزِّق حجاب الصيانة والعفة المُسْبَل عليها، كذلك لا أحب أن تكون جارية مستعبدة للرجل، يملك عليها كل مادة من مواد حياتها، ويأخذ عليها كل طريق حتى طريق النظر والتفكير. وبعد؛فإن المرأة ما دامت مساوية للرجل في عقله وإدراكه، فإن عليه أن يعاملها معاملة الصديق للصديق، والنظير للنظير، ليستطيع أن يجد منها الصديق الوفي، والعشير الكريم؛ لتكلل حياتهما بالسعادة والهناء قال تعالى:
وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً {وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون}الروم الآية{21}…………………نتهي………….

الكاتب في سطور
مصطفى لطفي المَنْفَلُوطي’ (1876ـ1924م) هو مصطفى لطفي بن محمد لطفي بن محمد حسن لطفي أديب مصري من أم تركية قام بالكثير من ترجمة و اقتباس بعض الروايات الغربية الشهيرة بأسلوب أدبي فذ و استخدام رائع للغة العربية . كتابيه النظرات و العبرات يعتبران من أبلغ ما كتب بالعربية في العصر الحديث .ولد مصطفى لطفي المنفلوطي في منفلوط إحدى مدن محافظة أسيوط في سنة 1876م ونشأ في بيت كريم توارث اهله قضاء الشريعة ونقابة الصوفية قرابة مائتى عام ونهج المنفلوطى سبيل آبائه في الثقافةوالتحق بكتاب القرية كالعادة المتبعة في البلاد آنذاك فحفظ القرآن الكريم كله وهو دون الحادية عشرة ثم أرسله ابوه إلى الأزهر بالقاهرة تحت رعاية رفاق له من أهل بلده وقد اتيحت له فرصة الدراسة على يد الشيخ محمد عبده وبعد وفاه أستاذه رجع المنفلوطى إلى بلده حيث مكث عامين متفرغا لدراسة كتب الادب القديم فقرأ لابن المقفع و الجاحظ والمتنبي وأبى العلاء المعري وكون لنفسه أسلوبا خاصا يعتمد على شعوره وحساسية نفسه .المنفلوطي من الأدباء الذين كان لطريقتهم الإنشائية أثر في الجيل الحاضر، كان يميل إلى مطالعة الكتب الأدبية كثيراً، ولزم الشيخ محمد عبده فأفاد منه. وسجن بسببه ستة أشهر لقصيدة قالها تعريضاً بالخديوي عباس حلمي وكان على خلاف مع محمد عبده، ونشر في جريدة المؤيد عدة مقالات تحت عنوان النظرات، وولي أعمالاً كتابية في وزارة المعارف ووزارة الحقانية وأمانة سر الجمعية التشريعية، وأخيراً في أمانة سر المجلس النيابي…….
أهم كتبه و رواياته:- للمنفلوطى أعمال أدبية كثيرة اختلف فيها الرأى وتدابر حولها القول وقد بدأت أعمال المنفلوطى تتبدى للناس من خلال ماكان ينشره في بعض المجلات الإقليمية كمجلة الفلاح والهلال والجامعة والعمدة وغيرها ثم انتقل إلى أكبر الصحف وهى المؤيد وكتب مقالات بعنوان نظرات جمعت في كتاب تحت نفس الاسم على ثلاثة أجزاء .
ومن أهم كتبه ورواياته:النظرات (ثلاثة مجلدات)— العبرات —الفضيلة . وهي مترجمة أيضا— الشاعر (ترجمة للرواية الفرنسية لبلزاك)
مختارات المنفلوطي—ماجدولين—في سبيل التاج……..وتتميز كتابته بصدق العاطفة في آرائه واندفاعه الشديد من أجل المجتمع، وقد استطاع أن ينقذ أسلوبه النثري من الزين اللفظية والزخارف البديعة……أرجوأن أكون قدوفقت فى نقل مافيه الفائده لكم(من كتاب النظرات للمنفلوطي الجزءالثالث)………خالص تقديري ومحبتي لكم…والله من وراءالقصد…………سامي—اليمن

شكرا أخي سامي على النقل الموفق

وكم رائع هذا المنفلوطي …

وكم نحن بحاجة الى أمثاله ليس لإعطاء المرأة حقوقها التي أصبحت عنوانا كبيرا لجلب التمويل الخارجي للدراسات الاجتماعية التي تتناول هذا الموضوع، ولا لمساواتها بالرجل، لان في المساواة ظلم كبير لها

ولكن لاستعادة دورها الحقيقي الذي أراده الله لها !

شكرا الك
موضوع مهم
وشكرا للمنفلوطي لانه عرف قدر المرأه واهميتها بالمجتمع
مشكور على الموضوع
موضوع مرة حلو وياليت عنديا منفلوطيين كثير كان الوضع تغير
شكرا لك
ياسلام كلام جميل افرح يوم يقدرون المراه تحياتي
جزاكم الله خيرالجزاء…..واشكركم على مروركم الكريم محل تقديري ومصدرأعتزازي…..والله يوفقكم ويسددعلى طريق الحق والخيرخطاكم…..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.