ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بـســم الله الـــرحـمــن الرحيـــــم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال تعالى ( كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا
الْمُخْلَصِينَ) يوسف24، وقال تعالى ( فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ
عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) يوسف 34
هذان الأمران من ألطاف حفظ الباري لخواص أنبيائه وأصفيائه
صرف أسباب السوء والفحشاء الداخلية ، وصــرف الأسبـــاب
الخارجية ، ومــن أراد الله به خيراً صرف عنه الأمرين اللّذين
هما مجموع الفتن ، وذكر الله لهذا الصرف الذي هو من أَجَلِّ
نعمه سببين :
أحدهما : قوة الإخلاص من العبد واستخلاص الله له .
والثاني : اللهج بالتضرع والدعاء، فمن أخلص لله؛ استخلصه
الله ووفقه لفعل الخيرات ، وصرف عنه السوء والمكروهات ،
ومن تضرع له وألح بالدعاء ؛ استجاب الله له فصرف عنه
شر شياطين الإنس والجن ، وكفاه كيد الكائدين ومكر
الماكرين .
فيوسف صلى الله عليه وسلم لما كمل الأمرين : الإخلاص لله ،
والتضرع لــــه والالتجاء إليه والاعتصام به ؛ حفظه الله حفظاً
كـامـلاً مـــن الشرور الباطنة والظاهرة ، الداخلية والخارجية ،
والله تعالى يقص علينا قصص أنبيائه ؛ ليكـون ذلك عبرة لنا ،
والعبرة هنـــــا أن كــل مــن لــه حَـــظٌّ مـــن الإخلاص والدعاء
والتضرع؛ فله حَظٌّ من حفظ الله وصيانته بحسب ما قام به من
قوة الأمرين أو ضعفهما ، ومن فاته الأمران ؛ وُكِّلَ إلى نفسه،
ولم يحصل له حفظ ولا صيانة ، ووقع في فتن الشهوات
والشبهات .
فنسأل الله العصمة، وأن لا يكلنا إلى حولنا وقوتنا طرفة عين،
إنه جواد كريم .
وقــد تضمن هذه المعاني الجليلة الدعاء الذي أرشد النبي صلّى
الله عليه وسلّم إليه أمته بفعله وقولـه ، وهـــو : " اللهم فاطر
السمـوات والأرض عالم الغيب والشهادة لا إله إلا أنت رب كل
شيء ومليكه أعوذ بك مــن شـر نفــسي ومـــن شــر الشيطان
وشركه وأن أقترف على نفسي سوءا أو أجره إلى مسلم "(1)
فتضمن الاستعاذة من الشر الداخلي وهو شر النفس ، والشــر
الخارجي وهو شر الشيطان وحبائله وأشراكه ، ومـــن غايَتَي
الشر : وهما أن يقترف العبد سوءاً يجره إلى نفسه ، أو يجره
إلى أخيه المسلم، فمن أعاذه الله من هذه الشرور ؛ فقد أعاذه
الله من أسباب الشرور ومن غاياتها، وألبسه ملابس العافية
والسلامة والتوفيق .
كتاب : مجموع الفوائد واقتناص الأوابد ( ص 228 )
للشيخ عبد الرحمن السعدي ( بتصرف )
(1) أخرجه الترمذي في سننه ( ك الدعوات ، ب [ دعاء علمه النبي
صلّى الله عليه وسلّم أبا بكر … ] ، ص 2024 ، ح 3529 )
من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعاً ،
وقال : هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ