((أفاضل الناس أغراضٌ لذا الزمن))
لا يكره شيئا في هذه الحياة كما يكرهُ الضجيجَ والضّوضاءَ واللّجبَ ..
يضيق صدراً عندما لا يستطيع التّركيزَ مع الكتاب الذي يكون بين يديه ..
وأصوات بني البشر تحاصرُ فكره من كل حدب وصوب …
لسان حاله :
عوى الذئب فاستأنستُ بالذئب إذ عوى…وصوَّت إنسان فكدتُ أطيرُ
حاولَ مرارا الاستقلال ببيت لوحده حيثُ الهدوءُ والسكينةُ والاطمئنانُ ..
ولكن محاولته تبوء بالفشل بسبب الفقر الذي يقبع تحت رحمته المزرية ..
صار لزاما عليه أن يصبر على هذا الوضع حتى يقضيَ الله أمرًا كان مفعولا ..
ما كان يُؤثر أن يمتد به زمنه حتى يعيش كما تعيش الفئران ويحيا كما تحيا القطط ..
ينتابُه شعور بالغموض وهو يرى هذه الحياة التافهة تستنزف من الفقراء كل طاقتهم في حين لا تعطيهم إلا النزر القليل من ثمارها اليانعة …
تتملكه الحيرة والدهشة وهو يرى هذه التناقضات السافرة في بلاده البائسة التي تدّعي الإسلام …..
وهذه الهواجس والخواطر تطفو على سطح أفكاره كما يلي :
هذا الأنوكُ الجاهلُ مرتبه الشهري بالألوف بل بالملايين..
وهذا العالم النحرير لا يملك حتى قوت يومه …
هذا المجرم الغبي له من المال ما تضيق به خزائنه ..
وهذا الشيخ التّقي لا يجد ثمنَ كتب في أمس الحاجة إليها ..
وهذا الظالم المستبد ينفق أمواله بسخاء وبدون حساب على بنات الهوى..
وهذا الطّالب المجتهد يحنُّ إلى زوجة يتبلغ بها في ظل هذه الفتن المضلة ..
وهذا موظف ثري ضاعفوا له أجرتَه ..
وهذا شاب عاطل أرهقته الزيادة المضنية في الماء والكهرباء والكراء …
وهذا يسكن مع زوجه وابنه الوحيد في منزل واسع جدا جُلُّ بيوتاته لا حاجة له فيها …
وهذا إمام مسجد يسكن مع زوجه وأبناءه الخمسة في كوخ يتكون من غرفة ومطبخ ومرحاض !!
وهذا جويهلٌ له مكتبة فاخرة تسرّ الناظرين يُزيّن بها قصرَه المنيف لا غير …
وهذا الأديب خنقته العَبْرة لأنه لا يمتلك كتاب ((الأغاني للأصبهاني)) ..
وهذا مبتدع ضال تشرئب لقدومه الأعناق وتضطرب لرؤيته الأفئدة لأنه ذو مال ..
وهذا سُنّي حافظ لحدود الله ولكلامه لا قيمة له ولا عنوان وهو يرزح تحت حر الشمس في سوق الخضر الرديئة من أجل لقمة العيش …
فكم دقّتْ ورقّتْ واسترقّتْ …فضولُ الرزق أعناقَ الرجال
وهذه امرأة بغي سَاقطة لعوب بقلوب أشباه الرجال لها من الأموال ما لا يخطرعلى بال ..
وهذه امرأة عفيفة طاهرة قد أنشب البؤسُ أظفاره في حياتها بلا رحمة ولا إشفاق وهي تعيش في ليل الأسى الطويل ..
وهذا عجوز لئيم طاعن في السنّ يحن إلى ربيع أيامه الغابرة التي قضاها في ألوان وأنواع وضروب من المسرات على حساب أبناء شعب هزيل ضئيل لا حول له ولا قوة ..
وهذا شيخ كبير وقور والحسرة ملء حناياه يتمنى لو يباغته الأجل ليطويَ سجل حياته الحافلة بالنكبات والمصائب والأزمات ..
وهذا وهذا وهذا وهذه وهذه وهذه…
فكان ما كان مما لستُ أذكره …فظنّ شرّا ولا تسأل عن الخبر
وصدقَ أبو العلاء حين قال :
وما تزالُ لأهل الفضل منقصة …وللأصاغر تعظيمٌ وتبجيلُ
وقبله المتنبي :
أفاضل الناس أغراض لذا الزمن …يخلو من الهمّ أخلاهم من الفطن
بقلم / ربيع بن المدني
لا يكره شيئا في هذه الحياة كما يكرهُ الضجيجَ والضّوضاءَ واللّجبَ ..
يضيق صدراً عندما لا يستطيع التّركيزَ مع الكتاب الذي يكون بين يديه ..
وأصوات بني البشر تحاصرُ فكره من كل حدب وصوب …
لسان حاله :
عوى الذئب فاستأنستُ بالذئب إذ عوى…وصوَّت إنسان فكدتُ أطيرُ
حاولَ مرارا الاستقلال ببيت لوحده حيثُ الهدوءُ والسكينةُ والاطمئنانُ ..
ولكن محاولته تبوء بالفشل بسبب الفقر الذي يقبع تحت رحمته المزرية ..
صار لزاما عليه أن يصبر على هذا الوضع حتى يقضيَ الله أمرًا كان مفعولا ..
ما كان يُؤثر أن يمتد به زمنه حتى يعيش كما تعيش الفئران ويحيا كما تحيا القطط ..
ينتابُه شعور بالغموض وهو يرى هذه الحياة التافهة تستنزف من الفقراء كل طاقتهم في حين لا تعطيهم إلا النزر القليل من ثمارها اليانعة …
تتملكه الحيرة والدهشة وهو يرى هذه التناقضات السافرة في بلاده البائسة التي تدّعي الإسلام …..
وهذه الهواجس والخواطر تطفو على سطح أفكاره كما يلي :
هذا الأنوكُ الجاهلُ مرتبه الشهري بالألوف بل بالملايين..
وهذا العالم النحرير لا يملك حتى قوت يومه …
هذا المجرم الغبي له من المال ما تضيق به خزائنه ..
وهذا الشيخ التّقي لا يجد ثمنَ كتب في أمس الحاجة إليها ..
وهذا الظالم المستبد ينفق أمواله بسخاء وبدون حساب على بنات الهوى..
وهذا الطّالب المجتهد يحنُّ إلى زوجة يتبلغ بها في ظل هذه الفتن المضلة ..
وهذا موظف ثري ضاعفوا له أجرتَه ..
وهذا شاب عاطل أرهقته الزيادة المضنية في الماء والكهرباء والكراء …
وهذا يسكن مع زوجه وابنه الوحيد في منزل واسع جدا جُلُّ بيوتاته لا حاجة له فيها …
وهذا إمام مسجد يسكن مع زوجه وأبناءه الخمسة في كوخ يتكون من غرفة ومطبخ ومرحاض !!
وهذا جويهلٌ له مكتبة فاخرة تسرّ الناظرين يُزيّن بها قصرَه المنيف لا غير …
وهذا الأديب خنقته العَبْرة لأنه لا يمتلك كتاب ((الأغاني للأصبهاني)) ..
وهذا مبتدع ضال تشرئب لقدومه الأعناق وتضطرب لرؤيته الأفئدة لأنه ذو مال ..
وهذا سُنّي حافظ لحدود الله ولكلامه لا قيمة له ولا عنوان وهو يرزح تحت حر الشمس في سوق الخضر الرديئة من أجل لقمة العيش …
فكم دقّتْ ورقّتْ واسترقّتْ …فضولُ الرزق أعناقَ الرجال
وهذه امرأة بغي سَاقطة لعوب بقلوب أشباه الرجال لها من الأموال ما لا يخطرعلى بال ..
وهذه امرأة عفيفة طاهرة قد أنشب البؤسُ أظفاره في حياتها بلا رحمة ولا إشفاق وهي تعيش في ليل الأسى الطويل ..
وهذا عجوز لئيم طاعن في السنّ يحن إلى ربيع أيامه الغابرة التي قضاها في ألوان وأنواع وضروب من المسرات على حساب أبناء شعب هزيل ضئيل لا حول له ولا قوة ..
وهذا شيخ كبير وقور والحسرة ملء حناياه يتمنى لو يباغته الأجل ليطويَ سجل حياته الحافلة بالنكبات والمصائب والأزمات ..
وهذا وهذا وهذا وهذه وهذه وهذه…
فكان ما كان مما لستُ أذكره …فظنّ شرّا ولا تسأل عن الخبر
وصدقَ أبو العلاء حين قال :
وما تزالُ لأهل الفضل منقصة …وللأصاغر تعظيمٌ وتبجيلُ
وقبله المتنبي :
أفاضل الناس أغراض لذا الزمن …يخلو من الهمّ أخلاهم من الفطن
وكتب ربيع بن المدني في 6 رمضان 1445 هـ
ما نحن فيه من ضياع لتقييم
الناس على النحو الذى يرضى الله
وهذه فتن متاصله نتمنى من
الله ان ترجح موازين العدل
ويأخذ كل ذى حق حقه
رحم الله حالنا ..
كلمات صادقة ..
نفع المولى بكِ.. وزادك علم ..