كذبوا واللهِ .. ثم كذبوا وافتروا ..
والذي فلقَ الحبةَ .. وبرأَ النسمةَ .. إنما النعيمُ كلُ النعيمِ في القربِ منَ اللهِ تعالى ..
والإقبالِ عليهِ .. ووجدانِ حلاوةِ الأنسِ بهِ .. ولذةِ الإقبالِ عليهِ ..
وكلُ كلامٍ غيرَ هذا فهراءٌ وغثاءٌ .. مهما زخرفهُ المزخرفونَ ..
سئلَ الحسنُ البصري رحمهُ اللهُ :
ما بالُ المتهجدينَ بليلٍ وجوههمْ مشرقةٌ ؟
قالَ : أولئكَ قومٌ خلوا بالرحمنِ فأفاضَ عليهمْ منْ نورهِ …..!
ولكَ أنْ تتخيلَ إنساناً أفاضَ اللهُ على قلبهِ من نورهِ جلّ في علاه ..
كيفَ سيغدو هذا القلبُ المشرقُ بنورِ اللهِ ، هذا القلبُ الذي تقامُ فيهِ أفراحُ السماءِ وابتهاجاتها ؟؟!
إنها قلوبٌ تهتزُ بربيعٍ أخضرَ متميزٍ ، لهُ نكهتهُ الخاصةُ ، وإنما ربيعُ الحياةِ صورةٌ مصغرةٌ لربيعِ هذهِ القلوبِ .. !!
ومنْ هنا قالَ قائلُهمْ :
نحنُ في لذةٍ لو عرفهَا الملوكُ وأبناءُ الملوكِ لقاتلونا عليها بالسيوفِ .. !!
وهذا ما حاولَ أن يعبرَ عنهُ الشاعرُ حينَ قالَ :
ولذةٌ نحنُ فيها ليسَ يُدركها *** إلا الذي ذاقَها في ظلِ رحمانِ
بغى الملوكُ علينا عندما علموا *** أنّـا سمونا عليهم دونَ تيجانِ
– –
وعلى الوجهِ الآخرَ ..
هل يجدُ حلاوةِ النعيمِ منْ كانَ في النارِ يُـشوى ويتقلبُ !؟؟
كلا والله .. وكيف يُعقلُ ذلكَ ؟!
والعارفونَ يقولونَ :
هل العيشُ مع المعاصي في أحضانِ الشيطانِ إلا نارٌ حقيقيةٌ تلظى ؟؟
ولكنْ ما لجرحٍ بميتٍ إحساس ..!!
إن المخمور يظن أنه أسعد الخلق مع أنه أسوأهم على الإطلاق في تلك اللحظة ..
في تلك اللحظة .. التي استغنى فيها عن عقله ، وأصبح أسوأ من الأطفال !!
يهذي .. ويزبد .. وقد يبول على نفسه دون أن يشعر ..!!
ومع هذا يرى أنه سعيد .. سعيد للغاية !!!
وهل خمرة الهوى إلا كخمرة الكأس .. كلا بل هي أشد وأعنف !!
ومن هنا يظن أصحاب الأهواء أنهم سعداء وهم يتقلبون في سخط الله
وتأمل جيدا قول الله تعالى :
( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ ..
وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ ..
وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ .. أَفَلا تَذَكَّرُونَ )
فالهوى الجامحُ قد ينقلبُ إلى إلهٍ يتعبد الإنسان ، ويعبده الإنسان من حيث لا يشعر !
ومن هنا حذرنا ربنا الرحمن من هذا المنعطف الخطير ، فقال :
( وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى )
– – –
ثم بعد هذا وذاك .. حكّم عقلك في ساعة صفاء :
لماذا نرى أفواجَ التائبين تحت كل سماء يتركون عوالم المعصية وهي مزخرفة ، وهم قادرون عليها ؟
بل إنهم يتركون عالم النجومية والشهرة والأضواء ، ليُـقبلوا على الله تعالى بهمة وفي صدق وعزيمة ..
سلهم عن ذلك .. تجد إجابة واحدة تتكرر وتطرق سمعك :
لقد وجدنا سعادة قلوبنا ، وحياة أرواحنا ، ونعيم نفوسنا .. في رحاب الله جل جلاله .
بل كثيرون منهم سيقولون : الآن فقط ولدنا من جديد .. كنا أمواتا من قبل .. !!
ولذا تجد كثيرا من هؤلاء يريد أن يعوض ما فاتته أثناء سنوات بعده عن ربه ،
فيشمر ليعمل كثيرا ، ويبذل كثيرا لما وجده من نعيم القلب ، وصفاء الروح وهو في رحاب الله ..
وما أكثر هؤلاء الذين تجدهم يبكون بلا سبب ..
وحين تسألهم يقولون :
إنما نبكي على ضياع سنوات كثيرة من أعمارنا بعيدين عن ربنا جل جلاله ..!!
على نفسهِ فليبكِ من ضاعَ عمرُهُ ** وليسَ لهُ منها نصيبٌ ولا سهمُ
نسأل الله أن يفيض على قلوبنا بنور محبته ..
التي علامتها الكبرى والواضحة :
شدة الإقبال عليه سبحانه ، وروعة الالتزام بتعاليمه جل جلاله ..
والانشغال بذكره ليل نهار .. والعمل من أجله فيما يقرّب إليه جل في علاه ..
اللهم آمين .. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
= =
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
منقول من منتدى الامارات
بقلم الأخ الفاضل بوعبدالرحمن
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله تعالى(إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ*وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا*فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا).
اللهم ثبتنا علي طاعتك و انصر الأسلام.
ننتظر اطلالتك..بعد غياب…