سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :هل يجوز أن أختم القرآن الكريملوالدي ،علماً بأنهما أميان لا يقرآن ولا يكتبان ؟ وهل يجوز أن أختم القرآن لشخصيعرف القراءة والكتابة ولكن أريد إهداءه هذه الختمة ؟ وهل يجوز لي أن أختم القرآنلأكثر من شخص ؟فأجاب :
لم يرد في الكتاب العزيز ، ولا في السنةالمطهرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا عن صحابته الكرام رضي الله عنهم مايدل على شرعية إهداء تلاوة القرآن الكريم للوالدين ولا لغيرهما ، وإنما شرع اللهقراءة القرآن للانتفاع به ، والاستفادة منه ، وتدبر معانيه والعمل بذلك ، قال تعالى : ( كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِوَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ ) ص/29 ، وقال تعالى : ( إِنَّ هَذَاالْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ) الإسراء/90 ، وقال سبحانه : ( قُلْهُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ ) فصلت/44 ، وقال نبينا عليه الصلاةوالسلام : ( اقرءوا القرآن ، فإنه يأتي شفيعاً لأصحابه ) ، ويقول صلى الله عليهوسلم : ( إنه يؤتى بالقرآن يوم القيامة وأهله الذين كانوا يعملون به تقدمه سورةالبقرة وآل عمران كأنهما غمامتان أو غيايتان أو فرقان من طير صواف تحاجان عنصاحبهما )
ومعنى غيايتان : أي سحابتين .
والمقصود أنه أنزل للعملبه وتدبره والتعبد بتلاوته والإكثار من قراءته لا لإهدائه للأموات أو غيرهم ، ولاأعلم في إهدائه للوالدين أو غيرهما أصلا يعتمد عليه ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( مَن عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) ، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى جواز ذلكوقالوا : لا مانع من إهداء ثواب القرآن وغيره من الأعمال الصالحات ، وقاسوا ذلك علىالصدقة والدعاء للأموات وغيرهم ، ولكن الصواب هو القول الأول ؛ للحديث المذكور ،وما جاء في معناه ، ولو كان إهداء التلاوة مشروعا لفعله السلف الصالح ، والعبادة لايجوز فيها القياس ؛ لأنها توقيفية لا تثبت إلا بنص من كلام الله عز وجل ، أو من سنةرسوله صلى الله عليه وسلم ، للحديث السابق وما جاء في معناه .
" مجموعفتاوى الشيخ ابن باز " ( 8 / 360 ، 361 ) .
وأما استدلالهم بحديث ( إذا ماتابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث … ) فهو استدلال غير صحيح ، بل الحديث عند التأمليدل على عدم مشروعية إهداء ثواب قراءة القرآن للأموات ، لأن النبي صلى الله عليهوسلم قال : ( يدعو له ) ولم يقل : ( يقرأ القرآن ).
و ذكر الشيخ بن بازفي موضع أخرالصدقة عن الميت تنفعه ويصل ثوابها إليه بإجماع المسلمين .
روى مسلم (1630) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلا قَالَ لِلنَّبِيِّصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ أَبِي مَاتَ وَتَرَكَ مَالا وَلَمْيُوصِ ، فَهَلْ يُكَفِّرُ عَنْهُ أَنْ أَتَصَدَّقَ عَنْهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ .
وروى مسلم أيضاً (1004) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها أَنَّ رَجُلاقَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ أُمِّيَ افْتُلِتَتْنَفْسُهَا ( أي : ماتت فجأة ) ، وَإِنِّي أَظُنُّهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ، فَلِي أَجْرٌ أَنْ أَتَصَدَّقَ عَنْهَا ؟ قَالَ : نَعَمْ .
قال النوويرحمه الله :
وَفِي هَذَا الْحَدِيث جَوَاز الصَّدَقَة عَنْ الْمَيِّتوَاسْتِحْبَابهَا , وَأَنَّ ثَوَابهَا يَصِلهُ وَيَنْفَعهُ , وَيَنْفَعالْمُتَصَدِّق أَيْضًا , وَهَذَا كُلّه أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ اهـوإطعام الطعام من أعمال البر التي رغب فيها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِوَسَلَّمَ لاسيما تفطير الصائم .
وكذلك من أحسن الأشياء التي تنفع بهاوالدك وتبره بها الدعاء ، قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَامَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلا مِنْ ثَلاثَةٍ : إِلا مِنْصَدَقَةٍ جَارِيَةٍ ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُولَهُ ) رواه مسلم (1631) .
فعليك أن تكثر من الدعاء له في صلاتك وغيرها أنيغفر الله له ، ويدخله الجنة ، وينجيه من النار .
والله أعلم.
حياكِ أختى الكريمة
أهلاً بكِ فى الروضة
"نــوّرتــيــنــا "
::
::
جزاكِ الله خيرا ً وبارك الله فيكِ
وجعله فى ميزان حسنات الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
الروضة منورة بأهلها…أشكركـ أخيتي ورحم الله شيخنا.