تخطى إلى المحتوى

الاستــــخــ ــ ــــ ــفـــــاف بـــــــاالأخرين 2024.

  • بواسطة

من مشاهد الاستخفاف بالآخرين


إن الناس يقدرون من يقدرهم , ويجلون من يعطيهم حقهم بإنصاف , فطريق كسب قلوب الناس احترامهم , وتنزيلهم منازلهم .


لقد اعتادت شرذمة من الناس عادة مشينة , وصفة ذميمة , توحي بفساد خلق وفكر من يعملها, ألا وهي الاستخفاف بالآخرين , ولأحدكم أن يسأل ماذا تقصد بالاستخفاف؟


الاستخفاف: هو عبارة عن عدم إعطاء الآخرين حقوقهم المادية و المعنوية التي يملكونها والاستهانة بها, أو التحايل على الآخرين لسلبهم ما يملكون من حقوق مادية ومعنوية , مثل : التكبر عليهم , وفرض أمور عليهم ليست واجبة عليهم , والتحايل عليهم , واستصغارهم , وحملهم على الجهل والخفة , وعدم المبالاة بهم .


ولقد ورد في القرآن الكريم ذكر استخفاف فرعون بقومه , يقول تعالى : {فاستخف قومه فأطاعوه}[سورة الزخرف :54].


وجاء في لسان العرب [9/79](استخف فلان بحقي إذا استهان به ….. استخفه فلان إذا استجهله فحمله على اتباعه في غيه ومنه قوله تعالى :{ولا يستخفنك الذين لا يوقنون})[سورة الروم :60].


إن هذا الداء إذا دب في الشخص أفسده وأفسد غيره , ومن أبرز أسباب نشأته قانون الطاغية فرعون {ما أريكم إلا ما أرى} كذلك الأنانية , كذلك سوء تركيب المفاهيم في عقله الباطن …


تعال معي لنرى تلك المشاهد المقززة التي تجسد هذا الخلق الذميم في أكثر من مكان وفي أكثر من صورة :


1- المشهد الأول: في المنزل: وفيه صورتان :


الصورة الأولى : بين الزوج وزوجته لا بد أن تحدث مشاكل, والناجح في حياته من لا تطغى مشاكله على سير حياته العامة , فيخطئ بعض الأزواج في عنجهيته وتسلطه على زوجته أمام أولاده , برفع صوته عليها , وربما ضربها , وهو بذلك يستخف بها أمام أولاده.


الأثر السلبي من هذه الصورة : استخفاف الأبناء حقوق أمهاتهم , وعدم تأديتها حق التأدية كل ذلك بسبب الأب -هداه الله-.


الصورة الثانية : علاقة الأب مع ابنه لا بد أن تكون وطيدة قوية متينة , إن كثيراً من الآباء لا يعدون أبنائهم شيئاً , مهما وصل إليه ذلك الابن , ويستخف بكل شيء يعمله ذاك الابن حتى لو كان عظيماً , ولا يفكر في إلقاء كلمة تشجيعية لابنه , وفي سيدنا يعقوب في تعامله مع ابنه يوسف –عليهما السلام- معه أحسن مثال , عندما جاء الابن إلى الأب , وأخبره بخبر رؤيته التي رآها , فما كان من الأب إلا توجيه ابنه إلى ما هو خير , وعدم الاستخفاف به .


• الأثر السلبي من هذه الصورة : عدم إخبار الابن أبيه بما يكنه في صدره , وما يحصل له من مشاكل في حياته , وضعف العلاقة بين الابن والأب , وربما أوصلت إلى العقوق –أعاذنا الله منه- في حالة كثرة استخفاف الأب بابنه .


2- المشهد الثاني : في المجتمع: تعامل الصغار مع الكبار لا بد أن يكون تحت آلية متوازنة يتآلف فيها الجيلان , تحت حماس هؤلاء ورزانة أولئك , تعجب من بعض الكبار في المجالس العامة في عدم مبالاتهم بالصغار , وعدم الحديث معهم في نفس المجلس , حتى كأنهم جمادات ساكنة , وربما قال بعضهم : هذا الأمر لحياء الصغار , وليس لاستخفاف الكبار .


هذا الإيراد متجه , لكن أقصد أن الصغير لو أراد أن يتكلم مثلا في المجلس لاتجهت إليه النظرات المستحقرة كالسهام السامة , أو ربما لأخرس ذاك الصغير , أو ربما أطلقت عليه كلمة جرحته .


• الأثر السلبي من هذا المشهد: عدم تفاعل الصغار مع الكبار , وعدم وجود مكانة للكبار في قلوب الصغار , وعدم حضور هذه المجالس , ولربما قل الإبداع عندهم , وصاروا يكتمون ما يريدون قوله , و التخوف من التعبير عن رأيهم .


3- المشهد الثالث : في الإعلام المرئي (القنوات الفضائية) : إنه سلاح ذو حدين يجرح تارة , ويبري تارة أخرى , صار ميداناً للعب واستخفاف بالناس في عديد من الصور , فصورة يظهر بالمسابقات الرابحة أو التصويتية , وهي في الحقيقة ناهبة , وصورة يظهر بإشاعة الأخبار المزيفة , وتزيينها للناس , في صورة الحقيقة المجردة .


والمشكلة أن كثيراً من الناس , يعلمون أن الإعلام يستخفهم مع ذلك يستمرون ويشاهدون , وهم في غيهم عامهون .


• الأثر السلبي من هذا المشهد : عدم العود على المشاهد بأي فائدة مرجوة , وإشغالهم بالتافه عما ينفعهم , وربما نهب أموالهم .


4- المشهد الرابع : في حلقات القرآن : إن ربط الطالب بحب القرآن , له نتاج عظيم يثمر مع الوقت , وصورة الاستخفاف في هذا المشهد , أن بعض المعلمين وبعض المتعلمين من الأقران يستخفون بقلة حفظ الشخص المتعلم, فيعيبونه على ذلك , كأنما همهم الوحيد الكم .


• الأثر السلبي من هذا المشهد: حسد وحقد بين الأقران,وتحطيم معنويات المتعلم , وتحويل همته إلى الكم, وصرف نظرته إلى الماديات…


5– المشهد الخامس: في المحاضن التربوية : متى ما هيئنا الجو التربوي المناسب في محاضننا التربوية ,خرجنا بجيل ناجح في حياته الدينية والدنيوية , ومما يحصل في هذه المحاضن من الاستخفاف صورتان :


الصورة الأولى :استخفاف بالطالب : ويحصل هذا الاستخفاف له , بتنصيب طالب مثله كمشرف , أو ليس بكفءٍ له في مرحلته العمرية , والاستخفاف في هذا ظاهر , من حيث عدم ترجي الفائدة المطلوبة من هذا الشخص المنصب .


الأثر السلبي من هذه الصورة : إخراج جيل هزيل فكريا وعلميا لا يقدم ولا يؤخر شيئا .


الصورة الثانية : استخفاف بالمشرف : وهذا يكون في حال كثرة المشرفين على الطلاب دون حاجة , كأن يكون في المحضن التربوي الواحد خمسة مشرفين على عشرين طالب , فيرى الرائي هذا الأمر على أنه محضنان في آنٍ واحد للطلاب والمشرفين .


الأثر السلبي من هذه الصورة : تضييع الجهود التي يمكن الاستفادة منها في محضن آخر , وربما تضييع الطلاب في تشتيتهم على أكثر من مشرف في وقت واحد .


6- المشهد السادس : في المدرسة : هي البيت الثاني التي يأخذ الطالب منها أخلاقه وتصرفاته ومعاملاته , وفي هذه المدرسة المعلمين الذين تختلف وجهات نظراتهم في كيفية تعاملهم مع الطلاب , بين مد وجزر , ولين وقسوة وتوسط , وما دام أننا في الاستخفاف نذكر صورة وهي : نظرة المعلم للطالب نظرة استحقار ونظرة دونية , ويتخرج من هذه النظرة حدة في التعامل , وعدم الاكتراث لما يهم الطالب من أمور, وعدم السماع له ولو كان محقا , فاقتراح الطالب لديه في سلة المحذوفات , فينطبق عليه قانون ما أريكم إلا ما أرى , ولربما حصل هذا في الحلقات أو المحاضن التربوية .


الأثر السلبي من هذا المشهد : الجفاء بين المعلم والمتعلم , وإذا حصل هذا , لم ينفذ العلم في صدر المتعلم, وتحصل المصيبة ؛ لأن أخذ العلم ممن تحب , ثباته وحفظه أسهل وأكثر ممن لا تحب .


إن نظراتنا للآخرين إن لم تكن إيجابية كانت وبال علينا , قبل أن تكون على غيرنا, وصار قدرنا عند الناس ينقص بالسالب . والجزاء من جنس العمل , فمن استخف بالناس استخف به ولو بعد حين .

بارك الله فيك

موضوع جميل جدا

وجزاك الله خيرا

جزاك الله خيرا يااختي فعلا موضوع قيم00 نسأل الله تعالى ان يهدينا دوما للخير ويرزقنا حسن الخلق وطيب معاملة الاخرينلاكي


روعه روعه نقاط فعلا مهمه
لاكي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.