حقائق رقمية مذهلة في سورة الناس
المعجزة الرقمية هي أهم ما يميز علم الإعجاز في عصرنا هذا، وفيما يلي أربع حقائق رقمية مذهلة تتجلى في سورة الناس وهي آخر سورة في القرآن ….
تأتي أهمية هذه السورة من خلال وجودها في نهاية المصحف، فسورة الناس هي آخر سورة من القرآن الكريم، أي هي السورة التي ختم الله بها كتابه، فهل هناك أسرار عددية وراء هذه السورة التي قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم: (يا ابن عابس ألا أخبرك بأفضل ما تعوذ به المتعوذون؟ قال: بلى يا رسول الله، قال: "قل أعوذ برب الفلق" و "قل أعوذ برب الناس") [السلسلة الصحيحة].
وقد روي عن عقبة بن عامر أنه قال: كنت أقود برسول الله صلى الله عليه وسلم ناقته في السفر فقال لي: يا عقبة ألا أعلمك خير سورتين قرئتا؟ فعلمني "قل أعوذ برب الفلق" و"قل أعوذ برب الناس" [السلسلة الصحيحة].
سوف نعيش مع لطائف إعجازية عددية من هذه السورة الكريمة لندرك عظمة هذه السورة. ولكن لنبدأ بكتابة هذه السورة ونتأملها جيداً:
المعجزة تقوم على الرقم سبعة الذي هو رقم أساسي في القرآن (السموات السبع، والأرضين السبع، وأيام الأسبوع سبعة، وعدد طبقات الذرة سبعة، والطواف سبعة أشواط…)، ونحن نرمي إبليس سبع مرات في كل مرة سبع حصيات أي أن المجموع 7 × 7 = 49 وسوف نرى هذا العدد جلياً واضحاً في هذه السورة التي أنزلها الله للاستعاذة من إبليس وشره.
هذه السورة تتألف من حروف ولو درسنا تكرار كل حرف (أي كل حرف كم مرة تكرر في السورة) نجد أن حروف كلمة (الناس) هي الأكثر تكراراً… سبحان الله!
فحرف الألف تكرر 18 مرة، وحرف اللام 12 مرة، وحرف النون 9 مرات وحرف السين 10 مرات… العجيب يا أحبتي أن عدد هذه الحروف مجتمعة (حروف كلمة الناس وهي اسم السورة) هو:
والآن ندرك أهمية العدد 49 ولماذا نرمي الشيطان بهذه الحصيات، فهذه السورة نزلت للاستعاذة من إبليس (الوسواس الخناس) وهي نزلت للناس جميعاً وتكرر عدد حروف كلمة (الناس) 49 مرة، وعدد الحصيات التي نرمي بها إبليس هو 49 مرة… هل هذه مصادفة؟ إذاً لنتأمل الحقيقة التالية.
كما رأينا فقد أنزل الله سورة الناس للاستعاذة من شر الشيطان، وهي آخر سورة في القرآن، ولكن لو رجعنا لأول سورة في القرآن وهي سورة الفاتحة نرى علاقة عددية غريبة. فإذا كانت سورة الناس نزلت للاستعاذة من شر إبليس، فإن سورة الفاتحة نزلت لتخبرنا من هو الله تعالى! فهي تبدأ باسم الله وتعدد لنا صفات الرحمة وأنه مالك يوم الدين وتعلمنا كيف نحمده وندعوه ونستعين به.
لنكتب سورة الفاتحة كما كُتبت في القرآن: (بِسْمِ اللَّهِالرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَلَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَاالصِّرَطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَاالضَّالِّينَ) [الفاتحة: 1-7].
العجيب يا أحبتي أننا عندما نبحث عن حروف (الله) في سورة الفاتحة نجد أن عددها 49 حرفاً أي 7 × 7 بالتمام والكمال!! فحرف الألف تكرر في سورة الفاتحة 22 مرة وحرف اللام تكرر في سورة الفاتحة 22 مرة وحرف الهاء تكرر 5 مرات والمجموع:
رأينا الإعجاز في الحروف فماذا عن الكلمات وهل يمكن أن نجد معجزة عددية في السورتين؟ إن عدد كلمات أول سورة في القرآن ( الفاتحة) هو 29 كلمة، وعدد كلمات آخر سورة في القرآن (الناس) هو 20 كلمة والمفاجأة أن مجموع الكلمات هو:
لاحظوا معي أن البسملة هي آية من سورة الفاتحة وليست آية من سورة الناس، ولذلك نعدها في الفاتحة ولا نعدها في الناس… ولولا ذلك لاختلت هذه الحسابات، فانظر معي إلى دقة هذا الكتاب العظيم، وأنه لو نقصت منه آية أو زادت لاختل هذا البناء الرقمي الرائع!
والآن لنجري هذه المقارنة المنطقية: ماذا يعني أن نجد أول سورة في القرآن تتحدث عن الله ويأتي عدد حروف اسم (الله) فيها 7 × 7 مرة؟ وماذا يعني أن نجد آخر سورة في القرآن وهي سورة الناس تتكرر فيها حروف كلمة (الناس) 7 × 7 مرة؟ ماذا يعني أن تبدأ الرسالة بـ (بسم الله…) وتنتهي بـ (الناس)؟ إنه يعني أن الله تعالى يريد أن يعطينا إشارة خفية إلى أن:
فبدأ هذه الرسالة بسورة (وهي سورة الفاتحة وتحدث فيها عن نفسه) وكرر حروف اسمه (الله) 49 مرة… وختم هذه الرسالة بسورة (وهي سورة الناس وعلَّم الناس فيها كيف يستعيذون من شر إبليس) وكرَّر فيها حروف (الناس) 49 مرة… بالله عليكم هل هذه مصادفة، أم تأكيد من الله عز وجل على صدق رسالته للناس جميعاً؟!
ــــــــــــ
بقلم عبد الدائم الكحيل
الفتوى:
كلمة حول الإعجاز العددي في القرآن واستعمال التقويم الشمسي
قرأت مؤخرا عن بعض " معجزات " القرآن الكريم ، التي شملت العديد من الأشياء مثل المراحل الثلاثة للجنين ، ومدارات الكواكب ، .. الخ ، إلا أن إحداها تحدثت عن أن كلمة " يوم " وردت في القرآن 365 مرة ، وأن كلمة " قمر " تكررت 12 مرة ، وقد نسيت عدد المرات التي تكرر ذكر كلمة " أيام " في القرآن ، وقد قام أحد الأصدقاء بطباعة التقويم الإسلامي ( الهجري ) لكنه لم يكن يتكون من 365 يوماً ، فما معنى ذلك حول التقويم الإسلامي ؟ أيعني ذلك أنه غير دقيق ؟ أم أن الله علم أن أغلب العالم سيستخدمون التقويم الميلادي وأنه إشارة إلى صحة هذا التقويم الأخير ؟
الحمد لله
أولاً :
شُغف كثير من الناس بأنواع من الإعجازات في القرآن الكريم ، ومن هذه الأنواع " الإعجاز العددي " فنشروا في الصحف والمجلات وشبكات الإنترنت قوائم بألفاظ تكررت مرات تتناسب مع لفظها ، أو تساوى عددها مع ما يضادها ، كما زعموا في تكرار لفظة " يوم " ( 365 ) مرة ، ولفظ " شهر " ( 12 ) مرة ، وهكذا فعلوا في ألفاظ أخرى نحو " الملائكة والشياطين " و " الدنيا والآخرة " إلخ .
وقد ظنَّ كثيرٌ من الناس صحة هذه التكرارات وظنوا أن هذا من إعجاز القرآن ، ولم يفرقوا بين " اللطيفة " و " الإعجاز " ، فتأليف كتابٍ يحتوي على عدد معيَّن من ألفاظٍ معيَّنة أمرٌ يستطيعه كل أحدٍ ، فأين الإعجاز في هذا ؟ والإعجاز الذي في كتاب الله تعالى ليس هو مثل هذه اللطائف ، بل هو أمر أعمق وأجل من هذا بكثير ، وهو الذي أعجز فصحاء العرب وبلغاءهم أن يأتوا بمثل القرآن أو بعشر سورٍ مثله أو بسورة واحدة ، وليس مثل هذه اللطائف التي يمكن لأي كاتب أن يفعلها – بل وأكثر منها – في كتاب يؤلفه ، فلينتبه لهذا .
وليُعلم أنه قد جرَّ هذا الفعل بعض أولئك إلى ما هو أكثر من مجرد الإحصائيات ، فراح بعضهم يحدد بتلك الأرقام " زوال دولة إسرائيل " وتعدى آخر إلى " تحديد يوم القيامة " ، ومن آخر ما افتروه على كتاب الله تعالى ما نشروه من أن القرآن فيه إشارة إلى " تفجيرات أبراج نيويورك " ! من خلال رقم آية التوبة وسورتها وجزئها ، وكل ذلك من العبث في كتاب الله تعالى ، والذي كان سببه الجهل بحقيقة إعجاز كتاب الله تعالى .
ثانياً :
بالتدقيق في إحصائيات أولئك الذين نشروا تلك الأرقام وُجد أنهم لم يصيبوا في عدِّهم لبعض الألفاظ ، ووجدت الانتقائية من بعضهم في عدِّ الكلمة بالطريقة التي يهواها ، وكل هذا من أجل أن يصلوا إلى أمرٍ أرادوه وظنوه في كتاب الله تعالى .
قال الشيخ الدكتور خالد السبت :
قدَّم الدكتور " أشرف عبد الرزاق قطنة " دراسة نقدية على الإعجاز العددي في القرآن الكريم ، وأخرجه في كتاب بعنوان : " رسم المصحف والإعجاز العددي ، دراسة نقدية في كتب الإعجاز العددي في القرآن الكريم " وخلص في خاتمة الكتاب الذي استعرض فيه ثلاثة كتب هي (1) كتاب " إعجاز الرقم 19 " لمؤلفه باسم جرار ، (2) كتاب " الإعجاز العددي في القرآن " لعبد الرزاق نوفل ، (3) كتاب " المعجزة " لمؤلفه عدنان الرفاعي ، وخلص المؤلف إلى نتيجة عبَّر عنها بقوله :
" وصلت بنتيجة دراستي إلى أن فكرة الإعجاز العددي " كما عرضتها هذه الكتب " غير صحيحة على الإطلاق ، وأن هذه الكتب تقوم باعتماد شروط توجيهية حيناً وانتقائية حيناً آخر ، من أجل إثبات صحة وجهة نظر بشكل يسوق القارئ إلى النتائج المحددة سلفاً ، وقد أدت هذه الشروط التوجيهية أحياناً إلى الخروج على ما هو ثابت بإجماع الأمة ، كمخالفة الرسم العثماني للمصاحف ، وهذا ما لا يجوز أبداً ، وإلى اعتماد رسم بعض الكلمات كما وردت في أحد المصاحف دون الأخذ بعين الاعتبار رسمها في المصاحف الأخرى ، وأدت كذلك إلى مخالفة مبادئ اللغة العربية من حيث تحديد مرادفات الكلمات وأضدادها .
( ص 197 ) دمشق ، منار للنشر والتوزيع ، الطبعة الأولى ، 1420هـ / 1999 .
وقد ذكر الدكتور فهد الرومي أمثله على اختيار الدكتور عبد الرزاق نوفل الانتقائي للكلمات حتى يستقيم له التوازن العددي ، ومن ذلك قوله : إن لفظ اليوم ورد في القرآن ( 365 ) مرة بعدد أيام السنة ، وقد جمع لإثبات هذا لفظي " اليوم " ، " يوماً " وترك " يومكم " و " يومهم " و " يومئذ " ؛ لأنه لو فعل لاختلف الحساب عليه ! وكذلك الحال في لفظ " الاستعاذة " من الشيطان ذكر أنه تكرر ( 11 ) مرة ، يدخلون في الإحصاء كلمتي " أعوذ " و " فاستعذ " دون " عذت " و " يعوذون " و " أعيذها " و " معاذ الله " .
انظر : " اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر " ( 2 / 699 ، 700 ) بيروت ، مؤسسة الرسالة ، الطبعة الثانية 1414هـ .
وبهذا الكلام العلمي المتين يتبيَّن الجواب عن كلمة " يوم " وعددها في القرآن الكريم ، والذي جاء في السؤال .
ثالثاً :
وأما الحساب الذي يذكره الله تعالى في كتابه الكريم فهو الحساب الدقيق الذي لا يختلف على مدى السنوات ، وهو الحساب القمري .
وفي قوله تعالى : ( وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِئَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا ) الكهف/25 ذكر بعض العلماء أن عدد ( 300 ) هو للحساب الشمسي ، وأن عدد ( 309 ) هو للحساب القمري ! وقد ردَّ على هذا القول الشيخ محمد بن صالح العثيمين ، وبيَّن في ردِّه أن الحساب عند الله تعالى هو الحساب القمري لا الشمسي .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
" ( وَازْدَادُوا تِسْعاً ) ازدادوا على الثلاث مائة تسع سنين ، فكان مكثُهم ثلاث مائة وتسع سنين ، قد يقول قائل : " لماذا لم يقل مائة وتسع سنين ؟ "
فالجواب : هذا بمعنى هذا ، لكن القرآن العظيم أبلغ كتاب ، فمن أجل تناسب رؤوس الآيات قال : ( ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً ) ، وليس كما قال بعضهم بأن السنين الثلاثمائة بالشمسية ، وازدادوا تسعاً بالقمرية ؛ فإنه لا يمكن أن نشهد على الله بأنه أراد هذا ، مَن الذي يشهد على الله أنه أراد هذا المعنى ؟ حتى لو وافق أن ثلاث مائة سنين شمسية هي ثلاث مائة وتسع سنين بالقمرية فلا يمكن أن نشهد على الله بهذا ؛ لأن الحساب عند الله تعالى واحد .
وما هي العلامات التي يكون بها الحساب عند الله ؟
الجواب : هي الأهلَّة ، ولهذا نقول : إن القول بأن " ثلاث مائة سنين " شمسية ، ( وازدادوا تسعاً ) قمرية قول ضعيف .
أولاً : لأنه لا يمكن أن نشهد على الله أنه أراد هذا .
ثانياً : أن عدة الشهور والسنوات عند الله بالأهلة ، قال تعالى : ( هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نوراً وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ) يونس/5 ، وقال تعالى : ( يسئلونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج ) البقرة/189 " انتهى .
" تفسير سورة الكهف " .
والحساب بالقمر والأهلة هو المعروف عند الأنبياء وأقوامهم ، ولم يُعرف الحساب بالشمس إلا عند جهلة أتباع الديانات ، وللأسف وافقهم كثير من المسلمين اليوم .
قال الدكتور خالد السبت – في معرض رده على من استدل بآية ( لا يزال بنيانهم .. ) في سورة التوبة على تفجيرات أمريكا – :
" الخامس : أن مبنى هذه الارتباطات على الحساب الشمسي ، وهو حساب متوارث عن أُمم وثنية ، ولم يكن معتبراً لدى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، وإنما الحساب المعتبر في الشرع هو الحساب بالقمر والأهلة ، وهو الأدق والأضبط ، ومما يدل على أن المعروف في شرائع الأنبياء هو الحساب بالقمر والأهلة حديث واثلة بن الأسقع رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أُنْزِلَتْ صُحُفُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَام فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ ، وَأُنْزِلَتْ التَّوْرَاةُ لِسِتٍّ مَضَيْنَ مِنْ رَمَضَانَ ، وَالْإِنْجِيلُ لِثَلَاثَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ ، وَأُنْزِلَ الْفُرْقَانُ لِأَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ ) أخرجه أحمد ( 4 / 107 ) ، والبيهقي في " السنن " ( 9 / 188 ) ، وسنده حسن ، وذكره الألباني في " الصحيحة " ( 1575 ) . وهذا لا يعرف إلا إذا كان الحساب بالقمر والأهلة ، ويدل عليه أيضا الحديث المخرج في الصحيحين عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فَرَأَى الْيَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَقَالَ : مَا هَذَا ؟ قَالُوا : هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ ، هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ فَصَامَهُ مُوسَى … الحديث , أخرجه البخاري ( 2024 ) ومسلم ( 1130 ) ، وقد صرَّح الحافظ رحمه الله أنهم كانوا لا يعتبرون الحساب بالشمس – انظر : " الفتح " ( 4 / 291 ) ، وانظر ( 7 / 323 ) – .
وقال ابن القيم رحمه الله – تعليقا على قوله تعالى : ( هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ ) يونس/5 ، وقوله تعالى : ( وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ . وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ ) يس/38 ، 39 :
" ولذلك كان الحساب القمري أشهر وأعرف عند الأمم وأبعد من الغلط ، وأصح للضبط من الحساب الشمسي ، ويشترك فيه الناس دون الحساب ، ولهذا قال تعالى : ( وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ ) يونس/5 ولم يقل ذلك في الشمس ، ولهذا كانت أشهر الحج والصوم والأعياد ومواسم الإسلام إنما هي على حساب القمر وسيره حكمة من الله ورحمة وحفظا لدينه لاشتراك الناس في هذا الحساب ، وتعذر الغلط والخطأ فيه ، فلا يدخل في الدين من الاختلاف والتخليط ما دخل في دين أهل الكتاب " انتهى من "مفتاح دار السعادة " ص 538 ، 539 .
وربما يُفهم من العبارة الأخيرة لابن القيم رحمه الله أن أهل الكتاب كانوا يعتمدون الحساب بالشمس ، وهذا قد صرح الحافظ ابن حجر رحمه الله بردِّه بعد أن نسبه لابن القيم – انظر : " الفتح " ( 7 / 323 ) – .
والواقع أنه لم يكن معتبراً في شرعهم وإنما وقع لهم بعد ذلك لدى جهلتهم " انتهى .
وفي فوائد قوله تعالى : ( يسئلونك عن الأهلة … ) قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" ومنها : أن ميقات الأمم كلها الميقات الذي وضعه الله لهم – وهو الأهلة – فهو الميقات العالمي ؛ لقوله تعالى : ( مواقيت للناس ) ؛ وأما ما حدث أخيراً من التوقيت بالأشهر الإفرنجية : فلا أصل له من محسوس ، ولا معقول ، ولا مشروع ؛ ولهذا تجد بعض الشهور ثمانية وعشرين يوماً ، وبعضها ثلاثين يوماً ، وبعضها واحداً وثلاثين يوماً ، من غير أن يكون سبب معلوم أوجب هذا الفرق ؛ ثم إنه ليس لهذه الأشهر علامة حسيَّة يرجع الناس إليها في تحديد أوقاتهم ، بخلاف الأشهر الهلاليَّة فإن لها علامة حسيَّة يعرفها كل أحدٍ " انتهى .
" تفسير البقرة " ( 2 / 371 ) .
وقال القرطبي رحمه الله تعليقاً على قوله تعالى : ( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ ) التوبة/36 :
" هذه الآية تدل على أن الواجب تعليق الأحكام في العبادات وغيرها إنما يكون بالشهور والسنين التي تعرفها العرب دون الشهور التي تعتبرها العجم والروم والقبط وإن لم تزد على اثني عشر شهراً ؛ لأنها مختلفة الأعداد ، منها ما يزيد على ثلاثين ، ومنها ما ينقص ، وشهور العرب لا تزيد على ثلاثين وإن كان منها ما ينقص ، والذي ينقص ليس يتعين له شهر وإنما تفاوتها في النقصان والتمام على حسب اختلاف سير القمر في البروج " انتهى .
" تفسير القرطبي " ( 8 / 133 ) .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب