هي النقطة والنواة وهي اللبنة والبناء لمجتمع حضاري يقوم بحق الخلافة في الأرض وعمارتها بالعبودية لله تعالى .
ومتى ما كانت الأسرة في منظومة الاستقرار والسّكن كانت هي الحصن الأقوى في مواجهة التحدّيات والعقبات المحدقة بها من كل جانب .
وعلى قدر ثباتها واستقرارها تُقاس حضارات الأمم ، وعُمر السيادة والرّيادة لكل أمّة .
وحين ندرك أهميّة هذه النواة ، وهذا البناء ، ونُدرك بوعي تبعاته وأبعاده في عمارة الأرض سندرك بجلاء معنى حرص الوحي على سلامة هذه العلاقة ، والتأكيد على أهمية صناعة الاستقرار فيها ، وبذل الوسع في تحقيق ذلك .
وإن من عظمة هذا الدين ( العظيم ) أنه يرقى بالفرد المؤمن ليُخرج عاداته وغرائزه من أن تكون في محيط ( العادة والفطرة والجبلّة ) إلى سعة العبودية وتحقيق الإيمان لله تعالى بهذه العادة والجبلّة والغريزة.
والزواج على أنه حاجة فطرية عند كل إنسان – أيا كانت ديانته – إلاّ أن الإسلام يجعل من هذه العلاقة ( شعيرة ) و ( عقداً ) و ( ميثاقاً غليظاً ) يتعدّى بطرفي العلاقة فيه من قضاء الوطر فحسب إلى بناء الإنسان وعمارة الأوطان .
وهذا البناء لن يكون على أسّ تكامله إلاّ حين يكون بناءً على ركن قويم ، وأساس متين لا ينصدع عند أي هزّة ، كما لا يرتج عند أي فزّه !
ولهذا وضع القرآن الكريم اللبنة الأساس في هذا بقوله : " ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمنّ ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم "
ويقول جل في علاه : " الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات"
وهو المعنى الذي تؤكّده السنة في جملة من وصاياه صلى الله عليه وسلم : " إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوّجوه " " فاظفر بذات الدّين تربت يداك " .
هذا عند نقطة الاختيار والقرار . .
ثم ما بعد ذلك – بعد الارتباط وعند الدخول – يأتي التوجيه الرّباني في قوله " فالآن باشروهنّ وابتغوا ما كتب الله لكم " . .
هكذا يسمو الوحي بهذه العلاقة في لحظّتها الحاسمة ، ويرقى بها من كونها ( بناء غريزي ) إلى ( بناء إيماني ) ( بناء إنساني ) ( بناء حضاري ) وتلك من عظمة الإسلام في صناعة العظماء .
ولأجل أن يكون هذا البناء على الصورة التي هي مظنّة أن يتحقّق معها البناء الإنساني والحضاري بصورة صحيّة سليمة يأتي التوجيه النبوي يعلّمنا كيف نعيش هذه اللحظة " لو أن أحدكم حين يأتي أهله قال : بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فولد بينهما ولد لم يضره الشيطان أبداً " .
ثم تلتفت هذه الرعاية الإيمانية لهذا البناء من نقطة القرار والاختيار ثم إلى لحظة المتعة والاستمتاع لتشمل جوّ هذه العلاقة في عمومها لتكون سمتها هي المحافظة والتواصي على المبادئ والقيًم الإيمانية الأصيلة : " وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى " .
وهكذا يقوم هذا البناء ( الزوجي ) ( الأسري ) بكل منظومة فيه مرتكزاً على أساس ( الإيمان ) ، وبدون هذا الارتكاز يحدث ( الارتكاس ) !
إن البناء ( الإيماني ) ، والتربية ( الإيمانية ) في الحياة الأسرية يمكن أن نُدرك أهميتها وشأنها ونستشعر الحاجة إليها وإلى العناية بها في سلوكنا وتربيتنا لذواتنا وزوجاتنا وأبنائنا ومن نعول ، حين نُدرك بوعي أبعاد ذلك سواء على واقع الحياة حسّا أو معنى . .
1- فالتربية الإيمانية ( الأسريّة ) هي أحد أهم أسباب تنزّل الرّحمات على أهل بيت يعتنون بالإيمانيات في بيوتهم .
فبيت أهله كذلك : هم أحظى بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم لهم بالرحمة ، فقد جاء في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " رحم الله امرئ قام من الليل فصلى ثم أيقظ أهله فإن أبت نضح في وجهها الماء ، ورحم الله امرأة قامت من الليل فصلّت ثم أيقظت زوجها فإن أبى نضحت في وجهه الماء " .
إنهما يتناضحان الرحمة بودّ ورفق و " إن الله إذا أراد بأهل بيت خيراً دلهم على باب الرّفق " والرفق أثر من آثار الرحمة التي ينزّله الله تعالى على هذه ( الأسرة ) وهذا ( البيت ) المؤمن .
ومتى ما غابت هذه الروح ( الإيمانية ) ، وهذا الحس ( الإيماني ) في العلاقة بين الزوج وزوجته أو بين الآباء والأبناء حلّ الشقاء والمشقة والعناء .
فقد جاء في الحديث الصحيح : " لا تُنزع الرحمة إلاّ من شقي " !
2- التربية الإيمانية ( بين الزوجين ) سبب للعون والأمان .
النفس البشريّة نفس تعتورها نوازع مختلفة ما بين ( شرة وفترة ) و ( رغبة ورهبة ) وهي في أصل فطرتها تميل لحب السّكون والراحة والدعة .
وحين يجد الرجل نفسه في مقام ( الزوج ) ثم ( الأب ) والمرأة تجد نفسها في مقام ( الزوجة ) ثم ( الأم ) فإن ذلك يعني أن لكل مقام مسؤوليته وأمانته .
" كلكم راع وكلم مسئول عن رعيته " ، ولربما إدراك هذا الشعور بالمسؤولية والتبعة يصنع عند كل منهما همّاً – وربما كان مؤرقاً – هنا يأتي هذا الترياق ( الإيماني ) ، ليكون البلسم والعون والأمان بفضل الله ومنّته .
إن حرص الزوجين ابتداءً على صلاح أنفسهما وإصلاح ذواتهما والتعاون على ذلك مما يورثهما حسناً وصلاحاً في الذريّة وحفظاً لها من أن تضلّ أو تُضلّ !
إن الله جل وتعالى يطمئن المؤمنين من عباده أنه سيسخّر لهم أولياء من نور لذريّاتهم متى ما كانوا مؤمنين صادقين مستقيمين على هدي كتابه " إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزّل عليهم الملائكة ألاّ تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون . نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة " .
الإيمان في الأسرة . .
أمان واطمئنان . .
ووعد وبشرى بالجنة . .
وولاية ورعاية من نور !
وقد قصّ الله علينا قصّة الغلامين – في سورة الكهف – وبيّن أن سبب حفظ الكنز للغلامين هو ( صلاح أبويهما ) " وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحاً فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك " .
3- التربية الإيمانية ( الأسرية ) حبل موصول لا ينقطع واجتماع لا يتفرّق .
حبل يصل الحي بالميت . .
واجتماع دائم لا يتفرّق . .
جاء في الحديث الصّحيح : " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلاّ من ثلاث – ومنها – أو ولد صالح يدعو له " .
وهكذا لا ينقطع الحبل متى ما كان ( إيمانيّاً ) إن النصّ ينصّ على أن بركة دعاء الولد لا تصل إلى أبويه بعد موتهما إلاّ بشرط ( صلاحه ) . .
مما يعطينا بُعداً مهمّاً في أهمية الحرص على البناء الإيماني في البيت وتربية الأهل والأبناء على هذا الأساس المتين ليبقى الوصل بلا انقطاع .
والله جل وتعالى أرحم وأكرم بعبده المؤمن الذي بدأ حياته مؤمنا وقضاها مؤمناً وربّى على الإيمان أهله ذريته من أن يفرّق الله بينه وبينهم في الدار الآخرة ، بل يجمع عليه شمله وأهله إكراماً له وفضلاً " والذين امنوا واتّبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء كل امرئ بما كسب رهين " .
إننا بحاجة إلى أن نعيش معنى ( الزوجية ) و ( الأسريّة ) من علاقة فطرية ( اجتماعيّة ) إلى علاقة تتعدّى الحياة على وجه الأرض لتمتدّ إلى الحياة الآخرة موصولة بحبل السماء منقول للفائده
مشكوره غاليتنا ام محمد ى عالنقل المفيد
فعلا موضوع رائع
ثم ما بعد ذلك – بعد الارتباط وعند الدخول – يأتي التوجيه الرّباني في قوله " فالآن باشروهنّ وابتغوا ما كتب الله لكم " . .
هكذا يسمو الوحي بهذه العلاقة في لحظّتها الحاسمة ، ويرقى بها من كونها ( بناء غريزي ) إلى ( بناء إيماني ) ( بناء إنساني ) ( بناء حضاري ) وتلك من عظمة الإسلام في صناعة العظماء .
ولأجل أن يكون هذا البناء على الصورة التي هي مظنّة أن يتحقّق معها البناء الإنساني والحضاري بصورة صحيّة سليمة يأتي التوجيه النبوي يعلّمنا كيف نعيش هذه اللحظة " لو أن أحدكم حين يأتي أهله قال : بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فولد بينهما ولد لم يضره الشيطان أبداً " .
كم هو عظيم ديننا الاسلامى الحنيف
وضع لكل شىء قواعد وامور علينا ان نلتزم ونتمسك بها
شكرا لك غاليتى مره اخرى عالنقل الموفق
جعله الله فى ميزان حسناتك
وبرك الله فيك …