تخطى إلى المحتوى

الحياة الطيبة كلماتٌ لا تُشترى بثمن 2024.

  • بواسطة
السلام عليكم
الحياة إمّا للإنسان وإمّا عليه , تَمُرُّ ساعاتها ولحظاتها وأيامها وأعوامها

تمرُّ على الإنسان فتقوده إلى المحبة والرضوان حتى يكون من أهل الفوز والجنان

أو تمرُّ عليه فتقوده إلى النيران وإلى غضب الواحد الدّيان
الحياة .. إمّا أن تُضْحِكَكْ ساعةً لتُبكيك دهرا , وإمّا أن تُبكيك ساعةً لتُضحكك دهرا
الحياة إمّا نعمةٌ للإنسان أو نقمةٌ عليه . هذه الحياة التي عاشها الأولون وعاشها الآباء والأجداد
وعاشها السابقون فصاروا إلى الله عزّ وجلّ بما كانوا يفعلون
الحياة معناها كل لحظة تعيشها وكل ساعة تقضيها , ونحن في هذه اللحظة نعيش حياةً إما لنا وإما علينا
فالرّجل الموفق السعيد من نظر في هذه الحياة وعرف حقها وقدرها
فهي والله حياةٌ طالما أبكت أُناساً فما جفّت دموعهم , وطالما أضحكت أُناساً فما رُدّت عليهم ضحكاتهم ولا سرورهم
الحياة أحبتي في الله جعلها الله ابتلاء واختبار وامتحان تظهر فيه حقائق العباد

ففائزٌ برحمة الله سعيد , ومحرومٌ من رضوان الله شقيٌ طريد
كل ساعة تعيشها إما أن يكون الله راضٍ عنك في هذه الساعة التي عشتها , وإما والعكس والعياذ بالله
فإمّا أن تقرّبك من الله وإمّا أن تُبعدك من الله
وقد تعيش لحظة واحدة من لحظات حب الله وطاعة الله تُغفر بها سيئات الحياة وتغفر بها ذنوب العمر
وقد تعيش لحظةً واحدة تـتـنـكّـبُ فيها عن صراط الله وتبتعد فيها عن طاعة الله تكون سبباً في شقاء الإنسان حياته كلها
نسأل الله السلامة والعافية
فهذه الحياة فيها داعيان : داعٍ إلى رحمة الله وداعٍ إلى رضوان الله وداعٍ إلى محبة الله .
وأمّا الداعِ الثاني فهو داعٍ إلى ضدّ ذلك , شهوةٌ أمّارةٌ بالسوء أو نزوةٌ داعيةٌ إلى خاتمة السوء .
والإنسان قد يعيش لحظة من حياته يبكي فيها بكاء الندم على التفريط في جنب ربه يبدّل الله ذاك البكاء سيئاته إلى حسنات
وكم من أُناسٍ أذنبوا , وكم من أُناسٍ أساؤوا , وكم من أناس ابتعدوا وطالما اغتربوا عن ربهم ,
فكانوا بعيدين عن رحمة الله , غريبين عن رضوان الله وجائتهم تلك الساعة واللحظة وهي التي نعنيها بالحياة الطيبة
لكي تُراق منهم دمعة الندم ولكي يلتهب في القلب داعِ الألم فيحس الإنسان أنه قد طالت عن الله غربته ,
وقد طالت عن الله غيبته , لكي يقول إني تائبٌ إلى الله مُنيبٌ إلى رحمته ورضوانه
وهذه الساعة هي الساعة التي هي مفتاح السعادة للإنسان , ساعة الندم
وكما يقول العلماء : إن الإنسان قد يُذنب ذنوباً كثيرة ولكن إذا صدق ندمه وصدقت توبته بدّل الله سيئاته حسنات
فأصبحت حياته طيبة بطيب ذلك الندم , وبصدق ما يجده في نفسه من الشجى والألم
نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يُحيي في قلوبنا هذا الداعي إلى رحمته وهذا الألم الذي نحسّه من التفريط في جنبه
أحبتي في الله : كل واحدٍ منّا نريده أن يسأل سؤالاً , أن يسأل نفسه عن الليل والنهار ,
كم يسهر من الليالي ؟! وكم يقضي من الساعات ؟!
كم ضحك في هذه الحياة ؟! وهل هذه الضحكة تُرضي الله عزّ وجلّ عنه ؟!
وكم تمتع في هذه الحياة ؟! وهل هذه المُتعة تُرضي الله عزّ وجلّ عنه ؟!
وكم سهر ؟! وهل هذا السهر يُرضي الله عنه ؟!
وكم وكم … سؤالاً يسأل فيه نفسه !!
وقد يُبادر الإنسان , لماذا أسأل هذا السؤال !!
نعم .. تسأل هذا السؤال لأنه ما من طرفة عين ولا لحظة تعيشها إلا وأنت تتقلب في نعمة الله
فمن الحياء مع الله والخجل مع الله أن يستشعر الإنسان عظيم نعمة الله عليه
من الحياء والخجل أن نُحِسّ أنّنا نطعم طعام الله وأننا نستقي من شراب خلقه الله
وأننا نستظلُّ بسقفه , وأننا نمشي على فراشه , وأننا نتقلب في رحمته
فما الذي نقدّمه في جنبه ؟! يسأل الإنسان نفسه !!
يقول الأطباء : إن في قلب الإنسان مادة لو زادت 1% أو نقصت 1% مات في لحظته !!
فأيّ لُطف وأيّ رحمة وأيّ عطف وأيّ حنان من الله يتقلّب فيه الإنسان ؟!
يسأل الإنسان نفسه عن رحمة الله فقط إذا أصبح الإنسان وسمعه معه وبصره معه وقوّته معه
فمن الذي حفظ له سمعه !! ومن الذي حفظ له بصره !! ومن الذي حفظ له عقله !!
ومن الذي حفظ له روحه !!
يسأل نفسه من الذي حفظ هذه الأشياء ؟!
من الذي يُمتّع بالصحة والعافية !!
الناس المرضى على الأسرّة البيضاء يتأوّهون ويتألمون والله يتحبّب إلينا بهذه النعم
يتحبّب إلينا بالصحة , بالعافية , بالأمن بالسلامة
كل ذلك فقط لكي نعيش هذه الحياة الطيبة ..
فالله تعالى يريد من عبده أمرين :
الأمر الأول : فعل الفرائض
والأمر الثاني : ترك نواهيه وزواجره
ومن قال إن القرب من الله عزّ وجل فيه الحياة الأليمة أو فيه الضيق فقد أخطأ الظنّ بالله
والله إذا ما طابت الحياة بالقرب من الله فلن تطيب بشيءٍ سواه
وإذا ما طابت بفعل فرائض الله وترك محارم الله فوالله لا تطيب بشيءٍ سواه
ويجرّب الإنسان مُتع الحياة كلها فأنه والله لن يجد أطيب من مُتعة العبودية لله بفعل فرائض الله وترك محارمه
أنت مأمور بأمرين :
إما أن يأتيك الأمر ( إفعل ) أو ( لا تفعل )
إذا جئت تفعل أي شيء في هذه الحياة فـ اسأل نفسك :
هل الله عزّ وجل أَذِن لك بفعل هذا الشيء أو لم يأذن لك ؟!
أيّ شيء تفعل .. فالأجساد ملك لله والقلوب ملك لله والأرواح ملك لله
فينبغي للإنسان إذا أراد أن يتقدم أو يتأخر يسأل نفسه :
هل الله راضٍ عنه إذا تقدم ؟! فليتقدم ..
أو الله غير راضٍ عنه !! فليتأخر ..
فوالله ما تأخر إنسان ولا تقدم وهو يرجو رحمة الله إلا أسعده الله .
ولذلك السعادة الحقيقية والحياة الطيبة تكون بالقرب من الله ..
القرب من ملك الملوك وجبّار السموات والأرض
الأمر أمره , والخلق خلقه , والتدبير تدبيره ..
ولذلك تجد الإنسان دائماً في قلق وفي تعب ,, تجد الشخص يتمتع بكل الشهوات
ولكن والله تجد ألذّ الناس في الشهوات أكثرهم آلاماً نفسية وأكثرهم قلقاً نفسياً , وأكثرهم ضجراً في الحياة ..
واذهب وابحث عن أغنى الناس تجده أتعب الناس في الحياة .. لماذا ؟!
لأن الله جعل راحة الأرواح في القرب منه , وجعل لذّة الحياة في القرب منه
وجعل أُنس الحياة في الأُنس به سبحانه وتعالى
والصلاة الواحدة يفعلها الإنسان من فرائض الله بمجرد ما ينتهي من ركوعه وسجوده وعبوديته لربه
بمجرد ما يخرج من مسجده يحس براحة نفسيه والله لو بذل لها أموال الدنيا ما استطاع إليها سبيلاً
الحياة الطيبة في القرب من الله , الحياة الهنيئة في القرب من الله
إذا كان ما طابت الحياة بالقرب من الله فبمن تطيب

لاكي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.