قال رسول الله صلى الله عليه وسلم واصفا ربه, رب السماوات والارض وما بينهما:
(( ان الله جميل ، يحب الجمال))
واذا كانت الحياة فرصتنا الاولى والوحيدة لمعرفة الله والاستعداد للقاءه ، فأن اعلى ثمرات تلك المعرفة ، واغلى غايات الاستعداد للقاءه منفردا هي : حبه تبارك تعالى، ولنتعلم هذا الحب، لابد من ادراك حقيقتين اساسيتين تتعلقان به،يمكن لهما ان تحييا روح الحب القديم في قلوبنا:
اولاهما: جلاله وجماله وكماله الذاتي الذي يجعل القلب العالم بهذا الجمال يخفق بحب لربه حبا يفوق اي نوع آخر من الحب يمكن ان يكون لمخلوق جميل من مخلوقات الله .
الثاني: نعم الله ، واكرامه، وبركاته التي لا تحصى التي تغطي العبد، والباعثة على حب المنعم والامتنان لما اسبغ من نعم ظاهرة وباطنة، تملأ القلب بالشكر الذي هو الامتلاء بذكر المنعم.
فربنا ( ذو الجلال والاكرام) يستحق حب الثناء لجلال وجمال وصفه الذاتي، ويستحق الحب الذي هو ثمرة الشكر لما انعم بالفعل والاكرام ، وهذا ما اختص به لفظ الحمد ، اذ يلاقي ما يكمن فيه من حب يجتمع فيه ارادة الثناء على صفات المحبوب والشكر على ما انعم بافعاله: ما عليه ربنا من جلال واكرام ..، وما من لفظ يؤدي هذا المعنى كما يؤديه لفظ ( الحمد) .
ان كلا النوعين من الحب يبدآن ( بالمعرفة) المتحصلة من الاستجابة للامر بالقراءة (( اقرا ياسم ربك))، وميدان هذه القراءة هو النظر بعينين مفتوحتين وقلب شهيد الى قرآن الله المنظور : كتاب الكون المفتوح ، وقرآنه المسطور الذي ارسله الى العالمين ، معرفا فيه بنفسه، ومرشدا الى سبيل الاستعداد للقاءه.
ومقصودنا هنا، تحصيل بعض تلك المعرفة الباعثة على النوع الاول من الحب، وهو الحب لجمال المحبوب، من خلال قراءة لبعض كلمات قرآنه المسطور ، نتعرف معها على ربنا الجميل ، الذي يحب الجمال…
لقد خلق ( ربنا الجميل ) كل شئ بنوع كامن خاص من الجمال ، هو تجلية لروح الجمال الالهي ، كما جعل رحمته مبثوثة في كل شئ لتجلي صفة ربنا الرحمن، وان احساسك بهذا الجمال هو الباعث لقلبك لان يهتدي الى التعرف على ( منبع الجمال الكلي الذي لا ينتهي) ، ومن ثم حبه الى الحد الأقصى الذي يقدر عليه قلبك الصغير، دون الوصول ابدا الى ما يستحقه من الحب ….، فاقرأ يا أخي ما سأتلوه من السطور، وتأمل:
1- لقد أخبرنا الله تعالى عن الطريقة ( الجميلة) التي خلق بها الأشياء جميعا، والتي تبدأ بالجمال المتفرد لخلق كل منا وحده :
(( يا أيها الانسان : ما غرك بربك الكريم الذي خلقك..
فسواك………..
فعدلك………….
في أي صورة ما شاء ركبك )) الأنفطار : 6-8
وانت ترى هنا كلمات ربك متحدثة عن خلقتك بتسوية اي بنسب ( ) خاصة ، تضمن اعتدالك او كما يسمى في علم الجمال : توازنك ( ) ، لتتكون بمشيئته صورتك وشكلك، وهذه هي اساسيات صناعة الجمال ، الذي قال عنه :
(( وصوركم ، فأحسن صوركم )) غافر : 64
اذن ، لقد خلقت ( أنت) بصورة جميلة ، وأنت اذن : جميل ، وادراكك لبعض من جمال خلقتك الخاص، يجعلك تخطو باتجاه معرفة خالق ذلك الجمال.
2- أن ( الارض) التي نقف عليها ، ومن طينها تتالف لحومنا وعظامنا ، والى ترابها تنتمي عند موتنا اجسادنا : جميلة !! ، وقد اودع فيها الخالق ما يزيدها جمالا :
(( انا جعلنا ما على الارض زينة لها لنبلوهم ايهم احسن عملا )) الكهف : 7
اي ان كل كل ما على الارض قد جعل ليكون ( زينة) !، تجعل الارض تبدو ( اجمل ) !! ، وليكون الابتلاء ممكنا ، ولتتفتح بوابات القلب ( ليبتهج ) لمراى هذا الجمال :
(( وانزل لكم من السماء ماء فانبتنا به حدائق ذات بهجة )) النمل : 60
انها متعة رؤية الجمال وبهجته ، وهي ( مقصودة ) لاعداد القلب للتعرف على : الرب الجميل !!..
3- ان (( السقف )) الذي يعلو رؤوسنا : جميل، والله قد خلق السماوات المحيطة بنا لتكون جميلة :
(( ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح )) الملك : 5
اذن ، فان النجوم العظيمة التي تفوق حجما ارضنا بآلاف المرات ، والكواكب التي يزيد عددها عن آلاف الملايين ، قد وضعت في مدارات وافلاك تجعل السقف الذي يعلوك يبدو ( مزينا ) واكثر جمالا ، وكل ما تحتاج اليه هو نظرة الى السماء في ليلة صافية ، لتكتشف هول ما اغمضت عينك عنه طويلا ، ويتحرك في القلب ما خمد فيه من استعداد لمعرفة جمال من خلق هذا الجمال !!
4- ان ( الثمرات ) التي تعطيها لك هذه الارض ، وطعامك منها ،الذي به قوامك، قد خلق بجمال متنوع لا ينتهي لتمتع به روحك وبصرك قبل نفاذه الى بدنك :
(( وهو الذي انزل من السماء ماءا، فاخرجنا به نبات كل شئ:
فاخرجنا منه خضرا….
نخرج منه حبا متراكبا ….
ومن النخل من طلعها قنوان دانية …
وجنات من : اعناب ، والزيتون ، والرمان …
متشابه ..، وغير متشابه…….
انظروا الى ثمره اذا اثمر ….، وينعه!!!……
ان في ذلكم لآيات لقوم يؤمنون )) الانعام : 99
انظر يا اخي !!..: ان الذي خلقك يقول (( انظروا الى ثمره اذا اثمر وينعه ))، ويدعوك _ وهو خالق هذا الجمال _ لتنظر الى ( التنوع) في ( الشكل) ، و( اللون ) ، و ( الملمس ) ،و ( التكوين ) ، وبعد ذلك ( الطعم ) ، وتسبح بحب وايمان خالق هذا الجمال ………
5- ان ( اللباس ) الذي يغطي بدنك ، لم يجعله الله تعالى ليواري سوءاتك فحسب ، وانما قد انزل ليكون : ( رياشا ) ، وهو المال واللباس الحسن الفاخر ، وبالتالي فان الجمال الذي فيه مقصود ، ليضفي على جمال الخلقة لمسة من نوع اخر ، يمتن بها عليك الخالق الجميل :
(( يا بني آدم قد انزلنا عليكم لباسا يواري سوءاتكم وريشا )) الاعراف : 27
والله تعالى يحب ان يرى اثر نعمته عليك ، وينكر على من حرم على نفسه تلك الزينة :
(( قل من حرم زينة الله التي اخرج لعباده والطيبات من الرزق؟؟!!
قل هي للذين امنوا في الحياة الدنيا )) الاعراف : 32
ان ربك يحب ان يراك ( جميلا ) لانه يحب الجمال ، وسيحبك اكثر ان زدت على ذلك كله ابتسامة يشرق بها وجهك ، وتلتقي بها اخوتك والناس ، وتكتب لك بها صدقة …
6- ان ( وسائط تنقلك ) في مناكب هذه الارض قد خلقت ليكون لك فيها ( جمال ) في تنقلك :
(( ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون )) النحل : 6
وقد قصد بها ان تكون تكون جميلة مزينة ، مع ارادة كونها حاملة لاثقالك الى المواضع التي يشق عليك حمل اثقالك اليها من دونها :
(( والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ، ويخلق ما لا تعلمون )) النحل : 16
اي ان ما خلقه الله من وسائط النقل مما عرفته الانسانية قبلا ، ومما لم تعلمه من قبل ( كالسيارات والطائرات ) ، ومما لم تعلمه بعد ( مما سيخلقه ربنا مستقبلا ) ، قد جعلت جميعا لتكون ( جميلة ) عند ركوبها..، فتامل !!..
7- لقد تعرف الينا ربنا بقرآن جميل وكون منظور جميل ، ليجعل منا امة صانعة للجمال ، بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وبناء النفس على الحق الاصيل الذي قام به الوجود ، واعمار الارض بالعدل والاحسان والترابط الاسري ، واخراج نماذج من الصالحين والشهداء والصديقين تفخر بهم الانسانية جمعاء لجمال ( المعاني) التي زينوا بها التاريخ..
* تامل يا اخي :
( لقد خلقت واحسن الله صورتك لتكون شيئا جميلا ، ترتدي الرياش الجميل الذي انزله اليك، وتاكل طعاما متنوعا جميلا، وتمتطي مركبة مزينة جميلة ، وانت تقضي فرصة الحياة في موضع جميل ،حيث تحتويك ارض بهيجة وسماء مزينة بمصابيح جميلة ، وكل ذلك مقصود ان يكون بهذه الخلقة…)
وبعد..، فان الجمال لا ينتهي ، لان مقصودك النهائي هو الوصول الى موضع خاص ملئ بالجمال خلق لاجلك ، في جنة عرضها السماوات والارض..، وهناك ..، فان اعظم النعم عليك ستكون حين تنظر الى الواحد الجميل الذي خلق كل الذي عرفته من قبل !!….
هل يمكنك ان تتفكر كم يمكن لجماله ان يكون ؟؟!!، هل يمكنك ان تشعر كم يستحق احد بكل هذا الجمال من صادق الحب والاخلاص لجلاله؟!!
انها خطوتك الاولى اليه…..
الأخت الفاضلة .. شمس غاربة
موضوعكِ هذا سلّمك الله يقودنا لحديث ذو شجون فلطالما استغرقني حديث الرسول صلى الله عليه و سلّم (( إن الله جميلٌ يحب الجمال ))
إذ أن من أسرار جماله أن شرع لعباده كل ما هو جميل و حرّم عليهم كل ما هو قبيح و خبيث فحرّم عليهم الخمر لما فيها من زوال للعقل و إظهار لقبح الجنون و حرم على عباده العري لما فيه من إظهار لقبح الشهوات و هكذا دواليك و شرع لهم اللباس و التستر لما في ذلك من حفاظ على جمال الفطرة و شرع سنن الفطرة و جعل فيها الجمال كل الجمال نظافة و صحة و خلافه لذا يعجب المرء كل العجب عندما يعلم أن هناك نساء لا يرتدين إلا كل ما هو عارٍ و يدعين الجمال .. يعجب المرء عندما يسمع عمن يتشبهن بمن لعنهن الرسول في قوله (( و نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات .. العنوهن فإنهن ملعونات .. )) و تدعي بأنه من الجمال فياترى من وضع مقاييس الجمال و من أين نستمدها أمن أقبح و أنجس و أخبث أهل الأرض اليهود و النصارى و من مالئهم أم من الجميل المحب للجمال عزّ و جل ..
هي دعوة صريحة للتوقف و بقوة و مراجعة جميع المقاييس من أين نستمدها و كيف ؟؟
و اسلموا
منــافع
اول كلمة شمس غاربة؟؟
اهكذا يتحدث المسلم مع اخيه؟؟
سامحك الله
لم أفهم عن ماذا تسألين في أول كلمة .. و إن كنت أخشى أن تكوني قد حملتِ مقالي على أنه موجهٌ لكِ فأنتِ مخطئة كل الخطأ إنما كنت أتحدث عن حال النساء عامة ..
هذا و أسأل الله أن يغفر لنا و لكم .
أعتذر و بشدة أختي الفاضلة فالآن فقط أدركت ما هو الخطأ .. حقيقة لقد ضحكت كثيراً عندما اكتشفت الخطأ غير المقصود .. فأنا كنت أنظر للمنظر ثم قرأت الإسم لذا انطبع في ذهني ما كتبت مع العلم بأنني أعدت القراءة أكثر من مرة محاولاً فهم الخطأ و لم أدركه إلا عندما قرأت الموضوع ربما كانت المرة الخامسة .. فعذراً مرة أخرى أيتها الكريمة شمس بازغة فأنا حقاً لم أكن أقصد ..
و ليغفر الله لنا جميعاً
منافع
وليس هناك داع للاعتذار
و ارجو نسيان ما حصل انه مجرد سوء فهم بسيط
الله يغفر لي ولكم
شمس