تخطى إلى المحتوى

العقيدة . الأساس . علم التوحيد 2024.

  • بواسطة

العقيدة … الأساس . علم التوحيد
الفصل السادس
السيول الطائرة
لاكي
الشيخ: عبد المجيد الزنداني
لاكي

السحاب سيل طائر:

س : ما هو السحاب؟
ج : السحاب ماء يطير في الهواء فإذا كان كثيراً تكونت منه السيول العظيمة، التي تسقط إلى الأرض مكونة مياه الآبار ، والأنهار (والغيول) والعيون والمياه الجوفية، التي نشرب منها ، ونسقي زرعنا وأنعامنا . قال تعالى:
﴿أَلَمْ تَرَى أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ﴾[الزمر: 21] .

س: كيف يتكون السحاب؟
ج : يرسل الله حرارة الشمس فتتبخر مياه البحار فيصعد إلى السماء ماء عذب، لا ملوحة فيه ، ولكن هذا البخار لا يستمر في صعوده ليصب في القمر أو المريخ، فليس المقصود أن يصب هناك ، إنما المراد أن يصب غيثاً لعباد الله في أوساط القارات، وشتى أجزائها ، فالحاجة ماسة له هناك . فقدر الله نظاماً يسير به ماء البحر غيثاً لخلقه.

س : وما هو هذا النظام (السنة الإلهية)؟
ج : 1 ـ لقد جعل الله حرارة الشمس والرياح سبباً في رفع بحار الماء من البحر إلى فوق مستوى الجبال (في الغالب).
وذلك لكي لا تعوق الجبال انتقال الماء من فوق البحر إلى أواسط القارات. ورفع الله ماء البحر (بخاراً) ولم يرفع معه الملح الذي يختلط بما البحر لكي لا يضر ذلك الملح الإنسان والنبات والحيوان .
قال تعالى :﴿أَفَرَأَيْتُمْ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَأَأَنْتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنْ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَلَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ﴾[الواقعة:68-70]
2 ـ لقد جعل الله الرياح وحرارة الشمس سبباً في رفع الماء من البحر إلى فوق مستوى الجبال كما قال تعالى :
﴿حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ﴾[الأعراف: 75] .
وأقلت : أي حملت ورفعت.
وجعل الله البرودة في الجو ـ التي تزداد بالارتفاع من مستوى سطح البحر إلى ارتفاع 8 أميال ـ سبباً في إيقاف ارتفاع الماء إلى أعماق السماء.

س : ولماذا تزداد البرودة بالارتفاع إلى أعلى؟
ج : إذا ارتفعنا إلى أعلى قربنا نسبياً من الشمس وكان المفروض أن تزداد درجة الحرارة كما هو الحال في طبقات الجو العليا.
ولكن الله جعل الأمر عكسياً كلما ارتفعنا انخفضت درجة الحرارة إلى مسافة ثمانية أميال بدلاً من زيادتها . وذلك لكي يسكن الماء الذي خرج من البحر في جو الأرض ولا يستمر تصاعده حتى يتبدد في أعماق السماء.
قال تعالى: ﴿وَأَنزَلْنَا مِنْ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ﴾ [المؤمنون : 18]

س : وما هي سنة (تجميع بخار الماء)؟
ج : إن بخار الماء خفيف لا يرى، فيتصاعد إلى أعلى ، فيرسل الله الرياح محملة بذرات (الدخان، والأتربة، وحبوب اللقاح) فتتلقح جزئيات بخار الماء بها ، فتستثيرها ، فيتجمع بخار الماء حول تلك الجزئيات الملحقة مكوناً أغلفة مائية، حتى تصل إلى حجم كبير نشاهده سحاباً عندئذ قد أخذ يثقل بتجمع أجزائه فيساعد ذلك على عدم مغادرة بخار الماء الغلاف الأرض.﴿اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ﴾[الروم:48]

س: وهل هناك سنن أو قوانين أخرى سنها الله للمشاركة في تنظيم سير المطر؟
ج : نعم السنتان الإلهيتان السابقتان : (سنة رفع الماء عذباً من البحار فوق مستوى الجبال، وسنة وقف ارتفاعه بالتكثيف والتلقيح بالرياح لتثقل) عملتا على رفع ماء عذب إلى فوق مستوى الجبال فقط.
3ـ وهناك سنة ثالثة وهي : نقل هذا الماء من فوق البحار إلى أعماق القارات، وذلك بواسطة الرياح التي تسوق السحب دون أن تتقاضى من الناس ثمناً أو أجراً ، لأنها مسخرة لهم بأمر ربهم.
قال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ [الأعراف : 57] .
وانظر إلى الحكمة في تقدير الرياح، بحيث كان قدرها وسرعتها مناسبين جداً لاستثارة السحب وثقلها، لا لتكون مدمرة مخربة ، ولقد أعطانا الله عبرة ببعض العواطف والأعاصير المدمرة التي تبلغ سرعتها (75ميلاً) في الساعة، أما لو بلغت سرعة سير الرياح (200ميل) في الساعة لما أبقت شيئاً على الأرض إلا دمرته . ولتعلم بآثار رحمة الله عليك، فاعلم أن هذه الرياح موجودة في الأرض فوق رأسك ما بينك وبينها إلا خمسة أميال فقط حيث يوجد التيار النفاث في الرياح التي تسير بسرعة (200 ميل) في الساعة على ارتفاع (5 أميال) فوق سطح البحر ولو نزلت هذه الرياح مسافة بضعة أميال لاختل نظام الحياة بعد أن يختل النظام الذي يسير عليه المطر، ولتعرض كل ما في الأرض للدمار وتشغل هذه الرياح المدمرة: (التيار النفاث) منطقة ارتفاعها ثلاثة أميال وبعدها تأتي منطقة لا رياح فيها فلو كانت المنطقة رقم (3) بدلاً من المنطقة رقم (1) لما تحرك ماء إلى داخل القارات ، ولمات الناس والأنعام عطشاً ، فانظر إلى التصميم الحكيم في هذه الأرض .
4ـ وهناك سنة إلهية تعمل على إنزال المطر قطرات صغيرة، لا سيولاً متدفقة تدمر كل شيء.
5ـ وهناك سنة إلهية أخرى تجري الماء أنهاراً (وغيولاً) تنتشر في الأرض، كانتشار عروق الدماء في جسم الإنسان.
6ـ وهناك سنة إلهية تعمل على امتصاص أغلب الماء؛ لتحفظه من التعفن، ولتصبح الأرض صالحة للسير بدون عائق من الماء.
7ـ وهناك أيضاً سنة إلهية تعمل على حفظ الماء قريباً من سطح الأرض ، فينتفع به الناس في شكل عيون وآبار ، بواسطة صحن إلهي من الحجر يحفظ لنا المياه الجوفية حتى لا تغور في أعماق الأرض.
قال تعالى:﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ﴾[الملك :30] .

إذن
* هناك تصميم حكيم في هذه الأرض يعمل تحت أمر خالقه بإتقان ونظام .
* هناك قوانين (وسنن) ثابتة ، مقدرة ، متقنة ، تعمل على تكوين ماء المطر ورفعه من البحار إلى فوق مستوى الجبال بعد تخليصه من الأملاح، ثم نقله إلى المخلوقات المحتاجة إليه في أواسط القارات وإنزاله نطفاً دقيقة نافعة غير ضارة، وتسييره أنهاراً نافعة وامتصاصه لكي لا يعوق سير الحباة ، ولكي لا يبعث العفونة ، ولكي يحفظه قريباً من سطح الأرض بصحن صخري .

مجيب الدعاء:
اسأل العارفين برحمة ربك سميع الدعاء ، اسألهم عن إجابته سبحانه دعوة المضطرين وإغاثته للملهوفين.
اسأل كم أصيبت أراض بالجفاف وانعدام المطر، فخرج المسلمون ـ كما علمهم رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ يدعون ربهم مستغيثين ، وما صدق قوم في دعاء ربهم إلا أجاب الله دعاءهم وأغاثهم بالمطر، وبهذا يشهد مئات الملايين من المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.
ذلك هو التطبيق العملي الذي نعرف به أن خالق المطر هو السميع مجيب الدعاء.
قال تعالى:﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾[البقرة:186] .

نقاش
* من صاحب التركيب الحكيم في تصميم الأرض.
* من الذي قضى بهذه السنن والقوانين المنظمة الدقيقة المحكمة؟
* من الذي سمع دعاء المستغيثين فأجاب دعاءهم وأنشأت السحاب وأنزل المطر:
* وثن لا يقدر على فعل شيء ولا يعقل أمراً؟‍
* طبيعة عمياء صمياء بكماء لا تملك إرادة أو تدبيراً؟‍
* أم أن العدم هو الذي أنشأ ، وصمم ، وأوجد ، وكون , وقدر ، وأتقن ، وسمع ، وأجاب ، وهو العدم الذي لا وجود له. فكيف ينتج الموجود من معدوم؟!
* أم أن ذلك كله شاهد يتحدث إلى العقول البشرية أن له رباً حكيماً، قادراً، خبيراً ، سميعاً ، مجيباً ، رازقاً ، مقيتاً ، مغيثاً لعباده؟! إن هذه السنن المحكمة، المقدرة ، التي تنظم تكوين الأمطار وسيرها ، تتحدث إلى العقول بقدرة ربها ، وصفات خالقها ، ووجود منشئها ، فلولاه ما كان شيء مما تشاهد الأبصار من نظام وإتقان وتدبير وإحكام.

الخلاصة
* الله خالق الأرض وما فيها بتصميم حكيم.
* الله الذي سخر الشمس وحرارتها لرفع الماء العذب فوق مستوى الجبال.
* الله الذي أرسل الرياح ، وأنشأ السحب وأنزل الأمطار .
* الله الذي أجرى الأنهار (الغيول) وفجر العيون وخزن المياه الجوفية وحفظها من الضياع في أعماق الأرض بصحن صخري .
* الله الذي خلق الإنسان والحيوان والنبات وتكفل بالغذاء والمشرب فوفر لهم أسبابها .
* الله هو السميع مجيب الدعاء كاشف الضر مغيث الملهوف.
* إن الأوثان العاجزة والطبيعة البليدة الصماء البكماء لا تقدر على صنع أو تدبير أو سمع أو إجابة .

لاكي
شكرا على المرور
بارك الله فيكم
وجزاكم الله خير
جزاك الله خير على الطرح المهم والمميز ,,
وجعله في ميزان حسناتك ..
شكرا جزيلا على المرور

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.