ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بـســم الله الـــرحـمــن الرحيـــــم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القصص في القرآن الكريم
القصص والقص لغــة : تتبع الأثر
وفـي الاصطلاح : الإخبـار عن قضيــة ذات مراحل
يتبع بعضها بعضا .
وقصص القرآن أصدق القصص لقوله تعالى ( وَمَنْ
أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثاً ) وذلك لتمام مطابقتها للواقع
وأحسن القصص لقـولـه تعــالـى ( نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ
أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَـذَا الْقُرْآنَ ) وذلك
لاشتمالها عــلى أعـلى درجات الكمال في البلاغة
وجلال المعنى .
وأنفع القصص لقولـه تعالى ( لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ
عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ ) وذلك لقوة تأثيرها في إصلاح
القلوب والأعمال والأخلاق .
وهي ثلاثة أقســـام :
1 – قسم عـن الأنبياء والرسل وما جرى لهم مــع
المؤمنين بهــم والكـافرين .
2 – وقسم عــــن أفراد وطوائف ، جرى لهـم ما فيه
عبرة ، فنقله الله تعالى عنهم ، كقصة مريم ولقمان
والذي مر عــلى قرية وهي خاوية عـلى عروشها ،
وذي القرنيـن وقارون وأصحاب الكهف وأصحاب
الفيـل وأصحاب الأخدود وغير ذلك .
3-وقسم عن حوادث وأقوام في عهد النبي صلى الله
عليه وسلم كقصة غزوة بدر وأحد والأحـزاب وبنـي
قريظة وبني النضير ، وزيد بن حارثة وأبي لهب ،
وغيــــر ذلك .
وللقصص في القرآن حكـم كثيـــرة عظيمة منهـا :
1- بيان حكمة الله تعالى فيما تضمنته هذه القصص
لقوله تعالى(وَلَقَدْ جَاءهُم مِّنَ الْأَنبَاء مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ،
حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ ) القمر 4 – 5
2- بيان عدله تعالى بعقوبة المكذبين لقــوله تعــالى
عـــن المكذبين ( وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَـكِن ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ
فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِـن دُونِ اللّهِ
مِن شَيْءٍ لِّمَّا جَاء أَمْرُ رَبِّكَ ) هود 101
3- بيان فضله تعالى بمثوبة المؤمنين لقوله تعالــى
( إِلَّا آلَ لُوطٍ نَّجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ ، نِعْمَةً مِّنْ عِندِنَا كَذَلِكَ
نَجْزِي مَن شَكَرَ)
4 – تسلية النبي صلى الله علـيــه وسلم عما أصابه
من المكذبين له لقوله تعالى ( وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ
الَّذِينَ مِـــــن قَبْلِهِمْ جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ
وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ ، ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كَانَ
نَكِيرِ )
5- تـرغيــب المؤمنيــن فــي الإيمان بالثبات عـليــه
والازدياد منـــه إذ علمـــوا نجاة المؤمنين السابقيـن
وانتصار من أمروا بالجهاد لقوله تعـالى ( فَاسْتَجَبْنَا
لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ ) وقوله
( وَلَقَـدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلاً إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاؤُوهُم
بِالْبَيِّنَاتِ فَانتَقَمْنَا مِــــنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَـــانَ حَقّاً
عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ) الروم 47
6- تحذير الكافرين من الاستمرار فـي كفرهم لقولـه
تعــالى ( أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ
عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ
أَمْثَالُهَا ) محمد10
7 – إثبات رسالة النبـي صــلى الله عليه وسلــم فإن
أخبار الأمم السابقة لا يعلمها إلا الله عز وجل لقوله
تعــــالى ( تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ
تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَـذَا ) هود 49 ،
وقوله ( أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ
وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللّهُ )
تـكرار القـصـص :
من القصص القرآنية ما لا يأتي إلا مرة واحدة ،مثل
قصة لقمان وأصحاب الكهف ومنها ما يأتي متكررا
حســـب ما تدعو إليه الحاجة وتقتضيه المصلحـة ،
ولا يكون هذا المتكرر على وجه واحــد بــل يختلف
فــــي الطول والقصر واللين والشدة وذكر بعض
جوانب القصة في موضع دون آخر
ومن الحكمــــــــة في هذا التكرار ؟
1- بيان أهميـة تلك القصة لأن تكرارها يدل عـــلى
العناية بها .
2- توكيد تلك القصة لتثبت في قلوب الناس
3- مراعاة الـزمن وحال المخاطبين بها ، ولهذا تجد
الإيجــاز والشدة غالبا فيما أتــى مـن القصص فــي
السور المكية والعكس فيما أتى في السور المدنية
4- بيان بلاغة القرآن في ظهور هذه القصص على
هذا الوجــه وذاك الوجه على ما تقضيه الحال
5 – ظهور صدق القـرآن ، وأنه مـن عند الله تعـالى
حيث تأتي هذه القصص متنوعة بدون تناقض .
كتاب : أصول في التفسير للشيخ محـمد العثيمين رحمه الله
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بورك فيكِ اختي