السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
قال صلى الله عليه وسلم: «ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم اعط منفقا خلفا ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكا تلفا» [رواه البخاري ومسلم]
رغب الله تعالى عباده المؤمنين في البذل والإنفاق ووعدهم على ذلك أجراً عظيماً وبيّن لهم فضل عملهم هذا فقال تعالى: مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ [البقرة:261].
وقال تعالى: مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [البقرة:245]. والإنفاق في سبيل الله من أفضل الأعمال وأزكاها، فهو يزكي النفس ويطهّرها من رذائل الأنانية المقيتة والأثرة القبيحة، والشح الذميم، وبهذه التزكية يرتقي الإنسان في معارج الكمال والعطاء ولذلك كان العطاء من صفات الله عز وجل.
وهو أيضاً تطهير للنفس من العبودية لغير الله تعالى، وإرتقاء لها واستعلاء ونجاة من البخل الذي يهبط بالعبد إلى مدارك العبودية للدينار والدرهم وصدق الله العظيم إذ يقول: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا [التوبة:103]. والإنفاق في سبيل الله هو في الحقيقة حفظ للمال وزيادة له وليس نقصاناً له واتلافاً كما قد يظن البعض لقوله تعالى: وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ [سبأ:39] ولقوله : { ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفاً ويقول الآخر اللهم أعط ممسكاً تلفاً } [متفق عليه].
إن مكافأة الله المنفقين في سبيله لأعظم من أن تقتصر على الحياة الدنيا (والآخرة خير وأبقى)الأعلى:17 وأرفع من أن تقتصر على الرزق المادي وحده،
لذا فليس من الصواب حصر للخلف والتلف في دائرة المال.
والأمر أعمق من هذا وأوسع، فالخلف هو العوض الذي يكافئ به الله الغني الكريم عباده المنفقين، وهو أكرم من أن يجعله مقصورا على المال فقط، بل قد يكون صلاحا في الأهل، أو نجابة في الأولاد، أو عافية في البدن أو بركة في القليل، وقد يكون أمرا معنويا خالصا، كهداية إلى حق، وتوفيق إلى خير، وانشراح في الصدر، وسكينة في القلب، ومحبة في نفوس الخلق، وشعور بحلاوة الإيمان ورضوان الله تعالى، فضلا عما أعده الله في الآخرة لعباده الصالحين مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. (فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعلمون)السجدة:17.
والله يجزاك الجنه يااارب
بارك الله فيكن وجمعنا فيها أجمعين يااااااااااارب