ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بـســم الله الـــرحـمــن الرحيـــــم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الســؤال : هل يجب على المؤمن عدم الخوف مـــن
الموت ؟ وإذا حدث هذا فهل معناه عدم الرغبة في
لقاء الله ؟
الجــواب : يجب على المؤمن والمؤمنة أن يخافا الله
سبحانه ويرجواه ؛ لأن الله سبحــانـه قـال فـي كتابه
العظــيم ( فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) ،
وقـال عز وجل ( فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ ) وقال
سبحانـــه ( وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ) ، وقال عز وجل ( إِنَّ
الَّذِينَ آمَنُـواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ
أُوْلَـئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللّهِ ) ، وقال عز وجل ( فَمَن
كَـانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ
بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً)في آيات كثيرة . ولا يجوز للمؤمن
ولا للمؤمنة اليأس من رحمة الله ، ولا الأمن مـــن
مكره، قال الله سبحانه( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا
عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ
الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) وقـال تعالى
( وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِـــن رَّوْحِ
اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ) وقــال عز وجل ( أَفَأَمِنُواْ
مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ )
ويجــب عــلى جميـــع المسلمين من الذكور والإناث
الإعـــداد للموت والحــذر مـــن الغفلة عنــه، للآيات
السابقات ، ولما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه
قال ( أكثروا من ذكر هاذم اللذات )(1) – الموت – ؛
ولأن الغفلة عنــه وعدم الإعداد له من أسباب سوء
الخاتمة ، وقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها أنها
قالت : قــال رسول الله صلى الله عليه وسلــم ( من
أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره
الله لقاءه ) فقلت : يا نبي الله: أكراهية الموت فكلنا
نكره الموت، قال (ليس كذلك ولكن المؤمن إذا بشر
برحمة الله ورضوانه وجنته أحــــب لقاء الله فأحب
الله لقاءه ، وإن الكافر إذا بشـر بعذاب الله وسخطه
كره لقاء الله فكره الله لقاءه ) متفـق عليه ، وهـــذا
الحديث يدل عــلى أن كراهة الموت والخوف منـــه
لا حرج فيه ، ولا يدل ذلك عـلى عدم الرغبة فـــي
لقاء الله ؛ لأن المؤمن حيـن يكره الموت أو يخاف
قدومه يرغب فــي المزيد مـــن طاعة الله والإعداد
للقائه ، وهكــــذا المؤمنة حين تخاف مــن الموت
وتكره قدومه إليها إنمـا تفعـل ذلك رجــاء المزيد
من الطاعات والاستعداد للقاء ربها .
ولا حرج على المسلم أن يخاف مــن المؤذيات طبعا
كالسباع والحيات ونحو ذلك فيتحرز منها بالأسباب
الواقية ، كما أنه لا حرج على المسلمين في الخوف
مــن عدوهم حتى يعدوا له العدة الشرعية ، كما قال
الله سبحـــانــه ( وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ )
– أي الأعداء – مـع الاعتماد على الله والاتكال عليه
والإيمان بأن النصر مـن عنده ، وإنما يأخذ المؤمن
بالأسباب ويعدها ؛ لأن الله سبحانه أمره بها لا مـن
أجل الاعتماد عليهــا ، كمـــا قـال الله سبحانـه ( إِذْ
تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُــمْ فَاسْتَجَابَ لَكُـمْ أَنِّـــي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ
مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ ، وَمَـــا جَعَـلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى
وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِـنْ عِندِ اللّهِ
إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) .
وإنما الخوف الذي نهى الله عنــه هــو الخوف مــن
المخلوق على وجه يحمل صاحبه على ترك الواجب
أو فعل المعصية، وفي ذلك نزل قوله سبحانه ( فَلاَ
تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) وهكذا الخوف
من غير الله على وجه العبادة لغيره ، واعتقاد أنه
يعلم الغيب أو يتصرف في الكون أو يضر وينفـــع
بغير مشيئة الله كما يفعل المشركون مع آلهتهم .
وبالله التوفيق .
موقع الشيخ عبدالعزيز بن باز
(1) رواه الترمذي وقال الألباني ( حسن صحيح )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ