ومن ثم حٌرم إجابة الدعاء، ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة قالَ قال رسول الله (صلى الله علية وآله وسلم):
( أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال: يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إن بما تعملون عليم، وقال : يا أيها الذين أمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يده إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنا يستجاب لذلك).
كم من الناس حُرموا لذة الأكلة الحلال، وحُرموا بركة المال، وحُرموا صلاح العيال بسبب أكل الحرام من ربا وغشي وخداع وسرقة وحلف كاذب.
مسكين أنت أيها المحروم فربما أنك تركع وتسجد وترفع يديك بالدعاء فأنا يستجاب لك.
أيها الأخوة، أخشى أن نكون من المحرومين ونحن لا نشعر، فنحن نرفع أيدينا بالدعاء، ونلح على الله فيه، وربما سالت الدمعات على الخدين.
أنظر لحال المصلين ودعاء القنوت في رمضان، فربما لا نراء أثرا لدعائنا وبكائنا:
( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ).
( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ).
لنراقب أموالنا، ولنحرص على أكلنا وشربنا ولبسنا، وربما دُخلنا من إهمالنا في أعمالنا ووظائفنا.
فيا أيها المحروم:
إن لأكل الحلال أثرا عجيبا على القلب وراحته وسعادته.
إن لأكل الحلال أثرا كبيرا على صلاح الأولاد وبرهم بإبائهم.
بل إن لأكل الحلال أثرا كبيرا على سعة الرزق ونماء المال.
فكم من المحرومين بسبب المعاصي والذنوب ؟
ففي المسند من حديث ثوبان قالَ قال رسول الله (صلى الله علية وآله وسلم):
( إن الرجل ليحُرم الرزق بالذنب يصيبه )8
فكم من المحرومين بسبب المعاصي والذنوب ؟
أنتبه أيها المحب، فليس كثرة المال عند بعض الناس دليلا على بركته، بل قد يكون شقاء على صاحبه، وكم سمعنا عن من ملك المال والقصور يعيش في تعاسة وهموم، وقد قال (صلى الله علية وآله وسلم) :
( إذا رأيت الله عز وجل يعطي العبد من الدنيا وهو مقيم على معاصيه ما يحب فإنما هو استدراج، ثم تلا قول الله عز وجل: فلما نسوا ما ذكّروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء، حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون)9
وأسمع لأبن القيم رحمه الله وهو يقول عن أثر الذنوب والمعاصي:
( ومن عقوبتها – أي المعاصي والذنوب – أنها تمحق بركة العمر، وبركة الرزق، وبركة العلم وبركة العمل، وبركة الطاعة وبالجملة تمحق بركة الدين والدنيا، فلا تجد أقل بركة في عمره ودينه ودنياه ممن عصى الله، وما محقت البركة من الأرض إلا بمعاصي الخلق، قال تعالى: ولو أن أهل القرى أمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض. وقال تعالى :وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا لنفتنهم فيه. وإن العبد ليحُرم الرزق بالذنب يصيبه) انتهى كلامه رحمه الله.
اللهم ارزقنا رزقا طيباً حلالاً يغنينا..
بارك الله فيكِ يا مروى