أنى تكون روحي يقوم وطني
لي وطن
فيه قبر جدتي
آثار طفولتي
وأطلال رجولتي
فيه أسمالي
أرصفة للتوسل
أغانٍ مبحوحة
فيه نهران عظيمان
جسور وشاحنات
وفيه لجميع الأحياء قبور.
حدود روحي حدود وطني
عائلة
في الصباح
فنجان القهوة بين الجبنة
وحبات الزيتون
المائدة تتسع بالأيدي
حين همّ الأب بالخروج
طلب الطفل شكولاتة
وطلبت الأم قبلة
وقال الأب سأعود
في المساء
الطفل في الشرفة
الأم في المطبخ
والأب في بيت الجثث
جدي
الشمس الشمس
تتسلق تتسلق
السماء السماء
للجدار للجدار
الواطئ الواطئ
ظلّ ظلّ
قصير قصير
على على
الكرسي الكرسي
يجلس يجلس
جدي الغبار
النخلات الثلاث
خيرية في الخامسة
ضوء اصفر شاحب
عيناها الغائرتان
ترقبان بألم
في الفسحة الواسعة
أمام الكوخ
تتمرغ الأبقار بالتراب
نخلات ثلاث
ننطلق نحوها كالخيول
أما خيرية
فتّدب وراءنا مثل نملة
الليل يفتح أبواب الجن
فتنساب نحونا السعالي
عيوننا المفتوحة
تسبح في ماء خيال جدتي
الشتاء يحتل كوخنا
وينشر البرد
أمي بيدها المرتجفة
تلقي علينا الأسمال
في الفسحة الواسعة
أمام الكوخ
تتمرغ الأبقار بالتراب
نخلات ثلاث
ننطلق نحوها كالخيول
ولا أحد يدّب وراءنا
الكوخ يطوقه الصمت
أمي واقفة
بيدها صرة ثياب
عيناها مثل قاربين
ذهب بهما
بحر من الدمع
– أين خيرية
– لقد رحلت
– وحدها؟
– لا خوف عليها
– قد تبرد؟
– الراحلون لا يبردون
– قد تجوع؟
– الراحلون لا يجوعون
– أماه لِمَ لا نرحل نحن أيضاً؟!
في الفسحة الواسعة
أمام الكوخ
تتمرغ الأبقار بالتراب
نخلات ثلاث
ننطلق نحوها كالخيول
البيت لا يخرج إلى الحديقة
ولا يمضي إلى السينما
بل ينام بأشيائه على جسدي
ليكسر شيئاً في روحي
القمر
يضيء
الغرفة
هل
تسريح
الشمعة
في الطريق
إلى المزرعة
تسيل طفولتي
فيلعقها التراب
شجرة الآس أزهرت
في بيتنا تمرح الشمس
يا أمي ماذا بعد
هل وهنت وغطاك الغبار
وأنا لا أعرفُ
الطريق إليكِ
صار الوطن موجة
في بحر الحرب
يا أمي
أطفئي قنديلكِ ونامي
في هذا الهجير
حطت غيمة
هاربة من سمائها
قصمت ظهر القيلولة
فانهمرت
أمي بالبكاء
نوم أم
الشمس غادرتنا ذابلة
والقمر
غافٍ في حضن السطوح
حبيبتي
لم تمشط سعرها
وأنا لم أحلق ذقني
فأمي العزيزة
لا تزال نائمة
سليمة
في البرد تأتي بالنار
في الحر تأتي بالثلج
في الحزن تأتي وحدها
وفي الفرح تأتي بالجميع
يا أبي
كم شمعة أطفأت
وكم شمعة لم تطفئ
خان وجهكَ
فأسلمكِ إلى العتمة الأبدية
أنا أبنكَ المشرد
ورثت عنكَ أعضاءكَ المكبوتة
وبشرتكَ الصفراء
وآمالكَ المغدورة
نساء محلولات الشعر
ينحن ويثرن العويل
على الصدر
ينطّ الاحمرار
رجال
ينسابون بمسوحهم
السوداء
الوقت
يتأوه في الساعة
أصوات
ترتفع هنا
وتنخفض هناك
على سطح الحر
ينكسر البرد
نيران
تلهث حول القدور
أطفال
يتهافتون على الأطباق
شموع
تخدش وجه العتمة
رايات
تراوغ الهواء
على المرآة
وجه الحزن
ذكريات
تحتشد هنا
وتتفرق هناك
صندوق
يستقر على الأكتاف
جوعان
يجوع بي الجوع
أنا الجائع الأبدي
جوعان
إلى
كل
شيء
وكل ما حولي جوعان
لا خبز يودي بجوعي ولا جوع
ألا يموت من الجوع الجوع
الدمعة رأي العين
العين وطن الدمعة
ما تذهب إليه العين
لا تدركه اليد
العين وطن
أنا الدمعة المسفوحة
على خد المنفى
الدمعة التي تغادر
لا تعود أبداً
عيني تضحي بآخر دمعة
لأجل حزن لا آخر له
لو كنتُ عيناً لأنكرت دموعي
الفم وطن الكلمة والأذن منفاها
كل صمت العالم لا يساوي كلمة
لن تجعلوا
من فمي زنزانة
يقضي فيها
مدى حياته
لساني
صوتي السائب
ينقب
في آذان خربة
عن مأوى
اسمع صوتاً مدوّياً
يعتذر
عن كلمات لم أقلها
في فمي يتآكل الكلام
أنا خطأ العالم واعتذاره
أن تكون بشراً
تلك المحنة الكبرى
والشدّة التي تتعالى
على الزوال
أنا نطفة مجهولة
حملتني الأرض
ثم أطلقتني
إلى الصراخ
الصراخ
صدى
الرغبة
أنا نجمة ضالة
آوتها الأرض
وألقت عليها الأسمال
أنا
أثر
على
ماء
أنا
منْ أنا
أنا لستُ سوى بضعة أشلاء
في سروال
لا أعرف
كيف غدوتُ
ومنْ أطلق عليّ "الأشلاء"
تمنيتُ
لو أن من زجاج
الرغبة، أنا، العالم
العالم
نصفه فجيعة
والآخر منه ملهاة
ترشو الألم بالضحك
ستأتي تلك اللحظة
التي أجدني فيها خارج العالم
عندها
سأعرف أي كهف مظلم
هذا الذي خرجت منه
منْ ذا الذي عاقبني
لأكون:
على هذه الملامح
وبهذا الاسم
وفي هذا العالم
قطرة في بحر من البشر
لغرفة ثوبي الحجري
أنا تركة العالم المتروكة في حجرة
أنا
سليل غرفة
تنهي
سلالتها بي
في الشرفة المتطلعة
كرسيان صبوران
وطاولة قنوع
عليها
فنجانا قهوة متوجسان
الأول انتهى للتو
الثاني يستغيث بالرائحة
البيت مثواي الأخير
كل مساء
أشيع إليه جثماني
استولت عليّ الغرفة
شدّت قدميّ
وبجدرانها سورت
جسدي
وعلى بصيص شمعة
أمضت الليل
بتدوين اعترافاتي
في الغرفة القديمة
ذات الجدران المتآكلة
أنفض
جسدي كل يوم
كيلا يغطيه الغبار
إنا مأهولة بك
أنا خاوٍ منك
قالت الغرفة وقلتُ
صباح مكرر
لا نبأ عن حدوث ضوء
ولا وشاية عن دفء
على الطاولة
فنجان قهوة ساقط بالبرد
طعم مشرد
يستجدي من الفم التذوق
(فمي مستودع
الطعوم المرفوضة)
نافذة محرجة
من تزايد خذلان النظر
البيت سجن
غرفتي زنزانة
حلّ الظلام وشاع البرد
الستارة
تتطلع إلى بادرة يد
الشمعة توسطني
بينها وبين الشرارة
(اللهب ثرثرة الشمعة)
كرسي مخذول
يعاني من طول الانتظار
طاولة باردة
تحن إلى صباحيات
الأيادي وشجارها مع الأكواب
أنا الوحيد الأخير
تكمل
بي الوحدة وحدتها
بالأمس
رأيتُ رجلاً يشبهني
يرتدي أثوابي
ذاتها لكن بألوانه
على نافذته
تتدلى ستارتي
يقطع ليله
لينتهي إلى صباحي
في مصابيحه
بعض من أضوائي
سنواته لا تزايد
على سنواتي بالعدد
يجلس على كرسيي
في عينيه
بعض من نظراتي
يتناول قهوتي
يتجرع المرارة مثلي
يقرأ
الآن ما كنتُ قد قرأته
يشبهني تماماً
ويختلف عني كلياً
بالإقبال، بالرضا
وبوفرة الآمال
البيت
سجن انفرادي
لنزيل
يعصى على خطوه
طريق
صحوت مفزوعاً
لم أجدني
نائماً على سريري
ولا جالساً على كرسيي
لا مرآة رأتني
ولا زجاج لمحني
أيني
أنا
الآن
ترى منْ اقتلعني من غرفتي
وحلق بي إلى أعلى السماوات
وتركني بين كل هذه النجوم
وحيداً
أصحو مبكراً
أحمل فنجان القهوة
أقف عند النافذة
أرقب ما يحدث
في الأفق
أرى شيئاً قادماً
ضوءاً
لا يختلف مع الظلمة
قرب الشيء يشي به
هذا الآتي
لا ليس صباحاً
بل مساءً متنكراً
المساء حزين أيضاً
جردته العتمة
من لباس الضوء
وأرشدت
إليه ظلال الصمت
العقل هفوة الجنون
العقل هفوة الجنون
حين
يتداعى العالم
يقوم العقل
1
العقل
خدعة
الطبيعة
2
العقل
أبنُ
العالم
العاقُ
3
ألم
القلب
صحة
العقل
4
من
العقل
كل
شيء
حي
5
الجنون
خطوة
تجاه
العقل
(العالم
رهينة
العقل)
6
الجنون
خطوة
تجاه
العقل
7
نهاية
عقل
أمهلوا
الجنون
8
القلب
وطن
الحب
والعقل
منفاه
9
الخلود
سلطة
العقل
10
الخلاف
نشيد
العقل
الاختلاف
ميل
القلب
11
القلب
وطن
الحب
والعقل
منفاه
12
مثلما
لا
ينفصل
الضوء
عن
النار
لن
انفصل
عن
العلم
13
غيابي
غياب
العالم
14
أنا
صورة
العالم
الذي
ليس
صورتي
15
العالم
غرفتي
التي
لا تتسع
لأشيائي
16
العالم
عضوي
المفقود
17
لي
في
العالم
ما
له
عليّ
18
أنا
تجمع
لا
نهائي
للكون
19
الكون
مليء
بي
أنا
خاوٍ
منه
20
الطبيعة
حاستي
وحاسة
الطبيعة
الهواء
21
من
فمي
يتعرف
البحر
إلى
طعمه
ومن
بصري
يتعرف
العالم
على
جماله
22
الطبيعة
حمى
العقل
23
الأمل
هبة
الطبيعة
اليأس
هبة
البشر
24
الأرض
لا
تجذب
إلاّ
الثقال
25
البحرُ
رائعٌ
عندما
أكونُ
أنا
رائعاً
26
هل
كان
للبحر
لون
أزرق
فاغتاله
الأزرق
24
أنا
ملح
البحر
وهواء
الهواء
25
اليابسة
تواضع
الماء
(الماء رد الكون
على تصلب الكائن)
26
الماء
تأويل
العطش
(الماء شهوة
العالم الجارية)
27
أنا
إنسان
دائم
28
أنا جسد
أزلي
وروح
أبدية
29
أنا
روح
الكون
الموعودة
بوجود
والمتوعدة
بعدم
30
أنا
ضرورة
لكن
مؤسفة
31
أنا
المستولي
على
كل
شيء
أنا
الخاسر
32
ليس
لي
إلاّ
أنا
33
زوال
أشيائي
زوالي
33
أنا
الحاضر
وسط
من
غابوا
34
أنا
الأبعد
عن
قربي،
أنا
الأقرب
عن
بعدي
35
لا
قرار
لأعماقي
35
لن
أفرح
بما
سيأتي
ولن
أحزن
على
ما
قد
مضى
36
سأمحو
من
طاولة
الروح
ما ومن
لا أحب
37
الموت
ثمن
زهيد
على
حياة
تبلغ
قيمتها
الخلود
(الموت ليس كفوي)
38
اللا رغبة
الرغبة
المستحيلة
39
اللوعة
أنشودة
اللا رغبة
40
أقسى
الأسئلة
تلك
التي
يستحيل
طرحها
41
لماذا
يسكت
الأصبع
على
جريمة
الكف
42
العالم
نعت
الروح
43
الروح
صوت
العالم
المكتوم
عليها
بالجسد
44
الروح
عقيدة
الكائن
يجحدها
الكون
بالموت
(الروح عقيدتي)
45
الروح
رهينة
الجسد
المرتهن
على
وجود
مرهون
على
زوال
46
أبعد
أعضائي
عضواً
عضواً
لأنفرد
بروحي
47
عصيان
الجسد
انهيار
الروح
48
الجسد
مائدة
الروح
49
الجسد
طريق
الوعر
إلى
الروح
50
الجسد
سفح
الرغبة
الروح
قمة
اللذّة
51
اللذّة
ذروة
الرغبة
لا عزم
بلا متعة)
52
الروح
مشردة
على
طرق
الجسد
الشائكة
بالرغبة
(الجسد طريق
الروح
السالك باللذّة
والشائك بالألم)
53
الجسد
تيه
الروح
54
الرغبة
تجسيد
الروح
(اللذّة هدنة
الروح
ينتهكها الجسد
بالألم)
بركة الجنون
الجنون خطوة نحو العقل
يا بيتر فيريك (1)
ما الذي تنتظره
من منظر "بركة الجنة"
في "نورثامبتون"
أما زلت تظنّ
أن قبلة واحدة
تصلح الجنون
والسور الذي يحيط
بمستشفى "ماساتشوسيس" (2)
لا يمتد أبداً
وبوصة واحدة
ستسع لطوفان العقل
أحياناً
سعةُ البحر
تشقي العينَ
بالطبع لا
لن نغتال الرغبة في المجهول
غداً
ستغدو المستشفى عاصمة
والأصحاء
ينتحلون صفة المرضى
والقبلة
ستتمرد على الفم
لأن الأذى
لا يذهب قطعاً بقبلة
بيتر فيريك شاعر أمريكي
مستشفى للمجانين والمصدومين ورد في قصيدة بالطبع لا للشعر فيريك
الحزن فرح مهزوم
من أين لي ساعة
تتوقف لترى فرحي
وتسرع إن اقبل حزني
الألم
لو كان الألم أبيض
لزينا به
واجهات المنازل
وصالات الاستقبال
لأنه أسود
فقد أخفيناه
في أسفل درج
من القلب
أيها الألم
الذي أتيت دون تمهل
علامَ تتمهل
عند المغادرة
يا فرحي
لن أنساك
مهما بعدت أو دنوت
لأجلك فقط
حزنتُ كل هذا الحزن
أنا
النغمة الحزينة
في سيمفونية العالم
المرحة
لولا الحزن لما عرفتك يا فرحي
ليس لي إلاّ أنا
العالم
يقتصد بالفرح
ويسرف
كيفما اتفق بالحزن
الفرح منّة العالم
الحزن هبة البشر
الحزن شبيهي
والفرح شبهتي
أنا نشيد فرح
لا يتوانى
عن ترديده الحزن
تسرّب إليّ الحزن
كالمطر الغزير
عبر
مظلة
فرحي
المثقوبة
لولاي لا حزناً كان
ولا فرحاً سيكون
الحزن عقوبة على فرح
أنا
منطقة نزاع
يتنازع عليها
حزن
منزوع أنا عليه
وفرح
منزوع أنا منه
يتركني الفرح وشأني
فيما
يتركني الحزن وشأنه
أي فرح
هذا الذي تعيش من أجله
لا فرح لكَ
أنتَ الذي أغويت كل الأحزان
أي فرح هذا الذي تنشده
أنتَ الفرح الأبدي
الذي تطوف من حوله الأحزان
حزن
العالم
مدين
بوجوده
لي
دللتِ أعضائي بمتعة رغباتكِ
قلتِ:
ألم الكون حمل الكائن على التكوين
لا تتألم فتؤلم لذّتك
من اللذّة كنت ومنها كان الكون ويكون
لا تتهافت على فرح لا يهفو إليكَ
أنت كلمة معناها أنا
قلت لي:
الصحيح منْ يقدر على تصحيح نفسه
ثم اعتذرت قائلاً
منْ صحح نفسه فقدها
كل منْ ذاق عرف إلاّ أنت
أنت الحاسة والمحسوس
أنت الطعم واللسان، الصوت والأذن،
الأنف والرائحة
لا تبسط العقل وتطوي القلب
لا تدع ما يفسد صباحك
ويضيق رحابك
ضع في يدك يدك
وامضِ الوقت في الحديث
عن ذكرياتك التي لا تحدث
ميلك استقامة
لا تحزن، فنفسك معك
أينما كنت وأنى ستكون
لا تضلّ عنها
الضلالة عبارة الخائفين
الضلالة نزهتك في متنزه
لا ينزّه إلاك
لا تبتهج من الخوف ولا تخف من البهجة
لا تساوِ بين البهجة والخوف
إن أبهجك مشهد البحر، فلا تخف إن غمرتك مياهه
بعدما صار حضورك غياباً
أخذت تنصرف عن فرحي
وتقبل على حزني
الثقة الباب الذي يصعب إقفاله
يفضح نومي حلمي عنك
بلا كلمات نسرف بالحديث
لا تكن وردة في مزهرية سواك
فيأتي عليك ذبوله
اقتصد بالثقة وأسرف بالحذر
حذرك ثقتك
لا تكن مرفوضاً منك
ومقبولاً من سواك
لا تكن تراباً فيحط منك
ولا ذهباً فتحسد عليك
كنْ أنت
فيكون منك الكون
المستقبل خيبة الحاضر
المستقبل
بعيداً
ذلك الذي نطلق عليه المستقبل
مثل كائن أسطوري أو مهرج
يلعب بمهارة بالخيال والحقيقة
بعيداً يبقى
يتوعد شموع يومنا
بهواء غده
انه من هناك
يدخن أيامنا
بهدوء
وبهدوء يقضم الحاضر
ماضي الكون مستقبله
سأهرب منكِ
إلى أعلى نقطة
من قمة مستقبلي الشاهق
من هناك أتطلع إليكِ
كيف
تغدين نقطة لا تذكر
في ذكرياتي
أيتها اللحظة القاسية
كجدار مشروخ
أقف أمام حاضر متداع
ماض شامخ
يشيد صرح ذكريات
يتجاهلها النسيان
مستقبل عجول
يتوّجني غباراً
على أطلال مصير
البحر ثوبي المبلول
سأشي بمساوئ اليابسة إلى الماء
على اليابسة
يجفف البحر
أحلامه
يحدّق
هذا البحر المتحفز
كأنني مطلوب له
بنجاة
كلما رآني الماء أحس بالعطش
لو أن اليابسة
تحب
البحر لذابت فيه
ارتمت
في البحر خائبة
بعد
أن قضت يومها
الشمس باحثة
فلم
تجد من تهديه الضوء
وتحمل إليه عطايا الدفء
أين أختبئ
إلى أين أمضي
إلى البحر الطاعن بالمدى
وأقول:
قد أصبحت شيخاً
وتبدو جليلاً
وما زلت تسرق
لونك من السماء
هذا ليس بحراً
بل قبر جماعي
لأنهار منتحرة
يرتدي قفطاناً أزرق
يتوكأ على المدّ
يعصى العاصفة
ويطيع الهواء
ومن الموج
يستمد عزمه
يتجه نحوي
قال أينكَ
– أنا فيّ
– لليس فيكّ سوى سواكَ
– تضيق بك اليابسة
وتعتصم بها مني
ألستَ أنتَ القائل:
إن أعجبك البحر
فلا تخف إن غمرتكَ مياهه
وقال أيضاً:
شريد اليابسة أنتَ
البحر مأواك
أبن لبحر أنتَ
ولقيط يابسة
الليل بحر
النوم قارب
الحلم ربان
ينبئ ببر
ليس
باراً مع أمان
أنا حلم ناج
من عالم
غارق في النوم
خطر بر ولا أمان بحر
يتركني
مسمراً على شاطئه
ويهرب
بنظراتي البحر هذا
ليندهش
بها من منظر شمس
تفضل
الغرق على التشبث بالسماء
رأيتُ
خصلات شعر عائمة
كفاً مبلولة تلوح
فماً يستغيث
صرختُ:
كيف ينقذ غريق غريقاَ
الماء حديث الكون السائل
أمضي
إلى البحر يومياً
لأروي بزرقته
عطش عيني
إلى لون
قبل أن أنتهي من محو اليابسة غمرتني المياه
أقاوم مدناً محتلة بالغياب
لا مدينة تصنع من حلم
ولا حلم يقوم من مدينة
أصنعُ مدناً
وأتوهم لها سكاناً
أصنعُ شوارع
وأتصنعُ لها مارة
أصنعُ زحاماً
وأتصنعُ التذمر منها
أصنعُ أرضاً
ثم
أسحبها في غفلة
من تحت من الأقدام
أصنعُ كراهية
وأتصنعُ الحب
أصنعُ أحزاناً
ثم
أدعي الفرح
أصنعُ موتاً
ثم
أتنكرُ له بالحياة
أصنعُ روحاً
لأتمرد عليها بالجسد
أصنعُ ذنوباً
ثم
أتصنعُ المغفرة
أصنعُ شمساً
وأحتج عليها بالظل
أمنيات أخيرة
سأصير هواءً كيلا يراني أحد
آه
لو كنتِ شجرة
كلماتكِ الأوراق
يداكِ الأغصان
مرفوعة أبداً
كم تمنيتُ أن أكون سماءً
كيلا تتشرد النجوم
السماء ليست لنا
إنها للنجوم
وتمنيتُ أن أكون صخرة
ليتحطم عليها الهواء
كم تمنيتُ أن يعثر عليّ الليل
وأنا متلبس بماء البحر
حين أكون بحراً
سأحرق القفطان الأزرق
كم تمنيتُ أن أكون محيطاً
لأطوق وإلى الأبد الأرض
بذراعيّ
كم تمنيتُ أن يكون للأرض قدمان
لأحثها على السير
وتمنيتُ للأرض فماً لتصرخ
أيتها الصرخة
أين فمك
كم تمنيتُ أن أكون فرحاً
كي يعرفني الجميع
لو كنتُ حزناً لانتحرتُ
كم تمنيتُ أن أكون أملاً
كي أسكن الجميع
لو كنتُ يأساً
لما عرفت أحداً سواي
كم تمنيتُ أن أكون خوفاً
لأسكن الخونة
وتمنيتُ أن أكون ضحي
لتسكع الكون
لو كنتُ شمساً
لأمضيت الوقت في الزنازين
كم تمنيتُ أن أرى الليل
يعانق النهار
وتمنيتُ أن أكون مرآة
لأقول ما أراه
لو كنتُ مرآة
لتشمتُ بوجه القتلة
كم تمنيتُ أن أكون إلهاً
لأصنع منْ أحب
كم تمنيتُ أن أوجدكِ
أنىّ أكون ومتى أشاء
وتمنيتُ أن اسرق أثوابكِ
لأضعها على مشجبي
تمنيتُ أن أراكِ كل صباح
لأقص عليكِ أطياف الليل
والآن ما من أحد
حتى هذا الكتاب
يا له من صديق
يصمتُ
كلما أشحت عنه بصري
الوجه حديث المرآة
تتملى
المرآة وجهي
فتملي
عليّ ملامحه
كل صباح
تقترح
عليّ المرآة وجهي
فأقبل على مضض
هذا الاقتراح
كل صباح
تتراجع عني خطوة
هذه المرآة
لم تعد كتوماً
فكل صباح
تفشي المرآة
تجعيداً جديداً
المرآة حزينة
على وجهي
الفرح بها
الوجه محنة المرآة
كلما ضيّعت
التجاعيد وجهي
عثرت عليه
في مرآة
شوهد هذا الصباح
ابتسامة غربية
تواقع فماً غريباً
في مرآتي
التجاعيد ورطة المرآة
استيقظت مبكرة
أخذتْ
حمامها الصباحي
فرشت أسنانها
واتجهت نحوي
هذه المرآة
المرآة تتهم
وجهي بالتجاعيد
لتبرأ منها أعواماً
تنتحل صفة عمري
أخون المرآة
فتقتص مني
بالتجاعيد
أودع
المرآة وجهي
فلا تدع
على وداعته وداعة
ما رأيته
بالأمس أخافني
رأيت
صورة وجهي قد خلت
من البراءة والوداعة
تألمتُ
كيف نمت هذه الملامح البربرية
دون أن أدري
التجاعيد ذكريات المرآة
ا
لنسيان قصاص الذاكرة
الذكرى فعل منْ لا فعل له
أيها اليوم الجميل
امنحني فرحة
لا تكون في الغد
مجرد ذكرى
إثر كل لقاء
أصنعُ
ذكرى عني
وأخرى عنك
ثم أودعهما
في خزانة ذاكرتي
خوفاً
عليها من نسيانك
كل يوم يمضي
أخرج من علبة الذاكرة
ذكرياتي، ذكرى، ذكرى
أرممها
أنظفها مما يعلق بها
أخشى
عليها من صدأ النسيان
لن أكون في مكان
لا تدين لي ذاكرته
بذكرى
هذا الحزن
يتناول
بشراهة ذكرياتي
لا يترك
ذكرى واحدة
يسدّ
بها النسيان جوعه
امضي وقتاً طويلاً
في الحديث إلى نفسي
أتحدث عن ذكرياتي
تلك التي لم تحدث
أجمل ما فيّ ذكرياتي عنكِ
أنتِ فرقي عن سواي
أنا الأمل الوحيد
الذي
لا تبخلين عليه باليأس
أبحثُ فيكِ عنكِ
فيما
تبحثين أنتِ فيّ
عن سواي
أريدُ
أن أحطّ عليكِ
كما تحطّ النوارس على البحر
وأتعلق بكِ
كما تتعلق النجوم بالسماء
1
الندى الذي حطّ على وجهكُ
براحتيّ مسحته
2
الآن وجهكِ خالِ من الندى
ومن لمستي
هذا المساء
سآتيك عارياً
لا تزيدي
عريي عرياً
بإغماضه عينيك
يا لسعادته
يأخذك عارية
بين جدرانه
هذا البيت
كل نظراتي ودائع
في خزائن جسدك
فيضي بغزارة
اغمريني
من أعلى رأسي
وإلى أسفل قدمي
دعيني
أذوب فيكِ كلياً
حتى
لا يبقى شيء مني
عداكِ
بفرح واثق
اخترقت حشودهم
مهربة تحت القميص
لمساتي
أنا الذي رآك فكان
لا أعرفُ
كيف كنتُ
لكني
منذ أن عرفتكِ
صرتُ
بهذه الهيئة رجلاً
تثني
على وجهه المرآة
وجهكِ
دعوة الطبيعة
للاحتفاء بالجمال
أنا صنيع نظراتكِ
استحم بحمامي
ارتدي ثيابي
تعطر بعطري
وخرج
وأنا
أقف خائفاً
أن يضل امرأته
ويهتدي إليكِ
تنادت
كل الحواس
للاحتفال بك
كوني أنتِ لأكون أنا
سأشيع الفتنة
بين جسدي النقي بالإثم
وروحي الآثمة بالنقاء
تلتئم
حولنا جدران
تفرش تحتنا أرضية
وينقشع عنا السقف
نستلقي
أنا وأنتِ
نزاول الحب
ونتعاطى القبل
يرانا القمر
يفرح بنا
ويحزن
على وحدته
لا أعرفُ
كيف حدث ما حدث
رأيتُ
ليلة البارحة
امرأة تنهض منكِ
ورجلاً ينهض مني
وعلى مرأى منا
راحا يتعانقان
أنوثتك تصلب العالم لليونة
كل ليلة
أنا وأنتِ
نخلع أثوابنا
نقفز
في بحر النوم
نعوم
نغطس
وحين يهددنا الغرق
يصنع
كل منا، بعيداً عن الآخر
حلم نجاته
من ليل إلى ليل أنوء بك
أنتِ أنا حين أحب أن أكون امرأة
رسولك الهواء
فتحت له
أبوابي ونوافذي
بحفاوة استقبلته
هذا الهواء
حدثني عنكِ
بمنتهى الرائحة
أنتِ الوردة
وردتي الأولى والأخيرة
علام
تسيئين إليّ بالذبول
أنتِ ثناء الكون عليّ
سآتي ليلاً
بمعطفي المبلول
ووجهي الشاحب
أنقرُ على الباب
لا تفتحي الباب
أنقرُ على النافذة
لا تفتحي النافذة
وحين أمضي، انظري إليّ
عبر الستارة
أو من ثقب المفتاح
أنتِ بحيرة
أخلع أثوابي
وأقفز
لا أعوم أوأغتسل
بل لأغرق فيكِ
وجهكِ
أزاح ما بحوزتي
ليحوز
على كل نظراتي
أتردد
من نوم إلى آخر
على حلمكِ
أحمل إليك
من الورد عطره
من النبيذ مذاقه
ومن الفم أجمل كلامه
وأعذب قبلاته
لكن بغتة
يفرّ بكِ حلمكِ
فأبقى
وحيدا وضالاًً
في غيهب النوم
منذ زمن بعيد
وأنتِ تعيشن في حلمي
تجلبين الأشجار
وتزينينها بالعصافير
تفرشين لي العشب
وتغطينني بالسماء
بلا ملل
تكررين قصة الحب
لكن أما آن الأوان
لتدعي الحلم نائماً
وتوقظيني
ذات صباح
أنتِ تقررين النوم
وأنا أختار الحلم
ودع
في فمكِ قبلاتي
أطبع
على خدكِ لمساتي
وأترك
ابتسامتي تحمي
وجهكِ من وجوم
على
خدكِ النائم
تصحو لمساتي
بلا ورد تعالي
بلا شيء
لا أنا أنا
ولا الشيء شيء
بلاكِ
كنتِ أنتِ فكنتُ
أنتِ باقة الكون
اليانعة
بمفاتن نضرة
استبدلني بكِ لأقع في حبي
انتظار
لما مرت على انتظاره لها
ساعة وساعتان ولم تأتي
تركَ
خده يلامس المصطبة بهدوء
وقال:
أيتها المصطبة، هل يمكن أن
أراكِ غداً بنفس المكان
كل شيء من الأمس
وإلى الأمس كل شيء يعود
علامة وجودي أضوائي
على مشجب الليل
يتدلى:
النوم
الحلم
العالم
الرغبة
وأنا
سأحكم إغلاق
الأبواب والنوافذ
تاركاً إياه
يتسكع وحيداً
هذا الليل
أيتها الليلة
أية أحلام صنعتها من أجلي
بعد أن غامرتُ
من أجلكِ بالنوم
بلا دعوة
زارني الليل
جلس عند حافة السرير
تحدثتُ إليه فأصغى
عرض عليّ النوم
واعتذر عن الأحلام
النهار الجانب المضيء من الليل
هذه الليلة
دونما سبب
وهبتني نومة هادئة
لا يوقظني فيها حلم
سيأخذ بيدي الليلُ
لنطوف معاً في أرجاء النوم
عسى
أن تعثر عليّ أحلامي
أيها الحلم
من أجلك فقط
سألقي بنفسي
في بئر عميقة من النوم
هذا النوم يقف أمامي
فاغر الفم
يحدّق بي،
ولا ينقّض عليّ
هي ذي الساعة الثانية عشرة
جدران الغرفة تندفع نحوي
ولا شيء لدي
هي ذي الساعة الثانية عشرة
الأشجار غارقة في النوم
النجمة التي سقطت
التقطتها عتمة الحديقة
هي ذي الساعة الثانية عشرة
يضيع الأصدقاء في غابة الذاكرة
والأحلام تتسكع بعيداً عني
هي ذي الساعة الثانية عشرة
انتظر أحداً
لا
انتظر أحداً
نامت على خدي
يدي
أحمل أحلامي الأجمل
وأمضي إلى النوم
أي امرئ أنا
ما ألتذ به
أنني أقطف أحلامي
حلماً
حلماً
من شجرة النوم
أني الآن في بلاد موحشة
فرت منها الأشجار
أمامي تراكمت قدماي
فيما يجثم على صدري قلبي
ها نحن
أنا والحلم
نحن الاثنان
وحيدان في غابة النوم
هذا ليس مساءً
بل حداداً كونياً
على
رحيل صباح
أبقى ساهراً
واعياً
كي أذكر الليل
قبل انصرافه
إلا ينسى شيئاً
من ظلامه
تتلصص
العتمة على الضوء
والصمت يسترق السمع
العفش خانع
لا ينتفض على الغبار
الستارة
النافذة
الطاولة
الكرسي
الدفتر
القلم
كلها اجتمعت
وأجمعت عليّ
العتمة
تركة ليل
ينوء
بها الصباح
جردتُ
الليل من النوم
فجردني
من الأحلام
عندما ينفرد بك الليل
لا تمنِ نفسك بالصباح
إنما بزوال الليل
المختلف
أنا المختلف
ميثاق خطته:
البحار والأرض والعواصف
بالماء والتراب والريح
ونقشته:
الجبال والقمر والشمس
بالحجر والضوء والنار
لم أزل
وجهة لا جهات لها
النهار شمعتي
الليل عباءتي
الأرض كرتي
وأنا سارقها من يد الماء
تضيق بي ولا أضيق بها
كل ما أراه ملكي
النار فرقتها الأرض
فجمعتها
والضوء آويته
في مصابيحي
في العتمة
يختبئ الضوء
ظلي في الضوء رهينة
(أيها الظل عد
كيلا يخدّشك الصخر)
وقفت في الظلال
كيلا تنكرني الشمس
أنا أعصي العاصفة
وأطيع الهواء
في كياني الكلمات حجر
وفي الفضاء، هواء
جعلني
السهل أرى
والغناء أسمع
والأحلام
أغرتني بالنوم
(الليل
حجاب
المرايا)
الليل ما يفصل
تنام الأشجار دون أن تطفئ المصابيح
وتصحو دون أن تزيح الستائر
(ما تراه العين
لا تلمسه اليد)
لم أسئ للنار
بحبي للماء
الأرض
سأرفع الأرض بيدي
أنفض عنها الغبار
ثم أضعها على كتفي
أنىّ اتجهت
فالأرض بيتي
أدعو
الماء
والشجر
إلى وحدتي
تيه الأعضاء
أنا الناطق الأوحد
والنادم على نطقي
أنا المقبل دون نداء
أنا منْ يسأل
ولا يجيب سواي
سأجمع ما قلته
من أذن الهواء
أنا ضيف روحي
التي ما استضافها جسد
لم أعد قامتي للسجود
ولا قدميّ للهرب
ولم أختر الجسد
للروح منفى
منْ لا يرى وجهي
لا يراني
منْ لا يعرف اسمي
لا يناديني
(لم ابعد فلِم ترفع صوتك
يا منْ تناديني)
مقامي جسدي
جلسائي أطرافي
الجسد تيه الأعضاء
رأسي البائع
السوق جسدي
والبضاعة أعضائي
أيها الجسد
سأتركك نائماً
وأهرب
أثقل ما بي أثوابي
لماذا أصغر
ما في جسدي رأسي
الباب
منْ ذا الذي يقف
على بابي ليسأل
أنا صانع
الأبواب وأقفالها
لا باب لي
لكي يطرقه أحد
ولا طريق يؤدي إليّ
أنا الغائب
منْ أرشدهم
المختلف
أنا لا أمحو غيري
ولا أثبت نفسي
الطمأنينة بئري
والخوف دلوي
لم أنكر على الأشجار خضرتها
ولا على الجبال صخورها
فلماذا
ينكر جسدي روحي
أنا العزيز المعز
أنا الذليل المذلول
الحكمة
عصاي
النوم يخطفني
ويرشوني بالأحلام
لئلا أغرق صنعت قارباً
حين أتيه أو أغرق
فشواطئ نجاتي، انتحاري
الغضب
متنزه
الروح
(منْ يشي بالقلب
غير النبض)
لم أحمل هراوة
فعلام يفرّ السراب
في هذا العالم الشطرنج
يحلم الجندي بالعصيان
لا غرور للهزيمة
ولا تواضع للنصر
أنا سميت الهوّة
لأحذر منها
لماذا
لا يعتذر الخطأ
إلى الصواب
إلى الرقدة الأخيرة
تقود الإبرة الخيط
حين
تكفّ الأشياء
عن الوجود
لن أستيقظ
منْ بيع الهدوء
في سوق الضجة
الأمل يأس
في حالة عجز
الرضا ليس صفتي
(منْ يشقي المرض
غير العافية)
من أجل الخلود
تتبدل هيأتي
لماذا يكتبون أسماءهم بقلمي
وباء الأحكام المغفرة
خاتمة
والآن
هل تعيرني
الأشجار ظلالها
وتمنحني الأرض قلبها
مفر
أشجار المنفى دائماً رمادية
سألك طريقاً
غير طريقي
قد
آخذ الغيمة عربة
والهواء جواداً
الزجاج والمرايا
سأضللها
وبعيداً عن الضوء
أودع هيأتي
لا أحد يراني
سأبدل
السماء كالقميص
والأرض كالسروال
أمضي حافياً
وربما عارياً
لن أقول
لمقبل أهلاً
ولا لمدبر وداعاً
سأختفي بأثوابي
أغطي جسدي بالماء
وأضيء وجهي بالعتمة
لا أفتح بابي
لا أزيح ستائري
لن اطرق باباً
لا أخطو
ولا يخطو
نحوي صديق
سأجالس نفسي
واحتفل بها
سأفرح، أفرح
أفرح لأحزاني
سأخبئ آلامي بتجاعيدي
لن أطيل النظر بجريدة
كيلا تدقق بقسماتي
سأجمع بصماتي
وأطوي آثاري
سأختار
الأيام الماطرة للنزهة
وسأصطحب
الضباب إلى المصطبة
سآوي باكراً
وأنهض باكراً
سأعطي
الأرض خطواتي
ثم اسرقها
سأصنع ورقاً
لا يشي بكلماته
أضيء ليلي
واعتم نهاري
سأنكأ جراحي
كيلا تهدأ آلامي
البكاء نشيد البرابرة
كم مرة
ارتديت
سروالاً ليس سروال
وقميصاً ليس قميصي
كم مرة
قطعت
شوارع ليست شوارعي
وعشت أياماً ليست أيامي
لو أودعوا
كل المرايا في العتمة
كفنوا الزجاج بالأسود
ساقوا
جميع الأمشاط إلى الموت
ومنعوا
أن تحدق عين بعين
وصادروا
النظر إلى الماء
هل سينتفض الوجه
ويتمرد الشعر
أنا تعريف الخطأ
أنا خطأ لا رجعة عنه
أنصرف عن صواب
لا يصرفني إلى خطأ
في الخطأ
أكون كما أكون أنا
في الصواب
أصير كيفما يكون سواي
الخطأ تلذيذ
الصواب تأليم
خطأ الكائن
من
خطأ الكون
أخالفني
في الصواب
وأختلف إليّ بالخطأ
الخطأ صوابي
والصواب خطأي
أصيب في خطأ
وأخطئ في صواب
من شدة الصواب
أكاد أفقد أخطائي
لا ينازع القمر شمعة على بصيص
لو أن القمر
بحاجة لهذا الضوء
لما منحنا إياه
القمر طاولتي المستديرة للتفاوض حول الأحلام
الخطوة ما أملك
أين الطريق
التأنيب شجرة يابسة في غابة الضمير
القبلة أولى
بالفم من الكلمة
في البدء كان المعنى فكانت الكلمة
قال الجبل للوادي
اعرني عمقك
أمنحك قمتي
سأشي بمساوئ اليابسة إلى الماء
من أين لي
منديل
أمسح به ملامحي
أقسى الأسئلة تلك التي يستحيل طرحها
سأسرق مظلتكَ
وأرشد إليكِ المطر
لو كنتُ مطراً
لهطلتُ عليكِ
لو كنتِ مطراً
لتوقيتكِ بمظلتي
فرحتُ حين رأيتكِ
أول مرة
وحزنتُ . . . أيضاً
قالت:
عد كما كنتَ
وحين عدتُ
لم أعرف كيف كنتُ
جسد واحد
لا يكفي لآلامي
فم باب البيت
يبتلع
جسدي كل يوم
أصدقاؤه كالوردة
يأتون فقط بالربيع
على صفحة هادئة
رسم النهر صورتي
فمزقها الهواء
ظلي بخفة
يلامس قدميّ
لكنه
لا يعرف ما الذي تخبئه العتمة
****
كتاب الرؤيا
لا صواب لصواب فيما للشك شكوكه
رأيت أن الشك هو البدء، وإليه المنتهى
منّ لا وهم لا حقيقة له
ومن لا حقيقة له، لا قرار له
لا أخاف الخطأ
انما الصواب
لا أخاف الطريق، وانما الخطوة
ما الطريق ان لم تكن الخطوة•
رأيت أن طول الطريق، لا يسخر من قصر الخطوة
كلمتي
تسفر
عني
رأيت أن في البدء كان المعنى، فكانت الكلمة
رأيت أن الكلمة في تمرد على بدئها
لا نفاذ لكلمة تقوم على معنى نافد
سيادة الكلمات
من نفوذ معانيها
رأيت أن لا معنى لمعنى دون كله
رأيت أن المعنى موقف الكلمة
رأيت أن الكلمة، حكمة غير حاكمة المعنى
رأيت
أن من لا رؤيا له، لا رؤية و لا رأي له
رأيت أني أنا، مادمت أنا، أنا
رأيت أن سواي، مبرر أناي
رأيت الأنا أولى بي
رأيت أن ليس لي الاّ أنا
رأيت أن الرغبة بشير الجسد ونذير الروح
لا مقام لمقامي
ولا زمني، الزمن
لا حدود لحدودي
وفضائي روحي
حاجة الحاجة جسدي
ومن حاجاتي، تعرف سيمائي
رأيت أن في كل شيء عدواً لي، وفي كل عدو شيء مني
رأيت أن لا صفة لصفاتي، وما صفاتي الاّ انتحال صفة
رأيت أني تجميع لما لا يجمع بينها جامع
أنا مبلغ المبالغ ، ونسب الأنساب
مني الصفات، صفات، والأسماء أسماء
أنا الكل، والكل ليس أنا
واليّ الكل يؤول
أنا موقف الكون، والكون أنا
وأنا الموقف
ومن دوني ليس الموقف بموقف
يهتدي
بي الجمال الى جماله ويتعرف بي البحر إلى طعمه
***
الشمس
رغبتي المحرقة، القمر المضيئة، الأرض رغبتي المتواضعة و السماء المتعالية
لا مذهب يمذهبني
رأيت أني الثبات الذي لا ثبات له
لا أصنع
ملمحاً من ملامحي من أجل ضوء
ولا خوفاً من عتمة، عنه أتخلى
أنا المح من ملامحي بما عليها
من ملامح
أحفل بما لا يحفل بي
رأيت أني كلما ذهبت بنظري عاد بما ذهب
رأيت أن حزني استوى على حزني، يوم استوت على نفسي نفسي
من لايعرف حزني لا يعرفني
أني حاسة الحواس
كل الاشياء مني، ولا كل الاشياء أنا
المعلوم مني مجهول، والمجهول مجهول
سري
سر سرور سريرتي
رأيت أني داء لا دواء له• ودائي أقرب لي من دوائي
رأيت أني رهينة الأمل، والفدية اليأس
رأيت أن حاكمتي، حكمتي
رأيت أن رأس الرأس فكرته، وفكرة فكرته، اللذّة
رأيت أن لذّاتي رعايا تتمرد على راعيها
رأيت أن من لم يتردد، ارتد عليه تردده
وقال:
لمَ يخطفك من غيابك الغياب
ومن حضورك الحضور
وعلامَ
ينتحل تقدمك، صفة التراجع
شاهد في نفسك سواك
ول اتشاهد في نفس سواك
نفسك
تعلم الاختفاء، لتتعالى به
على ظهورك
رأيت أني ما أحتجب بحجاب، ولا بدوت ببدو
ما أن يحلّ غيابي
حتى تتنادى الأعواض
رأيت أن ظهوري يتجاوز بي على حجابي
رأيت أن الباطن فيما يبطن ، والظاهر فيما لا يظهر
رأيت أن الوجود باطل، مادام الباطل موجوداً
رأيت أن من لا خصم له، لا حق عليه، ولا صديق له
رأيت أن من لا شبهة عليه،لا براءة له
رأيت من لا يتجوهر به جوهر ولا تتصور به صورة
رأيت من يشحذ من سواه، أسوته
قال:
أنت الصحيح بأوجاعك
وبدائك وأحزانك
أنت الصحيح بصحتك
التي لا تسلم بصحة
صحيح
رأيت أن الجسد القبل، والبعد الروح
رأيت أن الجسد مشاهدة، والغيبة الروح
رأيت أن الجسد صلة الوصل، والهوّة الروح
رأيت أن الجسد تحولي
رأيت أن روحي لا تتحول، ولا التحولات عنها تتحول
رأيت أن الجسد شهود كل شيء في كل شيء
عزل
الجسد
إعتزال
الروح
رأيت أن الجسد قصد، والمقصد الروح
رأيت أن الجسد دوام الانتصاب في الكون
الجسد
ادناي
وبعادي
الروح
رأيت أن الكون يُحسن اليّ بالجسد، ويسيء اليّ بالروح
رأيت أن جسدي نسبي، ونسب روحي أنا
اني
على
صورة
جسدي
رأيت أن الجسد وجوباً، والإمكان الروح
رأيت أن الجسد تجلى المحسوس بالحس
رأيت أن الجسد معراج الجسد، وإسراء الروح ليس الروح
علامتي
اعضائي
رأيت أن الرغبة زينة الجسد
رأيت أن الجسد بيت، يبيّت الرغبة
رأيت أن الجسد طواف الاعضاء حول الرغبة
رأيت أن الجسد يتجسد بالرغبة، وتتروح الروح بالروح
رأيت أن اللذّة شغل الجسد، وشاغل الروح الألم
رأيت أن الجسد ينجلي على الرغبة، فيجلو الألم عن اللذّة
الجسد
تنزيه
الروح
عن الروح
رأيت أن الجسد رجاء، والخوف الروح
رأيت أن الجسد كون، وكائنه المستوحد الروح
رأيت أن الجسد عبارة الوجود
رأيت أن عزّة الروح من ذلة الجسد
في محنة الروح
يُعرف الجسد
رأيت أن الروح متاهة الجسد
رأيت أن الجسد وطن
رأيت أن الجسد هم الروح، ووهم الجسد الروح
رأيت أن لا نزهة لروح من وحشة جسد
رأيت أن فضاء جسدي، فضاء الكون وفضائي
لا جسد أرحب علي من جسدي
أني رغبات يحدّها جسد لاتحدّه
الجسد
انائي الذي لا يضيق بأعضائي
ما رأيت
رفيقاً كجسدي
ان شئت حادثته
وان شاء حادثني
ان أراد انصرف عني
وان اردت انصرفت عنه
لا أقيس
روحي بجسدي
ولا اشغل
جسدي بغير جسدي
رأيت أن حضور الروح ينشد غياب الجسد
رأيت أن في حضرة الروح يغيب للجسد
رأيت أن كلما أقبلت الروح، أدبر الجسد
رأيت أن الروح تنصرف لما يصرفها عن الجسد
الجسد مثوى الروح
الاعضاء
استباحة الجسد وبوحه الرغبة
قال :
تنزه بنزهة اعضائك
ولاتدع نزهة تتنزه بك
عن نزهة نزهتها
رأيت أن روح الروح السطوة، وجسد الجسد الرغبة
رأيت أن هواء الروح يجلو رغبة الجسد الندية
رأيت أن الرغبة جنحة الاعضاء المشروعة
رأيت أن جسدي مائدة الاعضاء
رأيت أني محمول على روح تتحامل على الجسد
رأيت أن الرغبة كناية الألم
اللوعة انشودة الرغبة
الم الرغبة لذّة
رأيت أن الرغبة تأتي باللذّة، وتغادر بالالم
رأيت أن الجسد تمكين الشهوة، والشهوة مكانة الجسد
رأيت أن اعضائي تستولي على جسدي بالشهوة
رأيت أن الشهوة مقام الجسد في الجسد
رأيت أن الشهوة معنى الكائن
الشهوة
معناي
رأيت أن الشهوة حكمة الجسد
رأيت أن الشهوة نصيحة الكون
رأيت أن الشهوة صحوة
رأيت أن الشهوة كينونة الكائن وكون الكون
رأيت أن الشهوة تجلي الكون في الكائن
من نكر شهوته،
نكر كينونته
ومن نكر كينونته
تنكر للكون
رأيت أن لا بغض في الشهوة، ومن يبغض شهوته، انما يبغض اسوته
رأيت أن الشهوة للهواء هواء، وللارض ارض، وللسماء سماء
رأيت أن الشهوة معنى اللحظة، ومن معنى اللحظة تدوم الديمومة
رأيت أن الشهوة اعتذار عن خطأ لا اعتذار عليه أو عنه
رأيت أن الشهوة خوف الجسد على الجسد
لا قناعة للشهوة ولا قناع
رأيت أن القناعة قناع الخيبة
رأيت أن من لا يعرف شهوته، لا يعرف متعته، ومن لا يعرف متعته لا يعرف نفسه من نفسه
رأيت أن المتعة، معنى المعنى، ومن دونها لا معنى لمعنى
رأيت أن المتعة نفس النفس
رأيت أن المتعة تجلي النفس
رأيت أن المتعة قوت النفس
رأيت أن المتعة، في القلب قلب، وفي النفس نفس
المتعة إيماني
والخروج عليها، خروج عليّ
رأيت أن المتعة عزيمة
رأيت أن على قدر متعتي، تأتي عزيمتي
رأيت أن لا عزم دون متعة
ما رأيت
نفسي في شيء
ولا من اجلها
شيء أجلى عن أشيائه
ما اصطفيت لنفسي
غير نفسي، وما كدر صفوتها
غير صفوتها
وقالت لي النفس:
أن النفس نفس
بما حملت، وبما تحمل
بما أوتيت، وبما تأتي
بما أحبت، وبما تحب
بما كرهت، وبما تكره
وبما
تعالت
ثم
استوت
رأيت أن الكائن كناية الخوف
رأيت أن الكون عبارة الخوف
رأيت أن الكائن كائن بما عليه من الخوف
رأيت أن الخوف طبع الكائن والأمن تطبيع
رأيت أن من الخوف يكون الكائن
رأيت أن الخوف تزكية الكائن
رأيت أن الأمن غفلة الكون
رأيت أن الخوف كشف الكون
رأيت أن الخوف حمل الكون على التكوين
رأيت أن الكون يحفل بالخوف
والكائن
يحفل بما يحفل به كونه
رأيت أن الكائن محكوم بالخوف
الخوف حكمة
رأيت أن الخوف طمأنينة، والقلق الأمن
رأيت أن الخوف تكليف، والأمن تكلف
رأيت أن الخوف استحقاق، والأمن طيف
التخويف
خوف
الكائن
رأيت أن الخوف صحيح الأمن وصحته
رأيت أن الأمن عقدة، والخوف عقيدة
رأيت أن الخوف صنف، والأمن تصنيف
رأيت أن الخوف مشاهدة، والأمن غيبة
رأيت أن الخوف قصد، والأمن تقصد
رأيت أن الأمن ضلالة الخوف
رأيت أن الأمن ظلال الخوف
رأيت أن لا خوف للخوف
رأيت أن الخوف لا يضيق بالخوف
رأيت أن الخوف إرادة
يسمني
الخوف بسيمائه، ويسميني باسمه
رأيت أن الخوف شبهي، والأمن شبهتي
كلما
أخطأت، قوّمني الخوف
رأيت أن الخوف جمالي، والأمن تجميلي
رأيت أن الخوف دليلي
اختلف
إلى الخوف، فأختلف واخلف
رأيت أن الخوف ما يرشد إلي
الخوف صورتي
رأيت أن الخوف تحدي
أخاف
على الخوف من خوفي
رأيت أن مخاوفي متعلقاتي
رأيت أن خوفاً واحداً لا يتسع لمخاوفي
أنا
حضرة الخوف، والخوف حضوري
مخالفة
خوفي
مخالفتي
رأيت أن الخوف يوحدني، والأمن يجزئني
حين
أخيف خوفي، أخافني
فأقول:
خوّفني يا خوفي، لأخافني
أرى
أن الخوف مدّي، والأمن جزري
أرى
أن الخوف فيضي، وأنا إفاضته
أرى
أني أولى بالخوف من الخوف
أرى
أن الخوف صحتي وصحيحي
أرى
أني غاية الخوف ووسيلته
أرى
أن لا خائف إلاّي
أرى
أن الخوف رجائي
أرى
أن الخوف وحدتي وكثرتي
أرى
إني أستعين بالخوف على الخوف
أرى
أن الخوف شمولية شموليتي
أرى
أن الخوف كفوي
رأيت أن لا خوف يدرك خوفي ولا أمن يساويه
رأيت أن ما يحول بيني وبين الخوف خوفي
رأيت أن الخوف واردي، وشاردي الأمن
رأيت أن ما يجمعني إلي هو خوفي
لا أمان لأمني
رأيت أن الخوف عضوي، ومن دونه لا عضوية لأعضائي
رأيتني موقوفاً على الخوف
رأيت أن الخوف يحثني عليّ
رأيت أن الخوف أصل، وفرعه أنا
رأيت أن الخوف صوابي
كلما
تمكنني الخوف، تمكنت
ليس
لي
الاّ الخوف
ولا الخوف غير الخوف وأنا
رأيت أن الموت غيلة
رأيت أن الموت سلب
رأيت أن الموت طاغوت على الملكوت
رأيت أن الموت في كل شيء
رأيت أن الموت إدراك الأنا بالأنا
رأيت أن منْ عرف حياته، تنكر لموته
رأيت أن منْ تنكر لحياته، بشره الموت بالموت
رأيت أن منْ ضلّ حياته، اهتدى إلى سواء الموت
رأيت أن منْ احتجب بحياته، بدا له الموت
رأيت أن منْ خسر حياته، خسر موته
رأيت أن الحياة خدعة الموت
رأيت أن الحياة صورة الموت
رأيت أن الحياة بيعة، والموت ولاية
رأيت أن الموت بيان، والتبيين الحياة
رأيت أن الحياة تكييف، والموت كف
رأيت أن الحياة خصم، والحكم الموت
رأيت أن الحياة عبودية الموت
رأيت أن الحياة وعي الموت
رأيت أن الحياة عدم، والوجود موت
رأيت أن الحياة موات، والموت موت
رأيت أن الموت طلب، والحياة مطلب
رأيت أن الحياة حال، والمقام الموت
رأيت أن الحياة همّ، والموت همّة
رأيت أن الحياة تمويه الموت
رأيت أن الحياة شكل، مضمونه الموت
رأيت أن الموت تحدي الحياة
رأيت أن الموت عبارة التفوق
رأيت أن الحياة اقتناع، والموت قناعة
رأيت أن الحياة استسلام، والموت سلام
رأيت أن الحياة تسفير، والموت سفر
رأيت أن الحياة شك، واليقين الموت
رأيت الاّ حق في الموت
رأيت أن الحياة معرفة الموت
رأيت أن الموت تجريد المعنى ومعناه
رأيت أن الحياة بحر، والشاطئ الموت
رأيت أن الحياة تجلي الموت
رأيت أن الحياة باب الموت
رأيت أن الحياة أثر الموت
الموت
ميزتي
رأيت أن الموت لا يتخلى عني بتخلي الحياة
رأيت أني الطريق الأقصر بين موتي والموت
أنىّ
اتجه فالموت وجهتي
أنىّ
أكونُ يكون الموت الثاني لي
رأيت أن الحياة تنوء بي، ولا ينوء بي موت
أينما
أكونُ
يكونُ
الموت
رأيت أن الموت أقرب مني إلي
رأيت أن الموت نصفي وإنصافي
رأيت أن الحياة انقطاع عني، والموت انقطاع لي
رأيت أن الموت خيار من لا خيار له
الحياة ضيق
الموت سعة
رأيت أن الحياة طريق يؤدي إلى الموت
رأيت الحياة هروب من الموت
رأيت أن الحياة فم ينطق بالموت
رأيت أن الموت أكثر حياة من الحياة
رأيت أن الحياة رجع الموت
رأيت أن قرار الحياة الموت
رأيت أن الحياة سؤال، والموت جواب
رأيت أن الموت رد على خطأ
رأيت أن الحياة غفلة والموت يقظة
رأيت أن الموت سفر الحياة
رأيت أن حجة الحياة الموت
رأيت أن الحياة حلم والمنام الموت
رأيت أن الحياة موت، نبعثها بالأحلام
رأيت أن الموت حياة لا تتعذب بالأحلام
رأيت أن الموت عنوان الحياة
رأيت أن الحياة هوّة والقرار الموت
رأيت أن الحياة تعد بالموت وتتوعد به
فيما
الموت يعد بالموت
رأيت أن الموت أرث وميراث
رأيت أن الحياة منفى، والوطن الموت
***
الحياة رهينة الموت
لا تخف
لا تخف من الموت، لا ترتعد، لم يعد الموت واحداً،
يتعدد بتعددك، أنت العديد المتعدد لا تدع واحداً يستبد بك.
الموت لا يتحول عنك، ولا حيلة تحول دونه. لا انقلاب فيه أو عليه،
من اجله جئت وإليه ستعود. أنت تأويل الموت. الموت حيلة الحياة
لا تعذب نومك بالأحلام.
الموت لا خلاص ولا محنة، لا تمت قبل الأوان ولا بعده
الحياة موت، فيما الموت موت. لا تنأ عنه، ولا عنك هو بمنأى.
جسدك له مأوى وروحك رهينة.
كيف تهربك من قربك المعلوم إلى بعدك المجهول
لا تسئ إلى الموت برعبك منه
في الطريق إلى وليمة الموت
قلتَ لي: "كنْ خطراً عليهم في مماتك لا في حياتك"
في منتصف الطريق اعتذرتَ عن الدعوة
يدعوني إليه
تسدل الستائر وتنهمر العتمة
اقتربُ
الآن لا فرق بين ضوء وعتمة
أتقدمُ
حاملاً شمعتي، أتجنب هواءً لا يتجنبني
يتملكني الخوف مرة ومرة أتملكه
لا تخف
أنا مأهول بالخوف
أنا من دعا النوم إلى سريرك
لا تخف من وهن أو إشارة زوال
من العدم جئنا وإليه سنعود
منْ أنتَ
أنا الذي يراك
منْ تكون
أنا الذي ستؤول إليه
أحقاً تراني
ما دمت لا تراني
تقدمْ نحوي
إذا رأيتني ستعرفني
وتتعرف عليك أول مرة
أنا أقيم في جسدكَ
وآخذ روحك رهينة
أنا منْ لا تحتاج
إلى ضوء أو عتمة لإدراكه
بصيص شمعة يجرح جبروت العتمة
يأتي على شمعتي الهواء
يحتويني ظلام لا أحتويه
اقتربْ
أنا أقرب منكَ إليكَ
هل عرفتني
أزيح الستائر، يتدفق الضوء
السرير بئر عميقة يغمرها النوم
لا تحزن، مضى وقت الحزن
لا تخف، لا خوف يخيفك الآن
أنا من دعا النوم إليك الليلة
تقدمْ
كل الطرق تطوى بالخطو، لا خطوة بلا طريق
أنتَ الخطوة والطريق أنا
أيها السائر، لا ملكة فيك على التراجع
تقدمْ، ها قد قطعتني
باب كبير
منْ يدخل إليه
لا يخرج
باب
تقودنا إليه المصائر
من يدي الناحلة
تسللت عشرات النقرات
سقط الرضا عن النفس
لمساتي تعتصم براحتي
إلى أين سأمضي، لا أعرف
كل الطرقات تلتف عليّ
باب كبير
منْ يدخل إليه
لا يخرج منه
فرداً كان أم جماعة
أنا الحي الميت
أحيا
أينما أحيا
يحيا على حياتي
موتي
موتى أحياء
يحيون
على إحياء الموت
يموتون
ليحيا موت
لا يموت
الموت وديعة الحياة
الحياة
تحسن إليّ بالموت
فأسيء إليه بالرعب
يخطئني الكون
مرتين
مرة في وجودي
وأخرى في عدمي
حياتي
ليست هدية
ليقبلها أمس
ويعتذر عنها الغد
الموت
اعتذار متأخر
على خطأ مبكر
يدعى الحياة
يزحف
عليّ الموت
لا مفر منه
بالملاذ في حياة
دور
ينسخ عن دور
مشهد
يكرر مشهداً
من أجل أن:
ينعدم الوجود
وينوجد العدم
أنا المحكوم
عليه مسبقاً بحكم الموت
إلى متى أبقى المرشح
للعب دور الحي
دونما سبب
تتساقط الأيام
من شجرة الزمن
لا أعرف لأي زوال
يدخرني هذا البقاء
تعال لنموت
هذه الليلة معاً
أيها الموت
لا تطلقوا على موتي موتاً
إنما اعتزال قلب
بعد قليل
سأضع
عصابة حمراء
على عيني العالم
ثم أطلق النار
على رأسي
منعم الفقير
ما هذا أخت فاطمه !!!!!!!!!!
نحتاج اسبوع لنكمل القراءه ….ههههههه
أكذب عليك لو قلت لك قرأتها كلها ولكن قرأت جزء منها
مشكووووورة ..