تخطى إلى المحتوى

الهبة والصدقة 2024.

* المواساة بالمال على ثلاث مراتب:

1- الأولى: أن تُنزِّل المحتاج منزلة عبدك فتعطيه ابتداء ولا تحوجه إلى السؤال وهي أدناها.

2- الثانية: أن تنزله منزلة نفسك وترضى بمشاركته إياك في مالك.

3- الثالثة: وهي أعلاها أن تُؤثره على نفسك، وهذه مرتبة الصِّدِّيقين.

* الهبة: هي تمليك المال في الحياة لغيره بغير عوض، وفي معناها الهدية والعطية.

* الصدقة: هي ما يعطى للفقراء والمحتاجين من مال طلباً للثواب من الله تعالى.

* الهبة والصدقة كلاهما مستحب، وقد حث الإسلام على الهبة والهدية والعطية والصدقة؛ لما فيها من تأليف القلوب، وتوثيق عرى المحبة بين الناس، وتطهير النفوس من رذيلة البخل والشح والطمع، وجَعَلَ لمن فعل ذلك ابتغاء وجه الله تعالى الأجر الجزيل والثواب العظيم.

* هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الإنفاق:

الله جواد كريم، يحب الجود والسخاء، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، وكان يقبل الهدية ويثيب عليها، ويدعو إلى قبولها، ويرغب فيها، وكان أعظم الناس صدقة بما ملكت يده، لا يسأله أحد شيئا إلا أعطاه قليلاً كان أو كثيراً، يعطي عطاء من لا يخشى الفقر، وكان العطاء والصدقة أحب شيء إليه.

وكان سروره وفرحه بما يعطيه أعظم من سرور الآخذ بما يأخذه منه، إذا عرض له محتاج آثره على نفسه، وكان ينوع في أصناف عطائه وصدقته، تارة بالهبة، وتارة بالصدقة، وتارة بالهدية، وتارة يشتري الشيء فيعطي أكثر من ثمنه، وتارة يقترض الشيء فيرد أكثر منه، وتارة يشتري الشيء ثم يعطي البائع الثمن والسلعة جميعاً، ولذلك كان أشرح الناس صدراً، وأطيبهم نفساً، وأنعمهم قلباً فصلوات الله وسلامه عليه.

* فضل الجود والإحسان:

1- قال الله تعالى(وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلأَنفُسِكُمْ وَمَا تُنفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ) (البقرة/272).

2- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب، ولا يقبل الله إلا الطيب وإن الله يتقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فَلُوَّهُ حتى تكون مثل الجبل)). متفق عليه (1).

* حكم أخذ العطاء:

من جاءه مال أو شيء من غير إشراف ولا مسألة فليقبله ولا يرده فإنما هو رزق ساقه الله إليه، فإن شاء تموله وإن شاء تصدق به.

عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعطي عمر بن الخطاب العطاء فيقول له عُمر: أعطه يا رسول الله أفقر إليه مني، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خذه فتموله أو تصدق به، وما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه، وما لا فلا تُتبِعه نفسك)). متفق عليه (2).

* تجوز الصدقة على المسلم وغيره من أهل الأديان.

* تنعقد الهبة بأي صيغة تفيد تمليك المال بلا عوض كوهبتك أو أهديتك أو أعطيتك، وبكل معاطاة دالة عليها، وتجوز هبة كل عين يصح بيعها، ويكره ردها وإن قلت.

* كيف يعطي الإنسان أولاده:

1- يجوز للإنسان أن يعطي أولاده حال حياته، ويجب عليه التسوية بينهم على حسب ميراثهم، فإن فضّل بعضهم على بعض سُوِّي برجوع أو زيادة.

2- إذا أعطى الإنسان أحد أولاده لمعنى فيه من حاجة، أو زمانه، أو كثرة أولاد، أو مرض، أو لاشتغاله بالعلم ونحوه جاز التخصيص من أجل ذلك، ويحرم ذلك على سبيل الأثرة.

عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما أنه قال: إن أباه أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني نحلت ابني هذا غلاماً كان لي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أكُلَّ ولدك نَحَلْتَه مثل هذا؟)) فقال: لا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فارجِعه)). متفق عليه (3).

* لا يجوز لواهب أن يرجع في هبته المقبوضة إلا الأب، ويجوز للأب أن يأخذ من مال ولده ما لا يضره ولا يحتاجه، وليس للولد مطالبة أبيه بدين ونحوه إلا بنفقته الواجبة عليه.

* يستحب قبول الهدية والإثابة عليها مقابلة للجميل بمثله أو أفضل منه، فإن لم يجد دعا له، وتجوز الهدية للمشرك وقبولها منه؛ تأليفاً لقلبه، وطمعاً في إسلامه.

عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن صُنِعَ إليه معروف فقال لفاعله: جزاك الله خيراً فقد أبلغ في الثناء)). أخرجه الترمذي (4).

* أفضل الصدقة:

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي عليه الصلاة والسلام فقال: يارسول الله أي الصدقة أعظم أجراً؟ قال: ((أن تَصدَّق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمُل الغنى ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت: لفلان كذا ولفلان كذا وقد كان لفلان)). متفق عليه (5).

* من مرضه مخوف كالطاعون وذات الجَنْب ونحوهما فلا يلزم تبرعه لوارث بشيء إلا بإجازة الورثة بعد الموت، كما لا يلزم تبرعه بما فوق الثلث لغير وارث إلا بإجازة الورثة لها بعد الموت.

* من شفع لأخيه بشفاعة فأهدى له هدية عليها فقبلها فقد أتى باباً عظيماً من أبواب الربا.

* يجوز رد الهدية لسبب كأن يعلم أن المهدي صاحب منة، أو يعيِّرك بها، أو يتحدث بها ونحو ذلك، ويجب رد الهدية إذا كانت مسروقة أو مغصوبة.

* من أهدى هدية لولي أمر ليفعل معه ما لا يجوز كان حراماً على المهدي والمهدى إليه، وهي من الرشوة الملعون آخذها ومعطيها، وإن أهداه هدية ليكف ظلمه عنه، أو ليعطيه حقه الواجب كانت هذه الهدية حراماً على الآخذ، وجاز للدافع أن يدفعها إليه اتقاء لشره، وحفظاً لحق الدافع.

* الأولى بأخذ الصدقة:

خير الصدقة وأفضلها ما كان عن ظهر غنى، وأن يبدأ بمن يعول، لقوله عليه الصلاة والسلام: ((ابدأ بنفسك فتصدق عليها، فإن فَضَلَ شيء فلأهلك، فإن فَضَلَ عن أهلك شيء فلذي قرابتك، فإن فَضَلَ عن ذي قرابتك شيء فهكذا وهكذا)). يقول: فبين يديك وعن يمينك وعن شمالك. أخرجه مسلم (6).

* فضل النفقة في وجوه البر:

الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، والنفقة في سبيل الله بسبعمائة حسنة، والله يضاعف لمن يشاء، ويتفاوت ذلك بحسب حال المنفق ونيته، وإيمانه، وإخلاصه، وإحسانه، وانشراح صدره، وسروره بذلك، وبحسب قدر النفقة، ونفعها، ووقوعها موقعها، وبحسب طيب المنفَق منه، وسلامته، وطهارته، وكيفية إنفاقه.

1- قال الله تعالى: (مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (البقرة/261).

2- قال الله تعالى: (الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (البقرة/274).

3- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أحسن أحدكم إسلامه فكل حسنة يعملها تكتب بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف)). متفق عليه (7).

__________

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1410)، واللفظ له، ومسلم برقم (1014).

(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7164)، ومسلم برقم (1045)، واللفظ له.

(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2586)، ومسلم برقم (1623)، واللفظ له. (4) صحيح/ أخرجه الترمذي برقم (2035)، صحيح سنن الترمذي رقم (1657).

(5) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1419)، واللفظ له، ومسلم برقم (1032).

(6) أخرجه مسلم برقم (997).

(7) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (42)، ومسلم برقم (129)، واللفظ له.

المصدر:
موقع الدرر السنيه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.