تخطى إلى المحتوى

تأملات ابن القيم في الأنفس والآفاق 2024.

  • بواسطة
بسم الله الرحمن الرحيم
الدماغ وعلاقته بالقلب .
وأما الدماغ وهو المخ فإنه جعل بارداً واختلف في حكمه ذلك فقالت طائفة :
إنما كان الدماغ بارداً لتبريد الحرارة التي في القلب ليردها عن الإفراط إلى الاعتدال وردت طائفة هذا وقالت : لو كان كذلك لم يكن الدماغ بعيداً عن القلب بل كان ينبغي أن يحيط به كالرئة أو يكون قريباً منه في الصدر ليكسر حرارته ، قالت الفرقة الأولى : بعد الدماغ من القلب لا يمنع ما ذكرناه من الحكمة لأنه لو قرب منه لغلبته حرارة القلب بقوتها فجعل البعد بينهما بحيث لا يتفاسدان وتعتدل كيفية كل واحدٍ منهما بكيفية الآخر وهذا بخلاف الرئة فإنها آلة للترويح على القلب لم تجعل لتعديل حرارته ، وتوسطت فرقة أخرى وقالت : بل المخ حار لكنه فاتر الحرارة وفيه تبريد بالخاصية فإنه مبدأ للذهن ولهذا كان الذهن يحتاج إلى موضع ساكن قارٍ صافٍ عن الأقذار والكدر خالٍ من الجلبة والزجل ، ولذلك يكون شواغله ومزعجاته ، ولذلك لم يصلح لها القلب وكان الدماغ معتدلاً في ذلك صالحاً له . ولذلك تجود هذه الأفعال في الليل وفي المواضع الخالية وتفسد عند التهاب نار الغضب والشهوة وعند الهم الشديد ومع التعب والحركات القوية البدنية والنفسانية .

أنا كتبت هذا الموضوع من كتاب تأملات ابن القيم في الأنفس والآفاق
مؤلفه : أنس بن عبد الحميد القوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.