تخطى إلى المحتوى

– تزكية النفس في الكتاب والسنة 2024.

تزكية النفس في الكتاب والسنة

لا يُوجد أمر أقسم الله عليه كما أقسم على تزكية النفس ، فإنه تبارك وتعالى أقسم أحد عشر قَسَمًا على تزكية النفس ، فقال تعالى : (وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1) وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا (2) وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا (3) وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا (4) وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا (5) وَالأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا (6) وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا)
فأقسم بالشمس وبِضُحاها (2) .
وأقسم بالقمر
وأقسم بالنهار
وأقسم بالليل
وأقسم بالسماء وبانيها (2) أو بالسماء وبُنيانها
وأقسم بالأرض ومَن سَوّاها (2) .
وأقسم بالـنَّفْس ومَن سوّاها (2) .
فهذه أحد عشر قَسَمًا أقسم بها الله على أمر عظيم
كل هذا لِتعظيم القَسَم والْمُقْسَم عليه ، وهو جواب القَسَم : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا) الآيات .
قال ابن كثير : وقوله تعالى : (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا) أي : خَلَقها سَويّة مستقيمة على الفطرة القويمة . اهـ .

فقد أقسم الله على فلاح من زكّى نفسه ، وعلى خيبة من دسّاها .

قال ابن القيم : فأصل الخير كله – بتوفيق الله ومشيئته – شرف النفس ونُبْلها وكبرها ، وأصل الشرّ خِسّتها ودناءتها وصغرها . قال تعالى : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) أي : أفلح من كبّرها وكثّرها ونَمّاها بطاعة الله ، وخاب من صَغّرها وحَقّرها بمعاصي الله ، فالنفوس الشريفة لا ترضي من الأشياء إلاّ بأعلاها وأفضلها وأحمدها عاقبة ، والنفوس الدنيئة تحوم حول الدناءات وتقع عليها ، كما يقع الذباب على الأقذار ! . اهـ .

والسعادة .. أن لا يَضِلّ الإنسان ولا يشقى ..
وهذا ما وَعَد الله به عباده لِمَن تمسّك بِكتابه وسُنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
قال تعالى : (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى) ثم أعقب ذلك بِذِكْر ضِدِّه ، فقال : (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا) وهذا في الدنيا ، وأما في الآخرة فقال : (وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) .

وقد حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تزكية نفوس أصحابه ، وعلى تعلّقها بِالله عزّ وَجَلّ ، فما كان يَعِدهم الدنيا ، وإن بشّرهم بِفتحها عليهم ، وإن أخبرهم بِفتوحات بلاد فارس ، وبِكنوز كسرى وقيصر ..
ومن هنا تعلّقت هِمم الصحابة رضي الله عنهم بالآخرة ، وإن عَمَروا الدنيا ، وإن فتحوا الفتوحات .. إلاّ أن أحدهم ما كان ينسى في غمرة ذلك حظّه من العمل الصالح مهما بلغ من المنازل ..
ولذلك لَمَّا خَدَم رَبِيعَةُ بْنُ كَعْبٍ الأَسْلَمِيّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ، قال له عليه الصلاة والسلام : سَلْ . قال رَبِيعَةُ : فَقُلْتُ : أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ . قَالَ : أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ ؟ قُلْتُ : هُوَ ذَاكَ . قَالَ : فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ . رواه مسلم .

قال ابن القيم : وإذا أردت أن تعرف مَراتب الْهِمَم ، فانظر إلى هِمَّة ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه ، وقد قال له رسول الله : سلني ، فقال : أسألك مرافقتك في الجنة . وكان غيره يسأله ما يملأ بطنه أو يُواري جِلْده . وانظر إلى هِمَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم حين عُرِضَت عليه مفاتيح كنوز الأرض فأباها ، ومعلوم أنه لو أخذها لأنفقها في طاعة ربه تعالى ، فأَبَتْ له تلك الهمة العالية أن يتعلق منها بشيء مما سوى الله ومَحَابِّه ، وعُرِض عليه أن يتصرف بالملك فأباه واختار التصرف بالعبودية الْمَحْضَة ؛ فلا إله إلا الله خالق هذه الْهِمَّة ، وخالق نفس تَحملها . اهـ .

ولَمَّا سأل ثوبانُ رضي الله عنه النبيَّ صلى الله عليه وسلم لم يسأله إلاّ عما يُدخله الجنة ، فَقَال عليه الصلاة والسلام : عَلَيْكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ لِلَّهِ ، فَإِنَّكَ لا تَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً إِلاَّ رَفَعَكَ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً ، وَحَطَّ عَنْكَ بِهَا خَطِيئَةً . رواه مسلم .

وقال معاذ رضي الله عنه : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ وَيُبَاعِدُنِي عَنْ النَّارِ . قَال : لَقَدْ سَأَلْتَنِي عَنْ عَظِيمٍ ، وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ … رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه .

وتزكية النفس في القرآن على نوعين :
نوع مطلوب ، ونوع محذور
فالمطلوب هو تزكية النفس بالأعمال الصالحة والعَمَل بِطاعة الله تبارك وتعالى .
والمحذور تزكية النفس بِتبرئتها من المعاصي والاغترار بالله ، والإدلال على الله بالأعمال ، كما قال تعالى : (فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى) .
قال ابن جرير في تفسيره : يقول جل ثناؤه : فلا تشهدوا لأنفسكم بأنها زكية بريئة من الذنوب والمعاصي .
وقال ابن كثير : وقوله : (فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ) أي : تمدحوها وتشكروها وتَمُنّوا بأعمالكم . اهـ .

وقال عزّ وَجَلّ : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ) .

قال القرطبي في تفسيره : هذه الآية وقوله تعالى : (فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ) يقتضي الغضّ مِن الْمُزَكِّي لنفسه بلسانه ، والإعلام بأن الزِّاكِي الْمُزَكَّى مَن حَسُنَت أفعاله وزَكّاه الله عز وجل ، فلا عبرة بتزكية الإنسان نفسه ، وإنما العبرة بتزكية الله له . اهـ .

ومن هنا كان أبو بكر رضي الله عنه إذا مُدِح يقول : اللهم أنت أعلم بي من نفسي ، وأنا أعلم بنفسي منهم ، اللهم اجعلني خيرا مما يظنون ، واغفر لي ما لا يعلمون ، ولا تؤاخذني بما يقولون .

قال يحيى بن معاذ : العاقل لا يَدَعه ما سَتَر الله عليه مِن عيوبه بأن يَفْرح بما أظهره مِن مَحَاسِنه .

وقال الأصمعي : قيل لأعرابي : ما أحسن ثناء الناس عليك . قال : بلاء الله عندي أحسن من مَدْح المادِحين وإن أحسنوا ، وذنوبي أكثر مِن ذمّ الذامِّين وإن أكثروا ؛ فيا أسفي فيما فَرَّطْتُ ، ويا سؤتي فيما قَدَّمْت .

فالمسلم يعمل بِطاعة الله ، ويحذر الذنوب والمعاصي ، إذ هي سبب لكل شقاء ..
وهو مع ذلك لا يُزكِّ نفسه التزكية الْمَنْهِيّ عنها ، بل ينظر إلى ذنوبه نَظَر المؤمن إليها .
قال ابن مسعود رضي الله عنه : إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَأَنَّهُ قَاعِدٌ تَحْتَ جَبَلٍ يَخَافُ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ ، وَإِنَّ الْفَاجِرَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَذُبَابٍ مَرَّ عَلَى أَنْفِهِ فَقَالَ بِهِ هَكَذَا ! رواه البخاري .

المؤمن تَسُرّه حَسَنته ويفرح بالتقرّب إلى الله .. وتسوءه سيئته ؛ لأنها تُباعِده من الله ..
روى الإمام أحمد من حديث أبي أمامة رضي الله عنه : أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما الإيمان ؟ قال : إذا سَرّتك حسنتك وساءتك سيئتك فأنت مؤمن . قال : يا رسول الله فما الإثم ؟ قال : إذا حاك في نفسك شيء فَدَعْه .
قال الشيخ شعيب الأرنؤوط : حديث صحيح رجاله ثقات رجال الصحيح . اهـ .

هذه إشارات إلى تزكية النفس في الكتاب والسنة ..

السلام عليكم ورحمته وبركاته
الله يجزيك خير ان شاء الله على ما تفعله معنا
نحن فعلا فى حاجة الى تزكية الانفس
والتزكية المطلوبة ان شاء الله هى
تزكية النفس بالأعمال الصالحة والعَمَل بِطاعة الله تبارك وتعالى
جزاك الله كل خير يا شيخ
والله نحن بحاجة لتزكية النفس وتطهيرها من المعاصي
جزاك خيرا يا شيخنا الفاضل
نحن بحاجة لنزكي انفسنا وتطهيرها من المعاصي والذنوب بالاعمال الصالحة .
بارك الله فيك شيخنا الفاضل
يجب على المؤمن مجاهدة نفسه وتزكيتها
لأن النفس أمارة بالسوء
شيخنا الفاضل نفعنا الله بعلمك وجعل ذلك في ميزان حسناتك
سؤالي لو سمحت لي
المؤمن تَسُرّه حَسَنته ويفرح بالتقرّب إلى الله
كيف اجمع بين هذا الكلام وقوله تعالى"الم تر الى الذين يزكون انفسهم بل الله يزكي من يشاء" ؟
جزاك الله خيرا
جزاك الباري خيرا
جزاكم الله الجنة ..
جزاك الله خيرا شيخنا الفاضل ونفعنا الله بعلمك في الدنيا والآخره
لي بعض الأسئله

لاكي كتبت بواسطة عبد الرحمن السحيم لاكي
.
وتزكية النفس في القرآن على نوعين :
نوع مطلوب ، ونوع محذور
فالمطلوب هو تزكية النفس بالأعمال الصالحة والعَمَل بِطاعة الله تبارك وتعالى .
والمحذور تزكية النفس بِتبرئتها من المعاصي والاغترار بالله ، والإدلال على الله بالأعمال ، كما قال تعالى : (فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى) .
ماذا يعني الإغترار بالله ؟
قال
قال القرطبي في تفسيره : هذه الآية وقوله تعالى : (فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ) يقتضي الغضّ مِن الْمُزَكِّي لنفسه بلسانه ، والإعلام بأن الزِّاكِي الْمُزَكَّى مَن حَسُنَت أفعاله وزَكّاه الله عز وجل ، فلا عبرة بتزكية الإنسان نفسه ، وإنما العبرة بتزكية الله له . اهـ .
ماذا يعني الغض من المزكي لنفسه بلسانه ؟؟

ومن هنا كان أبو بكر رضي الله عنه إذا مُدِح يقول : اللهم أنت أعلم بي من نفسي ، وأنا أعلم بنفسي منهم ، اللهم اجعلني خيرا مما يظنون ، واغفر لي ما لا يعلمون ، ولا تؤاخذني بما يقولون .

وماذا أذا مدح الشخص كيف يزكي نفسه ؟؟ وهل صحيح اذا ذم الشخص نفسه امام الأخرين لكي لا تغتر نفسه وكيف يذمها امام الناس بدون رياء؟
.

هذه إشارات إلى تزكية النفس في الكتاب والسنة ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.