تخطى إلى المحتوى

تعليقات العلامة عبد الفتاح أبي غدة () 2024.

  • بواسطة

تعليقات العلامة عبد الفتاح أبي غدة
على رسالة المسترشدين (للمحاسبي)
(الجزء الرابع)
========================

فافحص عن النية[1] ، واعرف الإرادة ، فإن المجازاة: بالنية[2] قال رسول الله e(( إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امريءٍ ما نوى ))[3]
والزم تقوى الله ، فإنَّ ((المسلم من سلم الناس من يده ولسانه ، والمؤمن من أمن الناس بوائقه)) [4]. قال أبو بكر الصديق y: اتق الله بطاعته، وأطع الله بتقواه ، ولتخف يداك من دماء المسلمين ، وبطنك من أموالهم ، ولسانك من أعراضهم.

====================
[1]النية: قصد القلب للشيء وعزمه على فعله أو تركه . قال الشيخ أبن القيم رحمه الله تعالى في ((أعلام الموقعين)) 4: 199: ((هى رأس الأمر وعموده وأساسه واصله الذي عليه، يبنى فإنها روح العمل، وقائده وسائقه، والعمل تابع لها يبنى عليها، يصح بصحتها، ويفسد بفسادها، وبها يستجلب التوفيق، وبعدمها يحصل الخذلان، وبحسبها تتفاوت الدرجات في الدنيا والآخرة)).

فضل النية الحسنة وإثم النية السيئة:
[2]قلت: وهذا من أكبر نِعَم الله تعالى على العبد المسلم، فإنه-إذ يُجازى بنيته- يستطيع أن يكثر من نيات الخير الذي يرضي الله تعال، ويدَّخر بذلك ثواباً حسناً على عمل صالح لم يعمله، ولكن نواه وكان يعتزم تنفيذه لو تمكن منه. ولهذا قال أبو صفوان –أحد السلف-: ((ما ضَعُفَ بدن قط عن نية)). كما في ((الحلية)) لأني نعيم 7: 54. وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: قلت لأبي يوماً: أوصني يا أبهْ، فقال: يا بني انوِ الخير، فإنك لا تزال بخير ما نويت الخير. نقله ابن الجوزي في ((مناقب الإمام أحمد)) ص 200 .
وقال إبراهيم النخعي: لم يكن عبد الرحمن بن يزيد النخعي –هو أحد التابعين- يعمل شيئاً إلا بنية، حتى إنه كان يشرب الماء بنية. رواه الإمام أحمد في كتاب ((العلل ومعرفة الرجال)) 1: 73.ٍ وكذلك النية السيئة: يُحاسب ناويها بها، ويعاقب على همه بتنفيذها ولو لم يفعل ما عزم عليه من سوء، إذا كان قد تركها لغير الله تعالى: لنحو عجزٍ أو حياءٍ أو رهبةٍ من الناس أو لفقدانه الوسيلة إليها.
فأخلص لله تعالى النية، وأحسن الطوية، وتلقَّ ثواب رب البرية.

[3]رواه البخاري ومسلم في ((صحيحيهما)) من حديث عمر بن الخطاب t.
استحضار النية قبل العمل:
وللسلف في فحص النية وتخليصها من الشوائب أقوال كثيرة، قاليوسف بن أسباط: تخليص النية من فسادها أشد على العاملين من طول الاجتهاد. وقال سفيان الثوري: ما عالجت شيئاً أشد عليَّ من نيتي ! لأنها تتقلب عليَّ ! وقيل لنافع بن جبير : ألا تشهد الجنازة؟ قال : كما أنت حتى أنوي ، ففكر هنيهة ثم قال: امض. نقله الحافظ ابن رجب في ((جامع العلوم والحكم)) ص9 عن ((كتاب الإخلاص والنية)) لابن أبي الدنيا.

[4]البوائق جمع بائقة ، وهي الشر والمصيبة . والكلام المذكور: حديث شريف رواه أبو هريرة عن النبي r ، ولفظ الحديث عند الإمام أحمد والنسائي والترمذي والحاكم ((المستدرك)) وابن حبان في ((صحيحه)): ((المسلم: من سلم المسلمون من لسانه ويده)) كما في ((الجامع الصغير))، وقال شارحه المناوي في ((فيض القدير)) 6: 270 : ((جاء في رواية الحاكم زيادة وهي: والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله ، والمهاجر: من هجر الخطايا والذنوب)).
هذا، وجاء لفظ لفظ الحديث في أكثر النسخ: ((من سلم الناس…….)) وفي إحداها: ((من سلم المسلمون……)) فأثبتها مافقة للفظ الحديث، ولا فرق بينهما من حيث المعنى والمراد بدليل تمام الحديث نفسه: ((والمؤمن من أمنه الناس….)).ولم يقل : من أمنه المسلمون على دمائهم وأموالهم.

ما عالجت شيئاً أشد عليَّ من نيتي ! لأنها تتقلب عليَّ

نسأل الله الإخلاص في القول و العمل..
بارك الله فيكم..

الهم امين
شكرا جزيلا على المرور وفقنا الله جميعا لعلاج الاسس المنهارة والبدايات الصحيحة للتكوين العقائدي والتربوي والله المستعان على فتن هذا الزمان
يرحم الله المعلق الشيخ ابي غدة وكل من ساهم في علاج الانهيارات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.