بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام علی سيدنا و رسولنا محمد, أما بعد
قرأت منذ فترة طويلة كتيب بعنوان: “ثمانون سببا للنجاة من عذاب الله” الذي تم جمعه و ترتيبه من طرف محمود المصري, و هو يصف بعض أسباب النجاة من عذاب الله و الفوز بجنته. فقد أردت من خلال هذا الموضوع أن أشارك جميع الإخوة و الأخوات معي فيما قرأت, سائلة الله أن ينفع بها كل مسلم و مسلمة و أن يجعلها خالصة لوجهه الكريم.
هيا بنا إذن لنری ماهي هاته الأسباب و كيف الإرتقاء إليها
1- التوحيد:
إن أمر العقيدة ليس أمرا ثانويا حتی نؤجله أو نؤخره, بل هو الأساس الذي يقوم عليه الدين كله… فالإسلام عقيدة تنبثق منها شريعة و تلك الشريعة تنظم شؤون الحياة و لا يقبل الله من قوم شريعتهم حتی تصح عقيدتهم.
قال تعالی:” … يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة”, و أهل التوحيد هم الذين ينالون شفاعة النبي صلی الله عليه و سلم, فقد قال صلی الله عليه و سلم:
” لكل نبي دعوة مستجابة فتعجٌل كل نبي دعوته, و إني خبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة فهي نائلة إن شاء الله من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئا” أخرجه مسلم.
فاللهم لا تحرمنا من نعمة التوحيد واحشرنا في زمرة الموحدين مع سيد الموحدين صلی الله عليه و سلم.
2- المحافظة علی الصلوات الخمس:
قال صلی الله عليه و سلم:” أتاني جبريل من عند الله تبارك و تعالی, فقال: يا محمد! إن الله عز و جل يقول: إني قد فرضت علی أمتك خمس صلوات, فمن وافی بهن, علی وضوئهن و مواقيتهن و ركوعهن و سجودهن, كان له عندي بهن أن أدخله بهن الجنة, و من لقيني قد انتقص من ذلك شيئا, فليس له عندي عهد, إن شئت عذبته و أن شئت رحمته” صحيح جامع: 77
3- الصدق:
قال تعالی: “يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله و كونوا مع الصادقين” {التوبة: 119}
و قال صلی الله عليه و سلم: “عليكم بالصدق, فإن الصدق يهدي إلی البر, و إن البر يهدي إلی الجنة, و ما يزال الرجل يصدقو و يتحری الصدق حتی يُكتب عند الله صديقا …” أخرجه مسلم.
و قال صلی الله عليه و سلم: “عليكم بالصدق فإنه مع البر و هما في الجنة …” صحيح الجامع: 4072
4- التعايش مع القرآن:
قال تعالی: “إن الذين يتلون كتاب الله و أقاموا الصلاة و أنفقوا مما رزقناهم سرا و علانية يرجون تجارة لن تبور” {فاطر: 29}
و قال صلی الله عليه و سلم: “اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه” أخرجه مسلم.
و قال صلی الله عليه و سلم: “القرآن شافع مشفع و ماحل و مصدق من جعله أمامه قاده إلی الجنة و من جعله خلفه ساقه إلی النار” صحيح الجامع: 4443. و قال صلی الله عليه و سلم: “القرآن شافع مشفع و ماحل مصدق من جعله واتق و رتل كما كنت ترتل في الدني, فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها” صحيح الجامع: 7122
5- كثرة السجود لله (جل و علا):
قال صلی الله عليه و سلم: “أكثر من السجود فإنه ليس من مسلم يسجد لله تعالی سجدة إلا رفعه الله درجة في الجنة و حط عنه بها خطيئة” صحيح الجامع: 1204.
و سأكمل فيما بعد بإذن الله لأن الآن الوقت متأخر.
6- الخوف من الله عز و جل:
قال الله تعالی: “إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة و أجر كثير” (الملك 12)
و قال تعالی: “و لمن خاف مقام ربه جنتان” (الرحمن 46)
و قال صلی الله عليه و سلم: “من خاف أدلج, و من أدلج بلغ المنزل, ألا إن سلغة الله غالية, إلا إن سلعة الله الجنة” صحيح الجامع: 6222
فالخوف من الله يثمر لك المغفرة, بل و النعيم الأبدي في جنة الرحمن جل و علی.
7- كثرة الإستغفار:
قال تعالی: “و ما كان الله ليعذبهم و أنت فيهم و ما كان الله معذبهم و هم يستغفرون” (الأنفال: 33)
قال صلی الله عليه و سلم: “من أحب أن تسره صحيفته فليكثر فيها من الإستغفار” صحيح الجامع: 5955
قال صلی الله عليه و سلم: “سيد الإستغفار أن تقول: اللهم أنت ربي, لا إله إلا أنت خلقتني و أنا عبدك, و أنا علی عهدك و وعدك ما استطعت, أعوذ بك من شر ما صنعت, أبوء لك بنعمتك علي, و أبوء لك بذنبي, فاغفر لي فلا يغفر الذنوب إلا أنت. من قالها من النهار موقنا بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة, و من قالها من الليل و هو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة” أخرجه البخاري و أحمد.
8- كثرة الصلاة علی النبي صلی الله عليه و سلم:
عن أبي ابن كعب, قال: قلت يا رسول الله: إني أكثر الصلاة عليك, فكم أجعل لك من صلاتي؟ فقال: “ما شئت”. قلت: الربع؟ قال: “ما شئت, فإن زدت فهو خير لك”. قلت: فالنصف؟ قال: “ما شئت, فإن زدت فهو خير لك”. قلت: فالثلثين؟ قال: “ما شئت, فإن زدت فهو خير لك”. قلت: أجعل لك صلاتي كلها؟ قال: “إذن يكفی همك و يغفر لك ذنبك”. السلسلة الصحيحة: 954
فلا تفتر لحظة واحدة ـ أخي و أختي ـ عن الصلاة علی الحبيب صلی الله عليه و سلم: الذي جعله الله سببا لخروجنا من الظلمات إلی النور.
9- قيام الليل:
أخي الحبيب حسبك أن تعلم أن جبريل عليه السلام قال للحبيب صلی الله عليه و سلم: “…واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل و عزه استغناؤه عن الناس” صحيح الجامع: 73.
بل دعا النبي صلی الله عليه و سلم بالرحمة لأهل قيام الليل فقال صلی الله عليه و سلم: “رحم الله رجلا قام من الليل فصلی و أيقظ امرأته فصلت فإن أبت فنضح في وجهها الماء. رحم الله امرأة قامت من الليل فصلت و أيقظت زوجها فصلی فإن أبی نضحت علی وجهه الماء” صحيح الجامع: 3494.
و قال صلی الله عليه و سلم: “من استيقظ من الليل و أيقظ امرأته فصليا ركعتين جميعا كتبا من الذاكرين الله كثيرا و الذاكرات” صحيح الجامع: 6030.
و للحديث بقية بإذن الله.
اسأل الله العلي العظيم أن يغفر لنا ذنوبنا و يكفرعن سيئاتنا و يرزقنا الجنة ويجمعنا فيها بإذنه تعالى
و صلي اللهم على سيدنا محمد و على اله و صحبه أجمعين
آمين يا رب العالمين على دعائك كله.
10- الإستقامة علی الطاعة:
قال تعالی: “إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا و لا تحزنوا و أبشروا بالجنة التي كنتم توعدون (30) نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا و في الآخرة و لكم فيها ما تشتهي أنفسكم و لكم فيها تدعون (31) نزلا من غفور رحيم” {فصلت: 30 – 32}
و قال تعالی: “إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم و لا هم يحزنون (13) أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون” {الأحقاف: 13-14}
11- الإتصاف بصفات عباد الرحمن:
لقد وصف الله تعالی عباد الرحمن بأجمل و أعظم الصفات ثم قال تعالی: “أولئك يجزون الغرفة بما صبروا و يلقون فيها تحية و سلاما (75) خالدين فيها حسنت مستقرا و مقاما” {الفرقان: 75-76}
و الغرفة هي الجنة.
فكن عبدا للرحمن لتفوز بالغرف في أعلی الجنان.
12- عيادة المرضی:
قال صلی الله عليه و سلم: “من عاد مريضا أو زار أخا له في الله ناداه مناد: أن طبت و طاب ممشاك و تبوأت من الجنة منزلا” صحيح الجامع: 6387
و قال صلی الله عليه و سلم: “ما من مسلم يعود مسلما غدوة إلا صلی عليه سبعون ألف ملك حتی يمسي و إن عاده عشية صلی عليه سبعون ألف ملك حتی يصبح و كان له خريف في الجنة: صحيح الجامع: 5767
13- البكاء من خشية الله جل و علا:
قال صلی الله عليه و سلم: “عينان لا تمسهما النر أبدا: عين بكت من خشية الله و عين باتت تحرس في سبيل الله” صحيح الجامع: 4113
و قال صلی الله عليه و سلم: “لا يلج النار رجل بكی من خشية الله حتی يعود اللبن في الضرع…” صحيح الجامع: 7778
بل إنه من السبعة الذي يظلهم الله في ظله”… و رجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه…” متفق عليه.
14- التحلل من المظالم:
و من أعظم أسباب النجاة من عذاب الله جل و علا التحلل من مظالم البشر.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال صلی الله عليه و سلم: “من كانت له مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم, قبل أن لا يكون دينار و لا درهم, إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته, و إن لم تكن له حسنات, أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه” أخرجه البخاري و أحمد.
و لي عودة بإذن الله.
جزاك الله الف خير
ونحن بانتظارك
جعله الله في موازين أعمالكم
بارك الله فيكم