ولفظة الجاهلية في الأصل صفة ولكن بغلبة الاستعمال صارت اسمًا على الزمن الذي قبل البعثة.
وهذه الجاهلية تتبعض وتتجزأ، إذ يمكن أن يوجد شيء من سننها وأعمالها في فرد من المسلمين، كما قال الرسول ـ ص ـ لأبي ذر ـ رضي الله عنه ـ (إنك امرؤ فيك جاهلية )، لكن هذا لا يثبت عليه كفرًا.
ويختلف حكم إطلاق وصف الجاهلية بحسب نوع ذلك الإطلاق، وذلك حسب التقسيم التالي:
1 – الإطلاق العام على الزمن أو على الأمة المسلمة، بوصفها بالجاهلية، فهذا لا يجوز شرعًا لما يلي:
أ- أن الجاهلية عند الإطلاق: الزمن الذي تعم فيه مخالفة الشرع، وهذا يكون قبل بعثة النبي ـ ص ـ أما بعد بعثته فلا يمكن أن توجد .
ب- أن هذا الإطلاق العام من غير تقييد ولا إضافة لم يرد عن النبي ـ ص ـ.
ج- أن وصف الجاهلية وصف يتجزأ، فكون المجتمعات محكومة بغير شرع الله، لا يعني كفرها وجاهليتها بل يقال: محكومة بحكم جاهلي.
2 – الإطلاق الخاص على فرد أو مَصْر، وهذا يختلف الحال فيه على قسمين:
أ- أن يكون المطلق عليه مستحق لهذا الوصف، فهذا الإطلاق جائز.
ب- أن يكون المطلق عليه من مرتكبي الكبائر فلا يجوز إطلاق الوصف عليه، إلا باستحلاله المعصية.
3 – نسبة الجاهلية إلى أمة أو فرد مقيدة بحال أو أمر، فهذا جائز قد وردت به النصوص. لقد وقع من بعض جماعات الغلو في هذا العصر القول بتجهيل المجتمعات المسلمة وتكفيرها، إذا يبنون كثيرًا من معتقداتهم، وآرائهم، وأفكارهم على القول بجاهلية المجتمع.
ويتضح هذا بتتبع كتاباتهم وأدبياتهم.
كما يلاحظ أن لديهم تلازمًا بين القول بجاهلية المجتمع، والقول بتحول ديار المسلمين اليوم من دار إسلام إلى دار كفر وكفر أهلها وهذا هو الذي أوقعهم في الغلو.