تخطى إلى المحتوى

حديث ( إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية . ) 2024.

  • بواسطة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بـســم الله الـــرحـمــن الرحيـــــم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عن أبي هريرة رضي الله عنه قـال : قال رسول الله صلى الله

عليه وسلم ( إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة

جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له ) (1)

دار الدنيا جعلها الله دار عمل ، يتزود منها العباد من الخير ،

أو الشـــر ، للـــدار الأخرى ، وهــي دار الجــــزاء . وسيندم

المفرطون إذا انتقلوا من هــذه الدار ، ولـم يتزودوا لآخرتهم

ما يسعدهم ، وحينئذ لا يمكن الاستدراك . ولا يتمكـــن العبد

أن يزيد حسناته مثقال ذرة ، ولا يمحو من سيئاته كذلك .

وانقطع عمل العبد عنه إلا هذه الأعمال الثلاثة التي هي

من آثار عمله .

الأول : الصدقة الجارية ، أي: المستمر نفعها . وذلك كالوقف

للعقارات التي ينتفع بمغلها أو الأواني التي ينتفع باستعمالها

أو الحيوانات التــي ينتــفــع بركوبها ومنافعها ، أو الكتــــب

والمصاحف التي ينتفع باستعمالها والانتفاع بها أو المساجد

والمدارس والبيوت وغيرها التي ينتفع بها .

فكلها أجرها جار على العبد ما دام ينتفع بشيء منها . وهـذا

مــن أعظم فضائل الوقف . وخصوصا الأوقاف التــي فيهـــا

الإعانة على الأمور الدينية ، كالعلم والجهاد ، والتفرغ

للعبادة ، ونحو ذلك .

ولهـــذا اشترط العلماء في الوقف : أن يكون مصرفه على

وجهة بر وقربة .

الثـــانـي : العلم الذي ينتفع به من بعده ، كالعلم الذي علمه

الطلبة المستعدين للعلم ، والعلم الذي نشره بيــن النــاس ،

والكتب التي صنفها في أصناف العلوم النافعة .

وهكـذا كــل ما تسلسل الانتفاع بتعليمه مباشرة ، أو كتابة ،

فإن أجره جار عليه . فكـــم من علماء هداة ماتوا من مئات

من السنين ، وكتبهم مستعملة ، وتلاميذهم قد تسلسل

خيرهم . وذلك فضل الله .

الثــالث : الولد الصالح – ولد صلب ، أو ولد ابن ، أو بنت ،

ذكــر أو أنثـــى – ينتفع والده بصلاحه ودعائه . فهو في كل

وقـــت يدعو لوالديه بالمغفرة والرحمة ، ورفع الدرجات ،

وحصول المثوبات .

وهذه المذكورة في هذا الحديث هي مضمون { إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي

الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ } يس : 12

فمــا قدموا : هو ما باشروه من الأعمال الحسنة أو السيئة .

وآثارهم : مـــا ترتب على أعمالهم ، مما عمله غيرهم ، أو

انتفع به غيرهم .

وجميع ما يصل إلى العبد من آثار عمله ثلاثة :

الأول : أمور عمل بها الغير بسببه وبدعايته وتوجيهه .

الثاني : أمور انتفع بها الغير أي نفع كان ، على حسب ذلك

النفع باقتدائه به في الخير .

الثـــالــث : أمور عملها الغير وأهداها إليه ، أو صدقة تصدق

بها عنه أو دعا له ، سواء أكان من أولاده الحسيين أو مـــن

أولاده الروحيين الذين تخرجوا بتعليمه ، وهدايته وإرشاده ،

أو مــن أقاربه وأصحابه المحبين ، أو من عموم المسلمين ،

بحسب مقاماته في الدين ، وبحسب ما أوصل إلى العباد مـن

الخير، أو تسبب به، وبحسب ما جعل الله له في قلوب العباد

من الود الذي لا بد أن تترتب عليه آثاره الكثيرة التي منها :

دعاؤهم ، واستغفارهم له .

وكلها تدخل في هذا الحديث الشريف .

وقد يجتمع للعبد في شيء واحد عدة منافع ، كالولد الصالح

العالم الذي سعى أبوه في تعليمه ، وكالكتب التي يقفها أو

يهبها لمن ينتفع بها .

ويستدل بهذا الحديث على الترغيب في التزوج الذي مــــن

ثمراته حصول الأولاد الصالحين ، وغيرها من المصالح ،

كصلاح الزوجة وتعليمها ما تنتفع به ، وتنفع غيرها .

والله أعلم .

كتاب : بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح

جوامع الأخبار (ص102) للشيخ عبد الرحمن السعدي

….

(1) أخرجه مسلم في صحيحه ( ك الوصية ، ب ما يلحق

الإنسان من الثواب بعد وفاته، ص 886 / ح 1631 )

من حديث أبي هريرة .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بارك الله فيك
وجزاك الله خيرا

لاكي

جزاكى الله كل الخير

جعله الله فى موازين حسناتك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.