إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره .. ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له .. ومن يضلل فلا هادي له .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمد عبده ورسوله ..
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ }[ آل عمران/102]
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً}[النساء/1]
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً}[ الأحزاب/70]{يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً}[الأحزاب/71]
أما بعد ،
فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وإن خير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة فى النار ..
ثم أما بعد أخوتى الكرام ،،
وصلنا عند الكلام عن الصفرة والكدرة وهل هي حيض أم لا ؟
الصفرة : سائل أصفر كماء الجروح .. تعرفون الجرح إذا خرج منه ماء .. هذا الماء يسمى صفرة .. فالصفرة يخرج يرخيه الرحم .
الكدرة : ماء ممزوج بالحمرة مثلا البئر إذا جاء أحد وحرك التراب أو الطين الذي تحت ماذا يحصل في الماء الصافي .. يتكدر يتعكر .. فالكدرة هو ماء ممزوج بالحمرة كالصديد والصفرة والكدرة ليسا بدمين بل هما ماءان الصفرة ماء والكدرة ماء.. لمَ ؟.. لأننى سأبين هل هما من الحيض أم لا ؟ فإذا قلت الصفرة ماء والكدرة ماء فهي تخالف الحيض وهل إذا خالفت الحيض هل تأخذ حكمه أو لا تأخذ ؟
* الصفرة والكدرة اختلف العلماء فيها على أقوال ثلاث :
** القول الأول :
أن حكم الصفرة والكدرة .. بمعنى أن امرأة قبل أن تحيض نزلت عليها افرازات وهذه كثيرة جدا في النساء .. هي مثلاً تحيض فى يوم الثلاثاء ففي هذا الثلاثاء نزل عليها صفرة وكدرة ـ إفرازات ـ فهل لا تصلى الفجر ولا تصلى الظهر !! وماذا تفعل؟
حكم هذه الإفرازات، هل هي حيض أو ليست بحيض ولاسيما أننا نقول أنها في زمن الحيض في يوم العادة نزلت هذه الإفرازات فهل هي بحيض أم ليست بحيض..
اختلف العلماء بأقوال ثلاثة:
الأقوال الثلاثة هي: حيض مطلقا ـ ليس بحيض مطلقا ـ التفضيل.
قوم قالوا هما حيض مطلقا وقوم قالوا هما ليسوا على حيض مطلقا وقوم قالوا على التفضيل إذا كانت في زمن الحيض أو ليس في زمن الحيض.
فالذين قالوا ليسوا بحيض مطلقا.. هو قول ابن حزم الظاهري وهو قول الشافعية لأن الحيض عندهم هو الدم فقط.. قلنا لهم ما الدليل على ذلك؟ قالوا دليلنا من السنة قد قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أم عطية الذي أخرجه والنسائي وابن ماجة (كنا لا نعد الصفرة والكدرة شيئا).
أقول هذا الحديث حديثياً واصطلاحاً .. ينظر له .. من الذي روى هذا الحديث أم عطية .. والحديث هنا لم ترفعه أم عطية إلى النبي صلى الله عليه وسلم. فننظر له حديثيا إن لم يرفع للنبي قال أبو هريرة أنه يبلغ به .. قال أبو هريرة مرفوعاً يعنى رفعه لرسول يعني ذكر رسول الله.. هل أم عطية ذكرت رسول الله؟ .. فإذن هذا قول من قول أم عطية .. فنبحث فيه حديثياً ..
هل يصح أن يكون مرفوعاً أو لا ؟ ضوابط وقواعد عند المحدثين ..
إن كان هذا محل للشهاد في زمن النبي صلى الله عليه وسلم .. وكان محل الشهاد لا يأخذ حكم الرفض .. وإن كان في علم الغيب يكون له حكم الرفض .. والأمر الثالث .. إذا أضافت المسألة لزمن النبي صلى الله عليه وسلم فيأخذ حكم الرفع، وهنا يضاف إلى زمن النبي صلى الله عليه وسلم، لأنها قالت أننا كنا لا نعد، متى كانت لا تعد في عصر من؟ في عهد النبي صلى الله عليه وسلم لأنهن كن يسألن رسول الله وسألن بعده عائشة، ففي عصر النبي قالت كنا لا نعد فمن الذي أعلمها أنها لا تعده من الحيض رسول الله يبقى ابن حزم فاز وقال هذه سُنة وإن كانت في الظاهر موقوفة لكن لها حكم الرفع وهذا هو القول الأول وطبعا هذا من الأثر وأما من النظر قالوا قد قال الله تعالى {يسألونك عن المحيض قل هو} فسمي الدم، الدم سماه حيضا، قال صلى الله عليه وسلم (دم الحيض أسود يعرف) ما قال صفرة وكدرة قال دم الحيض فسماه دم. فإذن الحيض لا يكون إلا دما.
** القول الثاني : قول المالكية والشافعية قالوا الصفرة والكدرة مطلقاً دم حيض..ابن حزم يقول ليس بحيض مطلقا والشافعي يقول هو حيض مطلقا، وقالوا لنا في ذلك أدلة.. قلنا ما هذه الأدلة: قالوا: إذا خرج من الرحم ـ الصفرة والكدرة ـ ولها بعض المواصفات –يعني مواصفات الحيض- أخذت حكمه.. لأن القاعدة عند العلماء أن الشبيه يأخذ حكم الشبيه..وهي قاعدة فقهية تسمى قاعدة الحكم بالمجاورة..المجاور يأخذ حكم الذي يجاوره، الغرض المقصود هو قالوا فهو مجاور للحيض فهو يأخذ الحيض أو قالوا شبيه بالحيض فيأخذ حكم المشابه، فهذا دليل نظري.
** القول الثالث : التفضيل.وهو قول بعض الشافعية. وهو القول الراجح الصحيح.
هو بأن الصفرة والكدرة لها حالات :
الحالة الأولى : أن الصفرة والكدرة من الحيض .. فذهب جموع العلماء إلى أن الصفرة والكدرة في أيام الحيض هي حيض. نزل الدم وانقطع فأرخى الرحم إفرازات في زمن الحيض
الصفرة والكدرة بعد الطهر وهي أن ترى المرأة القصة البيضاء أو الجفاف، يعني بعد أن طهرت المرأة، يعني أنه بعد أن رأت القصة البيضاء نزلت عليها إفرازات صفرة وكدرة وهذه هي الحالة الثانية والحالة الأولى في زمن الحيض الحيض نزل وانقطع وما رأت القصة البيضاء ومازالت الإفرازات تنزل، ويبقى هذا صفرة وكدرة في زمن الحيض.
الثاني صفرة وكدرة بعد الطهر أو قبل الحيض، إذن هناك ثلاث حالات: بعدما رأت الطهر والحالة الثالثة قبل الحيض.
طيب ما حكم هذه الحالات الثلاث؟:
الحالة الأولى إن كانت الصفرة والكدرة في زمن وأقصد في زمن الحيض بعد نزول الدم ونثبت الحيض بنزول الدم يرخي الرحم الدم، بعد نزول الدم نزلت الصفرة والكدرة بعد انقطاع الدم أقول الصفرة والكدرة في زمن الحيض حيض. بمعنى المرأة انقطع دمها، الدم انقطع في يوم واثنين ولم ترى القصة البيضاء، ولا جاءها الجفاف إن كانت هي من أهل الجفاف لا رأت القصة البيضاء ولا رأت الجفاف وما زالت الصفرة والكدرة والإفرازات تنزل عليها نقول لها مازلتي حائضة فلا تصلى ولا تصوم..فهذا الحكم الأول. والحكم هنا جاء من القاعدة كل مجاور يأخذ حكم مجاوره خاصة ولاسيما أن هذه الافرازات نزلت بسبب نزول الدم فيأخذ حكمه فلازم الشيء كالشيء.. فنزول الصفرة والكدرة بعد نزول الدم هذا لازم للدم ولازم للدم أن يأخذ حكم الدم. فلازم الحيض حيض.. فتكون المرأة هنا تأخذ حكم الحيض لا تصلي ولا تصوم.
والدليل هنا من الأثر حديث عائشة (كن يبعث لها بالقطن فيها الصفرة والكدرة فتقول عائشة لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء).
الحالة الثانية: أن تنزل الصفرة والكدرة بعدما ترى الطهر، الصنف الأول من النساء في الطهر ترى القصة البيضاء السائل الأبيض، رأت القصة البيضاء فهي طاهر.
طيب صلت وصامت وجاءت بعد المغرب فنزل عليها إفرازات هذه الإفرازات صفرة وكدرة فهل هذه الصفرة والكدرة والإفرازات التي تنزل من الرحم حيض أو ليس بحيض؟ والجواب أنها ليس بحيض، تصلي وتصوم؟ والجواب نعم تصلي وتصوم. وماذا عليها؟ الجواب تغسل المحل وتتوضأ وتصلي وتكون طاهرة.
الدليل هو : قول أم عطية قالت : (كنا لا نعُد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئا) الوصف هذا نتعامل معه أصوليا بمفهوم المخالفة بحيث وصفت وصفا دقيقا فقالت لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئا. يبقى وصف المخالفة قبل الطهر نعده شيئا يعني نعده حيضا وهذا الدليل يرد على دليل ابن حزم الذي قال نحن نأخذ بالأثر (كنا لا نعد الصفرة والكدرة شيئا) وهذا مطلقا، قلنا له المطلق محمول على المقيد.
الحالة الثالثة : في زمن الحيض لكن قبل نزول الدم.. فيكون حكمها مثل الحالة الثانية.
ننتقل إلى مسألة ثانية .. وهى أن المرأة ترى الحيض يوماً .. وترى الطهر يوماً ..
يعنى مثلاً نزل دم الحيض يوم السبت وانقطع يوم الأحد .. ويوم الاثنين رأت الدم .. والثلاثاء انقطع .. وهكذا ..
ما حكمها ؟؟
أقول : أن لها هي حالتان :
الحالة الأولى : أن ينزل الدم يوم السبت ويوم الأحد ترى الطهر .. يعنى ترى القصة البيضاء أو الجفاف.. فيكون السبت دم يوم الأحد طهر..
فحكمها على الراجح عند أهل التحقيق من أهل العلم : يوم السبت نزل الدم حائض فلا صوم ولا صلاة ولا قراءة قرآن ولا مس للمصحف ولا دخول للمسجد .. ويوم الأحد رأت النقاء رأت الطهر قصة بيضاء أو جفاف فنقول لها اغتسلي صلي وصومي.. وتكون طاهر .. فتكون حائض حيثما وجد الدم وهي طاهر حيثما لم يوجد، وهذا يسمى عند الفقهاء باللقط بمعنى تلتقط يوم الطهر عن يوم الحيض، تلتقط الطهر فتصلي ينزل الدم فتمتنع عن الصلاة والصوم.
والدليل على ذلك هو عمومات الله تعالى وعمومات قول النبي صلى الله عليه وسلم {يسألونك عن المحيض قل هو أذى} فأدار الحكم مع وجود الأذى وهو الدم.
والدليل الثاني قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (دم الحيض أسود يعرف).
الحالة الثانية : ينزل عليها الدم يوم السبت وينقطع الأحد وينزل الاثنين وينقطع الثلاثاء من غير أن ترى الطهر.. يعنى ينقطع الدم .. ولكن مع وجود إفرازات ولكن من غير نزول الدم ..وتسمى هذه الحالة عند الفقهاء بالسحب، بمعنى سحب الحكم أي نسحب حكم الحيض في يوم الدم على الكدرة والصفرة ونقول هي حائض.
فحكمها أن أيامها كلها حيض.. تحسب إلى أن تعبر خمسة عشر يوماً وبعدها تكون مستحاضة وهنا ترجع إلى حكم الاستحاضة فتغسل وتتطهر وترجع إلى أحكام الأصناف الثلاثة إذا كانت مميزة أو معتادة أو مبتدئة ..
يبقى لنا الأحكام التي تتعلق بالحائض وهذا يكون في المحاضرة التالية بإذن الله .. وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ..
جزى الله الشيخ خيرا على هذا الجهد المبارك .. ونسأل الله تبارك وتعالى أن يبارك في الشيخ وأن يرفع درجته.. ولا تنسونا ولا تنسوا الشيخ من دعوة بالغيب وجزاكم الله خيراً ..
محاضرة لفضيلة الشيخ محمد حسن عبد الغفار جزاه الله خيرا ..
وربي يرزقك بالحمل القريب وربي يفرح يزوجك ويفرج همك ياااااااااارب