السؤال: جاءنا مرشدون يذكرون بأن الإنسان إذا رفع يديه يدعو الله لا يمسح بهما وجهه؛ لأن مسح الوجه بهما بعد الدعاء بدعة، ويقولون إذا قال المؤذن في إقامة الصلاة (قد قامت الصلاة) فقول بعض الجماعة عند ذلك: أقامها الله وأدامها بدعة لا يجوز، فبينوا لنا الحكم في الأمرين؟
*************
الجواب :
أولاً: دعاء العبد ربه وسؤاله إياه مشروع ومرغب فيه، ورفع اليدين فيه ضراعة وابتهالا إلى الله ثابت مشروع أيضاً، وأما مسح الوجه بالكفين عقب الدعاء فقد ورد فيه حديث ضعيف رواه ابن ماجه من طريق صالح بن حسان النصري عن محمد بن كعب القرظي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا دعوت فادع الله ببطون كفيك ولا تدع بظهورهما فإذا فرغت فامسح بهما وجهك)) لضعف صالح بن حسان، فقد ضعفه أحمد وابن معين وأبو حاتم والدار قطني، وقال البخاري: منكر الحديث، وقال أبو نعيم الأصبهاني: منكر الحديث متروك، وقال ابن حبان: كان صاحب قينات وسماع وكان يروى الموضوعات عن الأثبات، وقال ابن الجوزي في هذا الحديث: لا يصح؛ فيه صالح بن حسان.
وورد فيه حديث آخر رواه الترمذي في سننه قال: حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى وإبراهيم بن يعقوب وغير واحد قالوا حدثنا حماد بن عيسى الجهني عن حنظلة بن أبي سفيان الجمحي عن سالم بن عبدالله عن أبيه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا رفع يديه في الدعاء لم يحطهما حتى يمسح بهما وجهه، قال محمد بن المثنى في حديثه: لم يردهما حتى يمسح بهما وجهه، قال أبو عيسى: هذا حديث صحيح غريب لا نعرفه إلا من حديث حماد بن عيسى، وقد تفرد به وهو قليل الحديث، وحنظلة بن أبي سفيان ثقة، وثقه يحي بن سعيد القطان.اهـ ولكن فيه حماد بن عيسى وهو ضعيف وقد تفرد به على ما ذكره الترمذي.
ولما كان الدعاء عبادة مشروعة، ولم يثبت في مسح الوجه بالكفين عقبه سنة قولية أو عملية، بل روي ذلك من طرق ضعيفة- فالأولى تركه؛ عملاً بالأحاديث الصحيحة التي لم يذكر فيها المسح.
ثانيا: الأصل في العبادات التوقيف وألا يعبد الله إلا بما شرع، ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال حينما سمع الإقامة: أقامها الله وأدامها، ولكن روى أبو داود في سننه ذلك عنه من طريق ضعيف قال: حدثنا سليمان بن داود العتكي حدثنا محمد بن ثابت حدثني رجل من أهل الشام عن شهر بن حوشب عن أبي أمامة، أو عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن بلالا أخذ في الإقامة فلما أن قال: (قد قامت الصلاة) قال صلى الله عليه وسلم: ((أقامها الله وأدامها)) وسبب ضعفه: أن في سنده رجلاً مبهماً، والرجل المبهم لا يحتج به.
وبذلك يتبين أن قول أقامها الله وأدامها عند قول المقيم (قد قامت الصلاة) غير مشروع لعدم ثبوته عنه صلى الله عليه وسلم وإنما الأفضل أن يقول من سمع الإقامة مثل قول المقيم، لأنها أذان، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول)).
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
**اللجنه الدائمه للبحوث العلميه والأفتاء**
السلام عليكم.
بــارك الله فيك وأثابك ..
جزاك الله خيراً على هذه الإفادة التي قد يجهلها الكثير ..