خلق بدن آدم من الأرض، و روحه من ملكوت السماء، و قرن بينهما، فإذا أجاع بدنه و أسهره و أقامه في الخدمة، وجدت روحه خفة و راحة فتاقت إلي الموضع الذي خلقت منه، و اشتاقت إلي عالمها العلوي، و إذا أشبعه و نعمه و نومه و اشتغل بخدمته و راحته، أخلد البدن إلي الموضع الذي خلق منه، و أنجذبت الروح معه فصارت في السجن، فلولا أنها ألفت السجن لاستغاثت من ألم مفارقتها و انقطاعها عن عالمها الذي خلقت منه كما يستغيث المعذب.
و بالجملة، فكلما خف البدن لطفت الروح و خفت و طلبت عالمها العلوي، و كلما ثقل و أخلد إلي الشهوات و الراحة ثقلت الروح، و هبطت من عالمها، و صارت أرضية سفلية.
من مختصر الفوائد
تأليف الإمام ابن قيم الجوزية