أما بعد
أيها الناس اتقوا الله تعالى وأشكروه على ما أنعم به عليكم مما أخرجه لكم من طيبات الرزق واللباس واستمعوا قول الله تعالىيا بني أدم قد أنزلنا عليكم لباساً يواري سوءاتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون ) بين الله سبحانه في هذه الآية فوائد هذا اللباس لأنه زينة ومواراة للسوءة أي ستر للعورة لأن الله لم يجعل للإنسان ساتراً طبيعياً من أصل الخلقه لأجل أن يتذكر الإنسان أنه دائماً في عورة ومحتاج إلى الستر فينتقل من معرفة الحاجة إلى الستر الحسي للعورة الحسية ينتقل من معرفة ذلك إلى معرفة الحاجة إلى الستر المعنوي للعورة المعنوية وهي عورة نقص الدين والأخلاق فيسترها بتكميل دينه وأخلاقه ولقد دلت النصوص أن اللباس بقسميه لباس الزينة ولباس الحاجة إن الأصل فيه الحل إلا ما قام الجميل على تحريمه قال الله تعالى (هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا) وقال سبحانه (قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق ) قال ذلك إنكاراً على من يحرمون شيئاً من اللباس والطعام بغير دليل ولقد بين النبي صلى الله عليه وسلم لأمته بين لهم ما لا يجوز من اللباس بياناً ظاهراً لا خفاء فيه ومما حرمه رسول الله لباس ما يختص بالكفار سواءً كان لباساً شاملاً للجسم كله أو لعضو منه وكل لباس يختص بالكفار لا يلبسه غيرهم وأنه لا يجوز للمسلم لبسه لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (من تشبه بقوم فهو منهم ) فإذا تشبه الإنسان بالكفار في لباسهم فإن ذلك يجره إلى أن يتشبه بهم في أخلاقهم ثم في ديانتهم فيؤدي ذلك إلى الكفر المحضي والعياذ بالله ومما حرمه النبي صلى الله عليه وسلم أن يلبس الرجل ما يختص بالمرأة وأن تلبس المرأة ما يختص بالرجل فلا يجوز للمرأة أن تلبس شيئاً لا يلبسه إلا الرجال ولا يجوز للرجل أن يلبس شيئاً لا يلبسه إلا النساء لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال أما ما كان يلبسه الجميع فإنه جائز للجميع ومما حرمه النبي صلى الله عليه وسلم أن يلبس الإنسان ما يقصد به الفخر و الخيلاء من ثوب أو سروال أو نعل أو غيرها لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يسخر أحد على أحد ويتفاخر بالرفعة والعلو عليه إن هذا المستخف الذي أعجب بماله وهندامه إنه لا يدرى فلعل الأحوال تتغير ويحل محل من أفتخر عليه بالفقر والإعواذ ويحل الثاني محله بالغنى والجود وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (بينما رجل يمشي في حلة أي إزار ورداء تعجبه نفسه مرفع رأسه يختال في مشيته إذ خسف الله به فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة ) وفي الحديث عن أبن عمر رضي الله عنهما قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم : من تعظم في نفسه وأختال في مشيته لقي الله وهو عليه غضبان ومما حرمه النبي صلى الله عليه وسلم أن ينزل لباس الرجل إلى ما تحت الكعبين فلا يجوز للرجل أن تنزل ثيابه إلى ما تحت الكعبين سوى إن كان قميصاً أم سروالاً أم مشلحا وسوى قصد بذلك الخيلاء أم لم يقصد لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (ما أسبل في الكعبين فهو في النار) فإن جره خيلاء كانت العقوبة أعظم وأشد قال النبي صلى الله عليه وسلم من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة) وقال صلى الله عليه وسلم ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب) وإنك لتعجب من بعض الذين أنعم الله عليهم اليوم يجعلون ثيابهم تكب على الأرض أو تنزل عن الكعبين ثم يجادلون بالباطل يحتجون بقول أبي بكر رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله إن أحد شقي إزاري يبتغي علي إلا أن أتعاهده فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إنك لست ممن يصنع ذلك خيلاء يقولون فنحن لا نجره خيلاء ونحن إذا قبلنا منهم هذه الدعوة فإنهم ليس بأيديهم تزكية كما زكي النبي صلى الله عليه وسلم أبى بكر نقول لهم إذا أتيتمونا بتزكية من رسول الله صلى الله عليه وسلم فإننا نسكت عن الإنكار عليكم على أن ظاهر حديث أبي بكر رضي الله عنه أنه كان يتعاهده ولكنه يبتغي عليه أحياناً وهؤلاء ليسوا كحال أبي بكر بل هم يفصلون الثوب على أن يكون فضفاضاً ينجر على الأرض أو ينزل عن الكعبين ومن العجب أن بعضهم يعتذر ويقول إن الخياط هو الذي جعله طويلاً وهذه الحجة لا تنفعهم عند الله ولا عند عباد الله فإن الخياطين لو قلت لهم خيطوا لي ثوباً إلى الركبة لخاطوا لك ثوباً إلى الركبة ولو قلت خيطوا لي ثوباً ينجر ذراعاً على الأرض لخاطوا لك ذلك فهم كما تأمر يفعلون على أنه لا يجوز للخياط أن يخيط ثوباً لرجل ينزل عن الكعبين فإن فعل ذلك كان معين له على الإثم والعدوان وقد قال الله تعالى (ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) ومما حرمه النبي صلى الله عليه وسلم أن يلبس الرجل الذهب فلا يجوز للرجل أن يلبس ذهباً لا خاتماً ولا سواراً ولا أزراراً ولا غيره ففي صحيح مسلم من حديث أبن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى خاتماً من ذهب في يد رجل فنزعه النبي صلى الله عليه وسلم وطرحه وقال: ( يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده ) فقال الناس للرجل بعدما ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم خذ خاتمك أنتفع به فقال والله لا أخذه وقد طرحه رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي سنن النسائي عن أبي سعيد الخدري أن رجلاً قدم من نجران إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه خاتم من ذهب فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: ( إنك جئتني وفي يدك جمرة من نار) وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (من مات من أمتي وهو يتحلى بالذهب حرم الله عليه لباسه في الجنة) وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ حريراً وذهباً فقال :هذان حرام على ذكور أمتي حل لإناثهن ومن ذلك أيضاً لـُد خاتم الخطبة الذي يسمونه الدبلة فهو سيئ للرجال والنساء لأن هذه العادة من سنن النصارى كما قاله بعض العلماء ويرجع ذلك إلى عادة قديمة لهم يضع الرجل الذي يريد الزواج يضع الخاتم على رأس إبهام العروسه ويقول بسم الأب ثم يضعه على رأس السبابة ويقول بأسم الابن يعنون بالأب الله عز وجل ويعنون بالابن عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم وتعالى الله عن قولهم ثم يضعه على رأس الوسطى ويقول بأسم روح القدس وعندما يقول آمين يضعه في البنصر حيث يستقر أيها الأخ المسلم إذا كانت هذه العادة متلقاة من النصارى فكيف ترضى لنفسك وأنت مسلم أم تقلدهم فيها وتتشبه بهم وقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (من تشبه بقوم فهو منهم) كيف تنزل بعقلك إلى هذه الخرافة التي لا حقيقة لها وليست الدبلة هي التي تجلب المودة وليس عدمها هو الذي يطرد المودة وكم من أناس ركبوا الدبل فكان بينهم وبين نسائهم أعظم العداوة وما أكثر الذين لا يلبسونها وهم في أقوى ما يكون من المودة بينهم وبين زوجاتهم وعن أبن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قالإنه قال إن الرقي والدول والتمائم شرك فسر العلماء الدولة بأنها شئ يصنعونه يزعمون أنه يحبب المرأة إلى زوجها والدبلة شبيه بالدولة لأنهم يعتقدون أنها رابطة بين الزوج وزوجته وهي بعيدة من ذلك فليست بربط شرعي لأن الربط الشرعي بين الزوجين يكون بعهد النكاح وليست ربطاً كونياً لأنها لا تأثير لها حساً سوى ما يقع في وهم لابسيها بناء على عقيدة لا أصل لها ومن اللباس المحرم لبس الرجل والمرأة ما لا يستر من الثياب فمثل الرهيف الذي لا يستر والقصير ويتضح ذلك في الرجال في أيام الصيف حيث يلبسون سراويل قصيرة يبدو منها بعض الفحش وثياباً رهيفة عليها لا تستر وهذا لا يسترهم في الصلاة فلا تصح صلاتهم حينئذ فيقعون في خطأ عظيم ولذلك يجب على الإنسان إذا أستعمل هذه السراويل القصيرة أن يجعل فوقها ثياباً طفيفة لا تصف البشرة وإلا أن يطول السراويل حتى تستر ما بين السرة والركبة أما النساء فأنه يتضح ذلك في حقهن حيث يلبس بعض النساء خماراً رهيفاً يعني قترة رهيفة تغطي وجهها فتبدو ووجهها بين ظاهر فاتقوا الله أيها المسلمون واستعينوا بنعم الله على طاعته ولا تجعلوا هذه النعم وسيلة للاشروالبطر والرفاهية الموقعة في الإثم واتقوا النار التي أعدت للكافرين وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب واستغفروه أنه هو الغفور الرحيم …
الحمد الله على إحسانه وأشكره على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ألوهيته وربو بيته وسلطانه وأشهد أن محمد عبده ورسوله المؤيد ببرهانه الداعي إلى جنته ورضوانه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأعوانه وسلم تسليماً كثيرا…
أما بعد
أيها الناس فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكثر صومه في شهر شعبان كان يصومه كله إلا قليلاً وعلى هذا فينبغي للمسلم أن يكثر من الصيام فيه اغتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم وأما الصيام في رجب فإن ذلك ليس من هدي النبي صلى الله عليه وسلم ولا شك أن شهر رجب هو أحد الأشهر الأربعة الحرم التي قال الله فيها ( إن عدة الشهور عند الله أثنى عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض ) منها أربعة حرم وهي ذو القعدة وذو الحجة ومحرم ورجب، رجب أحد الأشهر الأربعة الحرم ولكن لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خصه بصيام ولا قيام وتخصيصه بصيام أو قيام هو من البدع أما شهر شعبان فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكثر من الصيام فيه وإننا لنعجب أن يغتر أكثر المسلمين في شهر رجب فيقيمون الاحتفالات ليلة السابع والعشرين منه بحجة أنها الليلة التي أسري فيها برسول الله صلى الله عليه وسلم وعرج به فيها إلى السماء ولا ريب أن النبي صلى الله عليه وسلم أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ولا ريب أنه عرج به من الأرض إلى السماوات العلا كل هذا حق ثابت نؤمن به ولكننا لم يثبت عندنا أنه أسري به وعرج به في هذا الشهر في شهر رجب وأقرب ما يكون صحيحاً أنه اسري به وعرج به في ربيع الأول وليس في رجب وعلى كل حال فلو ثبت أنه أسري به في ليلة معينة من السنة فإنه لا يجوز للمسلمين أن يحدثوا لها احتفالاً ولا عيداً لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحدث لها احتفالا ولا عيداً وحقيقة حال من أحدث لها احتفالاً أو عيداً حقيقة حاله أنه قادح برسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه ما من شك أن نعمة الإسراء والمعراج على النبي صلى الله عليه وسلم أعظم من كونها نعمةً على هذه الأمة وإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقم لهذه النعمة احتفالاً ولا عيداً فإما أن يكون غير شاكر لها وحاشاه أن لا يكون شاكراً لنعمة الله وإما أن يكون غير عالم بما تستحق من الشكر وحاشاه أن يجهل شئ من شريعة الله وكل هذين الأمرين باطلان فإذا تبين بطلانهما تبين أن إقامة الاحتفال لها باطل أيضاً وأنه يستلزم عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الأمر وحاشاه من ذلك ولا يجوز للمسلم أن يتخذ طريقاً إلى الله لم يشرعه الله لأن من أتخذ طريقاً إلى الله لم يشرعه الله فقد شارك الله في حكمه وجعل نفسه شريكاً مع الله في تشريع ما لم يعلم به الله فعلى المسلم أن يكون أديباً بين يدي الله ورسوله وأن لا يقدم بين يدي الله ورسوله وأن يستحضر دائماً قول الله عز وجل (يا أيها الذين أمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله أن الله سميع عليم يا أيها الذين أمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون ) إن رفع الصوت فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم كما يراد به رفع الصوت نطقاً فهو أيضاً يراد به رفع الصوت معنى والذين يحدثون في دين رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي شريعته ما ليس منهما أدركهم أصواتهم فوق صوت النبي فعليهم أن يتوبوا إلى الله وأن يرجعوا من هذه البدع التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلمكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ) أسال الله تعالى أن يبصر المسلمين بما فيه صلاح دينهم وديناهم وأن يجعلهم مؤمنين يكونون إذا قضى الله ورسوله أمراً لا يكون لهم الخيرة من أمرهم يلتزمون بشريعة الله وهم على خير إذا نفذوها وهم على غير خير إذا أحدثوا فيها ما ليس منها فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (شر الأمور محدثاتها ) وأعلموا أيها المسلمون أن الله أمركم بأمر بدأ به بنفسه فقال جل من قائل عليما ( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين أمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ) أكثروا من الصلاة والسلام على نبيكم محمد يعظم الله لكم بها أجرا فإن من صلى عليه مرةً واحدةً صلى الله عليه بها عشرا اللهم صلى وسلم على عبدك ونبيك محمد اللهم ارزقنا محبته وأتباعه ظاهراً وباطناً اللهم توفنا على ملته اللهم احشرنا في زمرته اللهم أدخلنا في شفاعته اللهم اسقنا في حوضه اللهم أجمعنا به في جنات النعيم مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين اللهم أرضى عن خلفائه الراشدين وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين له بإحسان إلى يوم الدين اللهم أرضى عنا معهم وأصلح أحوالنا كما أصلحت أحوالهم يا رب العالمين اللهم هيئ لعبادك المؤمنين من أمرهم رشدا وأصلح لهم ولاة أمورهم وأصلح لولاة أمورهم بطانتهم إنك على كل شئ قدير ربنا أغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل لنا في قلوبنا غل للذين أمنوا ربنا أنك رؤوف رحيم عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الإيمان بعد توكيدها وقد جعلكم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تصنعون واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزيدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون …
خطب الجامع الكبير في عنيزة : اللباس المحرم ـ الرد على من أحتفل بليلة السابع والعشرين من رجب
منقول ؟؟؟؟؟؟؟