ذهبت لجدي ذات يوم أشكو إليه عليل جسدي و آهاته
فرحل مطرقا بفكره يبحث في مكتبة ذاكرته المليئة بالمجلدات ينظر من أين يجلب الدواء لمحبوبته, ثم نظر إلي و في عينيه دمع فقال:لا يوجد سوى دواء واحد هو بمثابة صيدلية لكل ما تعانين
استغربت من الإجابة !!! أيعقل أن يقوم دواء واحد بعلاج مختلف ما أعاني رغم اختلاف أنواعه ؟؟؟!!!!! فوجدت نفسي أساله بلهفة : ما هو يا جدي ؟؟؟؟؟؟؟
فسمعته بصوت خافت حزين يملؤه الحنين : انه الوطن يا بنيتي
و أكمل يقول : ……. فلقدميك في ترابه مطريا, و في مياه بحره لجلدك منعما و مرطبا.و في زيت زيتونه لشعرك ملمعا و مقويا , و في هوائه لرئتيك منعشا و في قشر برتقاله لخديك موردا, و في ليمونه الحامض لوجهك منقيا, و في صوت عصافيره لأذنيك مطربا , و في كلام أهله لحسك مغنما , و في ورق زيتونه لراسك مسكنا , و في أشجار حنته ليديك و ظفرك مجملا و لعينيك برؤيا أقصاه كحلا, فاق كل كحل صنعته يد البشرية……
فضحكت لما قال ووصف من الدواء , قلت له:أهذا الدواء ؟؟؟
فنظر إلي و سحابة غضب صيفية علت حاجبيه …… فأكمل الحديث و قال: إن وجود الإنسان في وطنه , هذا الوجود ذاته هو ما يعطي لروحه السكينة و الطمأنينة و لقلبه الفرحة و لصدره الشرحة و لكيانه الترسيخ
هنا أضعت وصفة الدواء و بت لا افهم شيئا …. و كيف افهم أو أعي هذه الوصفة الأخيرة و أنا من جيل الضياع و الشتات , لم أعش الوطن و لا معناه , و ضاع من كياني ذلك الجزء الكبير ,فالدم يحن و النفس تصبو لوطن تستقر فيه فوجد الجسد نفسه ضعيفا أمام هذه الأحاسيس و الإرادة فتعلل و ظهرت عليه الأسقام
فلم يكن مني سوى أن شكرته على وصفته و قمت من جانبه بصمت حزين أكمل بقية صراعي مع الحياة و أواجه حنين وطن لم أره و صراع قضية تجري في شراييني………
تقبلوا مني فائق الاحترام
اختكم ريحانة غزة