أعلم أن الخطب عظيم وتكاليف المهنة شاقة ،،،
والأنظمة معقدة وتزداد تعقيدا يوما بعد يوم ..
ولذلك كله ، وغيره ، وأعظم منه من المشاق ،، مماعجزت الحروف عن وصفه ولم تسعه الكلمات …
إلى متى نرى هذه الصور المؤلمة ونزداد هموما فوق همومنا ..!!
ونقف مكتوفي الأيدي ولانحرك إلا ألسنة النقد والجزع ؟؟!!
وقد وفر علينا الطريق فضيلة الشيخ / محمد الدويش في كتابه : المعلم ومهارات التدريس ..
صورا مؤلمة توضح كيفية تفكير كثير ممن حملوا مهنة التدريس لكنهم لم يتحملوها كما ينبغي ..
..
ألا ترى أخي الكريم أن هناك فئة من العاملين في قطاع التعليم قد أهان هذه الوظيفة الشريفة، حين اتخذها وسيلة للثراء والكسب المادي؟
فهو لا ينظر لهذا العمل إلا من خلال هذه الزاوية الحادة.
إن وظيفة التعليم أسمى وأعلى من أن تكون وظيفةً رسميةً، أو مصدراً لكسب الرزق،
إنها إعدادٌ للأجيال، وبناءٌ للأمة. ومن حق كلِّ فردٍ أن يتطلع لعيشة هنية، وأن يتحصل على مصدر شريف لكسب الرزق،
لكن هذه صورة أخرى غير تلك التي يمتهن صاحبها التدريس فلا يختاره إلا لما يدره من مال، وغاية همِّه وجلُّ حساباته المقارنة بين المكاسب والخسائر، والحوافز والعقبات.
فهل يؤتمن من هذه نهاية نظرته، وغاية تطلعه؟!.
هل يؤتمن مثله على رعاية الجيل وإعداد النشء؟!. هذه صورة.
ذاك المدرس الذي يشكو دهرَه، ويندب حظَّه، فإجازاته ليست بيده، والطلاب أحالوا سوادَ شعره إلى بياض،
والآباء يتمون مايعجز عنه أبناؤهم.
فالمدرس عند صاحبنا أسوأ الناس حظًّا، فأقرانه حاز بعضهم على مراتب عالية، وأسوأهم حالاً من يستأذن متى شاء، ويأتي متى أراد، ويتعامل مع أوراق جامدة، لا أنفس متباينة،
أما هو فيعيش بين ضجيج المراهقين، وصخب الصغار، ليعود بعدها إلى أكوام الدفاتر.
إنه هو الآخر وإن خالف صاحبه في الاتجاه، فتشاءم حين تفاءل صاحبه، ونظر بعين الخسائر حين نظر صاحبه بعين المكاسب،
إنه مع ذلك لم يدرك شرف التعليم، ولم يرتق إلى أهلية التوجيه، وأي نتاج وتربية ترتجى وراء هؤلاء؟!.
وهي قد تحمل أوجه تلاق مع الصورة الأولى أو الثانية، لكن صاحبها متبلد الإحساس، فاقد الغيرة
يرى أبناء المسلمين يتهافتون على الفساد، ويقعون في شبك الرذيلة، ولا يحرك الأمر لديه ساكناً، أو يثير عنده حمية،
شأنه تدريس الفاعل والمفعول، أو توضيح المركبات وقوانينها، أو حل المعادلات، بل قد يتبوأ تدريس العلم الشرعي، والتربية الإسلامية، ومع ذلك فواقع الطلاب لا يعنيه بقليل ولا كثير.
لست أدري أي عقلية تحكم هذا النوع من الناس؟! ولا أعلم من أيهما أعجب من واقع الشباب، أم من ضعف التوجيه وعدم إيجابية هذا النمط من المعلمين؟.
مدرس اتجه إلى التدريس كرهاً لا طوعاً، فهو لم يجد وظيفة أصلاً غيره، أو كان يريد البقاء في بلده، فهو الخيار الوحيد له،
ولسان حاله يقول: مكره أخاك لا بطل، نعم من حقه أن يؤمن مجالاً يعمل فيه، لكن مثل هذا الصنف قد لا يدرك رسالة التعليم، وشرف التربية.
انتهى كلام فضيلة الشيخ محمد الدويش حفظه الله ..
إذ لابد لنا من وقفة مع معلمتنا الحبيبة وتساؤول ..؟
هل هناك وظيفة تناولتها نصوص القرآن والسنة كما تناولت وظيفة المعلم..!!
هل وجدتِ ثناءا على وظائف التجار والمهندسين والأطباء والصسادلة … و… وغيرهم ، من أصحاب الوظائف العالية ..
في كتاب الله وسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم ؟؟؟
ليبقى الثناء الثابت في السنة المطهرة على المعلم أيا كانت صورة تعليمه
فلا يشترط أن يكون معلما بمدرسة بل أطلق التعليم ليفتح الباب أمام كل من أراد أن يغترف من هذا المعين العذب …
لذا أخواتنا المعلمات كان هذا الموضوع الذي أردنا منه التذكير بفضل المعلم وخيرية تعليمه ..
لتكون حافزا ومساندا له إذا ما ضاق الصدر وتكومت المشاق أمامه ..
والآن نترككن مع هذه النصوص وتعليق الشيخ _حفظه الله _عليها في الكتاب السابق ..
ونرجو منكن أن تتأملنها بقلوبكن قبل أعينكن …
لأن فيها من الخير الكثير الكثير ..
مما له أكبر الأثر بإذن الله لرفع هممنا وتجديد نياتنا والنهوض بشباب الأمة وفتياتها من جديد ..
مع ملاحظة أن بعض هذه النصوص أطلقت التعليم ولكن غالبها تحدثت عن معلم العلوم الشرعية ..
يقول الشيخ حفظه الله في كتابه السابق معددا مزايا المعلم والثمرات التي يجنبها من التعليم :
حين يموت الإنسان ويفضي إلى ما قدم ينقطع عمله إلا من ثلاثة: "صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له". [رواه مسلم 1631].
وفي حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال:
"إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته: علماً علَّمه ونشره، وولداً صالحاً تركه، ومصحفًا ورَّثه، أو مسجداً بناه،
أو بيتاً لابن السبيل بناه، أو نهراً أجراه، أو صدقةً أخرجها من ماله في صحته وحياته، يلحقه من بعد موته". [رواه ابن ماجه 242، والبيهقي وابن خزيمة. وانظر: صحيح الترغيب والترهيب، ص 73].
وروى ابن ماجه بإسناد صحيح عن أبي قتادة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: "خير ما يخلِّف الرجل من بعده ثلاثٌ: ولدٌ صالح يدعو له، وصدقة تجري يبلغه أجرها، وعلمٌ يُعمل به من بعده". [رواه ابن ماجه 241. وانظر: صحيح الترغيب والترهيب 75].
ونصيب المدرس لا يقف عند واحدة من هذه الثلاث، بل يظفر بها جميعاً
كما بيَّن ذلك الحافظ بدر الدين ابن جماعة حين قال: "وأنا أقول: إذا نظرت وجدت معاني الثلاثة موجودة في معلم العلم، أما الصدقة الجارية فإقراؤه إياه العلم وإفادته إياه،
ألا ترى إلى قول النبي صلى الله عليه وسلّم في المصلي وحده: "من يتصدق على هذا؟". [رواه أحمد 11016، وأبو داود 574، والدارمي 1368].
أي بالصلاة معه لتحصل له فضيلة الجماعة، ومعلم العلم يحصل للطالب فضيلة العلم التي هي أفضل من صلاة في جماعة، وينال بها شرف الدنيا والآخرة.
وأما العلم المنتفع به فظاهر؛ لأنه كان سبباً لإيصال ذلك العلم إلى كل من انتفع به.
وأما الدعاء الصالح له فالمعتاد على ألسنة أهل العلم والحديث قاطبة من الدعاء لمشايخهم وأئمتهم… فسبحان من اختص من شاء بجزيل عطائه".
[تذكرة السامع والمتكلم 63 – 64].
وانظر إلى الثمرة التي جناها أبو حنيفة رحمه الله حين علَّم مسألة واحدة، قال مكي بن إبراهيم: "كنت أتّجر فقال لي الإمام: التجارة بلا علم ربما تورث فساد المعاملة،
فما زال بي حتى تعلمت، فما زلت كلما ذكرته وذكرت كلامه وصليت أدعو له بالخير؛ لأنه فتح عليَّ ببركته أبواب العلم".
[من أعلام التربية الإسلامية 1/44. نقلاً عن مناقب أبي حنيفة للكردي، ص 138].
هل رأيت العالم الداعية الذي يحمل همَّ دينه، وتلتف حوله الجماهير، ويثني الناس ركبهم لديه؟.
أم أبصرت القاضي الذي يحكم في دماء الناس وأعراضهم وأموالهم؟!.
أم قابلت الجندي الذي يقف في الميدان حامياً لعرين الأمة، وحارساً لثغورها؟.
كل أولئك إنما جازوا من قنطرة التعليم، وعبروا من بوابة الدراسة، وقد كان لهم ولاشك معلمون وأساتذة، ولم يعدموا مدرساً ناصحاً، وأستاذاً صادقاً.
"إن عظماء العالم وكبار الساسة فيه وصناع القرارات الخطيرة، كل هؤلاء قد مرُّوا من خلال عمليات تربوية طويلة ومعقدة، شارك فيها أساتذة ومعلمون،
وضع كل منهم بصماته على ناحية معينة من نواحي تفكيرهم، أو على جانب من جوانب شخصياتهم،
وليس من المحتم أن يكون هؤلاء العظماء وقواد الأمة ومصلحيها قد مرُّوا على عيادات الأطباء، أو على مكاتب المهندسين، أو المحامين، أو الصيادلة، أو المحاسبين.
بل إن العكس هو الصحيح إذ لابد أن يكون كل هؤلاء الأطباء والمهندسين والمحامين والصيادلة والمحاسبين وغيرهم،
لابد وأن يكونوا قد مرُّوا من تحت يد المعلم؛ لأنهم من ناتج عمله وجهده وتدريبه…
إن المعلمين يخدمون البشرية جمعاء، ويتركون بصماتهم واضحة على حياة المجتمعات التي يعملون فيها،
كما أن تأثيرهم على حياة الأفراد ومستقبلهم يستمر مع هؤلاء الأفراد لسنوات قد تمتد معهم ما امتد بهم العمر،
إنهم يتدخلون في تشكيل حياة كل فرد مرَّ من باب المدرسة، ويشكلون شخصيات رجال المجتمع من سياسيين، وعسكريين، ومفكرين، وعاملين في مجالات الحياة المختلفة".
[المعلم والمناهج وطرق التدريس لأستاذنا. د. محمد عبد العليم مرسي، ص 14- 15].
فهو أنت أخي المدرس تدرس الصغير والكبير، وتعد الجميع، وتهيئهم ليصل بعضهم إلى ما لم تصل إليه، لكنك صاحب اللبنة الأولى وحجر الأساس.
أرأيت أخي حجم مسؤوليتك؟! وأدركت موقعك من المجتمع؟! وعلمت مكانك بين الناس؟!.
يدرك الجميع مدى نجاح المدرس في التأثير من خلال فصله الدراسي، وعلى طلبته الجالسين أمامه على مقاعد الدراسة،
أما أن تأثيره يمتد خارج أسوار المدرسة فهذا أمر قد لا يدركه الجميع، إن المدرس الناصح المخلص لن يعدم أن يجد واحداً من بين طلبته المئات يحمل أفكاره،
ويتحمس لها ربما أكثر منه، وينافح عنها في المجالس والمحافل، فتبلغ كلماته مدى يعجز هو قبل غيره عن قياسه.
وأحسب أنك توافقني أن هذه البوابة من التأثير غير مفتوحة للجميع،
وأن من يفشل في التأثير على الجالسين أمامه لن تجاوز كلماته فصله.
عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال:
"إن الله وملائكته وأهل السموات والأرضين، حتى النملة في جحرها، وحتى الحوت، ليصلون على معلم الناس الخير ". [رواه الترمذي 2685 والدارمي 289].
أي منزلة عالية تلك التي يبلغها المدرس، أن يصلي عليه الله سبحانه وتعالى وملائكته الكرام الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون؟
وحتى سائر أهل السماء وأهل الأرض، وهذا أمر يشاهده الجميع،
ألم تسمع تلك الدعوات الصادقة التي تصدر من الناس حين يسمعون خطيباً أو داعية للخير، قد علَّمهم أمراً جهلوه، أو ذكَّرهم شيئاً نسوه؟
ولكن ما بالك بمن جعل هذه الأمانة والمنزلة سليماً للثراء، ووسيلة للكسب المادي، ففقد الإخلاص لله سبحانه، ولم يبتغ بتعليم الناس وجه ربِّه، أتراه يستحق هذا الثواب؟
"إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى". [ رواه البخاري 1، ومسلم 1907].
عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال:
"من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً". [رواه مسلم 2674].
وعن جرير بن عبد الله البجلي – رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال:
"من سنَّ في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء،
ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء". [رواه مسلم 1017].
وعن حذيفة – رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال:
"من سنَّ خيراً فاستن به؛ كان له أجره ومن أجور من يتبعه غير منتقص من أجورهم شيئاً، ومن سنَّ شرًّا فاستن به؛
كان عليه وزره ومن أوزار من يتبعه غير منتقص من أوزارهم شيئاً". [رواه أحمد 5/387].
فالمدرس له النصيب الأوفر من هذه الفضائل؛ فهو ممن يدعو للهدى، ويسن السنة الحسنة،
بل روى ابن ماجه من حديث سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: "من علَّم علماً فله أجر من عمل به لا ينقص من أجر العامل".
[رواه ابن ماجه 240. وانظر: صحيح الترغيب والترهيب 76].
لقد تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه قال:
"نضرَّ الله امرأً سمع مقالتي فوعاها فأداها كما سمعها، فَرُبَّ مبلغ أوعى من سامع".
[انظر لقط اللآلئ المتناثرة، ص 161، وأورده السيوطي والكتاني. وذكر ابن منبه أنه رواه أربعة وعشرون صحابياً].
فهذه دعوة من النبي صلى الله عليه وسلّم للمعلم، فبادر أخي المدرس في تعليم الخير لتفوز بدعوة النبي صلى الله عليه وسلّم.
فربّ كلمة لا تلقي لها بالاً تقع على من يكون أوعى لها منك، فينالك أجرها.
من أعظم ما تدخره أخي المدرس في الحياة الدنيا أن تكسب طالباً، يتلقى توجيهك، ويحمل علمك، ويعرف بعد ذلك قدرك
ويوصيك بذلك ابن جماعة فيقول: "واعلم أن الطالب الصالح أعود على العالم بخير الدنيا والآخرة من أعز الناس عليه، وأقرب أهله إليه،
ولذلك كان علماء السلف الناصحون لله ودينه يلقون شبك الاجتهاد؛ لصيد طالب ينتفع الناس به في حياتهم، ومن بعدهم،
ولو لم يكن للعالم إلا طالب واحد ينتفع الناس بعلمه وهديه وإرشاده لكفاه ذلك الطالب عند الله تعالى،
فإنه لا يتصل شيء من علمه إلى أحد فينتفع به إلا كان له نصيب من الأجر" . [تذكرة السامع والمتكلم، ص 63].
انتهى كلام الشيخ حفظه الله ..
أما آن لك أن تحبي هذه الوظيفة العظيمة التي فتحت أمامك أبوابا عظيما للأجور والخير ونيل المنازل العالية ..
هل عرفت لماذا يجب أن ترفق الملعمة بنفسها وبغيرها من المعلمات ؟؟ ..
لأننها بلسانها قد تكون قاطعة طريق تقطع به على قلبها وقلوب المعلمات فتحول بينهن وبين الإخلاص ..
وتكون سببا لتذمرهن الدائم مما يكون سببا في ضياع وغلق أبواب للأجور مفتوحة
بل ربما تفتح أمامهن باب الوزر وسوء الظن بالله تعالى والاعتراض على أقدراه والحسد وغيرها .. …
لكن لن تنتفع المعلمة بذلك حتى تنظر إلى وظيفتها إلى أنها سبيل لنيل رضا الله وليس للراتب والمادة
وهذا أملنا الدائم فيك يامربية الأجيال وصانعة الأبطال ..
يامن تحمل هم الأمة وصلاح أبناؤها وبناتها ،، لتصتع منهم حاضرا مشرفا ومستقبلا مشرقا ..
فلك منا أجمل تحية : )