سر دمار الأسر في مجتمعنا العربي 2024.

ما هو سر دمار الأسر في مجتمعنا العربي الذي اختلط فيه الحابل بالنابل ولم نعد نستطيع فيه التمييز بين الخطأ والصواب ، وبين الجائز والممنوع وبين الحقوق والواجبات .. ما سر الوباء المنتشر الذي أصبح كارثة تهدد العديد من الأسر المسلمة وهو تفكك الأسرة ونشأة جيل بعيد كل البعد عن مبادئه ودينه الإسلامي الحنيف ..
جعل المجتمع لكل من الرجل والمرأة دورة ومكانته فيه لبناء أسرة متكاملة وبالتالي مجتمع متكافئ وناجح .. فوضع للمرأة ضوابط صارمة ومعايير هامة لتقييم مكانتها.. فالمرأة يجب أن تتحلى بالدين والأخلاق .. يجب أن ترعى أبناءها الرعاية الصالحة وتزرع فيهم الأخلاق الحميدة والدين السليم ، وتهتم بصحتهم الجسدية وبمستقبلهم الدراسي وبتنمية مهاراتهم ثم يجب أن ترعى بيتها وتجعل منه مسكناً آمناً نظيفاً ينعم بالهدوء والاستقرار والراحة ثم عليها أن لا تغفل رعاية نفسها وأنوثتها لتنال دائماً رضى الزوج وإعجابه .. وعليها أن لا تنسى أبداً بأن تكون طائعة لزوجها مخلصة له متفانية في حبه بحيث يأخذ كل اهتمامها وعنايتها .
هي أعباء جسيمة وليست بالسهولة قدر سردها .. إنها تفعل كل شيء في الأسرة .. ولكن مقابل ماذا ؟
مقابل أن يعول الرجل بيتها ويلبي جميع احتياجاتها التي تجعل منها زوجة قادرة على العطاء الدائم دون كلل أو ملل .

ولكن بهذا الدور الذي يؤديه الرجل في إعالة أسرته .. فما هي المعايير التي وضعها المجتمع له ؟؟
أهي بكمية المال الذي سيجلبه لبيته .. وللمستوى المادي الذي ستكون عليه أسرته .. أم في نجاحه في عمله خارج منزله أو في وسامته …
أين القيود التي تحكم هذا الرجل حيث عهدنا أسلافنا يقولون : الرجل ليس بشكله الخارجي .. الرزق بيد الله وحده …المال ليس سر السعادة والنجاح ..
إذاً فبالمجتمع لم يلزم الرجل بأي قيود .. فإن خان زوجته فالله قد سمح بتعدد الزوجات وإن لهي في المقاهي مع الأصدقاء فالرجل يفعل ما يريد لأنه فقط الرجل وإن لم يكفي اسرته احتياجاته فالرزق بيد الله. أما واجبات المرأة ودورها قد احتكر لها فقط دون أن يعطى لها أي عذر أو مبرر لأي تقصير.. فهي مسؤولة المسؤولية الكاملة عن جميع الأعمال المنزلية وما يتعلق بالأولاد والزوج ، فمثلاً نرى الانتقاد يحاط بذلك الرجل الذي يساهم في الأعمال المنزلية لما في ذلك من إنقاص لرجولته وإن كان هذا العمل يتعلق باحتياجاته الشخصية ، فالمرأة أيضاً مسؤولة عن إنجازها له وإلا فسيصبح مصدر سخرية من باقي الرجال .
إذا .. لما قبل المجتمع وقبلت أنت الرجل برجولتك الفظة أن تمارس المرأة اليوم دورك في المجتمع .. فتخرج من منزلها وتعمل وتجلب المال الذي تعول به بيتك ثم تقف أمامها لتأخذ وتأخذ .. ألم ينقص ذلك من رجولتك بعد ؟ أم تسلب المرأة ما هو ملك لك ؟ ألا يحرك المجتمع ساكناً لمشاركة المرأة ورفع الأثقال عن الرجل في الوقت الذي يصب فيه جم غضبه وسخطه على الرجل حين ساهم في مساعدة المرأة في بيتها ليصبح منبوذاً بين الرجال يتناولون ذكره بالاستخفاف .. منقصين من رجولته .. فيا له من عار أن تقف أنت الرجل في المطبخ تغسل بعض الصحون أو تطهو بعض الطعام ، ولكنه ليس عار أبداً أن تؤدي المرأة الأعمال المطلوبة منك حين تذهب لجلب حاجات منزلك ثم تعول أسرتك .. ولا بأس في أن تعطيك ما ينقصك من مصروفك الشخصي الذي ستجلس به في المقاهي حتى الصباح مثبتاً رجولة فظة ..
لم تتوقف الكارثة عند هذا الحد بل تبقى الطامة الكبرى .. كيف لك أيها الرجل الفظ أن تثبت رجولتك أمام تلك المرأة التي وقفت أمامها عارياً من كل مقومات الرجل حين سمحت لنفسك أن تتنصل من جميع مسؤولياتك وواجباتك .. ضارباً عرض الحائط في احتياجاتها المادية والمعنوية .. ليس لديك خيار آخر .. إنها رجولتك التي تكمن في قوتك الجسدية ، فأنت أقوى منها حين تتصارعان .. فتضربها بقوة الرجل مسيطراً فيها على جميع قدراتها .. وإن حاولت المشاركة في هذه المعركة فإنها لن تقوى حتى على الدفاع عن نفسها وستكون القوة والغلبة لك، وستملأ الفراغ الذي ملأ أعماقك وستستعيد مكانة نفسك التي ضاعت حين جعلت من نفسك مسخاً مفلساً من أي معالم للرجولة أو حتى الإنسانية .
فلا تتردد في صفعها لتحطم هيكلها الداخلي ثم انهال عليها ضرباً كيفما تشاء معلماً إياها معايير جديدة لقياس قوة الرجل الذي يمتلك كل هذا الجبروت والعنف ثم لك بعدها أن تنام قرير العين.. هنيئاً بما منه الله عليك من قوة جسدية غلبت بها المرأة ..
ولا بأس في أن تنسى : أن الفارس الشجاع لا يرضى على منازلة من ليس ند له ، ولا يقبل الهجوم على فارس أعزل ، ولا يطعن من الخلف ، ولا يأكل شاه مذبوحة، ولا يغرس سيفه في صدر جريح ينزف .. فنسيانك لكل ذلك سيؤهلك لتعلن انتصارك على امرأة مقنعاً نفسك بأنك الفارس المغوار والرجل الشجاع .
ولكن لنبتعد قليلاً عن ساحة النزال وعن الغالب والمغلوب ولنقيم ما وصلت إليه الأسرة والمجتمع ، أب لاهي في المقاهي عابث ناكر لجميع واجباته تجاه بيته رامياً بها على عاتق المرأة محملاً إياها جميع المسؤوليات ، أما تلك المرأة فكيف لها أن تكون القدوة والمربية وهي مهانة مطعونة لا كرامة لها في منزلها ولا كيان .. تضرب كما تضرب الحيوانات وتساق كما الشاة إن تمردت على واقعها أصبحت محط حديث المجتمع بأسره وتبقى أصابع الاتهام تحيط بها أينما اتجهت حتى من أسرتها وإن قبلت بواقعها المرير فعليها أن تقبل بالإهانة والذل والتنازل عن جميع حقوقها . فكيف لها بهذه المقومات الضعيفة بل والمعدومة أن تربي جيلاً صالحاً عليه أن يحترمها أولاً ويقدرها حق تقديرها ليأخذ منها القيم والمثل التي ستجعل منه رجلاً ناجحاً أو امرأة صالحة . ولنا إذا أن نتنبأ بمستقبل هذا الجيل القادم .
فيا أيها الرجل الشرقي الغيور على بيتك .. قدر المرأة يقدرك أبناءك ، وصن كرامتها وكيانها لتنشأ لك جيلاً صالحاً تستطيع التأثير فيه من خلال المكانة التي تضعها أنت بها وتذكر أن المرأة كالأرض الطبية كلما سقيتها بالماء أثمرت لك ثماراً ناضجة فأعطها الكثير لتحصد أكثر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.