تخطى إلى المحتوى

سنن و فضائل-آداب السلام في الإسلام 2024.

السلام أول أسباب التآلف, ومفتاح استجلاب المودة. وفي إفشائه تحقيق للألفة بين المسلمين, وإظهار شعارهم المميز لهم من غيرهم من أهل الملل, مع ما فيه من رياضة النفس, ولزوم التواضع, وتعظيم حرمات المسلمين. قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : "لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم"(رواه مسلم).
ولقد جاءت نصوص كثيرة تبين آداب السلام، نستخلص منها ما يلي:
*يستحب إلقاء السلام بصيغته الكاملة:
وهي: "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته" ودليل ذلك: ما رواه أبو هريرة – رضي الله عنه – أن رجلاً مر على النبي – صلى الله عليه وسلم – وهو في مجلس فقال: السلام عليكم، فقال: "عشر حسنات" . فمر رجل آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فقال: "عشرون حسنة" . فمر رجل آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فقال: " ثلاثون حسنة" (رواه البخاري في الأدب المفرد وصححه الألباني). ومن هذا الحديث نعلم أن للسلام عدة صيغ، وأفضليتها بحسب الأجر المذكور في الحديث السابق.
وأما رد السلام فهو واجب، يتعين على المُسلَّم عليه الرد وإلا أثم، وأدلة فرضيته كثيرة، منها: قوله تعالى: {وَإذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أو رُدُّوهَا}(النساء86لاكي . وقد ذكر جمع من العلماء الإجماع على وجوب الرد. وتكون صفة الردبمثل السلام أو بأحسن منه؛ للآية، ويكون الرد بضمير الجمع وإن كان المسلِّم واحداً.
* إذا لاقى الصاحب صاحبه اكتفى بالمصافحة مع السلام:
فيترك المعانقة إلا عند القدوم من السفر، فإن المعانقة هنا مستحبة؛ لما ثبت عن أنس بن مالك رضي الله عنه من قوله: "كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تلاقوا تصافحوا، وإذا قدموا من سفر تعانقوا" (رواهالطبراني في الأوسط).
* من السنة الجهر بالسلام وكذلك الرد:
فلقد كان هدي النبي – صلى الله عليه وسلم – في السلام أن يرفع صوته بالسلام، أخرج البخاري في أدبه عن ثابت بن عبيد قال: أتيت مجلساً فيه عبدالله بن عمر، فقال: "إذا سلَّمت فأسمع فإنها تحية مباركة طيبة" (قال الألباني: صحيح الإسناد).
وذكر ابن القيم: أن من هديه – صلى الله عليه وسلم – أنه كان يُسمع المسلم رده عليه.
وأقل الجهر أن يسمع في الابتداء والجواب، ولا تكفي الإشارة باليد ونحوها، فإن لم يرفع صوته بحيث يسمع المسلم عليه، لم يكن آتياً بالسلام، فلا يجب الرد عليه.
* كراهية الابتداء بـ (عليك السلام):
فعن جابر بن سليم الهجيمي – رضي الله عنه – أنه قال : أتيت النبي – صلى الله عليه وسلم – فقلت: عليك السلام. فقال: "لا تقل: عليك السلام، ولكن قل: السلام عليك". (رواه الترمذي) وعند أبي داود: "فإن عليكم السلام تحية الموتى"(صححه الألباني).

*استحباب تكرار السلام ثلاثًا، إذا كان الجمع كثيرًا، أو شُك في سماع المُسلَّم عليه:

فعن أنس – رضي الله عنه – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثًا، وإذا أتى قوم فسلم عليهم سلم عليهم ثلاثًا (رواه البخاري). وذلك محمول على إذا ما كان الجمع كثيراً، وكذا لو سلم وظن أنه لم يسمع فتسن الإعادة.

* من السنة تعميم السلام:

للحديث المروي في الصحيحين وغيرهما: عن عبد الله بن عمرو – رضي الله عنهما – أن رجلاً سـأل النبي – صلى الله عليه وسلم – : أي الإســلام خـير ؟ قـال : "تطعـم الطعـام وتقـرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف" ( رواه البخاري ومسلم) لما في ذلك من إفشاء السلام ونشره بين الناس، فيحصل بذلك مصالح عظيمة من تآلف بين المسلمين، وسلامة قلوب بعضهم لبعض .
وضده السلام على الخاصة، وهو فعل غير محمود، بل هو من علامات الساعة؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن من أشراط الساعة إذا كانت التحية على المعرفة"( الصحيحة /648).

* استحباب ابتداء القادم بالسلام :

وذلك على كل حال، سواء كان صغيراً أو كبيراً، قليلاً أو كثيراً؛ لأنه يشعر المسلم عليه بالأمان، ويشهد لذلك الحديث المذكور في الفقرة الأولى.

*من السنة أن يسلم الراكب على الماشي، والماشي على القاعد، والقليل على الكثير، والصغير على الكبير:

فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم: "يسلم الراكب على الماشي، والماشي على القاعد، والقليل على الكثير" (رواه البخاري ومسلم). وفي رواية للبخاري: "يسلم الصغير على الكبير، والمار على القاعد، والقليل على الكثير". فسلام الصغير على الكبير لحق الكبير من التوقير والتكريم، وسلام الراكب على الماشي لكي يحمل الراكب على التواضع وعدم التكبر، وسلام الماشي على القاعد لشبهه بالداخل على أهل المنزل، وسلام القليل على الكثير لحق الكثير فحقهم أعظم .
وعند استواء الملتقيين من جميع الجهات، فخيرهما الذي يبدأ بالسلام؛ لقوله صلى الله عليه وسلم "الماشيان إذا اجتمعا فأيهما يبدأ بالسلام فهو أفضل" (الصحيحة/1146).
ويعلم أيضاً أنه يشرع لمن كان يمشي هو وصاحبه ثم حال بينهما حائل، ثم التقيا مرة أخرى، تكرار السلام لحديث "إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه، فإن حالت بينهما شجرة أو جدار أو حجر ثم لقيه فليسلم عليه"(رواه أبو داود وصححه الألباني).

* استحباب السلام على الصبيان:

وذلك لتعويدهم وتدريبهم منذ الصغر على آداب الشريعة، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه:"أنه كان يمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمر بصبيان فسلم عليهم"(رواه البخاري ومسلم). وفي السلام على الصبيان حمل النفس على التواضع، وسلوك لين الجانب.

* السلام على الأيقاظ في موضع فيه نيام:

حيث يخفض المُسلِّم صوته، فيسمع يقظانًا ولا يوقظ نائماً، جاء ذلك في حديث المقداد بن الأسود رضي الله عنه، وفيه قال: "…فكنا نحتلب فيشرب كل إنسان منا نصيبه، ونرفع للنبي صلى الله عليه وسلم نصيبه". قال:"فيجيء من الليل فيسلم تسليماً لا يوقظ نائماً، ويسمعاليقظان …"(رواه مسلم).

* النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام :

لقـد مُنعنـا على لسان نبينـا عليـه الصـلاة والسـلام أن نبدأ أهل الكتاب بالسلام. بقوله: "لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام، فإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه".
لكن عند الحاجة يخاطب بكلام غير السلام، كقولك: أنعم الله صباحك أو صبحت بالعافية.وكذا يجوز السلام على مجلس فيه أخلاط، ففي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم: ".. مرَّ في مجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان واليهود.." وفيه: "فسلم عليهم النبي صلى الله عليه وسلم ثم وقف فنزل فدعاهم إلى الله .." الحديث (رواه البخاري ومسلم) ويخصص السلام للمسلمين بالنية.
وأما بالنسبة لأهل المعاصي، فمن حقهم السلام عليهم ويجب عليهم الرد، إلا إن كان في ترك السلام عليهم مصلحة راجحة، كأن يرتدع العاصي وينتهي عن معصيته .
وكذا أهل البدع إلا إن كانت البدعة مكفرة فلا يسلم عليه.
* رد السلام على أهل الكتاب بـ:"وعليكم".
جاء بيان ذلك في حديث أنس بن مالك – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: "إذاسلم عليكم أهل الكتاب فقولوا: وعليكم" (رواه البخاري ومسلم).

* قرن الإشارة بالسلام بلفظ السلام:

فلا يكتفى بالإشارة من غير لفظ؛ لحديث: "لا تسلموا تسليم اليهود، فإن تسليمهم بالرؤوس والأكف والإشارة"(رواه النسائي)، وهذا مخصوص بمن قدر على اللفظ حساً وشرعاً، وإلا فهي مشروعة لمن يكون في شغل يمنعه من التلفظ بجواب السلام كالمصلي والأخرس، فعن صهيب قال : مررت برسول الله – صلى الله عليه وسلم – وهو يصلي فسلمت عليه، فرد إشارة. قال : ولا أعلمه إلا قال : إشارة بأصبعه (رواه أبو داود وصححه الألباني).

* جواز السلام على تالي القرآن، ووجوب رده:

قالت اللجنة الدائمة: "يجوز بدء قارئ القرآن السلام وعليه أن يرد السلام؛ لأنه لم يثبت دليل شرعي على المنع من ذلك، والأصل عموم الأدلة في مشروعية البدء بالسلام، والرد على من سلم، حتى يثبت ما يخصص ذلك من الأدلة".

* كراهية رد السلام أثناء التخلي:

الأصل في ذلك ما رواه ابن عمر – رضي الله عنهما – : "أن رجلاً مر ورسول الله – صلى الله عليه وسلم – يبول فسلم فلم يرد عليه"(رواه مسلم) ويرد عليه بعد الخروج من الخلاء.

* استحباب السلام عند دخول البيت:

فإن كـان البيـت خالياً، فقد استحب بعض أهل العلم من الصحابة وغيرهم أن يسلم الرجل على نفسه إن كان البيت خالياً، فعن عبدالله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: "إذا دخل البيت غير المسكون فليقل: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين"(رواه البخاري في الأدبالمفرد وحسنه الألباني).
وإن كان البيت ليس فيه إلا أهلك، فيستحب لك أن تسلم عليهم أيضًا، فعن أبي الزبير أنه سمع جابرًا يقول : "وإذا دخلت على أهلك فسلم عليهم تحية من عند الله مباركة طيبة"(الأدب المفرد وصحح الألباني إسناده).

* رد السلام على من حمل إليه السلام والمحمول إليه:

فقد وردت بذلك السنة، جاء رجل إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال: إن أبي يقرئك السلام، فقال: "عليك وعلى أبيك السلام" (رواه أبو داود وحسنه الألباني).

* من السنة إلقاء السلام قبل مفارقة المجلس:

فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: "إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فليسلم، فإذا أراد أن يقوم فليسلم، فليست الأولى بأحق من الآخرة" (رواه أبو داود وقال الألباني: حسن صحيح).
وفي الختام، لنعلم أن الذي عليه سلف الأمة وخلفها، أنهم كانوا يقدمون السلام قبل الكلام وسؤال حاجاتهم، وهذا هو المعتمد، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وسلم

لاكي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.