السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عائشة بنت أبي بكر الصديق
– أم المؤمنين ،بنت الإمام الصديق الأكبر ، خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي بكر بن قُحافة . هاجر بعائشة أبوها ، وتزوجها نبي الله صلى الله عليه وسلم قبل مُهاجره بعد وفاة الصديقة خديجة بنت خويلد وذلك قبل الهجرة ببضعة عشر شهراً ، ودخل بها في شوّال سنة اثنتين مُنصرفة عليه الصلاة والسلام من غزوة بدر . وهي ابنةُ تسع . فروت عنه علماً كثيراً طبياً مباركاً فيه .مسند عائشة يبلغ ألفين ومئتين و عشرة أحاديث .
– عائشة ممن وُلد في الإسلام ، وهي أصغر من فاطمة بثماني سنين . وكانت تقول : لم أعقل أبويَّ إلا وهما يدينان الدين .
– وكانت امرأة بيضاء جميلة . ومن ثم يُقال لها : الحُميراء . ولم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم بكراً غيرها ، ولا أحب امرأة حُبها ، ولا أعلمُ في أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، بل ولا في النساء مطلقاً امرأة أعلم منها ،زوجة نبينا صلى الله عليه وسلم في الدنيا و الآخرة .
-عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( رأيتُك في المنام ثلاث ليال ، جاء بك الملك في سرقة من حرير ، فيقول : هذه امرأتك فأكشف عن وجهك فإذا أنت فيه ، فأقول : إن يك هذا من عند الله يُمضه )).
وكان تزويجه صلى الله عليه وسلم بها إثر وفاة خديجة ، فتزوج بها وبسودة في وقت واحد ، ثم دخل بسودة ، فتفرد بها ثلاثة أعوام حتى بنى بعائشة في شوال بعد وقعة بدر فما تزوج بكراً سِواها ، و أحبها حباً شديداً كان يتظاهر به ، بحيث أن عمرو بن العاص ، وهو ممن أسلم سنة ثمان من الهجرة ، سأل النبي صلى الله عليه وسلم ، أي الناس أحب إليك يارسول الله ؟ قال : (( عائشة )) قال : فمن : الرجال ؟ قال : أبوها .
– عن أبي موسى ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : (( كمُل من الرِّجال كثير ولم يكمل من النساء إلا مَريم بنتُ عمران ، و آسية امرأةُ فرعون ، وفضلُ عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام )) .
– عن الزُهري : حدثني أبو سلمة ، أن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( يا عائشة ، هذا جبريل ، وهو يقرأ عليكِ السلام ))، قالت : وعليه السلام ورحمة الله ، تَرى مالا نرى يارسول الله .
– عن عائشة قالت : تزوجني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مُتوفى خديجة ، و أنا ابنة ستِّ ، و أُدخلت عليه و أنا ابنةُ تسع ، جاءني نسوة و أنا ألعبُ على أُرجوحة فهيأنني وصنعنني ، ثم أتين بي إليه صلى الله عليه وسلم .
– عن عائشة قالت : لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم على باب حجرتي ، و الحبشة يلعبون بالحِراب في المسجد ، و إنه ليستُرني بردائه لكي أنظُر إلى لعبهم ، ثم يَقف من أجلي حتى أكون أنا التي أنصرفُ . فأقدروا قدر الجارية الحديثة السن الحريصة على اللهو .
– عن عائشة قالت : قلت : يارسول الله ، أرأيت لو أنك نزلت وادياً فيه شجرة قد أكل منها ووجدت شجرة لم يُؤكل منها ، فأيّهما كنت تُرتع بعيرك ؟ قال : (( الشجرة التي لم يُؤكل منها )) ، قالت : فأنا هي . تعني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتزوج بكراً غيرها .
– عن عائشة ، قالت : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره ، حتى إذا كُنا بالبيداء أو بذات الجيش ، انقطع عقدي ، فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على التماسه ، و أقام الناسُ معه وليسوا على ماء . فأتى الناسُ أبا بكر رضي الله عنه فقالوا: ماترى ما صنعت عائشة ، أقامت برسول الله وبالناس وليسوا على ماء وليس معهم ماء !قالت : فعاتبني أبو بكر ، فقال ماشاء الله أن يقول ، وجعل يطعن بيده في خاصرتي ، فلا يمنعني من التحرك إلا مكانُ النبي صلى الله عليه وسلم على فخذي . فنام رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حتى أصبح على غير ماء ، فأنزل الله آية التيمم ، فتيمموا ،فقال أسيد بن حُضير – وهو أحد النقباء – : ماهذا بأول بركتكم يا آل أبي بكر !قالت : فبعثنا البعير الذي كنت عليه ، فوجدنا العقد تحته .
– عن عائشة ، قالت : كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُعطيني العَظم فأتعرقُهُ ، ثم يأخذُه فيُديرُه حتى يَضع فاه على موضع فمي .
– عن أبي موسى قال : ما أشكل علينا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم حديثٌ قط فسألنا عائشة ، إلا وجدنا عندها منه علماً .
– عن ابن أبي مُليكة : أن ذكوان : أبا عمرو حدثه قال : جاء ابنُ عباس رضي الله عنهما يستأذنُ على عائشة ، وهي في الموت . قال : فجئت وعند رأسها عبدُ الله ابن أخيها عبد الرحمن ، فقلتُ : هذا ابنُ عباس يستأذن ،قالت : دَعني من ابن عباس ، لا حاجة لي به ، ولا بتزكيته . فقال عبد الله : يا أمَّه ، إن ابن عباس من صالحي بَنيك ، يودعك و يسلم عليك، قالت: فائذن له إن شئت ،قال : فجاء ابنُ عباس ، فلما قعد قال : أبشري ، فوالله ما بينك و بين أن تُفارقي كل نَصَب ، وتَلقي مُحمداً صلى الله عليه وسلم و الأحبة إلا أن تُفارق روحُك جسدك ،
قالت : إيهاَ يا ابن عباس ! قال : كُنت أحبَّ نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم – يعني إليه – ولم يكن يُحبُّ إلا طيِّباً ، سقطت قِلادتك ليلةَ الأبواء ، و أصبح رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ليلتقطها ، فأصبح الناسُ ليس معهم ماء ، فأنزل الله (( فتيمموا صَعيداً طيباً )) ، فكان ذلك من سببك ، وما أنزل اللهُ بهذه الأمة من الرُّخصة ، ثم أنزل الله تعالى براءتك من فوق سبع سماوات ، فأصبح ليس مَسجد من مَساجد يُذكر فيها الله إلا براءتُك تُتلى في آناءَ الليل و النهار.
– عن أبي الضُّحى ،عن مسروق قال : قلنا له : هل كانت عائشة تُحسِنُ الفرائضَ ؟ قال : والله لقد رأيتُ أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم الأكابر يَسألونَها عن الفرائض .
– عن هشام ، عن أبيه ، قال : لقد صَحبتُ عائشَةَ ، فما رأيتُ أحداً قطُ كان أعلمَ بآية أنزلت ، ولا بفريضة ، ولا بسُنة ، ولا بشعر ، ولا أروى له ، ولا بيوم من أيام العرب ، ولا بنسب ، ولا بكذا ، ولا بقضاء ، ولا طب ، منها ،فقلتُ لها : يا خالة ، الطبُّ من أين عُلِّمتِهِ ؟ فقالت : كنتُ أمرضُ فيُنعَتُ لي الشيءُ ، ويَمرضُ المريضُ فيُنعتُ له ، و أسمعُ الناسَ يَنعَتُ بعضهم لبعض ، فأحفظه .
– وقال الزُّهري : لو جُمعَ علمُ عائشة إلى علم جميع النساء ، لكان عِلم عائشة أفضل .
– عن عطاء : أن معاويةَ بعث إلى عائشة بقِلادة بمئة ألف ، فقسمتها بين أمهات المؤمنين .
– عن عروة ، عن عائشة أنها تصدقت بسبعين ألفاً ، و إنها لترقَعُ جانِبَ درعها ، رضي الله عنها .
– عن أم ذرة ، قالت : بعث ابنُ الزُبير إلى عائشة بمال في غِرارتين ، يكون مئة ألف ، فَدَعت بطبق ، فجعلت تقسم في الناس ، فلما أمست ، قالت :هاتي ياجاريةُ فُطوري ،فقالت أُمُّ ذَرَّة : يا أُمَّ المؤمنين أما استطعتِ أن تشتري لنا لحماً بدرهم ؟ قالت :لا تُعنفيني ، لو أذكرتيني لفعلت .
– عن شعبة : أخبرنا عبدُ الرحمن بن القاسم ، عن أبيه : أن عائشة كانت تَصُومُ الدهر .
– تُوفين سنة سبع وخمسين .
– عن قَيس ، قال : قالت عائشة ، وكان تُحدث نفسها أن تُدفن في بيتها : إني أحدثتُ بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثاً ، ادفنوني مع أزواجه . فدُفنت بالبقيع ، رضي الله عنها . قلتُ : تعني بالحدث : مَسيرَها يوم الجمل ، فإنها نَدِمت ندامةً كُلِّيَّة ، و تابت من ذلك ، على أنها مافعلت ذلك إلا مُتأوِّلة قاصدة للخير ، كما اجتهد طلحة بن عُبيد الله ، و الزُبير بن العوام ، وجماعة من الكبار ، رضي الله عن الجميع .
ومدةُ عمرها : ثلاث و ستون سنة و أشهر