– الأول: أنه يقدم بقدم العالم.
– الثاني: أنه يدعي علم الغيب.
وكفره لأجل القول بقدم العالم، بحسب ما صرح وقال: هو كافر، ولا أراه يستحق دخول الجنة.
وفي الوقت ذاته انتقد على ابن تيمية تكفيره ابن عربي.
وفي رأيي أن السقاف وقع في تناقضات ظاهرة، وأغلاط فاحشة، وأخلاط فاضحة، مع تأليه على الله تعالى؟؟!!..
أما التألي على الله تعالى ففي زعمه أن ابن تيمية لا يستحق دخول الجنة..؟!!..
لقد ظلم نفسه، وتكلم بكلمة عظيمة، يود لو أن كان بينه وبينها أمدا بعيدا..
في الأثر عند أبي داود [في الأدب، باب: النهي عن البغي] عن أَبُي هُرَيْرَةَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (كَانَ رَجُلَانِ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ مُتَوَاخِيَيْنِ، فَكَانَ أَحَدُهُمَا يُذْنِبُ، وَالْآخَرُ مُجْتَهِدٌ فِي الْعِبَادَةِ، فَكَانَ لَا يَزَالُ الْمُجْتَهِدُ يَرَى الْآخَرَ عَلَى الذَّنْبِ فَيَقُولُ: أَقْصِرْ؛ فَوَجَدَهُ يَوْمًا عَلَى ذَنْبٍ فَقَالَ لَهُ: أَقْصِرْ. فَقَالَ: خَلِّنِي وَرَبِّي، أَبُعِثْتَ عَلَيَّ رَقِيبًا؟!
فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ، أَوْ لَا يُدْخِلُكَ اللَّهُ الْجَنَّةَ.
فَقَبَضَ أَرْوَاحَهُمَا، فَاجْتَمَعَا عِنْدَ رَبِّ الْعَالَمِينَ فَقَالَ لِهَذَا الْمُجْتَهِدِ:
أَكُنْتَ بِي عَالِمًا، أَوْ كُنْتَ عَلَى مَا فِي يَدِي قَادِرًا.!!
وَقَالَ لِلْمُذْنِبِ: اذْهَبْ فَادْخُلْ الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِي؛ وَقَالَ لِلْآخَرِ: اذْهَبُوا بِهِ إِلَى النَّارِ).
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَوْبَقَتْ دُنْيَاهُ وَآخِرَتَهُ".
* *
أما التناقض.. ففي تكفيره ابن تيمية واعتراضه عليه تكفير ابن عربي.
وقد علمنا، بصريح كلامه، أن تكفيره كان بسبب ما نسب إليه من القول بقدم العالم [وهذه المسألة فيها كثير من الخلط، وكثير لم يفهم رأي ابن تيمية على وجهه الصحيح، فأساء الظن به، وليس هذا موضع تفصيل].. ومحل التناقض هو أن ابن عربي من القائلين بقدم العالم، وعلى مذهب الفلاسفة القدماء..
وهذه شهادة العز بن عبد السلام حيث قال: "شيخ سوء كذاب، يقول بقدم العالم، ولا يحرم فرجا".
وصدق العز، وما عدا الحقيقة قيد أنملة..
ومن كان في شك فيما قاله عنه، فلينظر في الفصوص، فإن فيه من الكفر ما لم يسبقه إليه أحد، ولم يلحقه فيه أحد.. نعوذ بالله من غضبه..
فإذا كان حسن السقاف يكفر ابن تيمية لأجل قدم العالم، ويذب عن ابن عربي، فهو بين أمرين:
– إما أنه لا يدري بما قاله ابن عربي، ولا بعقيدته، ولا بقوله في وحدة الوجود، المتضمنة القول بقدم العالم.
– أو أنه يدري بكل ذلك.
فإن كان لا يدري فتلك مصيبة، وإن كان يدري فالمصيبة أعظم.
وثمة تناقض آخر..
أنه نسب إلى ابن تيمية ادعاء علم الغيب..
وهذه من المضحكات حقا، إذ ما صار ابن تيمية شوكة وغصة في نحور أدعياء الولاية، إلا لكونه أبطل وسد عليهم كل المنافذ إلى الشرك في الربوبية والألوهية بما وضح وبين من نصوص الشريعة في بطلان مساواة المخلوق الولي لله تعالى في شيء من خصائصه من التصرف أو التدبير أو علم الغيب، أو العبادة..
فكيف يأتي ويزعم أن ابن تيمية يدعي علم الغيب؟؟!!.
الآفة في الفهم، وفي العناد والهوى..
لكن مع ذلك.. ها هو السقاف يعظم ابن عربي ويذب عنه، مع أن قول ابن عربي في ادعاء علم الغيب شيء يفوق الوصف والكلمة، ولو نقلت لكم من كلامه نتفا لهالكم ما يقول..
* *
ثمة مسائل هي تخليط وتغليط من السقاف، مثل:
– قوله: إن السلف لم يتفقوا في العقيدة.. وساق مثلا على ذلك: قول البخاري: "لفظي بالقرآن مخلوق".
ونحن نقول: السلف لا ريب متفقون في أصول العقيدة، أما فروعها فالأمر فيه واسع، والخلاف واقع.
مثل أصول الشريعة والفقه والمحكمات العلماء متفقون، أما فروعها فمختلفون.
– حديث الأمرد..
جوابه بسيط: من السلف من صحح الحديث من حيث الإسناد..
ومنهم من ضعفه من الحديث الإسناد والمتن..
فالسلف مختلفون في هذا الحديث.
فإن كان ابن تيمية قال بالحديث، فله سلف في ذلك، ولم يبتدع.. وإن كان لم يقل به فله سلف كذلك.
لكن الباطل كل الباطل أن ينسب إليه وفقا لتصحيحه هذا الأثر أنه يقول أن الإنسان مثل الله تعالى.
لا يلزم ذلك أبدا لأمور:
– لأن ابن تيمية لم يقل ذلك أبدا.. بل الذي قاله ابن عربي الذي ينتصر له السقاف، قال ابن عربي:
الرب حق والعبد حق ياليت شعري من المكلف
إن قلت عبد فذاك ميت أو قلت رب أنى يكلف
– أن الأثر حكاية عن رؤيا منام.. وقد ثبت هذا في الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى ربه في المنام.. والعجب من إصرار السقاف على القول بضد ذلك.؟؟!!..
* *