قراءة الفاتحة عند الخطوبة أو عقد الزواج بدعة لاتجوز
إن الناس قد ابتدعوا أموراً كثيرة مخالفة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم فيما يتعلق بقراءة القرآن الكريم بشكل عام ، وقراءة سورة الفاتحة بشكل خاص .
فترى وتسمع قارئ القرآن بعد أن ينهي قراءته ، يقول الفاتحة ، ونرى المدرس بعد أن ينهي درسه يقول الفاتحة ، وكذلك فإنهم يقرأون الفاتحة عند اتفاق الناس على أمر ما ، مثل إقامة شركة بين اثنين مثلاً ، فبعد الإتفاق يقولون الفاتحة ، وكذلك بعد إجراء مراسم الصلح يقولون الفاتحة ، فإنهم يقرأون الفاتحة بعد الإتفاق على التفاصيل المتعلقة بعقد النكاح ، وغير ذلك من الحالات التي تقرأ فيها سورة الفاتحة .
وكل ذلك من الأمور المبتدعة في الدين التي ليس عليها دليل من الشرع ، ولم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء في ذلك ، ولا يجوز شرعاً لأحد أن يخص سورة الفاتحة أو آية من القرآن الكريم بالتلاوة قي وقت معين أو لغرض معين ، إلا ما خصه الرسول صلى الله عليه وسلم ، كما ثبت في السنة من تخصيص قراءة سورة الفاتحة للرقية، وقراءة آية الكرسي عندما يريد الإنسان النوم حفظاً من الشيطان ، وقراءة ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) ، و ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ) ، و ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ) للرقية فهذا وأمثاله جائز لثبوته عن الرسول صلى الله عليه وسلم بأدلة صحيحة .
*** وأما تخصيص قراءة الفاتحة في الحالات السابقةً فلا يجوز ، لأنه أمر محدث ، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) رواه البخاري ومسلم .
وقال صلى الله عليه وسلم ( إياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة ) رواه أبو داود والترمذي وهو حديث صحيح .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهدين من بعدي ، تمسكوا بها ، وعضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ) رواه أبو داود والترمذي ، وقال حسن صحيح .
وقد شرع لنا النبي عند النكاح ، خطبة النكاح ، قال الإمام الترمذي: " باب ما جاء في خطبة النكاح ، ثم ذكر حديث ابن مسعود ، الذي ذكره ابن القيم مضمونه في كلامه الآتي .
وقال العلامة ابن القيم رحمه الله : " فصل في هديه في أذكار النكاح ، ثم قال: ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه علمهم خطبة الحاجة ، وهي ( الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، وسيئات أعمالنا ، من يهد الله فلا مضل له ، ومن يضلل ، فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ثم يقرأ الآيات الثلاث :
( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) سورة آل عمران /102
( يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) سورة النساء /1
( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ) سورة الأحزاب /72,71 .
قال شعبة: " قلت لأبي اسحاق هذه في خطبة النكاح أو في غيرها ؟ قال: في كل حاجة "
– زاد المعاد 2/454 – 455 -.
هذه هي السنة الثابتة عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، فعلينا إتباعها ، فإن الخير كل الخير في الإتباع ، وإن الشر كل الشر في الإبتداع .
وكل خير في إتباع من سلف ** وكل شر في إبتداع من خلف