تخطى إلى المحتوى

قصة قصيرة هناء وأمنية اللقاء 2024.

( هناء وأمنية اللقاء )
شعرها المسترسل يغطي شيئاً من عينياها لكن بريقهما الحزين يتحدث بصمت دون أن تنطق شفاتها الصغيرة بكلمة واحدة ..
الشوارع مزدحمة ..السيارات خاطفة ..
الزحام يتلاشى شيئاً فشيئاً كلما دنت كف الشمس إلى حضن الغروب ..سيشتد الخطر ليلاً ..
الناس يذهبون .. يروحون .. يعملون ..
وهي تفترش قارعة الطريق بجسدها النحيل ..
وأحلامها الصغيرة .. فتاة في الخامسة من عمرها ..
كل ما فيها يحدثك أنها طفلة بريئة إلا عينياها أتت بي إليها برغم عنف الزحام كان حديثاهما أقوى من كل شيء ..
اقتربت منها ..
لم تبالي بمقدمي وكأن أحاسيسها ومشاعرها منصبه في نبع ِ واحد ..
لا أعلم أن كانت تنتظر أحداً ما ..
أم كانت تحلم بحلوى لذيذة ..ولعبة جديدة ..
يداها الصغيرتان تقبضاني بشدة على رغيف خبز صغير ..
شعرت بأني ارقب يداها قطعت لي شيئاً من الرغيف
ناولتني إياه ..
سألتها ما اسمك يا صغيرتي ؟
– لم تجب
ولم تكلف نفسها حتى عناء التفكير في سؤالي ما لذي أشغل هذه الطفلة عن كل ما حولها .
مسحت على رأسها هزته بخوف صغير ..ظلت صامتة تحرك صخرة صغيرة بين قدميها الحافيتين تلهو بها في صمت ، الساعة قاربت السادسة سيمنع التجول ، الظلام يعربد على كل القرية يساعد الغادر على غدره والمجرم على إخفاء جريمته.
– صغيرتي لم أنت هنا ؟
لم تجبني لكني سمعت همساً يخرج من عينياها ولم تستبن لي الحروف .
تملكني الخوف الشوارع بدت خالية ….
– صغيرتي ألا تخافين الظلام هزت رأسها بخوف طفولي منكسر
– قالت : بلى ،
– وببسمة مسروقة الروح وبأمل طفلة لم تعلم معنى اليأس بعد قالت :
– بابا قال ابق هنا .. سأبقى هنا حتى يعود
– وأين بابا ؟
– ذهب مع رجال الأمن وسيعود هو قال لي ……..
تجرعت الألم كالعلقم ، واختنقت أنفاسي بصرخة وددت أن أخرجها من جوفي وأنا أرى اليتم وهو يطفىء نور عينيها الربيعي .
– وأين ماما ؟
– ماما في السماء …
عاد صوتها البريء إلى مسمعي
– سأنتظره هنا …
تجمد الدم في عروقي .. برودة شائكة تلسعني كالجليد .. الأرض من تحتي تدور .. ومصير هذه الفتاة البريئة يحيطني كالهالة من النار تحرقني ألماً كلما تذكرت
( ماما في السماء .. بابا سيعود )
أجراس القصف تدق من بعيد تدعوني للفرار ، الشظايا ستملىء المكان بعد قليل .
– سألتها ما أسمك يا صغيرتي ؟
قالت وقد بدأ الخوف يدب في خلاياها الصغيرة ..ويتراقص الأم على سحب عيناها
اسمي .. هناء ..هناء يحيى أسعد …
يحيى أسعد … الإستفهمات تحيطني حتى النخاع … هل تكون هذه الطفلة ابنة يحيى فعلاً ..لا وقت للتفكير
حملتها على ظهري سريعاً وجريت بها نحو المنزل ..
أنها ابنة مجاهد …. المجاهد يحيى أسعد لقد سمعت عنه أنه احد رجال المقاومة الإسلامية حماس …
أنه أحد المجاهدين …(المجاهدين) .. أخذت أرددها شعرت بلذة غريبة لقب اسمعه فقط ، تعني رجل يدافع عن عقيدته ضد العدو …
ضد الكفر … ضد الخونة …و الظلم ..
اليوم كان لهذه الكلمة معنى آخر وأنا أرى هذه الطفلة هنا ..
إن الجهاد ضد أهل الكفر ليس إرهاباً
إن إبعاد سكين السفاح عن رقبة بريء ليس إرهاباً ..
إن تفجير مدينة غاصب محتل نجس ليس إرهابا ..
إن الدفاع عن روح الأطفال الأبرياء ليس إرهاباً ..
وإن الموت في سبيل ذلك كله يعني استشهاد …
إنهم يدافعون عن هؤلاء الأبرياء عن الأطفال عن النساء عن الشيوخ عن ارض مقدسة نجستها أقدام اليهود .
ابتسمت قليلاً لقد سخرني الله أن احفظ ابنة هذا المجاهد لقد ترك أهله وذهب إلى الجهاد أه ….إنهم رمز الشموخ الباقي في امة الإسلام ….
وأنا ……..أنا ماذا ؟؟؟
ماذا فعلت …
أنا في غفلتي ..
تخيلت نفسي أشارك في جريمتهم النكراء أ قتل هذه الطفلة وأحرمها من أجمل ما تعيش …
الضمير بدأ يستيقظ داخلي صورتها البائسة ، صوت قرقرة بطنها الجائعة .. وانتظارها المسكين …
يحركان داخلي الحياة بمعناها الحقيقي ، الكفاح ، الفداء ، النضال لأجل هذا الدين ولأجل حرية الإنسان .
– ألتفت إليها لقد اشتد الظلام أكثر ،تبدو قد نامت
و دمعة تتلىء بين عينيها لكنها لم تعلم بعد أنها فقدت أباها !! فلماذا يا ترى تدمع عيناها !!!
الحمد لله أن منزلي قريب ، أمي تنتظرني ..
دخلت المنزل ..
كانت هناء نائمة من شدة التعب ، شرحت لأمي كل شيء وقامت أمي برعايتها …

أصبحت اذهب في الصباح إلى العمل وبعد العصر حتى المساء في دار التربية الجهادية ، صورة هناء الأولى كافية لأن التحق بذلك الركب .. عبارات العتاب التي أراها في عينيها كل يوم وهي تقول لي …
عمي هل تستطيع أن تقول لأبي أنه تأخر علي؟؟ وأنا انتظره ؟؟
وحين أسألها لماذا يا هناء ألستِ سعيدة مع ماما سعاد وعم أحمد ..
دمعة صغيرة … وألم عميق عمق البحار .. يخبرني بإجابتها لكنه تضطر أن تقول ..
– بلى يا عم
لكنني اشتقت لبابا .. لقد وعدني أنه سيعود ..
وتبدأ بالبكاء …. أمي تحاول أن تنسيها تلاعبها تأملها بلقاء القريب … أما أنا فإن قلبي يبكي معها
أقسم بالله يا هناء أني سأنتقم لك منهم ..ولن أسمح أن تعيش طفلة مسلمة أخرى هذا العناء واليتم ..
لعن الله اليهود .. لعن الله الخونة ..
وفي كل يوم كانت هناء تذهب عند ذلك المكان تنتظر أباها فيه ..تتذكر تفاصيل اللقاء الأخير وتعيش ألم الانتظار وقسوته عليها
أمنية في قلب طفلة .. ويقين شفاف .. أن يعود أباها ..
تحلم في ذلك اللقاء ، لم تنسيها الحلوى ولا اللعب مع الأطفال أمنيتها في لقاء أباها ..
تترك كل شيء وتفترش ذلك الرصيف وتفتح قلبها للأمل ..وتعيش للحظات دفء حضن أباها ، وتبـقى قيد الانتظار الأليم ، تعود في المساء قبل مجيء العم أحمد ..
وفي ليلة مالت فيها أغصان الياسمين ..وغاب فيها القمر … وخفت نور النجوم ..
عاد عم أحمد إلى البيت ولم يجد هناء ..
دارت فيه الأرض … لم يبالي بأصوات القصف في الخارج ..الشظايا النارية تملئ المكان .. وهو ينادي هناء .. هناء
أين أنت يا هناء …
طافت فيه الذكريات إلى أول مره رأى فيها هناء ، تذكر ذلك الرصيف ربما كانت فيه
وسريعاً ما ذهب إليه ، حلم صغير زاهي الأوان نفش على صفحته ، أحرف مجهولة تملئه ، أمنيات طفولية تتوجه
و جثة صغيرة تتوسد ذلك الرصيف … إنه شعر هناء أنها هناء ، اقترب منها كانت الشظايا قد نقلتها إلى عالم
اللا وجود هي وأمنيتها الصغيرة …
ماتت هناء .. يداه ترتجفان .. عيناها تنضح دمعاً ، حملها إليه كل المشاعر خرساء ، وكل المشاعر جامدة ، وهي ترى الظلم يلتهم جسد طفلة لا ذنب لها ..
خال للعم أحمد أن شفاتها الصغيرة تتحرك ، حاول أن يدقق فيما تقول أنها تقول …
سيعود ………..سأرى بابا …..هو قال لي ابقِ هنا … بابا قال ذلك …..
وتمر السنون .. ويكتب اسم العم أحمد أمين شهيداً بطلاً على جدران فلسطين الحبيبة ..
( هناء ).. صورة واحدة التقطت من مسرح الحياة صورة من بين ملايين الصور البائسة لم تكن هناء هي اليتيمة الوحيدة بل كانت كذلك إيمان وفرح وآمال …….لكنهم جميعاً ضحية لجريمة واحدة وهي الاستعمار الغربي للعالم الإسلامي …
فـمتى تصحو الضمائر …….
لتعلو رايات النصر ………….
وينتهي الاستعمار …………
بقلم مرتادة القمم

[COLOR=]
قلم أفتقدنا حروفه .. عوداً حميداً يا غاليه
كما عهدتك دائماً مبدعه ..حفظك الله
بإنتظار قادمك يامرتاده .. لاكي

[/COLOR]

تصوير رائع جداااااااااااا أخيتي

سلمت يداك لاكي

بارك الله فيكِ أختى الغاليه..اطلاله تسعدنا كلما رأينا اسمها..فلا تحرمينا من جديدك.. لاكي

الحمدلله على السلامة يا أخية …
لقد سعدت كثيراً بعودتكِ إلينا ..
ما أجمل ما كتبته ..فبارك الله فيكِ ..

الوسوم:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.