هذي القصيده عجبتني حيل عن العراق الحبيب الي فقدت بي اعز احبابي الى الابد ..مع كل هذا اتمنى ارجع من قلبي لبلدي العزيز العراق ..
اتمنى تعجبكم
يا صبر أيوب
للشاعر العراقي عبد الرزاق عبد الواحد
(من مأثور حكاياتنا الشعبية، أن مخرزاً نسي تحت الحمولة على ظهر جمل..)
قالوا وظلَّ.. ولم تشعر به الإبلُ
يمشي، وحاديهِ يحدو.. وهو يحتملُ..
ومخرزُ الموتِ في جنبيه ينشتلُ
حتى أناخ َ ببابِ الدار إذ وصلوا
وعندما أبصروا فيضَ الدما جَفلوا
صبرَ العراق صبورٌ أنت يا جملُ!
وصبرَ كل العراقيين يا جملُ
صبرَ العراق وفي جَنبيهِ مِخرزهُ
يغوصُ حتى شغاف القلب ينسملُ
ما هدموا.. ما استفزوا من مَحارمهِ
ما أجرموا.. ما أبادوا فيه.. ما قتلوا
وطوقـُهم حولهُ.. يمشي مكابرةً
ومخرزُ الطوق في أحشائه يَغـِلُ
وصوتُ حاديه يحدوهُ على مَضضٍ
وجُرحُهُ هو أيضاً نازِفٌ خضلُ
يا صبر أيوب.. حتى صبرُه يصلُ
إلى حُدودٍ، وهذا الصبرُ لا يصلُ!
يا صبر أيوب، لا ثوبٌ فنخلعُهُ
إن ضاق عنا.. ولا دارٌ فننتقلُ
لكنه وطنٌ، أدنى مكارمه
يا صبر أيوب، أنا فيه نكتملُ
وأنه غُرَّةُ الأوطان أجمعِها
فأين عن غرة الأوطان نرتحلُ؟!
أم أنهم أزمعوا ألا يُظلّلنا
في أرضنا نحن لا سفحٌ، ولا جبلُ
إلا بيارق أمريكا وجحفلـُها
وهل لحرٍ على أمثالها قَبـَلُ؟
واضيعة الأرض إن ظلت شوامخُها
تهوي، ويعلو عليها الدونُ والسفلُ!
كانوا ثلاثين جيشاً، حولهم مددٌ
من معظم الأرض، حتى الجارُ والأهلُ
جميعهم حول أرضٍ حجمُ أصغرهِم
إلا مروءتُها.. تندى لها المُقلُ!
وكان ما كان يا أيوبُ.. ما فعلتْ
مسعورة ً في ديار الناس ما فعلوا
ما خربت يد أقسى المجرمين يداً
ما خرّبت واستباحت هذه الدولُ
هذي التي المثل العليا على فمها
وعند كل امتحان تبصقُ المُثُلُ!
يا صبر أيوب، ماذا أنت فاعلهُ
إن كان خصمُكَ لا خوفٌ، ولا خجلُ؟
ولا حياءٌ، ولا ماءٌ، ولا سِمةٌ
في وجهه.. وهو لا يقضي، ولا يكِلُ
أبعد هذا الذي قد خلفوه لنا
هذا الفناءُ.. وهذا الشاخصُ الجـَلـَلُ
هذا الخرابُ.. وهذا الضيقُ.. لقمتُنا
صارت زُعافاً، وحتى ماؤنا وشِلُ
هل بعده غير أن نبري أظافرنا
بريَ السكاكينِ إن ضاقت بنا الحيَلُ؟!
يا صبر أيوب.. إنا معشرٌ صُبًُرُ
نُغضي إلى حد ثوب الصبر ينبزلُ
لكننا حين يُستعدى على دمنا
وحين تُقطعُ عن أطفالنا السبلُ
نضجُّ، لا حي إلا اللهَ يعلمُ ما
قد يفعل الغيض فينا حين يشتعلُ!
يا سيدي.. يا عراق الأرض.. يا وطناً
تبقى بمرآهُ عينُ اللهِ تكتحلُ
لم تُشرق الشمسُ إلا من مشارقه
ولم تَغِب عنه إلا وهي تبتهلُ
يا أجملَ الأرضِ.. يا من في شواطئه
تغفو وتستيقظ الآبادُ والأزلُ
يا حافظاً لمسار الأرضِ دورته
وآمراً كفةَ الميزان تعتدلُ
مُذ كوّرت شعشعت فيها مسلّته
ودار دولابه، والأحرُفُ الرسلُ
حملن للكون مسرى أبجديّته
وعنه كل الذين استكبروا نقلوا!
يا سيدي.. أنت من يلوون شِعفتَه
ويخسأون، فلا والله، لن يصلوا
يضاعفون أسانا قدر ما قدِروا
وصبرُنا، والأسى، كل له أجلُ
والعالمُ اليومُ، هذا فوق خيبته
غافٍ، وهذا إلى أطماعه عَجِلُ
لكنهم، ما تمادوا في دنائتهم
وما لهم جوقةُ الأقزامِ تمتثل
لن يجرحوا منكِ يا بغداد أنمُلةً
ما دام ثديُك رضاعوه ما نَذلوا!
بغدادُ.. أهلُك رغم الجُرحِ، صبرهمو
صبرُ الكريم، وإن جاعوا، وإن ثـَكِلوا
قد يأكلون لفرط الجوع أنفسهم
لكنهم من قدور الغير ما أكلوا!
شكراً لكل الذين استبدلوا دمنا
بلقمة الخبز.. شكراً للذي بذلوا
شكراً لإحسانهم.. شكراً لنخوتهم
شكراً لما تعبوا.. شكراً لما انشغلوا
شكراً لهم أنهم بالزاد ما بَخَلوا
لو كان للزاد أكّالون يا جملُ!
لكن أهلي العراقيين مغلقةٌ
أفواههم بدماهم فرط ما خُذِلوا
دماً يمجّون إمّا استنطقوا، ودماً
إذ يسكتون، بجوف الروح، ينهملُ!
يا سيدي.. أين أنت الآن؟ خذ بيدي
إني إلى صبرك الجبارِ أبتهلُ
يا أيهذا العراقي الخصيبُ دما
وما يزال يلالي ملأه الأملُ
قل لي، ومعذرةً، من أي مبهمةٍ
أعصابُك الصمُ قُدت أيها الرجلُ؟!
ما زلت تؤمن أن الأرض دائرةٌ
وأن فيها كراماً بعدُ ما رحلوا
لقد نظرت إلى الدنيا، وكان دمي
يجري.. وبغدادُ ملءَ العين تشتعلُ
ما كان إلا دمي يجري.. وأكبرُ ما
سمعتُهُ صيحة ً باسمي.. وما وصلوا!
وأنت يا سيدي ما زلت تومئ لي
أن الطريق بهذا الجبِّ يتصلُ
إذن فباسمك أنت الآن أسألُهم
إلى متى هذه الأرحام تقتتل؟
إلى متى تترعُ الأثداء في وطني
قيحاً من الأهل للأطفال ينتقلُ؟
إلى متى يا بني عمي؟.. وثابتةٌ
هذي الديارُ.. وما عن أهلها بَدَلُ؟
بلى… لقد وجد الأعرابُ منتـَسَباً
وملةً ملةً في دينها دخلوا!
وقايضوا أصلهم.. واستبدلوا دمهم
وسُوّي الأمر.. لا عتبٌ، ولا زعلُ!
الحمد لله.. نحن الآن في شُغـُلٍ
وعندهم وبني أخوالهم شُغـُلُ!
أنا لنسأل هل كانت مصادفةً
أن أشرعت بين بيتي أهلنا الأسَـلُ؟
أم أن بيتاً تناهى في خيانته
لحدِّ أن صار حتى الخوفُ يفتعلُ؟
وها هو الآن يستعدي شريكته
بألفِ عذرٍ بلمح العين ترتجلُ!
أما هنا يا بني عمي، فقد تعبت
مما تحن إلى أعشاشها الحَـجَـلُ!
لقد غدا كُلُ صوت في منازلنا
يبكي إذا لم يجد أهلاً لهم يصلُ!
يا أيها العالم المسعورُ.. ألفُ دمٍ
وألفُ طفل ٍ لنا في اليوم ينجدل
وأنت تُحكِمُ طوقَ الموت مبتهجاً
من حول أعناقهم.. والموت منذهلُ!
أليس فيك أبٌ؟.. أمّ ٌ يصيح بها
رضيعُها؟؟ طفلةٌ تبكي؟ أخٌ وجِلُ؟
يصيح رعباً، فينزو من توجّعه
هذا الضميرُ الذي أزرى به الشلل؟
يا أيها العالم المسعورُ.. نحن هنا
بجُرحنا، وعلى اسم الله نحتفل
لكي نعيد لهذي الأرض بهجَتها
وأمنَها بعدما ألوى به هُبلُ!
وأنت يا مرفأ الأوجاع أجمعها
ومعقلَ الصبر حين الصبرُ يُعتقلُ
لأنك القلب مما نحن، والمُقـَلُ
لأن بغيرك لا زهوٌ، ولا أمل
لأنهم ما رأوا إلاّك مسبعة
على الطريق إلينا حيثما دخلوا!
لأنك الفارع العملاقُ يا رجلُ
لأن أصدق قول فيك: يا رجلُ!
يقودني ألفُ حب.. لا مناسبةٌ
ولا احتفالٌ.. فهذي كلها عللُ!
لكي أناجيك يا أعلى شوامخها
ولن أرددَ ما قالوا، وما سألوا
لكن سأستغفر التاريخَ إن جرحت
أوجاعُـنا فيه جرحاً ليس يندمل
وسوف أطوي لمن يأتون صفحته
هذي، لينشرها مستنفرٌ بطلُ
إذا تلاها تلاها غيرَ ناقصة
حرفاً… وإذ ذاك يبدو وجهك الجـَذِلُ!
يا سيدي؟؟ يا عراقَ الأرض.. يا وطني
وكلما قلتُها تغرورقُ المقل!
حتى أغصّّ بصوتي، ثم تطلقه
هذي الأبوة في عينيك والنـُبـُلُ!
يا منجمَ العمر.. يا بدئي وخاتمتي
وخيرُ ما في أني فيك أكتهلُ!
أقول: ها شيبُ رأسي.. هل تكرمُني
فأنتهي وهو في شطيك منسدلُ؟!
ويغتدي كلّ شعري فيك أجنحة
مرفرفاتٍ على الأنهار تغتسلُ!
وتغتدي أحرفي فوق النخيل لها
صوتُ الحمائم إن دمع ٌ، وإن غـَزََلُ
وحين أغفو… وهذي الأرض تغمرُني
بطينها… وعظامي كلُها بلل
ستورق الأرضُ من فوقي، وأسمعُها
لها غناءٌ على أشجارها ثملُ
يصيح بي: أيها الغافي هنا أبداً
إن العراق معافى أيها الجملُ!
جزاك الله خيرا
نقل مميز
كل قلوبنا للعراق الحبيبة