في جريدة الجزيرة 4 – 4 -1420 هـ
إلى كل فـتـــــــاة
كلمات وتوجيهات حول اللباس والزينة
عزيزتي الجزيرة
ان حب الزينة وحسن الهيئة صفة جُبلت عليها كل فتاة,, فنراها منذ طفولتها تحاكي والدتها وتعبث بأدوات زينتها وترتدي بعض ملابسها,, كما نلاحظ دقتها في تأمل كل ما ترتديه لداتها من ثياب وحلي وزينة.
وما ان تبلغ تلك الطفلة فترة المراهقة حتى تبدأ بالتمركز حول ذاتها، فنلاحظ زيادة منسوب اهتمامها بمظهرها وجمالها بشكل كبير لافت للنظر,, حيث تكاد لا تبرح مرآتها في محاولة لابتكار كل ما من شأنه ان يزيد من جمالها ويبرز للانظار زينتها.
وعندما تكبر الفتاة وتزامن مرحلة الشبيبة، ايضاً لا يبرحها حب الزينة وجمال الهيئة والملبس، فتظل تسعى لابراز ما حباها به الله من جمال خلقي وتحول ان تضيف اليه من ادوات الزينة المبتكرة ما يزيدها اناقة وجمالاً,.
وقد جاء الاسلام متوافقاً مع هذه الفطرة التي جبلت عليها الفتاة,, فدعا الى الاهتمام بالمظهر وحسن الهيئة والملبس، وليس من الاسلام في شيء ان تسفّ الفتاة في مظهرها الى درجة الاهمال المزري بصاحبته، بدعوى ان ذلك من الزهد والتواضع، فرسول الله صلى الله عليه وسلم – وهو سيد الزهاد والمتواضعين – كان يلبس اللباس الحسن ويتجمَّل لأصحابه وللناس، ويرى في هذا التجمل وحسن الهندام اظهاراً لنعمة الله عليه كما ورد في قوله صلى ا لله عليه وسلم: إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده ,, والفتاة المسلمة الواعية تعنى بلباسها وهندامها، ولذلك نراها حسنة الهيئة، انيقة المظهر، ترتاح لمرآها العيون، وتأنس بها النفوس، لا تغدو على الناس في هيئة مزرية قميئة مهلهلة فتزدريها الاعين وتصد عنها النفوس,, بل تتفقد نفسها دوماً قبل خروجها على الناس وتتجمل لهم باعتدال وبدون مغالاة او سرف.
قال القرطبي في تفسير قوله تعالى: قل من حرّم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق : روى مكحول عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان نفر من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظرونه على الباب فخرج يريدهم، وفي الدار ركوة فيها ماء، فجعل ينظر في الماء ويسوي لحيته وشعره، قالت عائشة: فقلت له: يا رسول الله، وأنت تفعل هذا؟! قال: نعم، اذا خرج الرجل الى اخوانه فليهيىء من نفسه، فان الله جميل يحب الجمال .
هذا عن المحور الاول لهذه المقالة، فماذا عن المحور الثاني؟!
مثلما دعا الاسلام الى الاهتمام بالمظهر والهيئة والزينة، دعا الى التوسط وعدم الافراط والمبالغة في ذلك الى الحد الذي يجعل امر الزينة هو الشغل الشاغل والهم الاوحد لصاحبه!
جاء في الحديث: تعس عبدالدينار، والدرهم والقطيفة (1 )والخميصة (2) ، إن أُعطي رضي وأن لم يعط لم يرض .
ونظراً لاهمية المنعطف الذي بلغته فاني اتعرض له بشيء من التفصيل والمناقشة,, يحفزني على ذلك ما اراه شائعاً في عصرنا بين الفتيات من تكالب على الشكليات والمظاهر، فنرى غاية هم الفتاة ومبلغ علمها متابعة احدث ما ابتكرته دور الازياء العالمية من الملابس ومستلزمات الزينة وكأنها خلقت لتلك الغاية,, وخُليق بالمسلمة الواعية ان تدرك اهمية التوسط والاعتدال في اهتماماتها فلا تهتم بأمر على حساب امور اخرى.
وهنا اعرّج على المحور الثالث في مقالتي، ويدور حول مرض قد انتشر وشاع، الا وهو العشى الليلي! بل العمى الذي اصيبت به فئة ليست بالقليلة من بنات حواء، اذ نراهن يتسابقن في الاسواق لحيازة آخر ما نزل من البضائع دون مراعاة لما تمليه ابجديات الذوق السليم او ما يتناسب مع عمر الفتاة ومواصفات جسدها وقامتها ولون بشرتها!!
كثيراً ما تُصدم عيوننا بمناظر تجافي كل قوانين التناسب والتناسق وكل مقومات الجمال! فقط لأن ذلك الزي او الحلية او الزينة تعد آخر مبتكرات دور الازياء او احدث ما ارتدته احدى الفنانات او المطربات الساقطات اللواتي صرن- مع بالغ الاسف- قدوات لفتياتنا المسلمات!
كثيراً ما نرى فتاة قد ارتدت فستاناً صارخ الالوان، قد امتزجت ألوانه الصاخبة مع بشرة سمراء وعدسات زرقاء وشعر اصفر اجعد فزادتها تلك الهيئة سمرة الى سمرتها واضفت عليها ملاءة تثير اشمئزاز الناظرين!
وكثيراً ما تصدم انظارنا بمنظر فتاة لا تعرف ان الاناقة كامنة في البساطة، وان قوام الذوق الرفيع كامن في حلاوة ونعومة مقتنياتنا من الحلي والزينة لا في كثرتها وضخامة احجامها!! فنرى صاحبتنا قد بالغت في لبس المجوهرات والاكسسوارات فغدت كواجهة جواهرجي متحركة فاترينة !! نراها تحمل من السلاسل والعقود وو,, ما ينوء بحمله اعتى جندي قد اعتاد على ان يكون مدججاً بعدته وعتاده!! فلا نملك الا ارسال رسالة صامتة لتلك الفتاة تنبيها عن اشفاقنا عليها ورحمتنا لها!
اما الذي لا تطيقه عيوننا ولا نكاد نسيغه فهو ما دأبت عليه كثير من الفتيات مؤخراً من اغتيال للستر والحياء ووأد لمعاني الحشمة والفضيلة,, وهو المحور الرابع و الاهم في مقالتي هذه، حيث تلبس اولئك الفتيات الثياب العارية التي تكشف اكثر مما تستر اذ تبدي النحور والصدور والظهور، وتكشف السيقان وتصف الخصور، وتشف عن المفاتن وعن كل ماهو محظور!! فيصدق عليهن قول حبيبنا صلى الله عليه وسلم ,, ونساء كاسيات عاريات,, لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها نسأل الله العافية!
رأيت احداهن مرة في مكان عام قد ارتدت فستاناً مشجراً شفافاً شيفون بدون شعار داخلي بطانة وبدون ملابس داخلية!! أتتخيلون؟!!
لا اقول لكم سمعت ولا اقول نقلت، بل والله الذي لا يُحلف بغير اسمه عز وجل اني قد رأيتها رأي العين متبذلة تعرض جسدها وكأنه سلعة استهلاكية للمتفرجين!!
وبقدر ما اشمأزت نفسي من ذلك المنظر بقدر ما ضقت وحزنت اشفاقاً على ذلك الجسد الناعم من ان يُصلى بنار جهنم,.
ستلقاها فتسأل من تكون
وقد سفرت واغراها المجون
وأبدت زينة خُلقت لبعل
ولم تخلق لتقحمها العيون
مشت تختال في غنج عجيب
فلا تخفي مفاتن او تصون
أهذا سمت مسلمة حصان؟!
وسمت المسلمات هدىً ودين
وعفة مئزر وحياء وجه
وسمت السافرات هو الهجين
فما ماز الفتاة كمثل دين
وان حياءها كنز ثمين
عفاف واحتشام والتزام
صفات البنت والخلق المتين
وتقوىً والتزام بالمعالي
وما يأتي به الشرع المبين
اني والله لأعجب من فتاة تظن جسدها ومفاتنها حقاً مشاعاً ومباحاً للجميع، دون ان تعلم ان ثمة ضوابط للباس المرأة الشرعي حتى وان كانت في مجمع نسوي لا وجود فيه للرجال قط.
ان الفتاة حديقة وحياؤها
كالماء موقوف عليه بقاؤها
بفروعها تجري المياه فتكتسي
حللاً يروق الناظرات رواؤها
لا خير في حسن الفتاة وعلمها
ان كان في غير الصلاح رضاؤها
فجمالها وقف عليها انما
للناس منها دينها ووفاؤها
وانعطافاً الى صلب مقالتي اعود الى تأكيد حكم الاسلام فيما يتعلق بالزينة وحثه على الاهتمام بالهيئة واللباس,, كما اؤكد ايضاً على انه لا تعارض بين جمال الملبس والاناقة وبين الستر والحياء,, وهذا يعني ان بمقدور كل فتاة ان تجذب الانظار اليها وتحظى باعجاب الآخرين بجمال ذوقها وتناسق واناقة ملبسها دون ان تنزع جلباب حيائها وتريق ماء خجلها الذي يزيدها فتنة وجمالاً,, اما حين تكون في بيتها وعند زوجها فانها تتفنن – وبدون تحفظات – في ارتداء ماتشاء من الملابس والزينة.
* كلمة أخيرة
ان ثمّة قانوناً وضعياً تعارفت عليه الفتيات منذ فترة من الزمن ليست بالقصيرة، ينص هذا القانون على ارتداء الفستان الواحد في مناسبة واحدة فقط ومن ثم اقصاؤه بعيداً عن الانظار في زاوية مظلمة من زوايا خزانة يحال فيها كل قديم ولو كان جديداً!!
عجباً لتفكير اولئك ولنظرتهن القاصرة,, عجباً لتلك التبعية التي تتراكض فتياتنا في ركابها دونما عقل او تفكير.
عزيزتي الجزيرة:
من لي بفتاة قوية الشخصية موفورة العقل ثابتة الجنان مستقلة في آرائها ولا تعبأ بعجيج الناس ولا ضجيجهم؟! من لي بفتاة جريئة ترفع رأسها بثقة وثبات وهي تقول: انا لست دمية خاوية الروح معدومة العقل مسلوبة التفكير والارادة ليحركني الناس وفق ما ارادوا بخيوط اهوائهم وامزجتهم,, انا فتاة مسلمة,, كل امور حياتي مؤطرة بأطر شرعية لا انتظر فيها رأي فلان او فلانة,, انا فتاة واعية,, اعرف ما ينفعني وما يضرني فلا انتظر من يبصرني بشؤوني وخصوصياتي,, انا فتاة عاقلة,, ادرك مغبة كل تصرف غير سوي فلا انتظر من يسلك بي سبله,, انا فتاة متعلّمة مثقفة,, اعرف معنى الانوثة ومقومات الجمال ولوازم الاناقة,, فلا انتظر من يفرض علي ذوقه او يملي مرئياته,, من لي بمثل تلك الفتاة يا عزيزتي؟ من لي بها؟!!
*إشارة حمراء
هل يستوي الورد في اعلى خمائله
والورد قطفاً مشاعاً بين الف يد؟!
ليلى محمد المقبل
بريدة
الهامش:
1- القطيفة: الثوب الذي له خمل.
2- الخميصة: الكساء المربع من خز او صوف.
ملاحظة:
منقووووووووول
هل يستوي الورد في اعلى خمائله
والورد قطفاً مشاعاً بين الف يد؟!
بيت جميل جداً .. ومعبّر ..
وبارك فيك أختي على النقل وكتب أجرك..
وجعلها الله لك في موازين اعماالك…اللهم آمين
اختك في الله رائده