وقالى تعالى : ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر)
قالى رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد حبشي , وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا , فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجد , وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة ) .. رواه أبو داود والترمذي ..
كيفية صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ..
1- يسبغ الوضوء عملا بقوله سبحانه وتعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحو برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين ) ] سورة المائدة , من الآية : 6 [
وقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( لا تقبل صلاة بغير طهور , ولا صدقة من غلول ) .. رواه مسلم في صحيحه ..
2- يتوجه المصلي إلى القبلة – وهي الكعبة – أينما كان , ولا ينطق بلسانه بالنية , لأن النطق باللسان غير مشروع بل هو بدعة , لكون النبي صلى الله عليه وسلم – لم ينطق بالنية ولا أصحابه – رضي الله عنهم – , ويسن أن يجعل له سترة يصلي إليها إن كان إماما أو منفردا ؛ لأمر النبي – صلى الله عليه وسلم – بذلك ؛ واستقبال القبلة شرط في الصلاة إلا في مسائل مستثناة معلومة موضحة في كتب أهل العلم ..
3- يكبر تكبيرة الإحرام قائلا ( الله أكبر ) ناظرا ببصره إلى محل سجوده ..
4- يرفع يديه عند التكبيرة إلى حذو منكبيه , أو إلى حيال أذنيه ..
5- يضع يديه على صدره , اليمنى على كفه اليسرى والرسغ والساعد , لورود ذلك من حديث وائل بن حجر وقبيضة بن هلب الطائي عن أبيه – رضي الله عنهما ..
6- يسن أن يقرأ دعاء الاستفتاح وهو ( اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب , اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس , اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد ) متفق عليه من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – , وإن شاء قال بدلا من ذلك ( سبحانك اللهم وبحمدك , وتبارك اسمك , وتعالى جدك , ولا إله غيرك ) .. لثبوت ذلك عن النبي – صلى الله عليه وسلم – , وإن أتى بغيرهما من الاستفتاحات الثابتة عن النبي – صلى الله عليه وسلم – فلا بأس , والأفضل أن يفعل هذا تارة وهذا تارة لأن ذلك أكمل في الأتباع , ثم يقول : ( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم , بسم الله الرحمن الرحيم ) ويقرأ سورة الفاتحة , لقوله – صلى الله عليه وسلم – : ( لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ) ويقول بعدها "آمين" جهرا في الصلاة الجهرية وسرا في السرية , ثم يقرأ ما تيسر من القرآن , والأفضل أن تكون القراءة في الظهر والعصر والعشاء من أوساط المفصل , وفي الفجر من طواله , وفي المغرب من قصاره , وفي بعض الأحيان من طواله أو أوساطه – أعني في المغرب كما ثبت ذلك عن النبي – صلى الله عليه وسلم – ويشرع أن تكون العصر أخف من الظهر ..
7- يركع مكبرا رافعا يديه إلى حذو منكبيه أو أذنيه , جاعلا رأسه حيال ظهره , واضعا يديه على ركبتيه مفرقا أصابعه , ويطمئن في ركوعه ويقول ( سبحان ربي العظيم ) والأفضل أن يكررها ثلاثا أو أكثر , ويستحب أن يقول مع ذلك ( سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفرلي ) ..
8- يرفع رأسه من الركوع , رافعا يديه حذو منكبيه أو أذنيه قائلا : ( سمع الله لمن حمده ) .. إن كان إماما أو منفردا , ويقول بعد رفعه : ( ربنا لك الحمد , حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه , ملء السموات وملء الأرض , وملء ما بينهما , وملء ما شئت من شيء بعد ) , وإن زاد بعد ذلك ( أهل الثناء والمجد , أحق ماقال العبد وكلنا لك عبد , اللهم لامانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد ) فهو حسن ؛ لأن ذلك قد ثبت عن النبي – صلى الله عليه وسلم – في بعض الأحاديث الصحيحة , أما أن يكون مأموما فإنه يقول عند الرفع : ( ربنا ولك الحمد ) إلى آخر ما تقدم ويستحب ..
ويستحب أن يضع كل منهم يديه على صدره , لثبوت ما يدل على ذلك عن النبي – صلى الله عليه وسلم – من حديث وائل بن حجر , وسهل بن سعد – رضي الله عنهما – ..
9- يسجد مكبرا واضعا ركبتيه قبل يديه إذا تيسر ذلك , فإن شق عليه قدم يديه قبل ركبتيه , مستقبلا بأصابع رجليه ويديه القبلة , ضاما أصابع يديه , ويكون على أعضائه السيع : الجبهة مع الأنف , واليدين , والركبتين , وبطون أصابع الرجلين , ويقول : (سبحان ربي الأعلى ) ويكرر ذلك ثلاثا أو أكثر , ويستحب أن يقول مع ذلك : ( سبحانك اللهم ربنا وبحمدك , اللهم اغفرلي ) ويكثر من الدعاء لقول النبي – صلى الله عليه وسلم – : " أما الركوع فعظموا فيه الرب , وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم " وقوله – صلى الله عليه وسلم – : ( أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد , فأكثروا الدعاء ) ..
ويسأل ربه له ولغيره من المسلمين خير الدنيا والآخرة , سواء كانت الصلاة فرضا أو نفلا , ويجافي عضديه عن جنبيه وبطنه عن فخذيه , وفخذيه عن ساقيه , ويرفع ذراعيه عن الأرض ؛ لقول النبي – صلى الله عليه وسلم – : " اعتدلوا في السجود , ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب " .. متفق عليه .
10- يرفع رأسه مكبرا , ويفرش قدمه اليسرى ويجلس عليها وينصب رجله اليمنى ويضع يديه على فخذيه وركبتيه ويقول : ( رب اغفر لي , رب اغفر لي , رب اغفر لي , اللهم اغفر لي وارحمني وارزقني وعافني واهدني واجبرني ) ويطمئن في هذا الجلوس حتى يرجع كل فقار إلى مكانه كاعتداله بعد الركوع ؛ لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان يطيل أعتداله بعد الركوع وبين السجدتين ..
11- يسجد السجدة الثانية مكبرا , ويفعل فيها كما فعل في السجدة الأولى ..
12- يرفع رأسه مكبرا , ويجلس جلسة خفيفة مثل جلوسه بين السجدتين , وتسمى جلسة الاستراحة وهي مستحبة في أصح قولي العلماء , وإن تركها فلا حرج , وليس فيها ذكر ولا دعاء , ثم ينهض قائما إلى الركعة الثانية معتمدا على ركبتيه إن تيسر ذلك , وإن شق عليه اعتمد على الأرض بيديه , ثم يقرأالفاتحة وما تيسر له من القرآن بعد الفاتحة كما سبق في الركعة الأولى , ولا يجوز للمأموم مسابقة إمامه لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – حذر أمته من ذلك , وتكره موافقته للإمام , والسنة له أن تكون أفعاله بعد إمامه من دون تراخ , وبعد انقطاع صوته النبي – صلى الله عليه وسلم – : " إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه فإذا كبر فكبروا , وإذا ركع فاركعوا , إذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا ولك الحمد , وإذا سجد فاسجدوا " ..
13- إذا كانت الصلاة ثنائية , أي ركعتين كصلاة الفجر والجمعة والعيد , جلس بعد رفعه من السجدة الثانية ناصبا رجله اليمنى , مفترشا رجله اليسرى , واضعا يده اليمنى على فخذه اليمنى , قابضا أصابعه كلها إلا السبابة فيشير بها إلى التوحيد عند ذكر الله – سبحانه – وعند الدعاء , وإن قبض الخنصر والبنصر من يده اليمنى وحلق إبهامها مع الوسطى وأشار بالسبابة فحسن , لثبوت الصفتين عن النبي – صلى الله عليه وسلم – , والأفضل أن يفعل هذا تارة وهذا تارة , ويضع يده اليسرى على فخذه اليسرى وركبته , ثم يقرأ التشهد في الجلوس ؛ وهو ( التحيات لله والصلوات والطيبات , السلام عليكم ورحمة الله وبركاته , السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين , أشهد أن لا إله إلا الله , وأشهد أن محمد عبده ورسوله ) ثم يقول ( اللهم صل على محمد , وعلى آل محمد , كما صليت على إبراهيم , وعلى آل إبراهيم , إنك حميد مجيد , وبارك على محمد وعلى آل محمد , كما باركت على إبراهيم , وآل إبراهيم , إنك حميد مجيد ) , ويستعيذ بالله من أربع فيقول : ( اللهم إني أعوذبك من عذاب جهنم , ومن عذاب القبر , ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال ) ثم يدعو بما شاء من خير الدنيا والآخرة , ثم يسلم عن يمينه وعن شماله قائلا : ( السلام عليكم ورحمة الله .. السلام عليكم ورحمة الله ) ..
14- إن كانت الصلاة ثلاثية كالمغرب , أو رباعية كالظهر والعصر والعشاء , قرأ التشهد المذكور آنفا , مع الصلاة على النبي – صلى الله عليه وسلم – , ثم نهض قائما معتمدا على ركبتيه , رافعا يديه إلى حذو منكبيه , قائلا : ( الله أكبر ) .. وضع يديه على صدره , كما تقدم , ويقرأ الفاتحة فقط , وإن قرأ في الثالثة والرابعة من الظهر زيادة عن الفاتحة في بعض الأحيان فلا بأس , لثبوت ما يدل على ذلك عن النبي – صلى الله عليه وسلم – , من حديث أبي سعيد – رضي الله عنه – , ثم يتشهد بعد الثالثة من المغرب , وبعد الرابعة من الظهر والعصر والعشاء , ويصلي على النبي – صلى الله عليه وسلم – ويتعوذ بالله من عذاب جهنم , ومن عذاب القبر , ومن فتنة المحيا والممات , وفتنة المسيح الدجال , ويكثر من الدعاء , ومن الدعاء المشروع في هذا الموضوع وغيره ( ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ) لما ثبت عن أنس – رضي الله عنه – قال كان أكثر دعاء النبي – صلى الله عليه وسلم – : (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ) كما تقدم ذلك في الصلاة الثنائية , لكن يكون في هذاالجلوس متوركا واضعا رجله اليسرى تحت رجله اليمنى , ومقعدته على الأرض ناصبا رجله اليمنى , ثم يسلم عن يمينه وعن شماله قائلا : السلام عليكم ورحمة الله .. السلام عليكم ورحمة الله .. ويستغفر الله ثلاثا ويقول : (اللهم أنت السلام , ومنك السلام , تباركت ياذا الجلال والإكرام , لا إله إلا الله وحده لا شريك له , له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير , اللهم لا مانع لما عطيت ولا معطي لما منعت , ولا ينفع ذا الجد منك الجد , لاحول ولا قوة إلا بالله , لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه , له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن , لا إله إلا الله , مخلصين له الدين ولو كره الكافرون ) ,ويسبح الله ثلاثا وثلاثين , ويحمد مثل ذلك , ويكبره مثل ذلك , ويقول تمام المائة ( لا إله إلا الله وحده لاشريك له , له الملك وله الحمد , وهو على كل شيء قدير ) , ويقرأ آية الكرسي , و( قل هو الله أحد ) و ( قل أعوذ برب الفلق ) و ( قل أعوذ برب الناس ) , بعد كل صلاة , ويستحب تكرار هذه السور الثلاث ثلاث مرات : بعد صلاة الفجر وصلاة المغرب , كما يستحب أن يزيد بعد الذكر المتقدم بعد صلاة الفجر وصلاة المغرب قول ( لا إله إلا الله وحده لاشريك له , له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير ) عشر مرات لثبوت ذلك عن – النبي صلى الله عليه وسلم – .
كل هذه الأذكار سنة وليست فريضة , ويستحب لكل مسلم ومسلمة أن يصلي قبل صلاة الظهر أربع ركعات وبعدها ركعتين وبعد صلاة المغرب ركعتين , وبعد صلاة العشاء ركعتين , وقبل صلاة الفجر ركعتين , الجميع اثنتا عشر ركعة وهذه الركعات تسمى الرواتب .. لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان يحافظ عليها في الحضر أما في السفر فكان يتركها إلا سنة الفجر والوتر فكان يحافظ عليهما حضرا وسفرا , ولنا فيه أسوة حسنة عليه السلام – لقول الله – سبحانه وتعالى : ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ) .]سورة الأحزاب من الآية : 21[ وقوله عليه الصلاة والسلام – : " صلوا كما رأيتموني أصلي " .. رواه البخاري .. والأفضل أن تصلي هذه الرواتب والوتر في البيت فإن صلاها في المسجد فلا بأس لقول النبي – صلى الله عليه وسلم – : " أفضل صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة " .. متفق على صحته ..
والحافظة على هذه الركعات من أسباب دخول الجنة ؛ لما ثبت عن صحيح مسلم عن أم حبيبة – رضي الله عنها – أنها قالت سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول : ( ما من عبد مسلم يصلي لله كل يوم ثنتي عشرة ركعة تطوعا غير فريضة إلا بني الله له بيتا في الجنة ) .. وإن صلى أربع ركعات قبا العصر فذلك حسن لقوله – صلى الله عليه وسلم – : ( رحم الله امراء صلى أربع قبل العصر ) رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه , وابن خزيمة وصححه , وإسناده صحيح لقوله – صلى الله عليه وسلم – : ( بين كل أذانين صلاة بين كل أذانين صلاة , ثم قال في الثالثة لمن شاء ) .. رواه البخاري ..