أسباب الوقوع في الشهوة المحرمة
إن الأمور لا تسير اعتباطا وجزافا، فلكل حادثة سبب يوصل إليها، والسير وراء الشهوة المحرمة له أسباب تؤدي إليه، ومنها:
ضعف الإيمان
إن الإيمان بالله عز وجل هو الضمانة والوقاية من المعصية، وهو الصخرة التي تتحطم عليها شهوات النفس الجانحة، فكلما ضعف إيمان العبد كان أكثر جرأة على محارم الله عز وجل، وقد أخبر صلى الله عليه وسلم أن العبد لا يواقع الفاحشة إلا حين يؤتى من ضعف إيمانه، فقال:"لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، …" (رواه البخاري (2475) ومسلم (57))إن من يقوى إيمانه ويصل إلى منزلة أن يعبد الله كأنه يراه، قلما يتجرأ على المعصية، وإن وقع فيها فلا يصرّ عليها، بل يبادر إلى الله بالتوبة.
جليس السوء:
أخي الشاب وأختي الفتاة استعرضوا أصدقاءكم واحدا بعد الآخر، فهل فيهم ممن قد تقولون لهم يوم القيامة } يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً { (الفرقان:28). وهل هم جميعا ممن ترضون أن تحشروا معهم، فقد قالصلى الله عليه وسلم :" المرء مع من أحب"( رواه البخاري (6168) ومسلم (2641))، ثم هل أنتم راضون عن دينهم جميعا؟ فلا يخفاكم قوله eصلى الله عليه وسلم " المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل"( رواه أحمد (8212) وأبو داود (4833) والترمذي (2378)).
وأخيرا فمن أي الطائفتين هم؟ من باعة المسك أو نافخي الكير؟ فأنتم تحفظون قوله صلى الله عليه وسلم " مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير"( رواه البخاري (5534 ) ومسلم (2628)).
ولئن كان الرفقاء والزملاء يؤثّرون على زملائهم بصورة أو أخرى، فتأثيرهم أكثر مايبرز – في مرحلة الشباب – في جر صاحبهم إلى أوحال الشهوة . في تحقيق أجرته جريدة الأنباء الكويتية يقول الشاب ( ن .م 17 عاما)"وفي أول مرة شاهدت فيها هذه الأفلام كان منذ سنين حين كنت في زيارة لأحد أصدقائي، وكان في غرفته فيلم فقام بتشغيل فيلم…"( جريدة الأنباء الكويتية 13 / 8 / 87 انظر العفة ومنهج الاستعفاف (59 )).
وكثير من من الفتيات كانت بداية العلاقات المحرمة لديها من إحدى صديقاتها التي عرفتها على بعض الساقطين، وربما عرضت عليها صورهم، وسهلت لها طريق الصلة بهم.
وجليس السوء يلاحق الإنسان حتى بعد إقلاعه عن معصيته، يقول أحد العائدين لدار الملاحظة بالرياض بعد خروجه منها "إن سبب عودتي أني عدت إلى نفس الشلة، ونفس رفاق السوء، لأني إذا خرجت من الدار أجدهم ينتظرونني ويدعونني إلى العودة إلى المشاكل السابقة بعد أن حسّنوا لي القبيح وقبّحوا لي الحسن فأنسوني توبتي وعزمي على الاستقامة فلذلك عدت إلى الدار بسبب هذه الشلة الفاسدة"( مجلة دار الملا حظة العدد الثالث ص51 .).
والجليس السئ ليس بالضرورة أن يكون من نزلاء السجون أو الدور الإصلاحية-كما يظن البعض- ولا يشترط أن يكون من المدخنين كما يتوهم البعض الآخر، إن الجليس السئ هو كل من حسّن لك المعصية، أو قبّح لك الطاعة، وقد يكون ابن عمك أو قريبك أو حتى شقيقك.
وأخيرا إياك من التدرج في ترك جليس السوء فحين تكتشفه اليوم فلا ينبغي أن تراه غدا، فمثل من يتدرج في ترك جليس السوء مثل من اعتاد على طعام فاسد وحين اكتشف ذلك أصبح يأكل منه في اليوم وجبتين بدل الثلاث تدرجا في تركه، بل المتدرج في ترك قرين السوء أعظم ضررا وخطورة من المتدرج في ترك الطعام الفاسد.
النظر المحرم:
إطلاق النظر هو الشرارة التي تثير الغريزة المكبوته، إنها ترسم صورة في القلب مايلبث صاحبها أن يستعيدها برهة بعد أخرى حتى تستولي عليه فتأسر لبه.
ولذلك أرشد الله تبارك وتعالى عباده المؤمنين والمؤمنات إلى غض البصر، وأخبر أن ذلك سبب لطهرهم وزكائهم فقال } قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ. وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُــنّ….{ (النور: 31-32).
وحذر السلف من مغبة إطلاق النظر، فهاهو الإمام ابن القيم رحمه الله يقول:"والنظر أصل عامة الحوادث التى تصيب الانسان؛ فإن النظرة تولد خطرة، ثم تولد الخطرة فكرة، ثم تولد الفكرة شهوة، ثم تولد الشهوة إرادة، ثم تقوى فتصير عزيمة جازمة؛ فيقع الفعل ولا بد ما لم يمنع منه مانع، وفى هذا قيل: الصبر على غض البصر أيسر من الصبر على ألم ما بعده"( الجواب الكافي (106)).
كل الحوادث مبداها من النظر ومعظم النار من مستصغر الشرر
كم من نظرةٍفتكت في قلب صاحبها فتك السهام بلا قوسٍ ولا وترِ
وقال آخر:
وكنت متى أرسلت طرفك رائداً لقلبك اتعبت المناظر
رأيت الذي لا أنتت قادر عليه ولاعن بعضه صابر
لقد كان النظر الذي يتعرض له الشخص آنذاك هو لامرأة متحجبة، أو ربما كشفت الريح بعض محاسنها، فكيف بنا اليوم وقد امتلأت مجتمعات المسلمين بالمناظر والمشاهد المثيرة المغرية، في السواق والجامعات، وفي الصحف والمجلات، وفي القنوات وشبكة الإنترنت، وقد ارتقت صناعة الإعلام، وأجاد المنتجون لهذه الصور والأفلام إثارة الغرائز الكامنة.
الفراغ والوحدة :
ثمة سبب وباعث آخر يثير الشهوة ألا وهو الفراغ والوحدة، فحين يبقى الشاب أو الفتاة وحده يستسلم للخواطر والأفكار، ويسعى الشيطان لإمساك الزمام، ويقوده للتفكير هناك، في الشهوة واللذة، ويبدأ الأمر تفكيرا ويتطور، حتى يصبح همة، ثم عزيمة ثم …!
ولو لم يأت في ذلك إلا الوقوع في العادة السرية التي من نتائجها: الهم والحزن، وبلادة الذهن، وفتور الهمة، وذهاب المرؤة، والخجل، والإضرار بالذاكرة، والإضرار بالبصر، وتقوس الكتفين، وضعف الهضم، وقد تؤدي للعجز عن أداء الوظيفة الزوجية إذا أكثر منها، وهي قبل ذلك كله مخالفة شرعية ينطبق عليها قوله تعالى}فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ{ (المؤمنون:7).
وكثير من الشباب يشتكي من أن وقوعه في العادة السرية إنما يكون في الأغلب في أوقات الفراغ والوحدة.
وكثير من الفتيات بدأن العلاقة مع الشباب فرارا من ضغط الفراغ والوحدة.
التفكير بالشهوة
من رحمة الله وعدله أن لا يحاسب العبد على تفكيره وخواطره حتى يتكلم أو يعمل . ويحلو للمرء الاسترسال في التفكير بالشهوة، ويكون الأمر في بدايته مجرد أفكار وخواطر قد يكون فعلها أصعب عليه من أن يهوي من السماء، لكنه قد يسترسل معه حتى يفكر وهو في الصلاة!! – كما ذكر لي غير واحد من الشباب – وحين يطول التفكير على الشاب أو الفتاة تتغلغل الشهوة حتى تملك عليه فؤاده ويجتمع البركان الذي يبحث عن متنفس .
فإياك إياك والتفكير بالشهوة، واقطع وارده كلما طرق بابك، وانتقل بالتفكير إلى ماينفعك في الدنيا والآخــــــرة ( في مخلوقات الله، في عظمة الله، في اليوم الآخر، في واقع الأمة المؤلم)
منقووووووووول
وجعله الله في ميزان حسناتك