بسم الله الرحمن الرحيم
هذان هما الدرسان السادس والسابع من دروس النحو الميسرة .
ولقد تأخر الدرس السادس ؛ نظراً لبعض الأشغال التي أعاقتني في الفترة الأخيرة ، وها أنا ذا أضع ببين يديكم الدرسين السادس والسابع لشهري شعبان ورمضان ، معتذراً عن التأخر ، وشاكراً لمن سأل عن هذه الدروس وافتقدها وهم :
مسلمة ، وإسلامية ، وأم كلثوم ، وغندورة ،،
سائلاً الله لهن التوفيق والسداد ،
الدرس السادس :
تكلمنا في الدرس السابق عما نابت فيه الحروف مناب الحركات في الإعراب ، وفي هذا الدرس سنتناول بإذن الله تعالى ما نابت الحركات فيه عن بعضها .
قدمنا فيما سبق بأن علامات الإعراب بالحركات : الضمة للرفع ، الفتحة للنصب ، والكسرة للجر ، مثاله :
( هذا رجلٌ ، رأيت رجلاً ، مررت برجلٍ ) ، لكن هذه الحركات قد تتخلف فينوب غيرها من الحركات منابها .
نيابة الحركات عن بعضها في الإعراب :
1- في جمع المؤنث السالم تنوب الكسرة عن الفتحة في حالة النصب . وجمع المؤنث السالم هو ما لحق بالاسم ألف وتاء زائدتان دالتان على الجمع وسلم فيه بناء الواحد .
ومعنى سلم فيه بناء الواحد : أي أن الاسم لم يتغير ، وإنما زادت عليه الألف والتاء ، فلو جرد من الألف والتاء لرجع إلى حالته الإفرادية .
مثاله : ( مسلمة ) ، جمعها ( مسلمات ) فـ ( مسلمات ) ترفع في حالة الرفع بعلامة الضمة الظاهرة .
وتنصب وتجر بعلامة الكسرة الظاهرة .
نحو : ( جاء المسلماتُ ) ، ( رأيت المسلماتِ ، مررت بالمسلماتِ ) ،
أو ( جاء مسلماتٌ ، رأيت مسلماتٍ ، مررت بمسلماتٍ ) ،
فنلاحظ بأن الحركة الإعرابية في حالة النصب قد نابت فيها الكسرة مناب الفتحة . كما يلحق بالمؤنث السالم في هذا الإعراب : ( أولات ) ، فترفع بالضمة ، وتنصب وتجر بالكسرة ، مثال حالة الرفع : قوله تعالى : { وأولاتُ الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن } ،
ومثال حالة النصب والجر : ( رأيت أولاتِ الأحمال ، مررت بأولاتِ الأحمال ) .
2- وفي الأسماء الممنوعة من الصرف تنوب الفتحة مكان الكسرة في حالة الجر ، ولا يدخل على الاسم التنوين .
والأسماء الممنوعة من الصرف سيأتي بإذن الله تعالى الكلام عليها وعلى أقسامها ، والذي يهمنا هنا في باب الإعراب أن نعلم بأنه في حالة الأسماء الممنوعة من الصرف لأي سبب من أسباب عدم الصرف كاجتماع العلمية والتأنيث في ( خديجة ) أو كان عل وزن الفعل كـ ( أحمد ) ، فهذه ترفع بعلامة الضمة و تنصب وتجر بعلامة الفتحة ؛ مثاله : ( جاء أحمدُ ، رأيت أحمدَ ، مررت بأحمدَ ) ، فنلحظ بأن حركة النصب والجر واحدة هي الفتحة بمعنى أن الفتحة قد نابت مناب الكسرة في حالة الجر .
وفي حالة الجر نقول في إعرابه : أحمد اسم مجرور بحرف الجر وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة ؛ لأنه ممنوع من الصرف .
وإنما قلنا هنا هذا الإعراب ولم نقله في جمع المؤنث السالم ، أي لم نقل في إعراب ( رأيت مسلماتٍ ) بأن مسلمات مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلاً عن الفتحة ، لم نقل ذلك لأن حركة الكسرة في جمع المؤنث السالم لازمة للمؤنث السالم إذا كان مفعولاً به أو مجروراً سواء كان معرفاً بـ ( أل ) أو بالإضافة ،
أما في حالة الأسماء الممنوعة من الصرف فإن الكسرة تظهر في حالة التعريف بـ ( أل ) أو بالإضافة .
فمثال التعريف بأل : ( مررت بالأحمدِ ) فهنا ظهرت الكسرة مع ( أل ) ،
مثال الإضافة : ( مررت بأحمدِكم ) فأحمد مضاف إلى الضمير ( الكاف ) ، ولذا ظهرت الكسرة في آخرة ولم تنب عنها الفتحة .
أما جمع المؤنث السالم فالكسرة لازمة في حالة النصب سواء عرف الاسم معرفاً بأل نحو ( رأيت المسلماتِ ) أو أضيف نحو ( رأيت باذلاتِ الخير ) .
على أن الممنوع من الصرف لايلحقه التنوين ، ولذا سمي بـ ( الممنوع من الصرف )
قال ابن مالك رحمه الله :
وما بتا وألف قد جمعا ——————يكسر في الجر وفي النصب معا
كذا أولات والذي اسماً قد جعل ————كأذرعات فيه ذا أيضاً قُبل
وجر بالفتحة ما لا ينصرف ————-ما لم يضف أو يك بعد أل ردف
والحمد لله أولاً وآخراً ،،،،
انهينا – بحمد الله تعالى – في الدرس الماضي الحديث عما يعرب من الأسماء بالنيابة ، وفي هذا الدرس نشرع أولاً في بيان ما يعرب من الأفعال بالنيابة :
إعراب الأفعال الخمسة :
وقد قدمنا بأن الأفعال كلها مبنية إلا الفعل المضارع – وقد يبنى في بعض الحالات كما بينا – ، ثم إن الفعل المضارع يرفع بعلامة الضمة وينصب بعلامة الفتحة ويجزم بعلامة السكون ، إلا أنه في حالة كونه أحد الأفعال الخمسة فإنه يعرب بثبوت النون أو بحذفها .
الأفعال الخمسة هي الأفعال المضارعة التي حوت ( واو الجماعة أو ألف الاثنين أو ياء المخاطبة ) ،
مثاله ( أكل ) تدخل عليه واو الجماعة في حالة المضارعة : ( يأكلون ، تأكلون ) ،
وتدخل عليه ألف الاثنين : ( يأكلان ، وتأكلان ) ،
وتدخل عليه ياي المخاطَبة : ( تأكلين ) ،
وعدة هذه الأفعال خمسة ( يأكلون ، وتأكلون ، ويأكلان ، وتأكلان ، وتأكلين ) .
هذه الأفعال إذا عريت عن الناصب والجازم رفعت وعلامة رفعها ثبوت النون ، وإذا دخل عليها الناصب أو الجازم نصبت أو جزمت وعلامة نصبها أو جزمها حذف النون .
مثاله : ( رأيتهم يأكلون التمر ) ،
فـ ( يأكلون ) فعل مضارع مرفوع لتجرده عن الناصب والجازم وعلامة رفعه ثبوت النون ؛ لأنه من الأفعال الخمسة ، وواو الجماعة ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل .
( لن تأكلوا التمر ) :
تأكلوا فعل مضارع منصوب بلن وعلامة نصبه حذف النون ؛ لأنه من الأفعال الخمسة .
( لم تأكلوا التمر ) :
تأكلوا : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف النون ؛ لأنه من الأفعال الخمسة . وقس على هذا ما يتعلق بألف الاثنين وياء المخاطبة .
بقي فيما يتعلق بالإعراب إعراب الأسماء والأفعال المعتلة الآخر ، وهي التي لحق آخرها ألف أو واو أو ياء أصلية .
قدمنا – سلفاً – ما يتعلق بعلامات الإعراب ، وذكرنا ما تنوب فيه الحروف عن الحركات وما تنوب فيه الحركات عن بعضها ، وهنا نتطرق إلى مسألة تقدير الحركات الإعرابية على أواخر الكلمة ، والتي يمنع من ظهورها التعذر أو الثقل ، وتلك هي الأسماء والأفعال المعتلة ، وهي على قسمين ، الأسماء والأفعال ،
أولاً – الأسماء المعتلة ، وهي على قسمين :
1- ما كان آخرها ألف لازمة قبلها فتحة ، نحو : ( مصطفى ، عصا ، رحى ) فهذا يسمى ( المقصور ) و تقدر عليها الحركات في حالات الإعراب المخلفة .
مثال ذلك : ( هذا مصطفى ، رأيت مصطفى ، مررت بمصطفى ) ،
فإعراب الأول : خبر مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة منع من ظهورها التعذر . وإعراب الثاني : مفعول به منصوب وعلامة نصبة الفتحة المقدرة منع من ظهورها التعذر ،
وإعراب الثالث : اسم مجرور وعلامة جره الكسرة المقدرة منع من ظهورها التعذر .
2- ماكان في آخره ياء لازمة قبلها كسرة ، ويسمى ( المنقوص ) ، نحو : ( قاضي ، داعي ، مرتقي ) ،
فالمنقوص تظهر عليه حركة النصب ( الفتحة ) مثل قوله تعالى : { يا قومنا أجيبوا داعيَ الله } ،
أما في حالة الرفع والكسر فتقدر الحركتان ، ويمنع من ظهورهما الثقل . بمعنى أن حركة الرفع ( الضمة ) ، و حركة الجر (الكسرة) يمكن أن تظهرا ، ولكن على ثقل ، ولذا تقدران على الياء ، نحو ( جاء القاضي ) فيمكن أن تخرج الضمة على القاضي لكنها على ثقل ، وكذا ( مررت بالقاضي ) ،
ونقول في إعرابهما ، ( جاء القاضي ) ، القاضي : فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة منع من ظهورها الثقل .
( مررت بالقاضي ) ، القاضي : اسم مجرور وعلامة جره الكسرة المقدرة منع من ظهورها الثقل .
ونلحظ هنا بأن الأسماء المعتلة ما يلحق آخرها ألف أو ياء ، ولا يوجد في الأسماء ما هو معتل بالواو .
ثانياً- الأفعال المعتلة :
وهي التي لحق آخرها أحد حروف العلة : ( ألف أو واو أو ياء ) ،
مثالها على التوالي : ( يخشى ، يدعو ، يرمي ) ، ولها حالات :
1- أما ما كان في آخره ألف مثل ( يخشى ) فإن حركة الرفع ( الضمة ) وحركة النصب ( الفتحة ) تقدران عليه لتعذرهما ،
مثاله : قوله تعالى : { إنما يخشى اللهَ من عباده العلماءُ } ، فـ ( يخشى ) فعل مضارع مرفوع لتجرده عن الناصب والجازم ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة منع من ظهورها التعذر .
ومثال حالة النصب : ( لن أخشى زيداً ) فـ ( أخشى ) فعل مضارع منصوب بلن وعلامة نصبه الفتحة المقدرة منع من ظهورها التعذر .
2- إذا كان الحرف المعتل واواً أو ياءً ، فإن حركة الرفع ( الضمة ) تقدر على الفعل ويمنع من ظهورها الثقل .
مثال الواو في حالة الرفع : ( يدعو زيد ربه ) فـ ( يدعو ) فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة منع من ظهورها الثقل .
مثال الياء في حالة الرفع ( يرمي زيد الحجر ) فـ ( يرمي ) فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة منع من ظهورها الثقل .
3- إذا كان الحرف المعتل واواً أو ياءً ، فإن حركة النصب ( الفتحة ) تظهر في الإعراب .
مثال حالة النصب في الواو: ( لن يدعوَ زيد أصحابه ) ،
ومثال حالة النصب في الياء : ( لن يرميَ زيد الحجر ) ،
فنلاحظ هنا بأن حركة النصب ( الفتحة ) قد ظهرت على الفعل ولم تقدر .
4- إذ كان الحرف المعتل ألفاً أو واواً أو ياءً ، فإنه يحذف في حالة الجزم ، وتكون العلامة الإعرابية الدالة على كونه مجزوماً حذف حرف العلة ،
مثاله الألف : ( يخشى ) يدخل عليه الجازم : لم يخشَ زيد أخاه . ونقول في إعرابه : يخش : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف حرف العلة .
مثال الواو ( يدعو ) ، ( لم يدعُ زيد أصحابه ) .
مثال الياء ( يرمي ) ، ( لم يرمِ زيد الحجر ) .
والحركات الظاهرة على أواخر الكلمات السابقة ( يخشَ ، يدعُ ، يرمِ ) إنما هي للدلالة على حرف العلة المحذوف .
وخلاصة القول في الفعال المعتلة في حالة كون الحرف المعتل ألفاً فتقدر حركة الرفع والصب عليه ويمنع من ظهورهما التعذر .
وفي حالة الجزم يحذف حرف العلة سواء كان ألفاً أو واواً أو ياء .
وإذا كان حرف العلة واواً أو ياءً فإنه حركة الرفع تقدر عليه ويمنع من ظهورها الثقل .
وإذا كان حرف العلة واواً أو ياءً فإن حركة النصب ( الفتحة ) تظهر على آخره .
وبهذا نكون قد أنهينا – بحمد الله وتوفيقه – ما يتعلق بالبناء والإعراب ، ونبدأ بإذن الله تعالى الحديث في الدرس القادم عن النكرة والمعرفة . والله تعالى أعلم ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
قال ابن مالك رحمه اله :
واجعل لنحو ( يفعلان ) النونا ——————— رفعاً و( تدعين ) ( وتسألونا )
وحذفها للجزم والنصب سمة ——————— كـ ( لم تكوني لترومي مظلمة )
وسم معتلاً من الأسماء ما ——————— كالمصطفى والمرتقي مكارما
فالأول الإعراب فيه قدرا ——————— جميعه وهو الذي قد قصرا
والثان منقوص ونصبه ظهر —————— ورفعه ينوى كذا أيضاً يجر
وأي فعل آخر منه الألف ——————– أو واو أو ياء فمعتلاً عرف
فالألف انو فيه غير الجزم —————– وأبد نصب ما كـ يدوعو يرمي
والرفع فيهما انو واحذف جازماً ————– ثلاثهن تقض حكماً لازما
و جزاك الله الفردوس الأعلى على ما تقدمه من جهود
و الله ييسر لنا الانتفاع من الدروس
وأخيرا
عادت الحياة تنبض
بدروس النحو
أشعر بشعور جميل والأسرة تتلاحم كلما افتقد أحد أحد
ننتظر الآن المناقشات الساخنة بيننا
شكرا جزيلا لكل من سأل عني
وأعتذر لأنشغالي بالأمتحانات
وكل عام وأنت بخير
بمناسبة حلول شهر رمضان
جزاكم الله خير للإستمرار