السلام عليكم ورحكة اله وبركاته
هذه أول مشاركة لي في هذا المنتدى وأسأل الله تعالى أن ينفع بها
وقد عنونت لها بــ(وقفة لتصحيح اساليب الحوار مع والدينا)
في ظل العصر المتقدم والمتجدد الذي نعيشه , وتصادم أفكار الأبناء مع والديهم , وجدالهم أحيانا
حول من يحمل الفكر الصحيح منهم , ولأن في بعض الاحيان يكون الصواب في جانب الابن
وليس الوالد , فكيف ترانا نرى الابن وهو يقنع والده بصواب رأيه ؟!!!!!!
دعونا أحبتي نسلط الضوء على واقعنا ونقارنه بحال سيدنا وقدوتنا خليل الله إبراهيم عليه السلام وحواره مع والده مريدا
هدايته للطريق المستقيم
أولا: تصوروا معي ان الحوار ليس مجرد حوار بين ابنٍ ووالده , بل بين من يمثل التوحيد الخالص في زمنه (وهو إبراهيم عليه السلام) وبين من يمثل الشرك
(وهو والده) حيث كان هو من يصنع الأصنام ويبيعها لقومه فيعبدونها من دون الله تعالى . إذن لدينا طرفين (( التوحيد*ضد* الشرك )) متمثلة في
ابنٍ موحدٍ مشفقٍ محبٍ لوالده ….. ووالدٍ مستكبرٍ متعصبٍ لما هو عليه من الشرك ….ولكم أن تتصوروا مكانة والده في قومه وانه من اكبر
التجار الذين يصنعون الأصنام ويبيعونها وياتي ابنه ليهدم دينهم وتجارة والده وسمعته بين قومه .
قال عليه السلام : (( يا أبتِ لم تعبد مالا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئاً ))بدأ إبراهيم عليه السلام حواره بنداء والده بصيغة غير عادية
فلم يقل "يا ابي "بل قال : "ياأبتِ "فما الفرق بين الصيغتين ؟ كلا الصيغتين تستخدم لنداء الأب. ولكن كما قال علماء اللغة أنك حين
تنادي والدك بلفظ "يا أبتِ "فأنت تعلن بذلك كامل الطاعة والحب والذل والخضوع من الابن لأبيه وأن والدك له كامل حقوقه عليك من برٍ وصلةٍ وطاعة.
فبعد أن نادى والده مسترعياً انتباهه وجه له سؤالاً مبينا حاجته إلى علم والده وهو بذلك يثبت لوالده العلم وينفي عنه الجهل – بينما نرى من أبنائنا من يبدأ
حواره بنفي العلم عن والديهم هذا إن لم يكن متضجرا ومرتفع الصوت كمن يقول : أصلا يا أبويه أنت ماتعرف !….. أنت ما فهمت !….أنا
أعرف الأمور هذي أكثر منك !…….- ولكم أن تقارنوا بأنفسكم..
نعود إلى نبينا إبراهيم عليه السلام فعندما لم يجب والده عن سؤاله أعاد النداء بصيغة "يا أبتِ"أي وان لم تجب على سؤالي ولم يكن لديك مبرر مقنع لعبادة الأصنام سوى تقليد الأولين فأنت لا زلت والدي ولك كل حقوقك وواجباتك ولك مني كل الخضوع والطاعة والاحترام ولكن )) : إني جاءني من العلم ما لم يأتك ))فلم ينفي العلم عن والده بل بين له أنه جاءه علم لم يأت لأبيه وعرض عليه أن يتبعه فقال : (( فاتبعني أهدك صراطاً سوياً )) أي أني أريد لك الهداية كما اهتديت أنا لنكون معاً وأردف قائلاً: (( يا أبتِ)) أيضاً يذكره بأنه حتى ولو جاءه علم فهو لازال محتاجاً لوالده مطيعاً خاضعاً له ثم قال : ((لا تعبد الشيطان )) أي لا تطع الشيطان في عبادة الأصنام (( إن الشيطان كان للرحمن عصياً))
ثم قال :"يا أبتِ"يكررها ويكررها معلنا كما أسلفنا الطاعة والخضوع ثم بين إشفاقه على والده وخوفه عليه إن أطاع الشيطان بقوله : (( إني أخاف
أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان ولياً)) وهنا بعد أن بين لوالده مصير من أصر على الشرك والكفر جاء دور الأب ليقرر فما كان قراره ؟!!
تنتهي لأرجمنك واهجرني ملياً )) وهو بهذا يقطع الصلة بابنه ويهجره أبداً …..
فلو كنتِ أنتِ في مكانه فبماذا ستردين على والدك ؟!!!!!!!
فمن الأبناء من يقول : " بكيفك أنا اللي على سويته !"… ومنهم من يقول: "بكره تعرف ان كلامي هو الصحيح!…"ومن يقول: "أنت اللي طلبت الفراق وطردتني فلا
تلومني بعدين!…." ولك أن تتخيلي ردود أفعال بعض الأبناء !!
و لكن ما قاله إبراهيم عليه السلام يختلف فقد فقال: (( سلام عليك )) أي أما أنا فلا يصلك مني مكروه ولا أذى لحرمة الأبوة. و لكن: ((سأستغفر لك ربي إنه كان
بي حفياً )) أي أسأل الله لك الهداية وغفران ذنبك وأما أصنامكم فإني: ((واعتزلكم وما تدعون من دون الله وادعوا ربي عسى أن لا أكون بدعاء ربي شقياً))
(( فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله وهبنا له إسحاق ويعقوب وكلا جعلنا نبيا ووهبنا لهم من رحمتنا وجعلنا لهم لسان صدق عليا))
وهب له الله ابنا وابن ابن ليسا فقط بارًين به بل وأنبياء وجعل جميع الملل والأديان يثنون عليهم ويمدحونهم صلوات الله وسلامه عليهم
.
هذا ما أحببت أن أسلط الضوء عليه لنقارن بين حالنا وحال قدوتنا إبراهيم عليه السلام وإن كانت خلافاتنا مع والدينا لا تصل
لدرجة الاختلاف على الدين والتوحيد والعياذ بالله
أسأل الله تعالى أن ينفع بما قلت وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته