أشاهد هذا المشهد الخالد ..
مشهد الغروب…
و إعلان قدوم الليل ..
و هنا بدأت أرجع بذاكرتي إلي الوراء ..
عندما كنت طفل صغير و أمي تقوم بتربيتي …
تقوم بغرس حب هذا الدين في نفسي .. و حب هذا الوطن ..
و كنت أري أشياء كثيرة و لكني لم أكن أعيها لصغر سني ..
و لكن شيء فشيء بدأت أفهم ما يدور حولي ..
و زهلت لما رأيت و فهمت ..
رأيت مشاهد القتل و التعذيب … و فهمت مدى ذلنا و قهرنا ..
و أصبحت كل أه ألم … أو صرخة أم ثكلي .. كالخنجر الذي ينغرس في قلبي …
و ها أنا اليوم أقف أمام البحر و لا أدري ماذا أفعل ..؟!!
و لكني لم أستطع مقاومة دموع القهر و الذل التي تريد الخروج من محبسها …
و هنا أخذت أدعو ربي و أناجيه ..
أخذت أدعو علي أعداء الله و الإسلام ..
أدعوه أن يلهمني ماذا أفعل ..
و في ذلك الوقت .. سمعت صوت القنابل و الصراخ يدوي بجانبي ..
و هنا فقط عزمت و توكلت علي ربي …
و ذهبت إلي أصدقائي أعلمهم ما أنا بصدده … لينضموا إلي .. فنحن كالأخوة لم نفترق أبدا .. فأما النصر معا .. أو الشهادة معا ..
و ذهبنا إلي إحدى فرق المقاومة و أنضممنا إليها ..
وفي كل عملية كنا نخرج معا .. كنا خمسة .. و شيء فشيء .. أخذنا نقل .. و لكني لم أحزن ابدا .. فلقد سبقوني إلي الجنة .. و سألحق بهم هناك بإذن ربي ..
و عندما أصبحت وحيد .. و قد خرجت روح صديقي بين يدي .. و قد أوصاني بأن أكمل مقاومتنا.. و أن أنتقم من هؤلاء الأوغاد .. لكي ألحق بهم ..
و بعد أن أغلقت عينه للأبد … أخذت أبكيه .. فما حدث قد هزني من الأعماق .. و أقسمت علي أن أسير علي الدرب و لن أحيد أبدا ..
و ردا علي هذه العملية الأستشهادية التي قمت بها أنا وصديقي .. تم قذف مدينتنا … و إبادتها بأكملها … و هنا لم استطع كبح جموح غضبي .. و أقسمت أن أقتل هذا الذي أعطي الأمر حتي و لو كان رأس الأفعي نفسها ..
فمشهد القتلي في شوارع في كل مكان .. و مشهد المنازل المهدمة في كل مكان لن ينمحي من ذاكرتي أبدا .. و عندما اقتربت من بيتي .. رأيت أمي … نعم .. لقد كانت تنزف بغزارة و لم أدري ماذا افعل لها .. و لكني أقتربت منها .. و عندما رأتني قالت لي :
الحمد لله الذي جعلني أراك قبل أن أذهب إليه .. و أوصتني ان لا أحيد عن درب مهما حدث .. ثم اسلمت الروح إلي بارئها.. و كان علي وجها ابتسامة عذبة جميلة .. أحسست معها بالقوة … و دعوت ربي ان ألحق بها الليلة ..
وعندما علمت من هو .. توكلت علي ربي .. و قمت بتفيذ قسمي علي أكمل وجه .. و فعلا استجاب لي ربي .. و لحقت بأمي و أصدقائي في الجنة ..
تمت بحمد لله
————-
( و فعلا استجاب له ربه .. و لحق بأمه و أصدقائه ..) .
أثابك الله ياأخيّه ..ونسأل الله الشهاده فى سبيله
—