اصطحب شيخ وحَدَث من الأعراب في سفر ، وكان لهما قُرص في كل يوم، وكان الشيخ متخلّع الأضراس بطيء الأكل ، فكان الحَدَث يبطش بالقرص، ثم يقعد يتشكى العشق، والشيخ يتضور جوعًا، وكان اسم الحَدَث جعفرًا. فقال الشيخ فيه:
بَطيشٌ بقرصي ثم يبكي على جُمْلِ
فقلت له: لو مَسَّك الحبُ لم تَبِتْ
بطينًا وأنساكَ الهوى شدة الأكلِ
وقال الحدث:
وإن جعتُ يومًا لم تكن لي على ذُكرِ
ويزداد حبي إن شبعتُ تجدّدًا
وإن جعتُ غابتْ عن فؤادي وعن فكري
خطب أعرابي امرأة، وكان قصيرًا فاحش القِصَر، عظيم الأنف جدًا فكرِهتْه.
فقال:يا هذه، قد عرفتِ شرفي، وأنا مع ذلك كريم المعاشرة، محتملٌ للمكروه.
فقالت: صدقتَ مع حملك هذا الأنف أربعين سنة !
خطبة نكاح
وخطب رجل خطبة نكاح وأعرابيٌ حاضر، فقال:
– الحمد لله، أحمده وأستعينه وأتوكل عليه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا سريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، حيّ على الصلاة، حيّ على الفلاح، قد قامت الصلاة !
فقال له الأعرابي: لا تقم الصلاة فإني على غير وضوء !
باع متاع بيته ليتزوج أربع نسوة
دخل أعرابيّ على الحجّاج، فسمعه يقول: " لا تكمُل النعمة على المرء حتى ينكح أربعَ نسوة يجتمعْن عنده".
فانصرف الأعرابيّ فباع متاع بيته، وتزوج أربع نسوة، فلم توافقه منهنّ واحدة:
خرجتْ واحدة حمقاء رعناء، والثانية متبرّجة، والثالثة فارِك-أو قال: فروك(مبغضة لزوجها) والرابعة مذكّرة.
فدخل على الحجّاج فقال: أصلح الله الأمير، سمعتُ منك كلامًا أردتُ أن تنمّ لي به قرّة عين؛ فبعت جميع ما أملك، حتى تزوجتُ أربع نسوة، فلم توافقني منهنّ واحدة، وقد قلتُ فيهنّ شعرًا، فاسمع مني.
قال: قل.
فقال:
فيا ليت أني لم أكن أتزوجُ
ويا ليتني أعمى أصمُّ ولم أكنْ
تزوجتُ، بل يا ليت أني مُخَدّجُ (ناقص الخَلق)
فواحدةٌ ما تعرفُ اللهَ ربَها
ولا ما التُقى تدري ولا ما التحرُّجُ
وثانية ما إن تقرَّ ببيتها
مذكَّرة مشهورة تتبرجُ
وثالثة حمقاءُ رعنا سخيفةٌ
فكلّ الذي تأتي من الأمر أعوجُ
ورابعةٌ مفروكةٌ ذاتُ شرَّة
فليست بها نفسي مدى الدهر تُبهَجُ
فهنّ طلاقٌ كلهنّ بوائنُ
ثلاثا ثلاثا فاشهدوا لا تلجلجوا
قال: أربعة آلاف درهم.
فأمر له بثمانية آلاف درهم.